كل العناصر في اللعبة السردية لها وظيفة بنائية في تشكيل محتوى المعنى في القصة القصيرة ؛ لهذا لا يمكن للقاص ان يستحضر عنصرا سرديا ما لأسباب واهية وبدون هدف محدد . لهذا فإن النص السردي الذي تسهم عناصر متنوعة من إخراجه من ذهن القاص الى الواقع الابداعي تتحكم فيه خاصية ما على خصائص اخرى؛ هي ماسماها الشكلانيون الروس بالقيمةالمهيمنة( ladomainante )؛ هذه العملية تجعل من عنصر ما القيمة النواة في القصة ككل؛ تتحكم فيه وتحرك باقي العناصر بالصيغة التي يعيها المبدع او لا يعيها؛ من هنا؛ وحتى لا أجزم في هذه النقطة؛ يظهر لي ان الوصف في قصة العمة حدو يشكل عاملا بنائيا؛ له وظيفة محوية في بناء كل تمظهرات المعنى وبناء مستويات الخطاب ؛ بدرجات متفاوتة. هذه العملية المنهجية لها وظيفة ذات حدين:من جهة أتكلم عن الخطاب كما حددته الشعرية السردية الحديثة؛ مع روادها المعروفين جيرار جينيت و تيزفيتان تودوروف؛ في هذا الباب استحضر الشكل البنائي الذي اسس وشكل اساس المعنى؛ اي ان كل الخصائص الشكلية الذي قامت بتشكيل المعنى؛ اخص بالذكر السرد؛ الوصف؛ الرواة؛ المروي له؛ الزمن والمكان؛ كلها تشكل عناصر يقوم بتحريكها وتوظيفها عنصر الوصف. اما عندما نتكلم عن المعنى في كل تمفصلاتها؛ هنا استحضر السيميائيات الحديثة؛ خاصة مع رائدها المعروف جيرار ارجيداس غريماس او مايسمى بنظرية باريس.
إن الكلام عن الخطاب هو ضمنيا يحيل على الشعرية الحديثة اما عن تمفصلات المعنى في موضوع مقاربتنا ؛ سيحيل على الدرس السيميائي الحديث؛ وهكذا نكون قد ادمجنا بين نظريتين متفاوتين؛ ويكون بذلك نص العمة حدو مشكورا في تقريبنا من مدارس متنوعة تكلمت وتناقشت في موضوع الكتابة السردية عامة والقصصية على وجه الخصوص. لهذا جاء موضوع هذه المقاربة مركزا على كيفية اشتغال الوصف في بناء المعنى ؛ في كل مستويات التمظهرات والتمفصلات.
الوصف ؛ حسب التعريف المتداول؛ هو بمثابة انقطاع السيرورة الزمنية وتعطيل حركيتها؛ للاستراحة في عملية الحكي. بمعنى بعد طول عناء الراوي في الحكي يستحضر الوصف ليوقف ويعطل الزمن ليخرج من تحريك الأحداث؛ لأسباب عدة منها إعادة النفس الحكائي؛ من جهة وتوقيق السيرورة الزمنية ليخرج القارئ من كل الدوامات الحكائية؛ بعدها يعود ليستمر في الحكي.
حسب جيرار جينيت الوصف له وظيفتين محوريتين :
الاولى تزينية ؛ تسهم في استراحة الراوي؛ توقف السيرورة الزمنية وتعطيل الحدث؛ هنا يمكن الاستغناء عنه بدون ان يربك المعنى.
والوظيفة الثانية وظيفة رمزية دالة تسهم في إنتاج المعنى والإحالة على معاني تضمينية مهمة. في هذه الحالة لا يمكن الاستغناء عنه نظرا لقيمته البنائية الهادفة والدالة.
إن قيمة الوصف لا يمكن إخراجها من الدور الذي يسهم في تقريب الحياة واستعياب مكوناتها؛ لأنه عامل يساعد على الفهم والإقناع؛ باعتبار ان نموذج الإنسان يكون امامه وليس وراءه؛ وبالتالي إدراك وفهم والوصول إلى استيعاب محتويات الكون يرتكز على الحواس والمرئيات بنسبة كبيرة من التواصل الروحي والمادي العميق؛ كما يسهم الجمال الذي يرشقه الوصف من إدراك وتمثل ماديا الحياة وكل المختفيات فيها؛ من خلال الذوق واللذة والجمال ؛ من تقريب الدلالات برؤى جد متفاوتة لصناعة الجمال. بذلك نفهم ذواتنا ونتعايش ونعي الخارجي ؛الذي يشكل أساس التجلي وموضوع الوعي .الوصف عامة هو رسم فني بالكلمات؛ وتقريب الواقع بلغة الجمال. هو نقل فني للواقع باعتماد اساليب بلاغية تعتمد الدقة في النعوت وإيصال الصور لإقناع المتلقي.للوصف عدة وظائف؛ منها ماهو تفسيري؛ يسهم في التعليل والشرح والتفسير؛ غالبا مايكون في النصوص العلمية؛ ثم وظيفة انفعالية تمس العواطف والمشاعر والحواس المنفلتة؛ فهي غالبا ما تتميز برموز ودلالات جد متنفصلة؛ هنا يتميز النص الأدبي بهذه الوظيفة لأسباب مشفرة؛ يريد منها المبدع إخفاء العمق الدلالي ليربك القارئ و يحوله تحت سيطرته؛ ثم وظيفة جمالية الذي تجعل من الكتابة رونقا تغلب عليها الروح الجمالية بكل ابعادها النفسية العميقة.عموما يمكننا القول ان الوصف في النص السردي الحديث عامة والقصصي خاصة يسهم في إثراء ملكة الخيال ؛ كما يتحكم في المشاعر والحواس لدى المتلقي ؛ يقرب القارئ من فهم الشخصيات. والتعرف عليها؛ من خلال سماتها؛ كما يسهم في تغيير وجهات نظرهم وتأويلاتهم لكل الاحداث؛ وبهذه الوظائف يصبح الوصف مميزا بأبعاد وظيفية مميزة ودالة؛ ويخرج بذلك من وظيفته التقليدية التي تحصر في التزيين والتاثيت التزييني لا غير إلى البنائي الوظيفي الدال .
على ضوء هذا البعد الإجرائي سنقارب قصة العمة حدو للمبدع عبدالرحمان الكياكي لتوضيح كل التمفصلات البنائية التي يحركها و يتحكم فيها عنصر الوصف .
استهل القاص نصه بمقدمة ذات بعد قيمي على مستوى الوصف لتحديد ماهية شخصية العمة حدو؛ يقول:
العمة حدو جسد انهكه تعاقب الايام والاعوام.
مقدمة وصفية تحدد الشريحة العمرية التي تنتمي إليها شخصية العمو حدو؛ كما تحدد الطبيعة الاجتماعية التي تنتمي إليها هذه الشخصية المحورية. فالشخصيات تعرف إما بسيماتها او بوظيفتها التيماتيكية التي تنجزها على المستوى السوسيوثقافي. العمة حدو؛ من خلال تعاقب الايام والاعوام هي شخصية منهكة ومحطمة؛ اي شخصية في هرم طبقي بسيط.. ما استهلال القاص بهذه الخاصية إلا لوظيفة دالة تفيد ان السرد سيتطور وفق هذا المعطى الهرمي والاجتماعي والوضع الاجتماعي لشخصية اختار لها من الاسماء مايحيل على ثقافة محددة هرميا. الاسم حدو هو إسم تقيليدي؛ يحدد طببعة الثقافة التي تنتمي إليها هذه الشخصبة ؛عكس اسم نسرين او سارا او ماها ؛ فهي ليست الباتول ولا كلثوم ولا حدو؛ فكل إسم له صلة بانتماء اجتماعي محدد. ما زاد من طبيعة الانتماء الطبقي هو قوله:
تستقبلك بابتسامةتضمر حزنا عميقا؛ متبوعة بحسرة وتنهيدات من الاعماق.
فنصبح امام دلالة واضحة أحال عليها عامل الوصف:
حدو--- تعاقب عليها الزمن.
حدو-- استقبال بابتسامة حزينة!(ابتسامة ماكرة).
تعانقك بحرارة الام___إحالة على العطف والحب الحقيقي.
تدرف الدموع وتتحسر لحالها___ إشارة إلى. الألم اللا متناهي.
مات ابنها تاركا إرثا ثقيلا... الم دائم.
ابنتها الوحيدة---الغربة والاغتراب.
ابنتها الوحيدة عائشة فقد ارغمت على الزواج من رجل يكبرها سنا؛ (امراة شابة) --- امراة شابة حزينة اغتصبها زواج غير متكافئ.
تشتغل طيلة اليوم---معاناة مستمرة والم دائم.
تعاني إعاقة في النطق___خيانة الطبيعة وقدر خارجي زاد من قيمة العذاب.
زوجها المسن مارس عليها كل أصناف القهر---قهر طبيعي وآخر اجتماعي /تحكمت فيه طبيعة الثقافة الذكورية البدوية الغادرة.
بقيت العمة حدو وحيدة___عزلة وتعب ازلي.
تاثيت فضاء الالم في واقع العمة حدو: هي امراة بمواصفات مختلفة؛ كلها ساهم الوصف في تحديد طبيعة الالم بكل ايعاده النفسية والاجتماعية . من جهة فهي مسنة؛ وحيدة؛ مات ابنها؛ تزوجت ابنتها الوحيدة/عائشة من رجل مسن؛ ثم هربت إلى البيضاء هروبا من واقع القهر والعذاب؛ تعيش وحدها منعزلة مقهورة. كل هذه المعطيات قربنا منها عامل الوصف الذي ساهم بدرجات مختلفة في جعل واقع العمة حدو محصورا في حياة العطابة والهشاشة والقهر الأبدي و الدائم؛ فعاد القاص ليزيد من تعميق قيمة الوصف في تحديد المحيطات القريبة من العمة حدو ليقربنا اكثر من حياة هذه الشخصية المنهارة والفانية عندما تكلم عن تأثيت فضاءات العمة حدو على الشكل التالي:
(تقضي معظم وقتها مكومة في غرفتها فوق(الكاتري) المصنوع من الخشب والمفررش بحيك مصنوع من الصوف وحصير من الدوم غطى ما تبقى عاريا من فضاء البيت).
كلها مؤشرات تحدد الفضاء العام المرفق بهذه الشخصية والدال وظيفيا عن واقع المعنى الذي يقربنا اكثر من فهم الشخصية وتحديد طبيعة وظيفتها الدرامية؛ في محاور بناء القصة وتحديد أشكال تمفصلاتها.
.زاد من تعميق هذا الواقع المأزوم باعتماد الوصف لتدقيق المحيط وفضاءاته بتصوير درامي لحياة امرأة تعاني الويلات؛ لكن المثير في هذه القصة هو الاكثار من محتويات الوصف الذي كان كافيا من تقريب الشخصية؛ ومن معرفة ماتخفيه وتظهره؛ من معاناة؛ عبر كافة المستويات؛ لهذا زاد من التدقيق على الشكل التالي:
في بيت العمة حدو نجد:
كاتري مصنوع من الخشب. مفروش بحصير من الدوم. بيت عاري. داخل البيت ( الرحل) عبارة عن صوان منسوج بالصوف تعلق فوقه الملاحف. والبطانيات. الإنارة عبارة عن فانوس تتوسطه شمعة.
وختم الوصف بان العمة حدو؛ بعد موت ابنها الوحيد اصبح يلازمها الخوف /الخوف من المجهول؛ فحولها القاص؛ بعد ان جعل منها شخصية معلقة بصفتها بيتا بلا سقف؛ إلى امراة وحيدة محطمة منخورة منهارة. كل المحتويات في القصة تدل على انها امراة فارغة وكأنها؛ كما قال عنها ؛ بيت بلا سقف.
كل اشكال الوصف تحدد طبيعة الانهيارات التي جعلت منها امراة في وضع طبقي لا يطاق.
بناء على ماسبق يمكننا ان نخلص إلى أن قصة العمة حدو هي قصة الوصف بامتياز؛ لأن هذه الخاصية شكلت الوظيفة المحورية / اي القيمة المهيمنة؛ التي تمكنت من نقل كل مجريات القصة بتناغم تام وبانسجام جد بنيوي؛ مما جعل منها قصة الوصف بامتياز.
عبدالرحمان الكياكي في قصة العمة حدو كان ذكيا في بناء مستويات السرد؛ حاول نقل مجريات الحكاية بتوظيف الوصف ليجعل منه المحور المهم؛ الذي تمكن من بناء مجريات الحكي بشكل بنائي مميز؛ وهي خاصية جعلت من قصة العمة حدو تنتمي إلى الحكي السردي الحديث؛ الذي اخرج الوصف من الوظيفة التزينية إلتى تعتمد على توقيف الزمن وتعطيل الحدث واستراحة الراوي إلى قيمة بنائية تسهم في إنتاج المعنى وبناء السرد.
إن الكلام عن الخطاب هو ضمنيا يحيل على الشعرية الحديثة اما عن تمفصلات المعنى في موضوع مقاربتنا ؛ سيحيل على الدرس السيميائي الحديث؛ وهكذا نكون قد ادمجنا بين نظريتين متفاوتين؛ ويكون بذلك نص العمة حدو مشكورا في تقريبنا من مدارس متنوعة تكلمت وتناقشت في موضوع الكتابة السردية عامة والقصصية على وجه الخصوص. لهذا جاء موضوع هذه المقاربة مركزا على كيفية اشتغال الوصف في بناء المعنى ؛ في كل مستويات التمظهرات والتمفصلات.
الوصف ؛ حسب التعريف المتداول؛ هو بمثابة انقطاع السيرورة الزمنية وتعطيل حركيتها؛ للاستراحة في عملية الحكي. بمعنى بعد طول عناء الراوي في الحكي يستحضر الوصف ليوقف ويعطل الزمن ليخرج من تحريك الأحداث؛ لأسباب عدة منها إعادة النفس الحكائي؛ من جهة وتوقيق السيرورة الزمنية ليخرج القارئ من كل الدوامات الحكائية؛ بعدها يعود ليستمر في الحكي.
حسب جيرار جينيت الوصف له وظيفتين محوريتين :
الاولى تزينية ؛ تسهم في استراحة الراوي؛ توقف السيرورة الزمنية وتعطيل الحدث؛ هنا يمكن الاستغناء عنه بدون ان يربك المعنى.
والوظيفة الثانية وظيفة رمزية دالة تسهم في إنتاج المعنى والإحالة على معاني تضمينية مهمة. في هذه الحالة لا يمكن الاستغناء عنه نظرا لقيمته البنائية الهادفة والدالة.
إن قيمة الوصف لا يمكن إخراجها من الدور الذي يسهم في تقريب الحياة واستعياب مكوناتها؛ لأنه عامل يساعد على الفهم والإقناع؛ باعتبار ان نموذج الإنسان يكون امامه وليس وراءه؛ وبالتالي إدراك وفهم والوصول إلى استيعاب محتويات الكون يرتكز على الحواس والمرئيات بنسبة كبيرة من التواصل الروحي والمادي العميق؛ كما يسهم الجمال الذي يرشقه الوصف من إدراك وتمثل ماديا الحياة وكل المختفيات فيها؛ من خلال الذوق واللذة والجمال ؛ من تقريب الدلالات برؤى جد متفاوتة لصناعة الجمال. بذلك نفهم ذواتنا ونتعايش ونعي الخارجي ؛الذي يشكل أساس التجلي وموضوع الوعي .الوصف عامة هو رسم فني بالكلمات؛ وتقريب الواقع بلغة الجمال. هو نقل فني للواقع باعتماد اساليب بلاغية تعتمد الدقة في النعوت وإيصال الصور لإقناع المتلقي.للوصف عدة وظائف؛ منها ماهو تفسيري؛ يسهم في التعليل والشرح والتفسير؛ غالبا مايكون في النصوص العلمية؛ ثم وظيفة انفعالية تمس العواطف والمشاعر والحواس المنفلتة؛ فهي غالبا ما تتميز برموز ودلالات جد متنفصلة؛ هنا يتميز النص الأدبي بهذه الوظيفة لأسباب مشفرة؛ يريد منها المبدع إخفاء العمق الدلالي ليربك القارئ و يحوله تحت سيطرته؛ ثم وظيفة جمالية الذي تجعل من الكتابة رونقا تغلب عليها الروح الجمالية بكل ابعادها النفسية العميقة.عموما يمكننا القول ان الوصف في النص السردي الحديث عامة والقصصي خاصة يسهم في إثراء ملكة الخيال ؛ كما يتحكم في المشاعر والحواس لدى المتلقي ؛ يقرب القارئ من فهم الشخصيات. والتعرف عليها؛ من خلال سماتها؛ كما يسهم في تغيير وجهات نظرهم وتأويلاتهم لكل الاحداث؛ وبهذه الوظائف يصبح الوصف مميزا بأبعاد وظيفية مميزة ودالة؛ ويخرج بذلك من وظيفته التقليدية التي تحصر في التزيين والتاثيت التزييني لا غير إلى البنائي الوظيفي الدال .
على ضوء هذا البعد الإجرائي سنقارب قصة العمة حدو للمبدع عبدالرحمان الكياكي لتوضيح كل التمفصلات البنائية التي يحركها و يتحكم فيها عنصر الوصف .
استهل القاص نصه بمقدمة ذات بعد قيمي على مستوى الوصف لتحديد ماهية شخصية العمة حدو؛ يقول:
العمة حدو جسد انهكه تعاقب الايام والاعوام.
مقدمة وصفية تحدد الشريحة العمرية التي تنتمي إليها شخصية العمو حدو؛ كما تحدد الطبيعة الاجتماعية التي تنتمي إليها هذه الشخصية المحورية. فالشخصيات تعرف إما بسيماتها او بوظيفتها التيماتيكية التي تنجزها على المستوى السوسيوثقافي. العمة حدو؛ من خلال تعاقب الايام والاعوام هي شخصية منهكة ومحطمة؛ اي شخصية في هرم طبقي بسيط.. ما استهلال القاص بهذه الخاصية إلا لوظيفة دالة تفيد ان السرد سيتطور وفق هذا المعطى الهرمي والاجتماعي والوضع الاجتماعي لشخصية اختار لها من الاسماء مايحيل على ثقافة محددة هرميا. الاسم حدو هو إسم تقيليدي؛ يحدد طببعة الثقافة التي تنتمي إليها هذه الشخصبة ؛عكس اسم نسرين او سارا او ماها ؛ فهي ليست الباتول ولا كلثوم ولا حدو؛ فكل إسم له صلة بانتماء اجتماعي محدد. ما زاد من طبيعة الانتماء الطبقي هو قوله:
تستقبلك بابتسامةتضمر حزنا عميقا؛ متبوعة بحسرة وتنهيدات من الاعماق.
فنصبح امام دلالة واضحة أحال عليها عامل الوصف:
حدو--- تعاقب عليها الزمن.
حدو-- استقبال بابتسامة حزينة!(ابتسامة ماكرة).
تعانقك بحرارة الام___إحالة على العطف والحب الحقيقي.
تدرف الدموع وتتحسر لحالها___ إشارة إلى. الألم اللا متناهي.
مات ابنها تاركا إرثا ثقيلا... الم دائم.
ابنتها الوحيدة---الغربة والاغتراب.
ابنتها الوحيدة عائشة فقد ارغمت على الزواج من رجل يكبرها سنا؛ (امراة شابة) --- امراة شابة حزينة اغتصبها زواج غير متكافئ.
تشتغل طيلة اليوم---معاناة مستمرة والم دائم.
تعاني إعاقة في النطق___خيانة الطبيعة وقدر خارجي زاد من قيمة العذاب.
زوجها المسن مارس عليها كل أصناف القهر---قهر طبيعي وآخر اجتماعي /تحكمت فيه طبيعة الثقافة الذكورية البدوية الغادرة.
بقيت العمة حدو وحيدة___عزلة وتعب ازلي.
تاثيت فضاء الالم في واقع العمة حدو: هي امراة بمواصفات مختلفة؛ كلها ساهم الوصف في تحديد طبيعة الالم بكل ايعاده النفسية والاجتماعية . من جهة فهي مسنة؛ وحيدة؛ مات ابنها؛ تزوجت ابنتها الوحيدة/عائشة من رجل مسن؛ ثم هربت إلى البيضاء هروبا من واقع القهر والعذاب؛ تعيش وحدها منعزلة مقهورة. كل هذه المعطيات قربنا منها عامل الوصف الذي ساهم بدرجات مختلفة في جعل واقع العمة حدو محصورا في حياة العطابة والهشاشة والقهر الأبدي و الدائم؛ فعاد القاص ليزيد من تعميق قيمة الوصف في تحديد المحيطات القريبة من العمة حدو ليقربنا اكثر من حياة هذه الشخصية المنهارة والفانية عندما تكلم عن تأثيت فضاءات العمة حدو على الشكل التالي:
(تقضي معظم وقتها مكومة في غرفتها فوق(الكاتري) المصنوع من الخشب والمفررش بحيك مصنوع من الصوف وحصير من الدوم غطى ما تبقى عاريا من فضاء البيت).
كلها مؤشرات تحدد الفضاء العام المرفق بهذه الشخصية والدال وظيفيا عن واقع المعنى الذي يقربنا اكثر من فهم الشخصية وتحديد طبيعة وظيفتها الدرامية؛ في محاور بناء القصة وتحديد أشكال تمفصلاتها.
.زاد من تعميق هذا الواقع المأزوم باعتماد الوصف لتدقيق المحيط وفضاءاته بتصوير درامي لحياة امرأة تعاني الويلات؛ لكن المثير في هذه القصة هو الاكثار من محتويات الوصف الذي كان كافيا من تقريب الشخصية؛ ومن معرفة ماتخفيه وتظهره؛ من معاناة؛ عبر كافة المستويات؛ لهذا زاد من التدقيق على الشكل التالي:
في بيت العمة حدو نجد:
كاتري مصنوع من الخشب. مفروش بحصير من الدوم. بيت عاري. داخل البيت ( الرحل) عبارة عن صوان منسوج بالصوف تعلق فوقه الملاحف. والبطانيات. الإنارة عبارة عن فانوس تتوسطه شمعة.
وختم الوصف بان العمة حدو؛ بعد موت ابنها الوحيد اصبح يلازمها الخوف /الخوف من المجهول؛ فحولها القاص؛ بعد ان جعل منها شخصية معلقة بصفتها بيتا بلا سقف؛ إلى امراة وحيدة محطمة منخورة منهارة. كل المحتويات في القصة تدل على انها امراة فارغة وكأنها؛ كما قال عنها ؛ بيت بلا سقف.
كل اشكال الوصف تحدد طبيعة الانهيارات التي جعلت منها امراة في وضع طبقي لا يطاق.
بناء على ماسبق يمكننا ان نخلص إلى أن قصة العمة حدو هي قصة الوصف بامتياز؛ لأن هذه الخاصية شكلت الوظيفة المحورية / اي القيمة المهيمنة؛ التي تمكنت من نقل كل مجريات القصة بتناغم تام وبانسجام جد بنيوي؛ مما جعل منها قصة الوصف بامتياز.
عبدالرحمان الكياكي في قصة العمة حدو كان ذكيا في بناء مستويات السرد؛ حاول نقل مجريات الحكاية بتوظيف الوصف ليجعل منه المحور المهم؛ الذي تمكن من بناء مجريات الحكي بشكل بنائي مميز؛ وهي خاصية جعلت من قصة العمة حدو تنتمي إلى الحكي السردي الحديث؛ الذي اخرج الوصف من الوظيفة التزينية إلتى تعتمد على توقيف الزمن وتعطيل الحدث واستراحة الراوي إلى قيمة بنائية تسهم في إنتاج المعنى وبناء السرد.