أبو العلاء المعري - مِنْكَ الصُّدُودُ وَمِنِّي بِالصُّدُودِ رِضًا

مِـنْـكَ الـصُّـدُودُ وَمِـنِّـي بِالصُّدُودِ رِضَا
مَـنْ ذَا عَـلَـيَّ بِـهَـذَا فِـي هَـوَاكَ قَـضَـى
بِـي مِنْكَ مَا لَوْ غَدَا بِالشَّمْسِ مَا طَلَعَتْ
مِــنَ الْــكَــآبَــةِ أَوْ بِـالْـبَـرْقِ مَـا وَمَـضَـا
إِذَا الْـفَـتَـى ذَمَّ عَـيْـشًـا فِـي شَـبِـيـبَـتِهِ
فَـمَـا يَـقُـولُ إِذَا عَـصْـرُ الـشَّبَابِ مَضَى
وَقَــدْ تَــعَــوَّضْـتُ مِـنْ كُـلٍّ بِـمُـشْـبِـهِـهِ
فَــمَــا وَجَــدْتُ لِأَيَّــامِ الـصِّـبَـا عِـوَضَـا
وَقَـدْ غَـرِضْـتُ مِـنَ الـدُّنْـيَـا فَهَلْ زَمَنِي
مُــعْــطٍ حَـيَـاتِـي لِـغِـرٍّ بَـعْـدَمَـا غَـرِضَـا
جَــرَّبْـتُ دَهْـرِي وَأَهْـلِـيـهِ فَـمَـا تَـرَكَـتْ
لِــيَ الـتَّـجَـارِبُ فِـي وُدِّ امْـرِئٍ غَـرَضَـا
وَلَــيْــلَـةٍ سِـرْتُ فِـيـهَـا وَابْـنُ مُـزْنَـتِـهَـا
كَــمَــيِّــتٍ عَــادَ حَـيًّـا بَـعْـدَ مَـا قُـبِـضَـا
كَــأَنَّــمَــا هِــيَ إِذْ لَاحَــتْ كَــوَاكِــبُــهَـا
خَوْدٌ مِنَ الزَّنْجِ تُجْلَى وُشِّحَتْ خَضَضَا
كَــأَنَّــمَـا الـنَّـسْـرُ قَـدْ قُـصَّـتْ قَـوَادِمُـهُ
فَـالـضَّـعْـفُ يَـكْـسِـرُ مِـنْـهُ كُـلَّـمَـا نَهَضَا
وَالْـبَـدْرُ يَـحْـتَـثُّ نَـحْـوَ الْـغَـرْبِ أَيْـنُقَهُ
فَـكُلَّمَا خَافَ مِنْ شَمْسِ الضُّحَى رَكَضَا
وَمَــنْــهَــلٍ تَــرِدُ الْــجَــوْزَاءُ غَــمْــرَتَــهُ
إِذَا الـسِّـمَـاكَـانِ شَـطْرَ الْمَغْرِبِ اعْتَرَضَا
وَرَدْتُـــهُ وَنُـــجُـــومُ اللَّـــيْـــلِ وَانِــيَــةٌ
تَـشْـكُو إِلَى الْفَجْرِ أَنْ لَمْ تَطْعَمِ الْغُمُضَا
أعلى