إهداء إلى رفقاء دربي .. مع الكثير من الحُب والامتنان!
اليوم هو يوم امتنان، امتنان للأصدقاء الذين وضعهم القدر الجميل في طريقنا، والذين تذوقنا معهم أسمى وأرقى معاني الصداقة. يختلف كل شيء معهم؛ تكون دقات القلب لهم منفردة، ويكون العناد معهم لطيفاً، ويكون الشجار معهم مفيدا كحبة دواء تُعيد التوازن إلى سكر الدم، ويكون الخوف عليهم أموميا، والحرص على سلامتهم أبويا. يتحول حُبهم في القلب إلى عُقدة محكمة غير قابلة للفكّ، تنتصر النَحنُ على الأنَا معهم ونخسر الصراع الذي يكونوا طرفًا فيه لأنّ نفسك تتخلى عنك وتصطفّ إلى جانبهم، فيحدث أجملُ استسلام للحقيقة وتفوز الصداقة أمام الأنَا والظروف.
إنهم روح وقلب ونبض إضافة إلى ما نملك في أجسادنا، ضحكنا ولعبنا وسافرنا وبكينا وفرحنا وتألّمنا وتحمّسنا معاً، تعلّمنا الحُب والصبر والدعم والعطف والتآخي والمثابرة من بعضنا البعض. حاربنا جهل المشاعر نحو نور العلم والتجربة. استشعرنا عمق الدعاء وشدة البُكاء في ظهر الغيب وترقّبنا الاستجابة بفارغ الصبر، صرنا بيوتًا لبعضنا البعض، صرنا الدفء والملجأ.
حسرتي على من مات ولم يُجرب لهفة صديق مُحبٍّ بعد غياب طويل، أو فرحته الفخورة التي تقفز من عينيه بإنجاز حققته وكان شاهدا عليه، أو فضوله المُهتم بتفاصيل يومك المزدحم، أو غضبه العفوي من تصرفٍ بليد لم يراه لائقا بِك، أو عتابه اللطيف الذي يحمل في ثناياه كلّ المودّة والحِرص على بقاء الودّ. حسرتي على من يعيش حياته وهو غافلٌ عن صديقٍ وفيّ العهد والودّ والوعد والمشاعر. وهل يجوز السفر من دون صديقة قصيرة تُلقي بنفسها أرضا فقط من أجل التقاط صورة جميلة لكِ مع برج مائل تحدّى طولها؟ أيعقل أن تفوت زفاف صديقك المقرب فقط لأنك مشغول بحياتك في بلاد بعيدة؟ لا، لا يجوز ولا يُعقل!
حسرتي على مغرورٍ متكبّرٍ جاهلٍ بملمس يد ممتدّة إلى يده دون شروط وبلا مُقابل، وكيف يكون الحزن من دون كتف صديق يغمرك حنانا بصمته لانعدام الجدوى في الكلام؟ أو صديق يشاركك الدمع والجلوس في الظلام؟ حسرتي على من لم يكن له صديقٌ لا يملّ من حديثه التافه والمتكرر، فلدى كل إنسان حسّ تافه وحسّ متردد، من سيشبع هذه الأحاسيس إن لم يكن صديقك التافه إلى جانبك؟
حسراتٌ كثيرة على من لم يُنمّ روحه من خلال نمو روح أخرى، قال الطبيب النفسي (سكوت بيك) في كتابه المشهور: “الطريق الأقل سفراً” بأنّ الحُبَ هو الرغبة في تمديد الذات في سبيل تغدية التطور الروحي لها أو لشخص آخر. نحن مجبرون على العيش مع الناس كي نمشي في الطريق إلى هدف معين وكي نطوّر من أنفسنا؛ فالأسد مثلا يمشي دائما وحيدا ولكنه لا يتكلّم كي يخبرنا عن تجربته وهو يسلك الطريق بمفرده، لا نعرف عنه سوى ما يُخبرنا به الصيّاد، لا نستطيع أن نُحبّ أنفسنا ونحن منعزلين عن الآخرين، فالأصدقاء هُم العائلة الثانية التي تجعلنا نكتشف حُلونا ومُرّنا، الرفقة الطيبة هي ما يستطيع الكشف عن طيبنا أكثر من قُبحنا، وهي ما يساعدنا على طرد القبيح والتمسّك بالطيّب، لذلك أنت المسؤول على إحاطة نفسك بأصدقاء صالحين وأنت المسؤول على الحفاظ على علاقتك بهم، وإن لم تفلح فلا تلُم الصداقة مثلما يرمي التلميذ الكسول بلاء كسله على المدرسة والزملاء.
إنّ الصداقة مدرسة ضخمة نتعلّم فيها كيف نعيش الحياة بطريقة أذكى بارتباطنا بأشخاص من اختيارنا، يشبهوننا ويفهموننا حال الاختلاف، يساهمون بشكل كبير في معرفتنا لخبايا داخلنا، ينصتون لنا بقلب حنون ويعطوننا النصيحة بعقلٍ ثابت مكمّل القِوى. تُدرّسنا الصداقة معان عميقة لن يفهمها شخصٌ يطفو على السطح لأن العيش بالنسبة له هو التنفس، ولن يفهمها آخرٌ محدود تتوقف رؤيته عند حدود أنفه. يتطلّب عمق تلك المعاني باطناً راكزا ومُتلقياً جيدا يرغب في التطوير من نفسه ومن علاقاته بالناس، يتطلّب قلبًا سليماً مسالماً يصفح ويعفو، يتطلّب التغاضي والمرونة في التعامل فالحياة ليست كلها معارك، ويتطلّب إتقان فنّ التماس الأعذار فالحياة ليست دائما عادلة وليس كل ما يفعله صديقك لديه علاقة بك، تذكر أنك عنده مهم ولكنك لست دائما الأهمّ. وإن قست عليه الحياة إلى مدى يجعله يفلت طرف الحبل من قبضته فسارع وتمسّك بطرفك وطرفه وتمسّك به وتذكّر قول الله تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ} [آل عمران: 103] وكن صبورًا في انتظارك إلى أن يعود لنفسه وإليك وإلى طرف الحبل من جديد.
الأصدقاء هم التأثير والتغيير والأفكار والقرارات والإنجازات، هم اللحظات والتفاصيل والمُناسبات. فلتكن دائرتُك دافئة بالحب والاحتواء، ولتكن داعمة تحثك على المُثابرة، ولتكن خيّرة تدفع بك إلى الطريق المستقيم، ولتكن إيجابية تمحو اليأس بالأمل، ولتكن حالمة ومُنطلقة تؤمن بالسفر والصور والطبيعة، ولتكن متوازنة تعطي الحق للجد والتفاهة. وأما أنت فكن صديقًا متفردا معطاء مُتمسّكا مُحباً سعيدا، احجز الطائرة وكن مع صديقك يوم زفافه والتقط الكثير من الصور ولتُشاركها مع الأطفال كي تكون لديهم فكرة عن المدرسة قبل الولوج إليها.
اليوم هو يوم امتنان، امتنان للأصدقاء الذين وضعهم القدر الجميل في طريقنا، والذين تذوقنا معهم أسمى وأرقى معاني الصداقة. يختلف كل شيء معهم؛ تكون دقات القلب لهم منفردة، ويكون العناد معهم لطيفاً، ويكون الشجار معهم مفيدا كحبة دواء تُعيد التوازن إلى سكر الدم، ويكون الخوف عليهم أموميا، والحرص على سلامتهم أبويا. يتحول حُبهم في القلب إلى عُقدة محكمة غير قابلة للفكّ، تنتصر النَحنُ على الأنَا معهم ونخسر الصراع الذي يكونوا طرفًا فيه لأنّ نفسك تتخلى عنك وتصطفّ إلى جانبهم، فيحدث أجملُ استسلام للحقيقة وتفوز الصداقة أمام الأنَا والظروف.
إنهم روح وقلب ونبض إضافة إلى ما نملك في أجسادنا، ضحكنا ولعبنا وسافرنا وبكينا وفرحنا وتألّمنا وتحمّسنا معاً، تعلّمنا الحُب والصبر والدعم والعطف والتآخي والمثابرة من بعضنا البعض. حاربنا جهل المشاعر نحو نور العلم والتجربة. استشعرنا عمق الدعاء وشدة البُكاء في ظهر الغيب وترقّبنا الاستجابة بفارغ الصبر، صرنا بيوتًا لبعضنا البعض، صرنا الدفء والملجأ.
حسرتي على من مات ولم يُجرب لهفة صديق مُحبٍّ بعد غياب طويل، أو فرحته الفخورة التي تقفز من عينيه بإنجاز حققته وكان شاهدا عليه، أو فضوله المُهتم بتفاصيل يومك المزدحم، أو غضبه العفوي من تصرفٍ بليد لم يراه لائقا بِك، أو عتابه اللطيف الذي يحمل في ثناياه كلّ المودّة والحِرص على بقاء الودّ. حسرتي على من يعيش حياته وهو غافلٌ عن صديقٍ وفيّ العهد والودّ والوعد والمشاعر. وهل يجوز السفر من دون صديقة قصيرة تُلقي بنفسها أرضا فقط من أجل التقاط صورة جميلة لكِ مع برج مائل تحدّى طولها؟ أيعقل أن تفوت زفاف صديقك المقرب فقط لأنك مشغول بحياتك في بلاد بعيدة؟ لا، لا يجوز ولا يُعقل!
حسرتي على مغرورٍ متكبّرٍ جاهلٍ بملمس يد ممتدّة إلى يده دون شروط وبلا مُقابل، وكيف يكون الحزن من دون كتف صديق يغمرك حنانا بصمته لانعدام الجدوى في الكلام؟ أو صديق يشاركك الدمع والجلوس في الظلام؟ حسرتي على من لم يكن له صديقٌ لا يملّ من حديثه التافه والمتكرر، فلدى كل إنسان حسّ تافه وحسّ متردد، من سيشبع هذه الأحاسيس إن لم يكن صديقك التافه إلى جانبك؟
حسراتٌ كثيرة على من لم يُنمّ روحه من خلال نمو روح أخرى، قال الطبيب النفسي (سكوت بيك) في كتابه المشهور: “الطريق الأقل سفراً” بأنّ الحُبَ هو الرغبة في تمديد الذات في سبيل تغدية التطور الروحي لها أو لشخص آخر. نحن مجبرون على العيش مع الناس كي نمشي في الطريق إلى هدف معين وكي نطوّر من أنفسنا؛ فالأسد مثلا يمشي دائما وحيدا ولكنه لا يتكلّم كي يخبرنا عن تجربته وهو يسلك الطريق بمفرده، لا نعرف عنه سوى ما يُخبرنا به الصيّاد، لا نستطيع أن نُحبّ أنفسنا ونحن منعزلين عن الآخرين، فالأصدقاء هُم العائلة الثانية التي تجعلنا نكتشف حُلونا ومُرّنا، الرفقة الطيبة هي ما يستطيع الكشف عن طيبنا أكثر من قُبحنا، وهي ما يساعدنا على طرد القبيح والتمسّك بالطيّب، لذلك أنت المسؤول على إحاطة نفسك بأصدقاء صالحين وأنت المسؤول على الحفاظ على علاقتك بهم، وإن لم تفلح فلا تلُم الصداقة مثلما يرمي التلميذ الكسول بلاء كسله على المدرسة والزملاء.
إنّ الصداقة مدرسة ضخمة نتعلّم فيها كيف نعيش الحياة بطريقة أذكى بارتباطنا بأشخاص من اختيارنا، يشبهوننا ويفهموننا حال الاختلاف، يساهمون بشكل كبير في معرفتنا لخبايا داخلنا، ينصتون لنا بقلب حنون ويعطوننا النصيحة بعقلٍ ثابت مكمّل القِوى. تُدرّسنا الصداقة معان عميقة لن يفهمها شخصٌ يطفو على السطح لأن العيش بالنسبة له هو التنفس، ولن يفهمها آخرٌ محدود تتوقف رؤيته عند حدود أنفه. يتطلّب عمق تلك المعاني باطناً راكزا ومُتلقياً جيدا يرغب في التطوير من نفسه ومن علاقاته بالناس، يتطلّب قلبًا سليماً مسالماً يصفح ويعفو، يتطلّب التغاضي والمرونة في التعامل فالحياة ليست كلها معارك، ويتطلّب إتقان فنّ التماس الأعذار فالحياة ليست دائما عادلة وليس كل ما يفعله صديقك لديه علاقة بك، تذكر أنك عنده مهم ولكنك لست دائما الأهمّ. وإن قست عليه الحياة إلى مدى يجعله يفلت طرف الحبل من قبضته فسارع وتمسّك بطرفك وطرفه وتمسّك به وتذكّر قول الله تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ} [آل عمران: 103] وكن صبورًا في انتظارك إلى أن يعود لنفسه وإليك وإلى طرف الحبل من جديد.
الأصدقاء هم التأثير والتغيير والأفكار والقرارات والإنجازات، هم اللحظات والتفاصيل والمُناسبات. فلتكن دائرتُك دافئة بالحب والاحتواء، ولتكن داعمة تحثك على المُثابرة، ولتكن خيّرة تدفع بك إلى الطريق المستقيم، ولتكن إيجابية تمحو اليأس بالأمل، ولتكن حالمة ومُنطلقة تؤمن بالسفر والصور والطبيعة، ولتكن متوازنة تعطي الحق للجد والتفاهة. وأما أنت فكن صديقًا متفردا معطاء مُتمسّكا مُحباً سعيدا، احجز الطائرة وكن مع صديقك يوم زفافه والتقط الكثير من الصور ولتُشاركها مع الأطفال كي تكون لديهم فكرة عن المدرسة قبل الولوج إليها.