أديب مظهر المعلوف.
ولد في قرية المحيدثة،(بكفيا - لبنان)، وعاش حياته القصيرة في أفياء لبنان، وجاد بأنفاسه الأخيرة في بيروت.
نشأ في قرية المحيدثة، المتميزة بطبيعتها، وأتقن اللغة العربية في مدرسة الشاعر إبراهيم المنذر.
دخل مدرسة الفرير في جونيه، وأتقن اللغة الفرنسية، وقرأ الأدب الفرنسي وعرف أعلامه وتأثر ببودلير، ثم دخل الجامعة الأمريكية في بيروت فدرس طب الأسنان، وأتقن اللغة الإنجليزية، وقرأ أدبها، وبخاصة شعر شكسبير، كما درس فن الرسم، وأصبح رساماً متميزاً شغوفاً برسم المناظر الطبيعية والأزهار.
افتتح عيادة لطب الأسنان، ومارس المهنة في بيروت.
الإنتاج الشعري:
- ليس له ديوان مطبوع أو مخطوط. أشارت المصادر التي كتبت سيرته إلى قصائد مختلفة: ذكر يوسف أسعد داغر له ثلاث قصائد: نشيد السكون - والخلود - وأشتات الأماني، وذكر رياض المعلوف أنه ترك قصيدتين: النسيم الأسود - ونشيد السكون، وأشار إيليا حاوي إلى أنه نظم في مطلع حياته الشعرية قصائد كلاسيكية تقليدية، أعدها لمناسبات، ونشرت في الصحف، وهذه الإشارات تتكامل، ولا تتناقض، وتجاري حياته المفعمة بالعمل، التي انتهت مثل الومض.
تجمعت في شعره أصداء شتى عربية وعالمية، قديمة وحديثة، فقصائده - على قلتها - تحمل الكثير من البشائر بالتجديد، ولذا فإنه يعد رائد الشعر الرمزي، بخاصة في قصيدته «نشيد السكون» التي عدت طليعة عهد أدبي جديد، وقد أحدث نشرها استجابات مختلفة في الأوساط الأدبية، وحتى في الجو الثقافي العام، وبالمثل عدت «النسيم الأسود» ترسيخاً لذات الاتجاه الرمزي، بما يؤكد الريادة وتعميق الأثر.
تأثر بأقطاب الأدب الفرنسي: ألبير سامان، وبودلير، وفرلين، ومالارميه، وفاليري، وبالشاعرين الإنجليزيين: بيرون، وشكسبير، كما تأثر بموسيقى الشعر الغربي وبالأسلوب الرمزي المعتمد على إيجاز المعاني وحشدها واختيار الصورة المختزلة والصادمة، واللغة التي تجمع بين المتباعدات والمتناقضات.
مصادر الدراسة:
1 - إلياس أبو شبكة: روابط الفكر والروح بين العرب والفرنجة - دار المكشوف - بيروت 1943.
2 - سامي مكارم: الشعر العربي في لبنان بين الحربين العالميتين - رسالة ماجستير - الجامعة الأمريكية - بيروت 1957.
3 - صلاح لبكي: لبنان الشاعر - مطابع المرسلين اللبنانيين - جونيه 1954.
4 - منيف موسى: الشعر العربي الحديث في لبنان - دار العودة - بيروت 1980.
5 - يوسف أسعد داغر: مصادر الدراسة الأدبية - مطابع لبنان - بيروت 1956.
مقالات:
1 - إيليا حاوي: أديب مظهر رائد التجديد في الشعر العربي المعاصر - مجلة شعر - العدد (5) - 1985.
2 - جوزيف باسيلا: أديب مظهر الشاعر الذي حارب شعر المآتم والأعراس - مجلة المكشوف 1940.
3 - عايدة لبكي: أديب مظهر - جريدة النهار - 27 من كانون الأول - 1960.
تعب
بين أشتات الأماني وجفاهُ = تَعِبٌ نازعه الليلُ كراهُ
من لمسلوبٍ تناساه الردى = عينُه تسأم نوراً لا تراه!
في حناياه أنينٌ خافتٌ = كلّما أحرجه الدمعُ طواه
هي رعشاتُ ذبيحٍ شاخصٍ = للسَّما والأرض تمتصّ دِماه
هي ألحانُ بقايا وترٍ = عزف البؤسُ عليه ورماه
أنا من قومٍ ذكتْ أحسابُهم = لهمُ في جبهة الموتِ جِباه
كذب الموتُ فإني خالدٌ = ليَ من نفسيَ في نفسي إله!!
***
روح كئيبة
وفي معبد الأحلامِ روحٌ كئيبةٌ = تُرَجِّع أنغاماً يئنّ لها الدهرُ
وتعبدها شمسُ الربيع وحورُهُ = ويهفو لها في طيّ أطيابه الزهر
وترنو لها زُرْقُ النجومِ مُطلّةً = ويجثو لها ما بين جدرانه القبر
***
قلب الأم
أغرى امرؤٌ يوماً غلاماً جاهلاً = بنقوده حتى ينالَ به الوطرْ
قال: ائتني بفؤاد أمّكَ يا فتًى = ولكَ الجواهرُ واللآلئ والدُّرَر
فمضى وأغمدَ خِنجراً في صدرها = والقلبُ أخرجَه وعاد على الأثر
يا هولَ ما فعل الغلامُ كأنّهُ = من دون قلبٍ أو له قلبٌ حَجَر
ولفرط سرعته هوى فتدحرج الْـ = قلبُ المعنّى في التراب كما عثر
ناداه ذاك القلبُ وهو مُعفَّرٌ = ولدي حبيبي هل أصابكَ من ضرر
قد كان هذا الصوتُ رغمَ حُنوِّهِ = غضبَ السماءِ به على الولدِ انهمر
ورأى فظيعَ جنايةٍ لم يأتها = أحدٌ سواه منذ تاريخِ البشر
فارتدَّ نحو القلبِ يغسله بما = فاضت به عيناه من سيل العِبَر
ويصيح مُرتعداً: أيا قلبُ انتقمْ = منّي فإنّ جريمتي لا تُغتفر
واستلَّ خنجرَه ليطعنَ قلبَهُ = طعناً سيبقى عِبْرةً لمنِ اعتبر
ناداه قلبُ الأمِّ: كُفَّ يداً ولا = تذبحْ فؤادي مَرّتين على الأثر
***
لبنان
لبنان بالأرز القديمِ ومجدِهِ = بلحاظ ثلجِكَ نرجسٌ وورودُ
أيُصعِّدُ المصدورُ زفرةَ يائسٍ = ويعود تحنانُ الصِّبا ونعود
وتعودكَ النَّسَماتُ عَطَّر ثغرَها = ريحُ الخزامى والتلالُ سجود
للّه قهقهةُ الجمالِ وسربُها = متلفّتٌ بين الصخورِ شريد
والجديُ مرتعدُ الفرائصِ عندما = يدوي ويصفع سفحَكَ البارود
وبناتُكَ الغِيدُ الملاح طوافرٌ = حُمْرُ الخدودِ ويا لهنَّ خُدود
***
لبنان وطن الغريب
«لبنانُ يا وطنَ الغريبِ ومجدِهِ = مجدٌ بناه شبابُكَ المهصورُ
تتحطّم الأيامُ تحت نعالهِ = وتصدُّ عنه وصرفُها مقهور
لبنانُ صبراً والخطوبُ جسيمةٌ = إنّ الكريمَ على الخطوبِ صبور
قل للذي يرنو لسفحكَ طامحاً = دون البلادِ مرائرٌ وصُدور
إنْ أعوزتكَ من الرجال أُسودُها = فأهِبْ تُجبْكَ حرائرٌ وبُكور
للّه سفحُكَ والشقيقُ بساطُهُ = والغارُ إكليلٌ وأنتَ أمير
والنورُ مَرَّ به الربيعُ فهزَّهُ = والفطرُ تحت ردائه مقرور
وجثا العرارُ على الصخور وإنّ بَيْـ = ـنَ غصونه القُمْرِيُّ والشّحرور
وهناك في الوادي غديرٌ تائهٌ = متلفّتٌ بين الجبالِ نَفور
يهفو الصباحُ فيستحمّ بمائهِ = وينام فوق ضفافه الديجور
وتعوده الأرواحُ في خَطَراتها = ويُظلّه الصفصافُ والمنثور
ألفَ الرعاةَ فلا يَخاف ربابَهم = فغناؤهم وغِنا المياهِ زفير»
ولد في قرية المحيدثة،(بكفيا - لبنان)، وعاش حياته القصيرة في أفياء لبنان، وجاد بأنفاسه الأخيرة في بيروت.
نشأ في قرية المحيدثة، المتميزة بطبيعتها، وأتقن اللغة العربية في مدرسة الشاعر إبراهيم المنذر.
دخل مدرسة الفرير في جونيه، وأتقن اللغة الفرنسية، وقرأ الأدب الفرنسي وعرف أعلامه وتأثر ببودلير، ثم دخل الجامعة الأمريكية في بيروت فدرس طب الأسنان، وأتقن اللغة الإنجليزية، وقرأ أدبها، وبخاصة شعر شكسبير، كما درس فن الرسم، وأصبح رساماً متميزاً شغوفاً برسم المناظر الطبيعية والأزهار.
افتتح عيادة لطب الأسنان، ومارس المهنة في بيروت.
الإنتاج الشعري:
- ليس له ديوان مطبوع أو مخطوط. أشارت المصادر التي كتبت سيرته إلى قصائد مختلفة: ذكر يوسف أسعد داغر له ثلاث قصائد: نشيد السكون - والخلود - وأشتات الأماني، وذكر رياض المعلوف أنه ترك قصيدتين: النسيم الأسود - ونشيد السكون، وأشار إيليا حاوي إلى أنه نظم في مطلع حياته الشعرية قصائد كلاسيكية تقليدية، أعدها لمناسبات، ونشرت في الصحف، وهذه الإشارات تتكامل، ولا تتناقض، وتجاري حياته المفعمة بالعمل، التي انتهت مثل الومض.
تجمعت في شعره أصداء شتى عربية وعالمية، قديمة وحديثة، فقصائده - على قلتها - تحمل الكثير من البشائر بالتجديد، ولذا فإنه يعد رائد الشعر الرمزي، بخاصة في قصيدته «نشيد السكون» التي عدت طليعة عهد أدبي جديد، وقد أحدث نشرها استجابات مختلفة في الأوساط الأدبية، وحتى في الجو الثقافي العام، وبالمثل عدت «النسيم الأسود» ترسيخاً لذات الاتجاه الرمزي، بما يؤكد الريادة وتعميق الأثر.
تأثر بأقطاب الأدب الفرنسي: ألبير سامان، وبودلير، وفرلين، ومالارميه، وفاليري، وبالشاعرين الإنجليزيين: بيرون، وشكسبير، كما تأثر بموسيقى الشعر الغربي وبالأسلوب الرمزي المعتمد على إيجاز المعاني وحشدها واختيار الصورة المختزلة والصادمة، واللغة التي تجمع بين المتباعدات والمتناقضات.
مصادر الدراسة:
1 - إلياس أبو شبكة: روابط الفكر والروح بين العرب والفرنجة - دار المكشوف - بيروت 1943.
2 - سامي مكارم: الشعر العربي في لبنان بين الحربين العالميتين - رسالة ماجستير - الجامعة الأمريكية - بيروت 1957.
3 - صلاح لبكي: لبنان الشاعر - مطابع المرسلين اللبنانيين - جونيه 1954.
4 - منيف موسى: الشعر العربي الحديث في لبنان - دار العودة - بيروت 1980.
5 - يوسف أسعد داغر: مصادر الدراسة الأدبية - مطابع لبنان - بيروت 1956.
مقالات:
1 - إيليا حاوي: أديب مظهر رائد التجديد في الشعر العربي المعاصر - مجلة شعر - العدد (5) - 1985.
2 - جوزيف باسيلا: أديب مظهر الشاعر الذي حارب شعر المآتم والأعراس - مجلة المكشوف 1940.
3 - عايدة لبكي: أديب مظهر - جريدة النهار - 27 من كانون الأول - 1960.
تعب
بين أشتات الأماني وجفاهُ = تَعِبٌ نازعه الليلُ كراهُ
من لمسلوبٍ تناساه الردى = عينُه تسأم نوراً لا تراه!
في حناياه أنينٌ خافتٌ = كلّما أحرجه الدمعُ طواه
هي رعشاتُ ذبيحٍ شاخصٍ = للسَّما والأرض تمتصّ دِماه
هي ألحانُ بقايا وترٍ = عزف البؤسُ عليه ورماه
أنا من قومٍ ذكتْ أحسابُهم = لهمُ في جبهة الموتِ جِباه
كذب الموتُ فإني خالدٌ = ليَ من نفسيَ في نفسي إله!!
***
روح كئيبة
وفي معبد الأحلامِ روحٌ كئيبةٌ = تُرَجِّع أنغاماً يئنّ لها الدهرُ
وتعبدها شمسُ الربيع وحورُهُ = ويهفو لها في طيّ أطيابه الزهر
وترنو لها زُرْقُ النجومِ مُطلّةً = ويجثو لها ما بين جدرانه القبر
***
قلب الأم
أغرى امرؤٌ يوماً غلاماً جاهلاً = بنقوده حتى ينالَ به الوطرْ
قال: ائتني بفؤاد أمّكَ يا فتًى = ولكَ الجواهرُ واللآلئ والدُّرَر
فمضى وأغمدَ خِنجراً في صدرها = والقلبُ أخرجَه وعاد على الأثر
يا هولَ ما فعل الغلامُ كأنّهُ = من دون قلبٍ أو له قلبٌ حَجَر
ولفرط سرعته هوى فتدحرج الْـ = قلبُ المعنّى في التراب كما عثر
ناداه ذاك القلبُ وهو مُعفَّرٌ = ولدي حبيبي هل أصابكَ من ضرر
قد كان هذا الصوتُ رغمَ حُنوِّهِ = غضبَ السماءِ به على الولدِ انهمر
ورأى فظيعَ جنايةٍ لم يأتها = أحدٌ سواه منذ تاريخِ البشر
فارتدَّ نحو القلبِ يغسله بما = فاضت به عيناه من سيل العِبَر
ويصيح مُرتعداً: أيا قلبُ انتقمْ = منّي فإنّ جريمتي لا تُغتفر
واستلَّ خنجرَه ليطعنَ قلبَهُ = طعناً سيبقى عِبْرةً لمنِ اعتبر
ناداه قلبُ الأمِّ: كُفَّ يداً ولا = تذبحْ فؤادي مَرّتين على الأثر
***
لبنان
لبنان بالأرز القديمِ ومجدِهِ = بلحاظ ثلجِكَ نرجسٌ وورودُ
أيُصعِّدُ المصدورُ زفرةَ يائسٍ = ويعود تحنانُ الصِّبا ونعود
وتعودكَ النَّسَماتُ عَطَّر ثغرَها = ريحُ الخزامى والتلالُ سجود
للّه قهقهةُ الجمالِ وسربُها = متلفّتٌ بين الصخورِ شريد
والجديُ مرتعدُ الفرائصِ عندما = يدوي ويصفع سفحَكَ البارود
وبناتُكَ الغِيدُ الملاح طوافرٌ = حُمْرُ الخدودِ ويا لهنَّ خُدود
***
لبنان وطن الغريب
«لبنانُ يا وطنَ الغريبِ ومجدِهِ = مجدٌ بناه شبابُكَ المهصورُ
تتحطّم الأيامُ تحت نعالهِ = وتصدُّ عنه وصرفُها مقهور
لبنانُ صبراً والخطوبُ جسيمةٌ = إنّ الكريمَ على الخطوبِ صبور
قل للذي يرنو لسفحكَ طامحاً = دون البلادِ مرائرٌ وصُدور
إنْ أعوزتكَ من الرجال أُسودُها = فأهِبْ تُجبْكَ حرائرٌ وبُكور
للّه سفحُكَ والشقيقُ بساطُهُ = والغارُ إكليلٌ وأنتَ أمير
والنورُ مَرَّ به الربيعُ فهزَّهُ = والفطرُ تحت ردائه مقرور
وجثا العرارُ على الصخور وإنّ بَيْـ = ـنَ غصونه القُمْرِيُّ والشّحرور
وهناك في الوادي غديرٌ تائهٌ = متلفّتٌ بين الجبالِ نَفور
يهفو الصباحُ فيستحمّ بمائهِ = وينام فوق ضفافه الديجور
وتعوده الأرواحُ في خَطَراتها = ويُظلّه الصفصافُ والمنثور
ألفَ الرعاةَ فلا يَخاف ربابَهم = فغناؤهم وغِنا المياهِ زفير»