عدد حروف الجرّ عشرون حرفاً؛ أوجزها ابن مالك في بيتين من ألفيته:
"هَاكَ حُروفَ الجرِّ وهي: مِنْ إلى... حَتَّى خَلاَ حَاشَا عَدا في عَنْ عَلى
مُـذْ مُنْــذُ رُبَّ اللامُ كَيْ واوٌ وتـــا... والكــافُ والبــا ولَعَـــلَّ وَمَتَــــى".
حروف الجرّ مختصة بالأسماء؛ لأن الجرّ من علامات الاسم، كما ذكرنا في إحدى محاضراتنا، وليس لها تأثير في الأفعال،
وكل حرف منها يفيد معنى أو أكثر:
...................
1- خَلَا، 2- عَدَا، 3- حَاشَا: ذكرنا في المحاضرة 24 استعمال هذه الكلمات الثلاث عندما تكون حروفَ جرٍّ ، إضافة لاستعمالها أفعالا في مواضع أشرنا لها في باب الاستثناء.
........
4- كَيْ: تكون حرف جرّ في المواضع التالية:
أ- عندما يأتي بعدها الفعل المضارع منصوباً، نحو: حضرْنَا كي نُكافِئَ الشواعرَ.
الفعل (نُكافِئَ) منصوب ب(أنْ) مُضمرَة بعد (كَيْ)، و(أنْ) والفعل المنصوب بها بتقدير مصدر مؤوَّل، في محل جرّ ب(كَي)؛ والتقدير: (حضرَنا كَيْ مُكافأةِ الشواعرِ)، أي (لِمُكافأةِ الشواعِرِ).
ب- إذا دخلت على (ما) المصدرية؛ كما في قول النابغة الجعدي:
"إِذا أَنتَ لَم تَنفَع فَضُرَّ فَإِنَما... يُرَجَّى الفَتَى كَيْمَا يَضُرُّ ويَنفَعُ"
كي: حرف جرّ، وما المصدرية والفعل بعدها في تأويل مصدر في محل جرّ ب(كَيْ).
ج- إذا دخلت (كَيْ) على (مَا) الاستفهامية، نحو: (كَيْمَهْ)، والأصل: (كي ما؟)؛ تتصل (كي)، ب(ما) الاستفهامية فتحذف
ألفها لتكون: (كيمَ؟)، ثم يؤتى ب(هاء) السَكت الساكنة، فيقال: (كَيْمَهْ؟)، و(ما) الاستفهامية في محلّ جرّ ب(كَيْ).
...............
5- لَعَلَّ: ذكرنا في المحاضرة (12) أنَّ (لعَّلَّ) من حروف الترجّي، الناسخة الناصبة لاسمها، الرافعة لخبرها، من أخوات
(إنّ)؛ واليوم نوضح كيف تكون (حرف جرّ).
(لعلَّ) حرف جرّ (زائد) في لغة (عُقَيْل)، ومن شواهد النحاة بيت لم ينسبوه لقائل:
"لَعَلَّ اللهِ فَضَّلَكُمْ عَلَيْنَا... بِشَيءٍ أَنَّ أَمَّكُمُ شَرِيْمُ".
لعلَّ: حرف جرّ زائد، الله: مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجرّ الزائد،
وجملة (فضَّلكم) في محل رفع خبر المبتدأ.
ورد في لغة (عُقَيْل): لعَلَّ، لعَلِّ، عَلَّ، وعَلِّ.
..................
6- متى: المعلوم أن (متى) اسم استفهام يفيد الظرفية، وتأتي شرطية جازمة لفعلين.
(متى) هنا حرف جرّ في لغة (هُذَيل)، ومن أقوالهم التي تداولها النحاة: " أخرَجَها متى كُمِّهِ"،
أي (مِنْ كُمِّهِ)، من شواهدهم قول أبي ذُؤَيب الهذلي:
" شَرِبْنَ بماءِ البحرِ ثُمَّ ترفَّعتْ... متى لُجَجٍ خُضرٍ، لهُنَّ نئيجُ".
أي من لُجَجٍ.
....................
7- لولا: المعلوم أنَّ (لولا) من حروف الشرط غير الجازمة، (حرف امتناع لوجود)، وقد ذكرنا في محاضرة (المبتدأ)
أنَّ يأتي بعدها اسم مرفوع على أنه مبتدأ خبره محذوف وجوباً، نحو:
(لولا الماءُ لهلَكتْ الكائناتُ)، التقدير: (لولا الماءُ موجودٌ لهلكتْ الكائناتُ).
أمّا مذهب سيبويه فإنها حرف جرّ عندما يتصل بها ضمير، نحو: (لولايَ، لولاكَ، لولاهُ).
(الياء والكاف والهاء) على مذهب سيبويه في موضع جرّ ب(لولا)، ولو كان ما بعدها اسماً ظاهراً لكان حقّه الرفع
كما أشرنا؛ فهي لا تجرّ سوى الضمير، وهناك من خالفه، منهم الأخفش.
من الشواهد هذا البيت:
"أَتُطْمِعُ فِيْنَا مَنْ أَرَاقَ دِمَاءَنَا... وَلَوْلاَكَ لَمْ يَعْرِضْ لأحْسَابِنَا حَسَنْ".
الكاف: ضمير متصل مبني على الفتح، في محل جرّ ب(لولا)، على مذهب سيبويه.
...................
8- مُنْذُ، 9- مُذْ: هذان الحرفان لا يجرّان إلا اسم زمان ظاهر.
يفيدان معنى الحرف (في) في حال كان الزمان حاضراً: (لم يأتِ مُنْذُ يومِنا).
يفيدان معنى الحرف (مِنْ) في حال كان الزمان ماضياً: (لم يأتِ مُذْ يومِ الأحدِ).
ملاحظة: قد يأتي (مُنْذُ، ومُذْ) اسمين؛ ونعرف ذلك في حالَين:
أ- إذا كان ما بعدهما اسماً مرفوعاً؛ فهما في تقدير مبتدأ في محل رفع، وما بعدهما خبر، ويرى آخرون أنهما
في تقدير خبر مُقدَّم وما بعدهما مبتدأ مُؤخَّر:
(لم يحضرْ صديقي مُنْذُ يومُ الأحدِ. التقدير): الزمانُ يومُ الأحدِ.
ب- إذا كان ما بعدهما جملة فعلية فهما في محل نصب على الظرفية:
(جئتُ مُنْذُ استنجدَ بي صديقي). التقدير وقتَ استنجدَ بي صديقي.
...............
10- حتَّى: لا تجرّ إلّا الاسم الظاهر، وقد ورد عند العرب جرّها للضمير شذوذاً:
"فلَا واللهِ لاَ يُلْفِي أُنَاسٌ ... فَتًى حَتّاكَ يَا بْنَ أَبِي زِيَادِ".
لغة (هُذَيل) إبدال حائها عيناً، وعلى ذلك قرأ ابن مسعود: {إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُوا بِهِ عَتَّىٰ حِينٍ}.
تدل (حتى) على انتهاء الغاية، ولا تجرّ إلّا ما كان آخِراً أو مُتصلاً بالآخِر، نحو :
{سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ}. انتظرتُكَ حتَّى غروبِ الشمسِ.
...............
11- الواو: المعلوم أن الواو من حروف العطف؛ لكنها تستعمل حرف جرّ تختص في (القَسَم):
واللهِ لَأفعلّنَّ الخيرَ بلا مقابلٍ.
لا يجوز ذكر فعل القسَم معها، فلا تقلْ: (أقسِمُ واللهِ).
............
12- التاء: تختصّ التاء بالقَسَم، ولا تجرّ إلّا لفظ (الله): تَاللهِ لَأَخلصَنَّ في عملي.
لا يجوز ذكر فعل القسَم معها، فلا تقلْ: (أُقسِمُ تاللهِ).
سُمعَ من كلام العرب قولهم: (تَرَبِّ الكعبةِ)، و(تَالرحمنِ).
.................
13- رُبَّ: حرف جرّ شبه بالزائد، يفيد التقليل، ولا يجرّ إلّا نكرة، نحو:
(رُبَّ أخٍ لكَ لم تلدْهُ أُمُّكَ).
من شواهد (ثعلب) شيخ المدرسة الكوفية بيت لشاعر مجهول فيه (رُبَّ) تجرّ الضمير شذوذاً:
"وَاهٍ رأيْتُ وَشِيكاً صَدْعَ أَعْظُمِه... وَرُبَّهُ عَطِباً أَنْقَذْتُ مِنْ عَطَبِهْ".
............
14- الكاف: تختص الكاف بجرّ الاسم الظاهر، وتفيد:
أ- التشبيه: وجدْتُكَ كالبحرِ في حلمِكَ.
ب- التعليل: {وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ}.
ج- زائدة للتوكيد: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}.
ملاحظة: تستعمل الكاف اسماً في مواضع قليلة، قال الأعشى، ميمون بن قيس:
"أَتَنْتَهُونَ وَلَنْ يَنْهَى ذَوِي شَطَطٍ... كَالطَّعْنِ يَذْهَبُ فِيهِ الزَّيْتُ وَالْفُتُلُ". جاءت بمعنى مثل.
ملاحظة: لقد شذّ جرّها للضمير المتصل في بيت (رؤبة بن العجاج):
"ولا تَرى بَعْلاً ولا حَلائِلا ... كَهُ ولا كَهُنَّ إلّا حاظِلا".
...............
15- مِنْ: تفيد ما يلي:
أ- التبعيض: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ}.
ب- بيان الجنس: { فاجْتَنِبُوا الرّجْسَ مِنَ الأوْثانِ}.
ج- ابتداء الغاية في غير الزمان كثيراً، وفي الزمان قليلاً، في بيت للنابغة الذبياني:
"تُخُيِّرْنَ مِنْ أزمانِ يومِ حليمةٍ... إلى اليومِ قدْ جُرِّبْنَ كلَّ التجاربِ".
د- زائدة: تُزاد لأغراض بلاغية: ما مِنْ ناصرٍ للحقِّ في ذا الزمانِ. هل رأيتُم مِنْ أحدٍ في الساحةِ؟
من شروط زيادة مِنْ: أن يكون المجرور بها نكرة، وأن يسبقها نفي أو شبه النفي.
أجاز الكوفيون زيادتها في الإيجاب بشرط أن يكون مجرورها نكرة.
ه- البدل: {رَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ}، أي بدل الحياة الدنيا.
..........
16- إلى: تستعمل لانتهاء الغالية، وتجرّ الآخِر وغير الآخِر:
سرتُ إلى آخر النهار فوصلتُ إلى نصف المسافة المطلوبة.
.................
17- اللام: تستعمل:
أ- لانتهاء الغاية قليلاً: {كُلٌّ يَجْرِى لأَجَلٍ مُّسَمًّـى}.
ب- للمِلك: {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ}. لي في العراقِ حبيبةٌ.
ج- للتعدية: أعطى المُحسِنُ للمُحتاجِ صدقةً.
د- للتعليل: من شواهد النحاة بيت لأبي صخر الهُذَلي:
" وَإنِّي لَتَعْرُوني لِذِكْراكِ هَزَّةٌ... كَمَا انتفَضَ العُصْفُوْرُ بَلَّلَهُ القَطْرُ".
ه- زائدة: {أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ}.
..............
18- الباء: تستعمل:
أ- للبدل، قال أبو تمام في ديوان الحماسة:
"فَلَيْتَ لِي بِهِمِ قَوْماً إذا رَكِبُوا... شَنُّوا الإِغارةَ فُرْساناً ورُكْبانا"، أي بدلهم.
ب- للظرفية: {وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ وبِاللَّيْلِ}. قابلتُها بِقاعةِ المحاضراتِ.
ج- للسببية: {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ}.
د- للاستعانة: برَيْتُ القلمَ بالمِبراةِ.
ه- للتعدية: {ذَهَبَ اللهُ بِنورِهِمْ}
و- للتعويض: بِمالٍ كثيرٍ اشترَينا الكتبَ.
ز- للإلصاق: تحاشَينا الاحتكاكَ بالسُفَهاءِ.
ح- بمعنى (مَعَ): سرقَ الأوغادُ الوطنَ بثرواتِهِ.
ط- بمعنى (مِنْ): جاء في بيت أبي ذؤيب الهُذَلي الذي استشهدنا به عن حرفية (متى):
" شَرِبْنَ بماءِ البحرِ ثُمَّ ترفَّعتْ... متى لُجَجٍ خُضرٍ، لهُنَّ نئيجُ".
ي- بمعنى (عنْ): {سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ}.
ك- للمصاحبة: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ}.
.............
19- على: تستعمل:
أ- للاستعلاء: عصفورٌ في اليدِ خيرٌ من عشرةٍ على الشجرةِ.
ب- بمعنى (في): {ودَخَلَ ٱلْمَدِينَةَ عَلَىٰ حِينِ غَفْلَةٍۢ مِّنْ أَهْلِهَا}.
ج- بمعنى (عَنْ): في بيت للقحيف العقيلي:
"إِذا رَضِيَتْ عليَّ بنو قُشَيرٍ... لعَمرُ اللهِ أَعجَبَني رِضاها".
ملاحظة: تستعمل (على) اسماً عند دخول (مِنْ) عليها، وتكون (على) بمعنى (فوق).
الشاهد بيت لمزاحم العقيلي:
"غَدَتْ مِنْ عَلَيْهِ بَعْدَ مَا تَمَّ ظِمْؤُهَا... تَصِلُّ وَعَنْ قَيْضٍ بزَيْزَاء مَجْهَلِ".
أخدتُ الكتابَ مِنْ على المنضدةِ. المعنى: مِنْ فوقِ المنضدةِ.
............
20- عَنْ: تستعمل:
أ- للمجاوزة: رميتُ السَهمَ عن القوسِ.
ب- بمعنى (بعدَ): { لَتَرْكَبَنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ}.
ملاحظة: تستعمل (عَنْ) اسما بمعنى (جانب) عند دخول (مِنْ) عليها:
الشاهد بيت لقطري بن الفجاءة:
"ولَقَدْ أرانِي لِلرِّماحِ دَرِيئَةً... مِنْ عَنْ يَمِينِي تارَةً وأمامِي".
المعنى: مِنْ جانبِ يميني.
................
إذا اتصلت (ما) بالحروف التالية فهي زائدة ولا تكفّها عن العمل، (الجرّ):
أ- مِنْ: {مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا}.
ب- عَنْ: {عَمّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نادِمِينَ}.
ج- الباء: { فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنْ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ}.
(ما) لم تمنع الحروف (مِنْ، عَنْ، والباء) من جرّ الأسماء بعدها؛ لأنها زائدة.
..................
إذا اتصلت (ما) ب(الكاف، و رُبَّ) كفَّتهما عن العمل، (الجرّ):
الشاهد بيت لزياد الأعجم:
"فإنَ الحُمْرَ مِنْ شَرِّ المَطايَا... كما الحبِطاتُ شَرُّ بني تميمِ".
هذا الشاهد بيت لأبي دواد الإيادي:
"رُبَّما الجامِلُ المؤَبَّلُ فِيهِم... وعناجِيجُ بينَهُنَّ المِهارُ".
(ما) منعت الحرفين، (الكاف، وربَّ) من جر ما بعدها؛ لأنها (كافَّة).
..........
ورد في كلام العرب حذف (رُبَّ) وإبقاء عملها (حرف جرّ شبيه بالزائد) كما يلي:
أ- بعد (الواو): قال امرؤ القيس بن حجر الكندي:
"وَلَيلٍ كَمَوجِ البَحرِ أَرخى سُدولَهُ... عَلَيَّ بِأَنواعِ الهُمومِ لِيَبتَلي".
ب- بعد (الفاء): قال امرؤ القيس بن حجر الكندي:
"فَمِثلِكِ حُبلى قَد طَرَقتُ وَمُرضِعٍ... فَأَلهَيتُها عَن ذي تَمائِمَ مُحْوِلِ".
ج- بعد (بَلْ) وهو قليل: الشاهد بيت لرؤبة بن العجاج:
" بَلْ بَلَدٍ مِلْءُ الفِجَاجِ قَتَمُهْ... لاَ يُشْتَرَى كَتَّانُهُ وَجِهْرَمُهْ".
.............
أحيانا تحذف حروف الجر، غير (ربَّ)؛ ويبقى عملها، الشاهد بيت للفرزدق يهجو جريراً:
"إِذَا قِيْلَ أيُّ النَّاسِ شَرُّ قَبِيْلَةٍ... أَشَارَتْ كُلَيْبٍ بِالأكُفِّ الأصَابِعُ". أي أشارت إلى كليبٍ.
إذا قلتَ: بكم دينارٍ اشتريتَ الكتابَ؟؛ فإن (دينار) مجرورة ب(مِنْ) محذوفة، وهذا رأي سيبويه والخليل.
.............
ملاحظة: حروف الجرّ ثلاثة أنواع:
أ- حرف الجرّ الأصلي: له معنى وله متعلق: (وضعتُ الكتابَ على الطاولة).
(على) أفاد معنى الاستعلاء، وتعلق بالفعل (وضع).
ب- حرف الجرّ الشبيه بالزائد: له معنى وليس له متعلق، وتفيد التقليل، أو التكثير، أو الرجاء، أو التوكيد،
ولا يؤثر في موقع الاسم بعده من الإعراب، وإنْ جرَّه ظاهرياً: رُبَّ ضارةٍ نافعةٌ.
رُبَّ: حرف جرّ شبيه بالزائد يفيد معنى التقليل، ضارة: مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة على آخره،
منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجرّ الشبيه بالزائد.
ج- حرف الجرّ الزائد: ليس له معنى وليس له متعلق، لا يؤثر في موقع الاسم بعده من الإعراب؛
وإن جرّه ظاهرياً، نحو: (ما مِنْ أحدٍ في الدار).
(مِنْ) لم يفد معنى من معانيه المعروفة، وما بعده (أحدٍ) مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة منع من ظهورها اشتغال
المحل بحركة حرف الجرّ الزائد، وحذفه لا يؤثر في تركيب الجملة، ويستعمل لأغراض بلاغية..
مديح الصادق... من كندا.
.................
"هَاكَ حُروفَ الجرِّ وهي: مِنْ إلى... حَتَّى خَلاَ حَاشَا عَدا في عَنْ عَلى
مُـذْ مُنْــذُ رُبَّ اللامُ كَيْ واوٌ وتـــا... والكــافُ والبــا ولَعَـــلَّ وَمَتَــــى".
حروف الجرّ مختصة بالأسماء؛ لأن الجرّ من علامات الاسم، كما ذكرنا في إحدى محاضراتنا، وليس لها تأثير في الأفعال،
وكل حرف منها يفيد معنى أو أكثر:
...................
1- خَلَا، 2- عَدَا، 3- حَاشَا: ذكرنا في المحاضرة 24 استعمال هذه الكلمات الثلاث عندما تكون حروفَ جرٍّ ، إضافة لاستعمالها أفعالا في مواضع أشرنا لها في باب الاستثناء.
........
4- كَيْ: تكون حرف جرّ في المواضع التالية:
أ- عندما يأتي بعدها الفعل المضارع منصوباً، نحو: حضرْنَا كي نُكافِئَ الشواعرَ.
الفعل (نُكافِئَ) منصوب ب(أنْ) مُضمرَة بعد (كَيْ)، و(أنْ) والفعل المنصوب بها بتقدير مصدر مؤوَّل، في محل جرّ ب(كَي)؛ والتقدير: (حضرَنا كَيْ مُكافأةِ الشواعرِ)، أي (لِمُكافأةِ الشواعِرِ).
ب- إذا دخلت على (ما) المصدرية؛ كما في قول النابغة الجعدي:
"إِذا أَنتَ لَم تَنفَع فَضُرَّ فَإِنَما... يُرَجَّى الفَتَى كَيْمَا يَضُرُّ ويَنفَعُ"
كي: حرف جرّ، وما المصدرية والفعل بعدها في تأويل مصدر في محل جرّ ب(كَيْ).
ج- إذا دخلت (كَيْ) على (مَا) الاستفهامية، نحو: (كَيْمَهْ)، والأصل: (كي ما؟)؛ تتصل (كي)، ب(ما) الاستفهامية فتحذف
ألفها لتكون: (كيمَ؟)، ثم يؤتى ب(هاء) السَكت الساكنة، فيقال: (كَيْمَهْ؟)، و(ما) الاستفهامية في محلّ جرّ ب(كَيْ).
...............
5- لَعَلَّ: ذكرنا في المحاضرة (12) أنَّ (لعَّلَّ) من حروف الترجّي، الناسخة الناصبة لاسمها، الرافعة لخبرها، من أخوات
(إنّ)؛ واليوم نوضح كيف تكون (حرف جرّ).
(لعلَّ) حرف جرّ (زائد) في لغة (عُقَيْل)، ومن شواهد النحاة بيت لم ينسبوه لقائل:
"لَعَلَّ اللهِ فَضَّلَكُمْ عَلَيْنَا... بِشَيءٍ أَنَّ أَمَّكُمُ شَرِيْمُ".
لعلَّ: حرف جرّ زائد، الله: مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجرّ الزائد،
وجملة (فضَّلكم) في محل رفع خبر المبتدأ.
ورد في لغة (عُقَيْل): لعَلَّ، لعَلِّ، عَلَّ، وعَلِّ.
..................
6- متى: المعلوم أن (متى) اسم استفهام يفيد الظرفية، وتأتي شرطية جازمة لفعلين.
(متى) هنا حرف جرّ في لغة (هُذَيل)، ومن أقوالهم التي تداولها النحاة: " أخرَجَها متى كُمِّهِ"،
أي (مِنْ كُمِّهِ)، من شواهدهم قول أبي ذُؤَيب الهذلي:
" شَرِبْنَ بماءِ البحرِ ثُمَّ ترفَّعتْ... متى لُجَجٍ خُضرٍ، لهُنَّ نئيجُ".
أي من لُجَجٍ.
....................
7- لولا: المعلوم أنَّ (لولا) من حروف الشرط غير الجازمة، (حرف امتناع لوجود)، وقد ذكرنا في محاضرة (المبتدأ)
أنَّ يأتي بعدها اسم مرفوع على أنه مبتدأ خبره محذوف وجوباً، نحو:
(لولا الماءُ لهلَكتْ الكائناتُ)، التقدير: (لولا الماءُ موجودٌ لهلكتْ الكائناتُ).
أمّا مذهب سيبويه فإنها حرف جرّ عندما يتصل بها ضمير، نحو: (لولايَ، لولاكَ، لولاهُ).
(الياء والكاف والهاء) على مذهب سيبويه في موضع جرّ ب(لولا)، ولو كان ما بعدها اسماً ظاهراً لكان حقّه الرفع
كما أشرنا؛ فهي لا تجرّ سوى الضمير، وهناك من خالفه، منهم الأخفش.
من الشواهد هذا البيت:
"أَتُطْمِعُ فِيْنَا مَنْ أَرَاقَ دِمَاءَنَا... وَلَوْلاَكَ لَمْ يَعْرِضْ لأحْسَابِنَا حَسَنْ".
الكاف: ضمير متصل مبني على الفتح، في محل جرّ ب(لولا)، على مذهب سيبويه.
...................
8- مُنْذُ، 9- مُذْ: هذان الحرفان لا يجرّان إلا اسم زمان ظاهر.
يفيدان معنى الحرف (في) في حال كان الزمان حاضراً: (لم يأتِ مُنْذُ يومِنا).
يفيدان معنى الحرف (مِنْ) في حال كان الزمان ماضياً: (لم يأتِ مُذْ يومِ الأحدِ).
ملاحظة: قد يأتي (مُنْذُ، ومُذْ) اسمين؛ ونعرف ذلك في حالَين:
أ- إذا كان ما بعدهما اسماً مرفوعاً؛ فهما في تقدير مبتدأ في محل رفع، وما بعدهما خبر، ويرى آخرون أنهما
في تقدير خبر مُقدَّم وما بعدهما مبتدأ مُؤخَّر:
(لم يحضرْ صديقي مُنْذُ يومُ الأحدِ. التقدير): الزمانُ يومُ الأحدِ.
ب- إذا كان ما بعدهما جملة فعلية فهما في محل نصب على الظرفية:
(جئتُ مُنْذُ استنجدَ بي صديقي). التقدير وقتَ استنجدَ بي صديقي.
...............
10- حتَّى: لا تجرّ إلّا الاسم الظاهر، وقد ورد عند العرب جرّها للضمير شذوذاً:
"فلَا واللهِ لاَ يُلْفِي أُنَاسٌ ... فَتًى حَتّاكَ يَا بْنَ أَبِي زِيَادِ".
لغة (هُذَيل) إبدال حائها عيناً، وعلى ذلك قرأ ابن مسعود: {إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُوا بِهِ عَتَّىٰ حِينٍ}.
تدل (حتى) على انتهاء الغاية، ولا تجرّ إلّا ما كان آخِراً أو مُتصلاً بالآخِر، نحو :
{سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ}. انتظرتُكَ حتَّى غروبِ الشمسِ.
...............
11- الواو: المعلوم أن الواو من حروف العطف؛ لكنها تستعمل حرف جرّ تختص في (القَسَم):
واللهِ لَأفعلّنَّ الخيرَ بلا مقابلٍ.
لا يجوز ذكر فعل القسَم معها، فلا تقلْ: (أقسِمُ واللهِ).
............
12- التاء: تختصّ التاء بالقَسَم، ولا تجرّ إلّا لفظ (الله): تَاللهِ لَأَخلصَنَّ في عملي.
لا يجوز ذكر فعل القسَم معها، فلا تقلْ: (أُقسِمُ تاللهِ).
سُمعَ من كلام العرب قولهم: (تَرَبِّ الكعبةِ)، و(تَالرحمنِ).
.................
13- رُبَّ: حرف جرّ شبه بالزائد، يفيد التقليل، ولا يجرّ إلّا نكرة، نحو:
(رُبَّ أخٍ لكَ لم تلدْهُ أُمُّكَ).
من شواهد (ثعلب) شيخ المدرسة الكوفية بيت لشاعر مجهول فيه (رُبَّ) تجرّ الضمير شذوذاً:
"وَاهٍ رأيْتُ وَشِيكاً صَدْعَ أَعْظُمِه... وَرُبَّهُ عَطِباً أَنْقَذْتُ مِنْ عَطَبِهْ".
............
14- الكاف: تختص الكاف بجرّ الاسم الظاهر، وتفيد:
أ- التشبيه: وجدْتُكَ كالبحرِ في حلمِكَ.
ب- التعليل: {وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ}.
ج- زائدة للتوكيد: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}.
ملاحظة: تستعمل الكاف اسماً في مواضع قليلة، قال الأعشى، ميمون بن قيس:
"أَتَنْتَهُونَ وَلَنْ يَنْهَى ذَوِي شَطَطٍ... كَالطَّعْنِ يَذْهَبُ فِيهِ الزَّيْتُ وَالْفُتُلُ". جاءت بمعنى مثل.
ملاحظة: لقد شذّ جرّها للضمير المتصل في بيت (رؤبة بن العجاج):
"ولا تَرى بَعْلاً ولا حَلائِلا ... كَهُ ولا كَهُنَّ إلّا حاظِلا".
...............
15- مِنْ: تفيد ما يلي:
أ- التبعيض: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ}.
ب- بيان الجنس: { فاجْتَنِبُوا الرّجْسَ مِنَ الأوْثانِ}.
ج- ابتداء الغاية في غير الزمان كثيراً، وفي الزمان قليلاً، في بيت للنابغة الذبياني:
"تُخُيِّرْنَ مِنْ أزمانِ يومِ حليمةٍ... إلى اليومِ قدْ جُرِّبْنَ كلَّ التجاربِ".
د- زائدة: تُزاد لأغراض بلاغية: ما مِنْ ناصرٍ للحقِّ في ذا الزمانِ. هل رأيتُم مِنْ أحدٍ في الساحةِ؟
من شروط زيادة مِنْ: أن يكون المجرور بها نكرة، وأن يسبقها نفي أو شبه النفي.
أجاز الكوفيون زيادتها في الإيجاب بشرط أن يكون مجرورها نكرة.
ه- البدل: {رَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ}، أي بدل الحياة الدنيا.
..........
16- إلى: تستعمل لانتهاء الغالية، وتجرّ الآخِر وغير الآخِر:
سرتُ إلى آخر النهار فوصلتُ إلى نصف المسافة المطلوبة.
.................
17- اللام: تستعمل:
أ- لانتهاء الغاية قليلاً: {كُلٌّ يَجْرِى لأَجَلٍ مُّسَمًّـى}.
ب- للمِلك: {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ}. لي في العراقِ حبيبةٌ.
ج- للتعدية: أعطى المُحسِنُ للمُحتاجِ صدقةً.
د- للتعليل: من شواهد النحاة بيت لأبي صخر الهُذَلي:
" وَإنِّي لَتَعْرُوني لِذِكْراكِ هَزَّةٌ... كَمَا انتفَضَ العُصْفُوْرُ بَلَّلَهُ القَطْرُ".
ه- زائدة: {أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ}.
..............
18- الباء: تستعمل:
أ- للبدل، قال أبو تمام في ديوان الحماسة:
"فَلَيْتَ لِي بِهِمِ قَوْماً إذا رَكِبُوا... شَنُّوا الإِغارةَ فُرْساناً ورُكْبانا"، أي بدلهم.
ب- للظرفية: {وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ وبِاللَّيْلِ}. قابلتُها بِقاعةِ المحاضراتِ.
ج- للسببية: {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ}.
د- للاستعانة: برَيْتُ القلمَ بالمِبراةِ.
ه- للتعدية: {ذَهَبَ اللهُ بِنورِهِمْ}
و- للتعويض: بِمالٍ كثيرٍ اشترَينا الكتبَ.
ز- للإلصاق: تحاشَينا الاحتكاكَ بالسُفَهاءِ.
ح- بمعنى (مَعَ): سرقَ الأوغادُ الوطنَ بثرواتِهِ.
ط- بمعنى (مِنْ): جاء في بيت أبي ذؤيب الهُذَلي الذي استشهدنا به عن حرفية (متى):
" شَرِبْنَ بماءِ البحرِ ثُمَّ ترفَّعتْ... متى لُجَجٍ خُضرٍ، لهُنَّ نئيجُ".
ي- بمعنى (عنْ): {سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ}.
ك- للمصاحبة: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ}.
.............
19- على: تستعمل:
أ- للاستعلاء: عصفورٌ في اليدِ خيرٌ من عشرةٍ على الشجرةِ.
ب- بمعنى (في): {ودَخَلَ ٱلْمَدِينَةَ عَلَىٰ حِينِ غَفْلَةٍۢ مِّنْ أَهْلِهَا}.
ج- بمعنى (عَنْ): في بيت للقحيف العقيلي:
"إِذا رَضِيَتْ عليَّ بنو قُشَيرٍ... لعَمرُ اللهِ أَعجَبَني رِضاها".
ملاحظة: تستعمل (على) اسماً عند دخول (مِنْ) عليها، وتكون (على) بمعنى (فوق).
الشاهد بيت لمزاحم العقيلي:
"غَدَتْ مِنْ عَلَيْهِ بَعْدَ مَا تَمَّ ظِمْؤُهَا... تَصِلُّ وَعَنْ قَيْضٍ بزَيْزَاء مَجْهَلِ".
أخدتُ الكتابَ مِنْ على المنضدةِ. المعنى: مِنْ فوقِ المنضدةِ.
............
20- عَنْ: تستعمل:
أ- للمجاوزة: رميتُ السَهمَ عن القوسِ.
ب- بمعنى (بعدَ): { لَتَرْكَبَنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ}.
ملاحظة: تستعمل (عَنْ) اسما بمعنى (جانب) عند دخول (مِنْ) عليها:
الشاهد بيت لقطري بن الفجاءة:
"ولَقَدْ أرانِي لِلرِّماحِ دَرِيئَةً... مِنْ عَنْ يَمِينِي تارَةً وأمامِي".
المعنى: مِنْ جانبِ يميني.
................
إذا اتصلت (ما) بالحروف التالية فهي زائدة ولا تكفّها عن العمل، (الجرّ):
أ- مِنْ: {مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا}.
ب- عَنْ: {عَمّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نادِمِينَ}.
ج- الباء: { فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنْ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ}.
(ما) لم تمنع الحروف (مِنْ، عَنْ، والباء) من جرّ الأسماء بعدها؛ لأنها زائدة.
..................
إذا اتصلت (ما) ب(الكاف، و رُبَّ) كفَّتهما عن العمل، (الجرّ):
الشاهد بيت لزياد الأعجم:
"فإنَ الحُمْرَ مِنْ شَرِّ المَطايَا... كما الحبِطاتُ شَرُّ بني تميمِ".
هذا الشاهد بيت لأبي دواد الإيادي:
"رُبَّما الجامِلُ المؤَبَّلُ فِيهِم... وعناجِيجُ بينَهُنَّ المِهارُ".
(ما) منعت الحرفين، (الكاف، وربَّ) من جر ما بعدها؛ لأنها (كافَّة).
..........
ورد في كلام العرب حذف (رُبَّ) وإبقاء عملها (حرف جرّ شبيه بالزائد) كما يلي:
أ- بعد (الواو): قال امرؤ القيس بن حجر الكندي:
"وَلَيلٍ كَمَوجِ البَحرِ أَرخى سُدولَهُ... عَلَيَّ بِأَنواعِ الهُمومِ لِيَبتَلي".
ب- بعد (الفاء): قال امرؤ القيس بن حجر الكندي:
"فَمِثلِكِ حُبلى قَد طَرَقتُ وَمُرضِعٍ... فَأَلهَيتُها عَن ذي تَمائِمَ مُحْوِلِ".
ج- بعد (بَلْ) وهو قليل: الشاهد بيت لرؤبة بن العجاج:
" بَلْ بَلَدٍ مِلْءُ الفِجَاجِ قَتَمُهْ... لاَ يُشْتَرَى كَتَّانُهُ وَجِهْرَمُهْ".
.............
أحيانا تحذف حروف الجر، غير (ربَّ)؛ ويبقى عملها، الشاهد بيت للفرزدق يهجو جريراً:
"إِذَا قِيْلَ أيُّ النَّاسِ شَرُّ قَبِيْلَةٍ... أَشَارَتْ كُلَيْبٍ بِالأكُفِّ الأصَابِعُ". أي أشارت إلى كليبٍ.
إذا قلتَ: بكم دينارٍ اشتريتَ الكتابَ؟؛ فإن (دينار) مجرورة ب(مِنْ) محذوفة، وهذا رأي سيبويه والخليل.
.............
ملاحظة: حروف الجرّ ثلاثة أنواع:
أ- حرف الجرّ الأصلي: له معنى وله متعلق: (وضعتُ الكتابَ على الطاولة).
(على) أفاد معنى الاستعلاء، وتعلق بالفعل (وضع).
ب- حرف الجرّ الشبيه بالزائد: له معنى وليس له متعلق، وتفيد التقليل، أو التكثير، أو الرجاء، أو التوكيد،
ولا يؤثر في موقع الاسم بعده من الإعراب، وإنْ جرَّه ظاهرياً: رُبَّ ضارةٍ نافعةٌ.
رُبَّ: حرف جرّ شبيه بالزائد يفيد معنى التقليل، ضارة: مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة على آخره،
منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجرّ الشبيه بالزائد.
ج- حرف الجرّ الزائد: ليس له معنى وليس له متعلق، لا يؤثر في موقع الاسم بعده من الإعراب؛
وإن جرّه ظاهرياً، نحو: (ما مِنْ أحدٍ في الدار).
(مِنْ) لم يفد معنى من معانيه المعروفة، وما بعده (أحدٍ) مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة منع من ظهورها اشتغال
المحل بحركة حرف الجرّ الزائد، وحذفه لا يؤثر في تركيب الجملة، ويستعمل لأغراض بلاغية..
مديح الصادق... من كندا.
.................
فضاءات القصة القصيرة
نشر الأدب العالمي نشر إبداعات الأعضاء في القصة القصيرة نشر دراسات نقدية ...في القصة القصيرة.
www.facebook.com