يعقوب الشوملي - نكون أو لا نكون

التركيز الملح والمستمر على حقنا في القدس يدفع الحرارة في القضية بأسرها، ونحن نبارك كل جهد يبذل في هذا المجال، شعبيًا كان أو رسميًا، وندعو إلى مساندته لأبعد الحدود.
فلا معنى لفلسطين ولقضيتها بدون القدس، إنها تضفي الروحانية إلى حقنا، روحانية تشد قلوب المسلمين إلى قضيتنا وتشيع الوجدانية التي تربط بلدنا بأفئدة العرب من كل حدب وصوب.
القدس كنز روحي، حدوده أبعد من ساحة الأرض التي يقوم عليها، فبيت لحم تسقط بدون القدس، قصة المسيح ربطت المدينتين، وشطر الواحدة عن الأخرى اعتداء على التاريخ. ومثل ذلك أريحا ونابلس .. فالقدس واسطة العقد لكل مقدساتنا في فلسطين، بدونها تتهاوى جميعا وتفقد أهميتها ولا يبقى لها أي معنى.
والقدس ملآى بالصور الرائعة من تاريخنا وحضارتنا بل هي الذكرى القدسية للتراث العربي، ووطن الإسراء والمعراج وبلد العهد الذي قطعه عمر لصفرونيوس، وانتزاع القدس يعني انتزاع أقدس صفحات من تاريخ العرب والمسلمين.
عبر الأجيال زحف العرب إلى القدس واستقرت مضاجعهم في أرضها الطهور، ومقبرة "مأمن الله" فيها أكبر متحف إنساني، فيها أكثر من 70 ألف شهيد، مدفونين في هذه المقبرة، سقطوا على جنبات المسجد الأقصى.
مدارس العرب ومكتبات الإسلام نشأت على جنبات الأقصى، والزاهدون كانوا يجاورون المسجد، وينزلون في التكايا والزوايا، وينزلون في الرباطات، وما أكثرها في القدس.
فالقدس ليست أشبارا وأمتارا. كل شبر في القدس مجبول بفكرنا، وكل فتر معجون بدمنا، كل ذرة في القدس هي جسد جد من جدودنا وثرى آبائنا، ومثل هذه الكنوز الروحية لا يتخلى عنها الإنسان أبدًا.
وخطتنا لاستعادة القدس تحتاج إلى تقدير موقف .. تقدير لا يعتمد على دراسات للأرض هناك، ولا إحصائيات للبناء فوقها، بل تقدير الموقف لنا نحن أصحابها بالإجابة على هذا السؤال: نكون أو لا نكون بدون القدس.
28.02.1968

"فيتونجي"



يعقوب الشوملي

جريدةالدستور بتايخ 28.02.1968
أعلى