د. مي السادة - سيميائية العنوان وعلاقتها بتلقّي النص.. لدغة الدبور للكاتب البحريني جعفر الديري أنموذجاً

يعد العنوان جزءاً من منظومة العتبات المؤثرة في استقبال النص، فهو يقترح مسار التلقي ويفسح المجال للتأويل ويكرس أهمية ما قبل النص. فالعتبة هي إشارة سيميائية تبعث رسائل في فضاء العلاقة بين النص والمتلقي.

هنا يحضر السؤال التالي: هل كونها واقعة في تكوين ما قبل النص، يجعلها عتبات زائدة يمكن الاستغناء عنها؟!

مع صعود فلسفة التفكيك أُعيد للعنوان أهميته ووضعه في سياق يوازي المركز النصي، فأصبح العنوان مبتدأ التأويل وإليه تُشد خيوط النص وبه تتأثر بنية النص وآليه استقباله. من هنا تأتي أهمية دراسة العنوان وتحليل بنيته والبحث عن دلالاته. فالبنسبة إلى النظرية التفكيكية العنوان قادر على أن يؤدي دوراً مهماً في سياقه المعرفي.

ويعد جيرار جينيت أهم من أعطوا الموضوع أهمية خاصة، وخصص كتاباً كاملاً عن درس العتبات التي تسبق النص، وتهيئ القارئ لعالم مختلف في استقبال النص والتفاعل معه. كما وسّع دائرة البحث وأكد على ضرورة تقصّي أثرها في تلقّي المتن الأدبي. فالنص في نظر جيرار جينيت مؤجل ومؤخر في النظر، لا في الأهمية ووجوده مرهون بالعتبات ومنها العنوان الذي يحتل الصدر. أما في نظر رولان بارت فالعنوان هو مصدر الإثارة والرغبة في القراءة، والرغبة في هذا السياق محفز قوي على الدخول في جو النص.

أما بالنسبة لأمبرتو إيكو فالعنوان هو بوابة النص التي يتم الدخول منها إلى غابة النص. فوجود النص مرهون بوجود العنوان. فإذا كان النص موجوداً، فإن العنوان موازٍ لهذا الوجود، غير أن انتفاء وجود العنوان معناه تعطيل لحيوية النص وربما صعوبة مروره للقارئ. وفي المقابل لا يستطيع العنوان أن يقدّم وظائفه الأيديولوجية أو النفسية أو الأدبية دون وجود النص. هذه هي الدائرة التي تحكم العلاقة بين العنوان والنص (علاقة حتمية). فالعتبات نصوص موازية، ورغم ما توحي به الموازاة من الانفصال فإن العلاقة بين هذه النصوص الموازية هي علاقة تفاعلية لا تسلب العتبات حضورها سواء في ذاتها أو في علاقتها بالنص الأساسي.

سيميائياً: العنوان هو العتبة الأولى، وهو استهلال المعنى، فمنه وإليه يبدأ وينتهي التأويل، رغم أنه قد يكون آخر ما يخطه الكاتب. وهذه العلامة السيميائية يقف عندها القارئ لغرض استجلاء القصة واستنطاقها بصرياً ولسانياً من خلال العنوان الدال على هوية النص.

وحينما نتحدث عن استخدام العنوان بوصفه بنية دالة نجد بأن هناك:

- استخدام واقعي محايد أو منحاز لموضوعه.

- استخدام واقعي منحاز لغير موضوعه.

- استخدام تجريدي مطلق.

غير أنه يجب التنبه أن تأويل واقعية العنوان أو تجريديته يعتمدان على مضمون العمل من ناحية، وعلى حدس القارئ وتأويله من ناحية أخرى. فالعنوان يحتاج إلى استبصار وتفكيك لبنيته الكلية سواء في وحدته مع المتن الروائي أو في إشاراته الدلالية خارج فضاء المتن الروائي. فالحدود بين ما هو واقعي أو تجريدي حدود تحتاج إلى استبصار عميق. وعليه يمكن تمييز واقعية العنوان أو تجريديته بإسناده إلى متنه الروائي، ثم اختبار درجة القرب من عدمها، بالاستعانة بمحددات الإحالة النصية أو الثقافية. فالعناوين الواقعية لا تتحقق واقعيتها إلا بارتباطها صريحا بمضمون النص.

علماً بأن حيز البعد الدلالي في قراءة هذه العناوين قائم على أبعادٍ ثلاثة، ابتداءً بالعنوان، ومروراً بالمتن وانتهاءً بتأويل القارئ. غير أن متن القصة مسؤول عن توفير القيم الدلالية للعنوان ومدى صلته بمتن القصة.

من خلال هذا التصور يمكن أن نقسّم العناوين الواقعية إلى قسمين: محايدة ومتحيزة، وهذا التقسيم بنيوي في الأساس. ذلك أن العنوان المحايد يصدر عن كاتب يهدف إلى تشكيل عنوان متحد مع نصه. بينما العنوان غير المحايد أو المتحيز يُبنى لغاية جذب القارئ وتحفيزه للنظر خارج النص، دون مراعاة لمدى صلة هذا العنوان بمتن النص السردي، الصلة التي تجعله جزءاً من نسيج المتن السردي. فالعناوين غير المحايدة تكتسب صفتها الواقعية من تكوينها البنيوي الذي يحيل مباشرة على واقع خارج النص، مع ارتباط معنوي بمتن النص.

واقعية العناوين: سمة الحياد

الصلة المباشرة بالمتن الروائي مهمة لكشف واقعية نص العنوان، حيث ينبغي معرفة حدود الواقعية التي نحدد بها واقعية العنوان من عدمه، ذلك أننا بحاجة لتقييم أبعاد الحضور الواقعي للعنوان وصلته بمتن العمل السردي أو صلته بالسياق الخارجي للمتن السردي. أما سمة الحياد في واقعية العناوين، فليس المقصود منها سلبية الأداء الوظيفي للعنوان، بل هو حياد في مقابل انحياز آخر لعناوين تشتغل على خارج المتن السردي أكثر من داخله.

هذه العناوين حيادية في عدم انصرافها لخارج النص، متحدة مع متنها الروائي، دالة على مضمونه، كاشفة لخطابه. وهذا الحياد لا يلغي فرضية الارتباط بخارج النص ولكن على نحو يقوم على نسبية التأويل وعلى مجاز العلاقة، لا على صراحتها.

تغلب واقعية العناوين ومباشرتها لموضوع النص السردي، حينما تتصل بأسباب موضوعاتها، وتكون دالة على محتواها دون زيادة أو نقصان، واقعية في تركيبتها وواقعية في صلتها بموضوعاتها داخل النص السردي، متسمة بالموضوعية والحيادية.

واقعية العناوين: سمة التحيز

الكاتب يتحيز لصالح بنية العنوان دون أن تكون هناك ملاءمة مباشرة مع متن النص. هذا النوع من العناوين نص بذاته، ذلك أن له حضوراً استثنائياً في ذهنية القارئ. فهي عناوين محفزة من خلال ربطها بتداعيات خاصة في ثقافة القارئ، غالباً ما تكون ذات حساسية معينة. فالعنوان المنحاز عبارة عن تركيبة سيميائية متحركة الُتقطت من السياق الخارجي، وتم بناء سيميائية التواصل على خلفية القارئ المعرفية، مستثيرة فضوله نارة، وتحفظّه تارة أخرى.

مما لا شك فيه أن تحيّز العنوان لخارج النص لا يعفيه من الارتباط الفني بالمتن السردي، لأننا أمام بنية كلية تبدأ من العنوان وتنتهي بآخر كلمة، وكلما اشتغل العنوان على خارج فضاء النص، كان أبعد صلة بمتنه. فالعنوان يستفيد من مثير خارجي في تفعيل حضوره، لاشك في واقعية العنوان المنحاز لخارج بيئة النص، أكثر من متن النص السردي، وهذه هي طبيعة العناوين التي تسعى لتوليد دلالات من خارج النص، ثم بناء النص وفقاً لهذا التكوين الاستثنائي.

من هنا ينشأ التوتر وتحدث المفارقة التي حرص العنوان على استحضارها في بنيته، ورغم صلة العنوان بخارج بيئة النص السردي، فإن هذا العنوان له ما يبرره داخل النص. فالعنوان جسر يربط بين داخل النص وخارجه، مستفيداً من مدلولات الكلمة بحساسيتها الاستثنائية.

تجريدية العنوان: العناوين التجريدية فنية في ذاتها، مكتفية بذاتها غير معتمدة على غيرها إلا بالقدر الذي يؤوله المتأول. وتتأسس الصلة فيها بين نص العنوان وتأويل القارئ، لأن الصلة بمضمون العمل السردي تجريدية في الأصل، ومن هنا فالدلالة تأويلية في المقام الأول. تمتلك أبنية العناوين التجريدية جمالية خاصة، تدعو القارئ للتأمل، وتكسب العمل عمقاً أكبر. أغلب النصوص السردية التي تحمل عناوين تجريدية هي أكثر الأعمال السردية تحقيقاً للفنية.

وبنظرة عجلى في سلسلة من العناوين التجريدية يمكن إدراك أن بنيتها حتى قبل تحليلها جمالية وتركيبها يقوم على التركيب المجازي.

الكاتب يختزل نصه في عنوان من كلمة أو كلمتين أو ثلاث على الأكثر. عنوان يفترض فيه التعبير عن مضمون العمل ولو بنسبة جزئية كما يفترض فيه حيوية تثير شهية القارئ.

نسبية العلاقة مع بنية العناوين هي السمة التي تحكم طبيعتها وتحدد التواصل معها. فليس كل عنوان منحازاً بالمطلق لفضائه الداخلي أو الخارجي، فهناك عناوين مستثيرة للقارئ ومحفزة لردة فعله، وهناك عناوين تهيئ فرص التأويل والتفاعل باندماجها في بنية النصوص السردية بأدبية جلية.

ومن ثم فإن العناوين السردية بناء فني قائم على المجاز مهما بلغت درجة واقعيتها الظاهرية، لأنها مجاز يحتمل التأويل والتماهي معها في فضاء من الخطابات المتجاورة حيناً والمتقاطعة حيناً آخر.

سيميائية العنوان: حظى العنوان في تصور السيميائين باهتمام خاص، فجعلوه نصاً في حد ذاته وباقي المقاطع ما هي إلا تفريعات نصية تنبع من العنوان الأم، والعلاقة بين الفروع والعنوان ليست بالعلاقة الاعتباطية، إنها علاقة طبيعية منطقية، علاقة انتماء دلائلي، لأن الدلالة التي تثيرها الوحدات والمقاطع أصبح محكوماً عليها بفلسفة الانتماء إلى الحقل الدلالي الرئيس الذي يشغله الفضاء الدلالي للعنوان.

من أبرز الوظائف التي يحققها العنوان حفاظه على هوية النص المركزي.

لدغة الدبور للكاتب البحريني جعفر الديري:

يدور هذا النص حول رجل متقاعد يعاني من تبعات زواجه الثاني، والذي ارتبط فيه بفتاة صغيرة في عمر بناته، جاء بها من بلدٍ بعيد ظاناً منه بأنه سيستمتع معها بما تبقى من حياته لكن يخيب ظنه حينما تمضي السنون بين إهمال، افتعال مشاكل، كسل، ضجر، سأم، وابتزاز مالي. يوصله في نهاية الأمر إلى الاعتماد على المساعدات والمنح المالية.

تكمن المفارقة هنا حينما يعود في نهاية الأمر لزوجته الوفية وأم بناته لتوفر له وجبات يومه من غداء وعشاء لعجزه عن توفير قيمتها وطلبها من المطاعم، فتغدق عليه الرعاية والاهتمام رغم خيانته لها ولبناته.

وردت في النص ملفوظات سردية تعد إشارات أو علامات تؤكد على سوء ما أقدم عليه (هكذا قيل له، الزواج الميمون!، الطيش، الشاب الخبيث، فحيح الأفعى) لم يكن العنوان ملاصقاً للنص، فله شخصيته واعتباره ودلالته في ذاته. بنية العنوان هنا بنية متحركة اُلتقطت من السياق الخارجي وتم بناء سيميائية التواصل على خلفية القارئ المعرفية. وأياً يكن فإن العنوان بعيد عن محتواه غير أن أثره قد وقع وتحققت درجة مقروئيته وهي غاية كل مؤلف. يعد عنوان (لدغة الدبور) عنواناً واقعياً منحازاً لغير موضوعه. النص كان يتحرك باتجاه تأكيد العنوان ومن الواضح أن هذا العنوان أربك النص، فكل شيء كان يُكتب من أجل تلبية دلالته الكلية.

سلطة العنوان أثّرت على مسارات النص السردي، فهو بنية ضاغطة على الدلالة، من هنا جاءت القصة مستجيبة لدلالة العنوان. فهو يكتسب دلالته الإيحائية من خلال الربط بالسياقات والإسقاطات الموجودة خارج المتن السردي. فالكاتب تحيّز لصالح بنية العنوان دون أن تكون هناك ملاءمة مباشرة مع متن النص.

هذا النوع من العناوين نص بذاته، ذلك أن له حضوراً استثنائياً في ذهنية القارئ، هي عناوين محفزة من خلال ربطها بتداعيات خاصة في ثقافة القارئ وغالباً ما تكون ذات حساسية معينة.

من أين تأتي (لدغة الدبور)؟ وكيف تستقيم علاقتها بالمتن؟! تنتفي عوامل الربط المباشر ولا يبقى إلا التأويل الفلسفي مدخلاً لتبرير حضوره، فهو عنوان يُحمل على التأويل وقادر على استدعاء التأويل، وقادر على تأكيد الأدبية التي تُحقق منطوقاً خاصاً لخطاب العنوان، والذي يتقاطع مع خطاب المتن وقد يمنح نفسه إشارات معرفية مستقلة.

نستحضر سياق النص فلا نجد صلة مباشرة، لذلك يبقى العنوان مفتوحاً على التأويل. لم يتورط (لدغة الدبور) في الالتحام النصي المباشر بأحداث المتن بل عبّر عنه بشمولية أعمق وأكثر أثراً من ربطه المباشر بالمتن.

أسند الكاتب هذه اللدغة للدبور في إشارة واضحة لمدى الألم والوجع. لقد نجح العنوان في الاستقلال بذاته غير أنه غير منفصل عن نصه، فهو بمثابة الرأس من الجسد المتحرك. فالقصة تبني نصها في سياق عنوان خاضع أصلاً لآليات التأويل. العنوان هنا ينحاز لفضاء خصب من التأويل، فهو يتقاطع ولا يتطابق مع المتن السردي. فقد تجاوز العلاقة المباشرة بمتنه. جاء النص ليتمسك بالأدبية في صياغة العنوان ويسعى إلى تكوين محفزات للتاويل وبرع في توظيف الدلالات الخاصة للعنوان والتي تتقاطع في عمومية الخطاب مع المتن السردي دون أن يكون هناك إحالة مباشرة.

• ينظر: حسن النعمي، بعض التأويل مقاربات في خطابات السرد، النادي الأدبي بالرياض، الدارالبيضاء، الطبعة الأولى، 2013.
--------------
لدغة الدبُّور

قصة قصيرة – جعفر الديري

لا يعلم لماذا تتراءى له تلك الصورة البعيدة من أيّام طفولته، عندما أهوى عصاه على "الدبور"، ليثبت لأصدقائه قدرته على تنفيذ ما يقول، فكان جزاؤه ليالٍ من الألمِ والسُّهاد بفعل اللدغة القاسية.

ربّما لشعوره أنّه كرّر الحمَاقة نفسها، رغم سنين الخبرة والنضج، فجاءت اللدغة هذه المرّة، رهيبة، مُسمِّمة خلاياه، قاطعة الأمل في الخلود للراحة حتَّى الموت.

ثمَّة طفل في الرابعة، وآخر في الثالثة، وطفلة تدرج على أربع، في حضن أمِّها، التي لا تبرح البيت، مدِّعية المرض، مكشِّرة عن أنيابها، كُلَّما أنّبَها على تقصيرِها تجاهه وتجاه أبنائها.

سليلة أشرافٍ، كانت مُعزَّزة بين أهلها، في البلد البعيد -هكذا قيل له- وعليه أن يعيَ قبل أن يقترنَ بها، أنها لم تعتد الخدمة في البيوت، وتحتاج لبعض الوقت كي تتعلَّم الطبخ والكنس، والاعتناء ببيتها.

لكنَّ السنين تمضي، وأعوام خمسة مثقلة بالصبر والأمل تمرَّ على الزواج الميمون!، دون أن تغيَّر شيئا في طباعها.. الإهمال، افتعال المشاكل، الكسل والضجر والسأم، الغرور والترفُّع، الرغبة بكنز المال بأيَّة وسيلة، النكد والوساوس المُحطِّمة لأعصابه.

كلُّ ذلك ما زال شاخصا أمَام عينيه، مالئا قلبه المُثخن بجراحَاته، بآمالِه المحنيّة الظهر، بأحزانه الشاخصة، ألمَا يمتدُّ لجميع أعضاءِ الجسم، ممتزجّا بشعور بالخيبة لا يطاق، بالحسد حين يلحظ أقرانه ناعمين بالسكينة والهدوء، في ظلّ التقاعد، فيما هو مبتلىً بتأمين لقمة عيش أبنائه، وتلبية طلبات زوجه.

من يصدّق؟! الرجل الذي كان يدفع بسخاء للفقراء والمحتاجين، أصبح اليوم يعتمد على المساعدات والمنح المالية!، لكنه الطيش لا شك، جنون الكبر والغطرسة، والغرور الكذَاب، حين يعمي القلوب التي في الصدور عن رؤية الحقيقة...

هناك في المطعم الشعبي، اقترب منه الشابُّ الخبيث، قال في صوت يشبه فحيح الأفعى قبل أن تنفثَ سمَّها:

- تبدو جميلا هذا اليوم.

وصدَّق المسكين أنَّه ما زال شابا، وأنَّ من حقِّه أن يستمتع بما تبقى من حياته. كان قد تقاعد منذ سنوات، وأصبحت ساعات الفراغ كثيرة، وليس من شيء يمكن أن يمدّه بماء الشباب، أفضل من زوج صغيرة، قادرة على أن تضخ ّالروح في جسده، وأن تهبه عمرا جديدا.

ويا لهَا من سَعَادة أن تستجيب لشيطان رغباتك، وتقترن بفتاة في عمر بناتك، وتخلِّف منها وأنت في هذا السن، راميا خلف ظهرك بعمر قضيته مع زوجك أمّ عيالك، تلك التي رافقتك في السرّاء والضّراء، وصبرت عليك واحتملت من طبعك السيء الكثير، وسهرت على راحتك وراحة أبنائك، ولم تبقَ فلسا واحدا في جيبها، حين احتجت للمال.

وها أنت تعود لها مخذول النفس مكسور الخاطر، تسألها وجبات الصباح والمساء، إذ لا طاقة لك على أن تطلبها من المطاعم، فلا تبخل عليك بشيء، رغم ما يرتسم على وجهها من الضيق، ويلوح على سُحنات بناتك، ويخرج من أفواههن. والحقُّ أنك كثيرا ما اختلست النظر إليهنّ، فرأيتهنَ يكدن يبكين حسرة وأسفا عليك، أنت الذي دفعت بك شهوة بعيدة الغور لأن تسقط في حفرة لا أمل في الخروج منها بعد الآن.


د. مي السادة.. أستاذ مساعد.. قسم اللغة العربية والدراسات الإسلامية.. جامعة البحرين.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى