نحن شعوب ثرثارة نتكلم أكثر مما نعمل . . نتحدث بشكل فائض " زائد " في أوقات لا تستدعي كل هذا الفيضان ، ونصمت في أماكن ينبغي فيها أن نعبر عن أعماقنا ومايعتري مشاعرنا و هواجسنا ، الأمر متناقض هنا جداً نبتسم للوجوه الجميلة المغرية نذهب للتصوير معها دون التمعن في العمق ولو كانت تحمل الخراب بينما كثيراً ما تُستصغَرُ النفوس الحكيمة والعقول الرجيحة ، ربما لأنها غالباً ما تكون ذات مظهر معتدل بعيد عن التزيين والتزييف !! لأنها لا تستمد قيمتها من الإكسسوار والإطار الظاهري !! نزينُ ذواتنا بشكل مبالغ لإرضاء الآخرين بشكل كبير ، رغبة حثيثة ليتقبلنا المحيط دون أن نتقبل أنفسنا أولاً !! أمر يدعو للغرابة التامة ، أن نجتهدَ في قمع أرواحنا دون إتاحة فسحة لها " للنمو " بينما نسعى لإرضاء الآخرين بشكل شاسع " جهد فائض " ليس في محله !! في الوقت الذي ينبغي أن يتوجه الإنسان إلى إرضاء ذاته وربه ، تراهُ يبتعد كلياً عن ذلك !! قريباً من إرضاء الناس والمثل الشائع يقول : " إرضاء الناس غاية لا تدرك " الأزياء المتنوعة يُفسحُ لها فضاء رحب من القبول الذاتي حتى لو لم تكن متمكنة !! كثيراً ما نجد هذا يتكرر في مجالات الحياة وفي "الإعلام" خاصة ، ثمة قنوات تعتمد على توظيف الأجساد الجميلة للفت الإنتباه و زيادة رفع نسبة المشاهدات !! المجتمع يفتح ذراعيه "للمظاهر " أكثر بينما توصد الأبواب أمام الكفاءات ذات مظهر بسيط و المعتدل ، نلحظ أنَّ عصرنا يتجه إلى اللاطبيعية يهوى تداول الورود الالكترونية بدل الطبيعية في " العالم الافتراضي " بينما في الحقيقة والواقع يتنافرون يجدون صعوبة في التعبير ، أوقاتهم الثمينة تلك تكون لوسائل التواصل الاجتماعي // المظهر // لا أنفي دور ذلك بل غاية الأهمية لكن مجتمعاتنا وصلت مرحلة مابعد المبالغة والتضارب الأخلاقي والفكري والعاطفي الذي ضاع مابين الحقيقي والمصطنع دائما الحقيقة أجمل والصدق أثمن فلنمنح ذواتنا والآخرين فرصة للتجدد والانطلاق من قشرة المعتاد الروتيني وتمزيقها عوض العيش في دائرة ضيقة بؤرة مغيبة عن الوعي تنهش ذاتها وتكتسب المزيد من الأمراض النفسية والعقلية والجسدية من خلال الكبت النفسي الناشئ عن عدم البوح بما يشعرون به في الصميم والعمق ، ما يعبرُ عنهم بصدق كمتطلبات وإحتياجات ، نجد أنَّ السائد عدم تقبل الآباء لأبنائهم ، على أنهم كائنات لها غرائزها مطامحها ، تدفقها و توقفها ، بل فرض رؤيتهم بالإكراه ولو تطلب الأمر ، قص الأجنحة منذ الطفولة المبكرة من خلال عدم التعبير وكلمة : اصمت!!!! تجدهم يبالغون في القسوة والترهيب حتى يجد الشاب والفتاة أنفسهم في دوامة !! لا معلومات ولا ثقافة عن حياتهم المقبلة الجنسية و الزوجية ، يلجون تلك الحياة دون انسجام !! يولد ذلك التنافر والتضاد لأنَّ لا طرق إبداعية لديهم لإثراء تلك العلاقة وجعلها قمة في التميز لم يتعلموا كيف يكونوا رائدين مفكرين ، فلقد قُمعوا كثيراً للحد الذي مات فيهم " الكثير " عدم التعبير في الوقت الذي كان ينبغي التحدث فيه مع الأبناء كان يعمد الآباء إلى قمع ذاك التدفق البريء " استرسال الطفل " ، فمن خلال الحوار " الإستماع " يكمن أمر بالغ الأهمية والخطورة !! إنَّ كبت ذلك التدفق " الطاقة " من خلال الأهل في الصغر لا يورث الطفل سوى الإنطواء والإنزواء ، عين الحقيقة هو لم يتلقَ أذناً صاغية و سعة تقبلية لوعيه في تلك المرحلة فيبدأ بالتخفي وراء أقنعة كثيرة حتى يغدو بارعاً في ذلك !! يصل الآباء إلى مراحل أنهم لا يعرفون أبناءهم ماذا ربوا ؟!! وماذا جنوا من تلك التربية ؟!! سوى ثماراً فجة هم لم يتعمدوها ولم يرغبوها !! إنَّ التمني الأكبر كان أن يفلحوا في إنتاج ثمرات كانت في مخيلتهم عكس ما اصطدموا به في الواقع !!! ففي الوقت الذي كان يجب أن يتحدثوا فيه إليهم كانوا يصمتون ويقمعون التدفق الذي لو أنصتوا إليه لإكتشفوا المزيد المزيد من النقاط التي تؤثر بهم ومن خلال ذلك الإنصات لكانوا على إطلاع بما يجري . . لم يكن الطفل ليتحول بمرور الزمن إلى كتلة من الأسرار لغز عصي التفسير على أهله الذين كانت أمامهم الفرصة الأجمل للبقاء على تواصلٍ معهم !! قمع ذاك الصوت !! بينما جرت ثرثرات كثيرة وملية حول إقتناء الأغراض !! وقت مهدور في مشاهدة البرامج التلفزية وما إلى ذلك من إنفاق الوقت والجهد في غير محله " الثرثرة " الفارغة على حساب " الأهم " الصمت عند الأهم كارثة !! هذا كان مثالاً على الصمت في غير محله و الثرثرة الزائدة التي تستنزف الجهد والوقت ، علينا أن نقيس ذلك على كل أمورنا الحياتية أن نكون حقيقيين أقرب إلى ذواتنا حياديين مع المحيط نحب الجميع و أنفسنا نشعر بالروعة والاكتمال في ظل الله سبحانه وتعالى وإحترام ذواتنا أولاً " الإنسان "*
الكاتبة الروائية
أمل شيخموس
الكاتبة الروائية
أمل شيخموس