أحمد رابع أبو فراس - عمليات التجميل وأثرها علي النظام الجنائي

مقدمة
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد عليه افضل الصلاة و اتم التسليم اما بعد..
ان الله تعالى خلق الانسان في احسن تقويم فجعله في احسن صورة و اودع فيه غريزة حب التزين والتجمل. فأصبح دأبه ومع تقدم العلم في كافة المجالات و المجال الطبي الجراحي حيث اصبحت الجراحة التجملية اهم فروع الجراحة الطبية وتعددت دوافع الانسان للعمليات التجميلة ومن اهم تلك الدوافع الدافع الاجرامي لتضليل السلطات الرسمية او انتحال شخصية وهمية و يعد ذلك مخالفة للانطمة الجنائية في العالم.

* تاريخ العمليات التجملية.
يرجع تاريخ العمليات التجملية إلى الهند القديمة منذ أكثر من 2600 سنة مارس الهنود العمليات التجملية البسيطة مثل ترقيع الجلد وإصلاح الانف وإصلاح التشوهات التى تحدث نتيجة للحروق او الامراض وفي القرن السابع عشر حدث تطور في العمليات التجميلية وفي الحرب العالمة الاولى تم انشاء قسم خاص لجراحات التجميل لحالات التشوه الناتجة عن الاصابات في المعارك.
وحديثا اسهمت بعض المستجدات في هذا التطور كإستخدام الميكروسكوب واشعة الليز وتقدم الطب الجراحي تقدم غير مسبوق واصبحت العمليات التجميلية تحدث تغيرات جوهرية في الملامح الاساسية للانسان ومن هذه العمليات عملية إخفاء اثار الشيخوخة او التنكر و نحت الجسم ومع هذا التقدم المذهل زاد الاقبال علي العمليات التجميلية

*إحصاء عملية التجميل في العالم
ارتفعت عدد العمليات بشكل مخيف في العالم فحسب تقرير الجمعية الدولية لجراحة التجميل فقد ارتفع عدد عمليات التجميل في العالم حوالي 11.36مليون عملية جراحية تجميلية في العام 2019 والبرازيل هي الدولة المتصدرة لقائمة الدول الاكثر عددا من العمليات التجميلية وتليها الولايات المتحدة والمكسيك تشير نفس الدراسة إلي تزايد العدد في الوطن العربي وتأتي السعودية في مقدمة الدول العربية من حيث الاقبال حسب إحصائية لوزارة الصحة السعودية في مايو 2019 وفي اخر تقرير للجمعية السعودية لجراحة التجميل ان الاقبال علي عمليات التجميل في المملكة زاد بنسة 40% عن العام السابق
بين الفئات العمرية 28_37 واكثر العمليات طلبا هي شد الوجه وشفط الدهون وتجميل الانف نحت الجسم وإخفاء اثار تقدم السن بإستخدام الليزر حقن البوتكس والفلير وحشوات السلكون وان المجتمع السعودي اصبح مهوس بعمليات التجميل في العام 2020 تشير التقاير ان اكثر من الفين عملية تجميل تجري يوميا في المملكة والغالبية منها تكون بدواعي عبثية وفي احصائية لمركز يورمونيتور انترناشول ان 58 % من الرجال السعوديين يفكرون في إجراء عمليات تجميل متنوعة من الليزر و زراعة الشعر وترميم الانف وشد الوجه بحقن البوتكس وقد خضع بالفعل 48 % من الرجال الذين شملتهم الدراسة

*ماهية عمليات التجميل.
عملية التجميل هي فرع من فروع الطب الجراحي ويقصد بها ذلك النوع من الجراحة الذي لا يقصد به شفاء علة من العلل وانما إصلاح عيب خلقي او مكتسب قد يؤثر علي صحة الانسان النفسية والاجتماعية ويمكن تعريفها بأنها عمليات جراحية طبية تستهدف إدخال تعديلات و تغييرات علي الجسم البشري بهدف تحسينه وفقا لمعاييرالحسن والجمال

*مشروعية العمليات الجراحية في الفقه والقانون
اولا :. في الشريعة الاسلامية
الشريعة الاسلامية كمصدر تشريعي صالح لكل زمان ومكان وبما انها مرجعية اغلب الدول العربية وبالاخص المملكة العربية السعودية فقد تناول فقهاء الشريعة الاسلامية عمليات التجميل وقاموا بتكييفها وفقا للشرع الحكيم وقد اعتمدو علي القواعد الفقهية والعلل و دوافع هذه العمليات فقد اجازو عمليات التجميل التقويمية والتي يهدف منها إزالة تشوهات الوجه وزراعة الاسنان وإصلاح الاصابع الملتصق واعادة العضو المقطوع بحادث وحرموا عمليات التجميل التي تكون لرغبة في زيادة الحسن والجمال في الوجه وإخفاء اثار الشيخوخة والتنكر واخفاء الشخصية الاصلية.
ثانيا:. في القانون
اغلب القوانين العقابية في العالم تحظر المساس بجسم الانسان إلا ان العمليات الجراحية قد ابيحت إستثناء من القاعدة العامة وذلك وفقا لشروط معينة تنظمها قوانين تنظيم المهن الطبية حيث يقوم الطبيب الجراح بالتدخل الجراحي متبعا القواعد والاصول العلمية.
* الموقف القانوني للدول الاجنبية

هناك تباين بين القوانين العقابية الأوربية والامريكية ففي الولايات المتحدة يجوز التدخل الجراحي مع التشدد في الضوابط والمعايير مثل إخضاء المريض لفحص طبي ملائم وحديثا حذرت إدارة الاغذية والادوية الامريكية ان عمليات التجميل في الصدر تسبب مخاطر صحية وبالاخص حشوة السيلكون وسوف يتم وضع قيود عليها فرنسا تبيح العمليات الجراحية بشكل مطلق اما بريطانيا تحظر تلك العمليات علي من هم دون الثامنة عشر تجرم العمليات الجراحية المخالفة للنظام الجنائي مثل عمليات التجميل التي يكون الغرض منها للتنكر لاغراض إجرامية وتحظر الاعلانات الخاص بعمليات التجميل اما بلجيكا فالمبدأ جواز جراحة التجميل ولكن هذا الجواز محكوم بقيدين وهما ان لا تمنع من اداء واجب اجتماعي مثل المرأة الحامل لا يجوز له إجراء عملية تجملية علي الثدي وهناك بعض الدول تشترط علي مواطينها مقابلة اخصائي نفسي لمعرفة دواعي تلك العملية.
اما القوانين في الدول العربية لم تكن مواكبة لمستجدات عمليات التجميل الحديثة معظم القوانين تتحدث عن تنظيم المهن الطبية دون تناول موضوعات العمليات الجراحية وهذا الفراغ القانوني جعل الاقبال علي العمليات التجميلية فيها تحتاج إلي ضوابط موضوعية وفي النظام القانوني السعودي ليس هناك تنظم خاص بجراحات التجميل الامر الذي يوجب وفقا للمعايير العامةالرجوع إلي الشريعة الاسلامية لانها واجبة الاعمال عند تعذر النصوص النظامية لذلك تكون المرجعية هي الشريعة الاسلامية

*ضوابط عمليات التجميل.
نظرا لخطورة التدخل الجراحي من الطبيب فإن القوانين المنظمة للمهن الطبية قيدت التدخل الجراحي ووضعت له ضوابط معية.
_ان يكون التدخل الجراحي له مصلحة معتبرة للشخص كإصلاح عيب او اعادة الخلقة إلى اصلها
_ان لا يترتب علي التدخل الجراحي ضرر يربو علي المصلحة المرتجاة
_ان يقوم بالعمل طبيب مختص مؤهل لديه رخصة من وزارة الصحة
_ان يكون العمل الجراحي بموافقة المريض وقد تناولت المادة 19 من نظام مزاولة المهنة الطبية السعودي هذا الضابط
_يجب علي الطبيب تبصير المريض بالاخطار والمضاعفات المتوقعة من الجراحة حسب المادة 18 من النظام السعودي الطبي
هذه الضوابط تتحدث ان الجراحة بشكل عام ولم يخصص النظام ضوابط منفصل لعمليات التجميل فيجب علي الجهات المختص إفراد مساحة لعمليات التجميل ووضع ضوابط صارمة لها وإعادة صياغة النظام الجنائي والامني حتى تواكب المستجدات في عالم التجميل الذي اصبح احد عوامل اخفاء الادلة الجنائية

* دواعي عمليات التجميل.
_الدواعي الصحية :. وهي ان تكون العملية التجميلية نتيجة لمعاناة جسمانية يعاني منها المريض مثل ترميم حروق الوجه
_الدواعي النفسية :. بسبب التأثيرات النفسية والاجتماعية التي يعيشها المريض
_الدواعي الجمالية :. وهنا تكون العملية بهدف الحصول مظهر جميل وجذاب
_الدواعي الاجرامية :. وهي اخطر دافع لعمليات التجميل حيث يكون الشخص بإجراء العملية الجراحية بهدف تضليل السلطات او الاحتيال والافلات من العقاب لذلك يجب علي الدول تشريع قوانين تنظم عمليات التجميل لتفادي الوقوع في إشكاليات قانونية.

*الاثار القانونية لعمليات التجميل.
ان عمليات التجميل الغير منظمة من الدولة تؤثر علي الامن الجنائي حيث يتم استغلالها في ارتكاب الجرائم وبالاخص عملية تغير ملامح الوجه ونحت الجسم فهذه العمليات قد تحول دون معرفة الجاني في جريمة انتحال شخصية الغير و الجرائم العابرة للحدود لانها واحدة من الاشياء التي يستخدمها المجرمين لتزوير جوازات سفرهم مثال لذلك المجرم البرازيلي كارلوس لويس دا روشا الذي قام بإجراء عمليات تجميل واستطاع تغير اسمه وهويته بموجب عملية التجميلة التي أجراها علي الوجه ولم تستطيع السلطات البرازيلية القبض عليه إلا بعد زمن طويل وفي كوريا الجنوبية فشلت سلطات المطار التعرف ثلاثة نسوة قمن بإجراء عمليات تجميل فبعد مطابقة جوازات السفر مع وجوههن تبين وجود اختلاف كبير بين الملامح وتقاسيم الوجه فقامت السلطات بمنعهن من صعود الطائرة حتى تأكدت من هوياتهن وبعد هذه الحادثة لجأت عيادات التجميل في كوريا الجنوبية إلى اصدارشهادة خاصة تساعد الخاضعين لعمليات التجميل علي إقناع موظفي المطار.
ومن ابرز عمليات التجميل التي قد تؤثر علي الامن الجنائي هي عملية تغيير السمات الاساسية للوجه بحقن البوتكس والفلير و عملية استنساخ الوجه وترميم الانف حيث تقوم هذه العمليات بطمس الهوية الشخصية و تضع ملامح جديدة تختلف عن ملامح الشخص في بطاقة الهوية او جواز السفر وتخلق شخصية تنكرية لا وجود لها في السجلات الرسمية
وعملية استنساخ الوجه هي استنساخ لملامح المشاهر والنجوم تكون للفتيات اللواتي يحاولن التشبه بالفنانات وهذا النوع يفقد من يجريها خصوصية الشكل وسماته الشخصية وهذا يتطلب تحديث بيابات الهوية وبالاخص الصورة الشخصية.
*التوصيات.
_إضافة مادة لنظام الاحوال المدنية السعودي تلزم الأشخاص الذين يقومون بعمليات تجميل تغير تقاسيم الوجه بتحديث بياناتهم لدى وزارة الداخلية في فترة اقصاها شهرمن تاريخ العملية وإلا يعتبر مرتكبا لجريمة انتحال شخصية الغير
_إضافة مادة لنظام الجنسية السعودية ولائحته التنفيذية عن ضرورة التأكد من الاجنبي الذي يتقدم بطلب للحصول علي الجنسية السعودية انه لم يقوم بعمل عملية تجميل غيرت ملامحه قبل تقديم الطلب وان وجدت تلك العملية يجب تقديم وثائق عنها وصورة شخصية له قبل العملية
_إضافة نص لنظام مزاولة المهن الصحية يحوي إلتزام الممارس الصحي الذي يقوم بإجراء العمليات الجراحية بعمل قاعدة بيانات تحتوي علي البيانات والصور للاشخاص قبل العملية
_ تقوم وزارة الداخلية بالتنسيق مع وزارة الصحة بتصنيف العمليات التجميلية التي تطمس الشخصية ولا يتم إجراءها إلا بعد إعلام وزارة الداخلية.
_ تجريم العمليات التجملية التي تغير ملاح الوجه والسمات الاساسية ووضع ضوابط صارمة للمراكز الصحية
_ انشاء هئية رقابية مشتركة تضم وزارة الصحة والداخلية والعدل لمتابعة مراكز التجميل ووصع ضوابط دورية لها تواكب تطور عمليات التجميل

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى