الصورةُ الشعريةُ انبناءٌ فنيٌّ يؤَسٍّسُ له عبرَ أدائيةِ التمثيلِ الشعريِّ؛ لتتجلَّى الغايةُ الأولى للشِّعْرِ كجنسٍ أدبيٍّ ذي خصوصيةٍ ترتكزُ على الجمالِ الفنيِّ، الذي يتخذُ من إبداعيةِ الذاتِ مسرحَاً تهيمنُ عليه الصورةُ، التي من خلالها، وصنوفِ تَشَكُّلِهَا، تتجلَّى الذاتُ المبدعةُ كِيانًا حاضرًا في العمل الأدبيِّ، وهي مُنْسَحِقًةٌ تحتً سُلْطةِ الرؤيةِ/ الرؤيا الإدراكيةِ التي يتحققُ وجودُ الذاتِ من خلالها.
لما كانَ النصُّ الشعريُّ ذاتًأ تَشَكَلَتْ عبرَ تَمَثُّلاتِها اللغويةِ وفقَ رؤيتها الإبداعيةِ، حُقَّ لنا مساءلةُ تلكَ الذاتِ عبرَ تمثلُّاتِها وبنائِها النصيِّ، إذ يقترحُ علينا العملُ الأدبيُّ أبوابًا نلجُ من خلالها إلى دهاليزِ النصِّ؛ لنسبرَ غورَه، فتتكشفُ أمامنا مكنونات الذاتِ المبدعةِ بموضوعها النصيِّ وسياقاتِها المختلفةِ، ولعلَ بابًا من هذه الأبوابِ يعرضُ نفسَه للناقدِ ليلجَ من خلاله إلى مكامنِ العملِ الفنيِّ. فالصورةُ الشعريةُ ببهائها وجلالِها ومركزيتها في العمل الأدبيِّ، والتي تعدُّ -ولا غرو في ذلك- كيانًا حقيقيًّا لماهيةِ الإبداعِ، ولاسِيَّمَا إذ توفَّرتْ في الصورةِ الشعريةِ خصوصيةٌ فنيةٌ تتمايزُ بها عن سائرِ الصورِ، ومن أبرز هذه الخصوصيات على الإطلاقِ.. خصيصةُ الدهشةِ التي تنبني -وفي الأساس- على عنصر المفارقة الذي يبرز في النص من خلال ابتكارية الصورةِ وخلقِها خلقاً جديدًا ينمُّ عنْ قدرةِ الذاتِ المبدعةِ على عمليةِ الخلق الإبداعي التي تسمو به الذات الشاعرةُ عمن سواها من الذوات المبدعة.
في نصِّ "لمْ تَفْهَمِي" للشاعر المبدع/ أسامة الخولي، تتجلى الصورةُ الشعريةُ، وهي تحمل في جوهرها خصوصيةً تتمايزُ بها، إذ تتصدرُ الصورةُ الشعريةُ المشهَدَ النصيَّ في قصيدةِ " لمْ تفهَمِي"؛ لأنها العنصرُ الأبرزُ في هذا المشهدِ الذي يترجم لنا حقيقةَ الدهشةِ الشعريةِ والمفارقةَ التركيبية عبرَ أسلوبيةِ الانزياحِ الفنيِّ، والتي ينماز بها الشاعر "أسامة الخولي" في هذا النصِّ الذي تفتح فيه الصورةُ الشعريةُ نوافذَها على العالمِ، لنراه برؤية الشاعر، فالنص بفضاءاته التي تتعانق وتتعالق مع العالم وتتَّحِدُ به تبدي لنا حقيقةَ الذاتِ من خلالِ رؤية المشهدِ الكلي للنص، والذي انبنى في أفق الصورة الشعريةِ متجليا في بردة الخيال الشعريِّ.
فالنصّ الذي ابتدرَه الشاعرُ/ أسامة الخولي بنفيٍّ عبر"لم" النافية الجازمةِ التي تجزمُ الفعلَ المضارعَ لفظًا فيتغير ظاهره، ولم تكتفي "لم" بذلك بل تنفي تحقق المعنى "الفهم" وتجرد منه الذاتَ المخاطبةَ، فالفعل الذي قامت به " لم" يمتدُّ أثرُه إلى الذات المقنَّعةِ بـ "ياءٍ" الخطابِ، "أبدًا" تأكيدٌ للنفيَّ لتتعرَّى الذاتُ المخاطبةُ من المعنى -تمامًا-، " جنونَ مشاعري" تعبر الذات عن مدى اتساعِ رؤيتِهَا ومشاعرها، هذا "الجنون" الذي لم تستطعْ الذاتُ المخاطبةُ استيعابَه واحتواءَه، بل يمتد انتفاءُ الفعلِ ليشمل انتفاءاتٍ أخرى ذات صلةٍ باتساع الرؤية وجنون المشاعر، ومن هذه المعاني التي انتفت عن الذات-أيضًا- [ نقاء أغنيتي- نبل لساني- التاريخ- وجه قصيدتي -وحقيقة المعنى- الخ]، وكأن الفعلَ "تفهمي" والواقع تحت تأثير "لم النافية" يمتدُّ حتى نهايةِ النصِّ، وهذا يعني حضور فعلي للذات المخاطبة التي أخفاها الشاعر في "ياء المخاطبة" التي اتصلت بالفعل "تفهمي" الذي تكرر بصيغة النفيِّ خمسُ مراتٍ، والذات المخاطبة بعدم الفهم تظل مستترةً طوالَ النصِّ خلف قناع "الياء" ولم يبدي الشاعر أيَّةَ علامةٍ ليدل بها على تلك الذاتِ، وكأنَّ تلك العلاقة المتسامية بين الذات المقنَّعةِ والشاعرِ، تفرض عليه ألّا يبوحَ بسر تلك الذاتِ، ولم يردْ الشاعر لها انكشافًا لقداستِها، ولكنها ذاتٌ أنثويةٌ تحتمل معانيَ ودلالاتٍ كثيرةً متعددةً، فربما تكون تلك الذات أنثى على وجه التحقيق، وربما تكون الوطن، وربما تكون الحياة، وربما القصيدة، أو اللغة، دلالات متعددة لا حصر لها، ومن وجهة نظر نقدية أقول: أن الكشف عن حقيقة هذه الذات يعري النص، ويخلع عنه عباءة الجلال الفني، فغياب تلك الذات هو حضور فعلي للإبداع كتيمةٍ يتمايز بها هذا النص الشعري الباذخ للشاعر/ أسامة الخولي، والذي من خلال تعمده ألّا يكشف عن تلك الذات التي ظلت قابعةً في "ياء الخطاب" جعل المتلقي يطرح على النصَّ أسئلةً متعددةً ومن خلالها ينجبر المتلقي على دخول النص مجبرا؛ ليمتلك الإجابة على هذه التساؤلات التي ربما تتكشف من خلالها حقيقة تلك الذاتِ الغائبة بشخصها، ولكنها حاضرة بفعل الخطاب، يقول الشاعر:
لمْ تفهمي أبدًا جنونَ مشاعري
ونقاءَ أُغنيتي ،
ونُبْلَ لساني
لمْ تفهمي التاريخَ ،
وجهَ قصيدتي
وحقيقةَ المعنى الذي أدماني
لمْ تفهمي
كُنْهَ الحكايةِ مُطلقًا
والفرقَ بينَ المُشتَهَى والآنِي"
بعد انتفاءاتٍ متتابعةٍ وخطابِ يجمع بين الشاعر وأنثاه، تتجلى الصورةُ الشعريةُ متوزِّعَةً بين عالمين أو كونين: [المشْتَهَى – الآنِي]، بين عالم يشتهيه الشاعرُ وعالمٍ آنيِّ لا يرتضيه، وهذا ما لا تَتَفَهَّمُه الذات الأخرى، والتي يُحْتَمَلُ أنْ تكون " القصيدة، الشعر، اللغة، الوطن، الحياة"، فالشاعر من خلال ادعاء نبوته/ تفرده الشعري، يرسمُ لنا صورةَ عالمه المشتهى وكونه الآخر الذي يحلم به فيقول:
لمْ تفهمي أنِّي نبيٌّ تائهٌ
أحتاجُ كونًا آخَرًا
لأراني
في جوفهِ ألفٌ منَ الأشياءِ تصرعُ نفسَهَا ،
وهواجسٌ ، وأغانِ
وملائكٌ تسعى على أطرافِها ،
ومعابدٌ وثنيِّةُ الجدرانِ
وأيائلٌ جَفَلَتْ ،
وصمتٌ موحشٌ،
وهزائمٌ رُفِعَتْ على الصُّلبانِ"
النَّبِيُّ التائه يرسم لنا صورة عالمه المشتهى محتاجًا إليه، ليتحققَ وجوده الذاتي/ الشعري، في هذا العالم المرتجَى، وافتراض النبوة وادعائها يستدعي بالضرورة ملائكةً "تسعى على أطرافها"، وربما تكون ملائكة الشاعر هي حروف اللغة التي يصيغ منها تجربته ورؤيته صياغة شعريةَ، إذ لكل نبيٍّ/ شاعر ملائكةٌ/ حروف يبني بها رسالته/ نصه الشعري، ليحارب "الهواجس بالأغاني"، فعالمه الذي يرتجيه يستلزم صراعا بين الحق/ الأغاني/ الشعر وبين الهواجس/ الشيطان/ المعوقات التي تحول بينه وبين تحقيق حلمه الذاتي، لينفذ عبر جدران الوثنية الذي يحول بينه وبين الذات المخاطبة، فيشتت الصمتّ الموحشَ بحروف القصيدة وهو يشكل بناء عالمه المشتهى، ناصبا صلبانه التي ترفع عليها هزائمه ويتحرر منها إلى الأبد، ويتجلى عالمه الذي يريد.
الصورة في المعزوفة الشعرية السابقةِ، رسمت لنا صورة حقيقيةً للعالم الذي يرتجيه الشاعر/ أسامة الخولي، ثم تواصل الصورة الشعرية فعاليتها في النص لتمنح القارئ تفصيلًا يشي بأمنيات الذات وغاياتها عبر هذا الخطاب الممتد بين ذات وأخرى من بداية النص حتى نهايته، ولذا تطلعنا الصورة الشعرية المدهشة التي سنحللها -آنفاً- على مبتغى الذات ورؤيتها لكونها الآخر المرتجي يقول أسامة الخولي:
"لمْ تفهمي أنِّي أُريدُكِ
هكذا
أنثى من الكبريتِ ، والنيرانِ
أحتاجُ حِضنَكِ أنْ يَدُلَّ نوارسي
ويدُسَّ في رملِ الرؤى شُطآني
أحتاجُهُ حتَّى يُعيدَ صياغتي
ولدًا
يغامرُ بالمنى ، ويُعاني
أوْ رُبَّما ربًّا تَجَلَّى داخلي
فاندَكَّ في هَوَسِ اللقاءِ كياني
أحتاجُ وجهكِ
كي أُساوِمَ وجهتي
وأَحُلَّ لغزَ العابرينَ مكاني
فعلا أُريدُكِ
غيرَ أنِّي متعبٌ
من زحمةِ الأحزانِ في أحزاني"
ابتدر الشاعرُ معزوفتَه الثانيةَ بالفعل "أريدك" ليدلَ بذلك على إخلاصه لتلك الذات التي يخاطبها، وثمة جدلية ما بين فعلين أحدهما منفي "تفهمي" تصدر المعزوفة الأولى والعنوان، والفعل "أريدك" المضارع المرفوع المتحرر من عوامل النصب والجزم، والصفة أو الفعل النحوي ليس تركيبا به ينبني النص/الجملة وحسب، بل ينسحب النحو بتقنياته وآلياته ليمنحنا معانيَ تنبثق من دلالات التركيب، فالفعل "تفهمي" الذي خضعَ لسلطةِ "الجزمِ" منقهرًا تحت سطوتِه، يمنحنا دلالةً تفك اللغز الذي كان سببًا مباشرًا في عدم الفهم، فالذات المخاطبة في النص ذاتًا ليست متحررةً فهي واقعة تحت تأثير "الهواجس" والفكر المنبعث من معابدها وجدرانها الوثنية، التي شكلت حاجزاً سبب عدم الفهم والتفاهم بين الشاعر وذاته التي يخاطبها، أما ذات الشاعر فهي متحررةٌ ودلَّ على ذلك تحرر الفعل "أريدُك" من سلطتي النفي والجزم، ومن هنا تتجلى جدلية الحوار بين ذاتين، ذات مكبَّلَة، وأخرى متحررة.
فالذات/ الشاعرُ تحلم وهي متحررةٌ بأنثى تشبه "الكبريت -النار"، ولعل استخدام الشاعر لتلك المفردة "النار" التي تدل بفعلها هلى الانصهار الكلي بعد انتفاء الخبث عن الذات، فالنار تنفي خبثَهَا، ثم تصهرُ معدنها حتى يصلَ لدرجة الذوبان فيها، وهنا يتحقق فعل الإرادة " أريدك" فالشاعر يريد أن تكون أنثاه نارًا ينصهر فيها حتى يتماهى معها؛ ليصيرا كيانا واحدا وهذا لن يتحقق إلا إذا حالت الذات المخاطبةُ نارا تنفي خبثها أولا، لتدخل الذات المتحررة فيها وتصهرها حتى يتجلى الكون الآخر المشتهى.
تكرر الذات الشاعرة أمنيَّتَها وكأنها تعزف معزوفة ترتجي بها الذاتَ المخاطبةَ؛ ليذوبَ فيها وتذوبَ فيه فيقول: "أحتاج حضنك" من فعل الإرادة العام المنبثق من الفعل المضارع "أريدك" إلى فعل آخر يدل على مدى احتياج الشاعر لأنثاه المقدسة، وكأن الشاعر ينتقل من مستوى إلى آخر، ولذا استخدم الفعل المضارع "أحتاج" المتحرر أيضًا من سلطتي النفي والجزم، ليدل بذلك على حرية الاختيار فالشاعر يسعى لحضن أنثاه، بلا قيد ولا شرط، فهو حر من كل الضواغط، ويريدها متحررة مثله، ولذا يتدرج الشاعر في استخدام أفعاله المضارعة المتحررة من ربقة الجزم، فالفعل "أحتاج" يدل على مدى تعلق الشاعر بالذات الأخرى، هذا الفعل الذي جمع في تكوينه الصوتي بين حروف الصمت والجهر وكأن الفعل يحمل في طياته الدعاء من خلال حروف الجهر، وثمة مناجاة تتجلى في حرفي "الحاء – التاء" وهما من حروف الهمس، فالذات حاضرة في الرؤية والرؤيا، في تمظهرات الخارج، ومكنونات الداخل، هذا الفعل بدلالاته يستدعي مفعولا به يساوقه في المعنى، ولذا جاءت كلمة "حضنك" لتكون مكافئةً للفعل في دلالته ومعناه، ويكون هذا الحضن دليل نوارس الذات/ الشاعر، حتى تعود تلك النوارسُ وهي تحمل راية العودة إلى المحبوبة، ولعل مفردة الحضن تستدعي بقوتها مفردة "النار" فكلاهما يدل معنى الانصهار الذي نوهت عنه وعليه سابقا- هذا الانصهار الذي يعيد تشكيل الذات ولداً " يغامر بالمنى ويعاني"
لكل صورة شعرية بؤرة تفك إشكالية الطلسم التصويري المفارق للحقيقة تمثيلا والمنتمي إلى الرؤية الذاتية فكرا وإبداعا وغاية، فكلمة "الربِّ" التي استدعاها الشاعر/ أسامة الخولي في قوله:
"أوْ رُبَّما ربًّا تَجَلَّى داخلي
فاندَكَّ في هَوَسِ اللقاءِ كياني"
كلمة "الربَّ" تحتمل دلالات متعددة، ولكنها هنا ومن خلال السياق النصي، تحتمل معنى واحدا، كالذي دلت عليه في قوله تعالى في سورة يوسف "اذكرني عند ربك" أي " الملك" كما نصت على ذلك التفاسير، ولكن استدعاء الكلمة "الملك" وهي تتوشح عباءة أخرى "أو ربما ربا" ليؤكد الشاعر أن الذات التي يخاطبها هي الوطن بكل بهائه وجلاله وقداسته، ولذا استدعى الشاعر تلك المفردة -تحديدا- ليدل بها على هيمنة الوطن على ذاته، فالذات التي يريدها الشاعر ويحتاج إلى حضنها هي الوطن المقدس/ مصر، ولذا كانت تلك المفردة "ربا" شفرة بها عرفنا سر الذات التي يخاطبها أسامة الخولي في نصه الرائع الموسوم بـ "لم تفهمي".
فالوطن على وجه التحقيق هو المستحق أن يغير الإنسان وجهتَه ويستقبل وجه الوطن كأنه قبلة يتوجه إليها ويناجيها، فالأوطان مقدسة ولذا تحتاج إلى شاعر بارع كأسامة الخولي؛ ليعبر عن بهاء الوطن وجلاله وقداسته، فكثير من الشعراء حاول أن يعبر عن حبه لوطنه، ولكن لكل شاعر بصمته الإبداعية، وأسلوبه الشعري الذي يتفرد به متمايزا على غيره. فابتكارية الصورة التي قام بتمثيلها الفني الشاعر أسامة الخولي، خلقت لنا وجها جديدا للوطن، هذا الوطن الذي تنصهر الذات فيه وتنطمر؛ لتحقق هويتها بانتمائها لهذا الوطن.
فلم يكن الوطن عند أسامة الخولي إلا كيانا مقدسا، وقد اسطاع الشاعر أن يعبر عن هذا البهاء من خلال صورته الشعرية الفريدة التي تدل فرادته الإبداعية وتمكنه من اللغة، حتى مكنته اللغة من نفسها وقالت "هيت لك".
النص
"لم تفهمي"
لمْ تفهمي أبدًا جنونَ مشاعري
ونقاءَ أُغنيتي ،
ونُبْلَ لساني
لمْ تفهمي التاريخَ ،
وجهَ قصيدتي
وحقيقةَ المعنى الذي أدماني
لمْ تفهمي
كُنْهَ الحكايةِ مُطلقًا
والفرقَ بينَ المُشتَهَى والآنِي
لمْ تفهمي أنِّي نبيٌّ تائهٌ
أحتاجُ كونًا آخَرًا
لأراني
في جوفهِ ألفٌ منَ الأشياءِ تصرعُ نفسَهَا ،
وهواجسٌ ، وأغانِ
وملائكٌ تسعى على أطرافِها ،
ومعابدٌ وثنيِّةُ الجدرانِ
وأيائلٌ جَفَلَتْ ،
وصمتٌ موحشٌ،
وهزائمٌ رُفِعَتْ على الصُّلبانِ
لمْ تفهمي أنِّي أُريدُكِ
هكذا
أنثى من الكبريتِ ، والنيرانِ
أحتاجُ حِضنَكِ أنْ يَدُلَّ نوارسي
ويدُسَّ في رملِ الرؤى شُطآني
أحتاجُهُ حتَّى يُعيدَ صياغتي
ولدًا
يغامرُ بالمنى ، ويُعاني
أوْ رُبَّما ربًّا تَجَلَّى داخلي
فاندَكَّ في هَوَسِ اللقاءِ كياني
أحتاجُ وجهكِ
كي أُساوِمَ وجهتي
وأَحُلَّ لغزَ العابرينَ مكاني
فعلا أُريدُكِ
غيرَ أنِّي متعبٌ
من زحمةِ الأحزانِ في أحزاني."
لما كانَ النصُّ الشعريُّ ذاتًأ تَشَكَلَتْ عبرَ تَمَثُّلاتِها اللغويةِ وفقَ رؤيتها الإبداعيةِ، حُقَّ لنا مساءلةُ تلكَ الذاتِ عبرَ تمثلُّاتِها وبنائِها النصيِّ، إذ يقترحُ علينا العملُ الأدبيُّ أبوابًا نلجُ من خلالها إلى دهاليزِ النصِّ؛ لنسبرَ غورَه، فتتكشفُ أمامنا مكنونات الذاتِ المبدعةِ بموضوعها النصيِّ وسياقاتِها المختلفةِ، ولعلَ بابًا من هذه الأبوابِ يعرضُ نفسَه للناقدِ ليلجَ من خلاله إلى مكامنِ العملِ الفنيِّ. فالصورةُ الشعريةُ ببهائها وجلالِها ومركزيتها في العمل الأدبيِّ، والتي تعدُّ -ولا غرو في ذلك- كيانًا حقيقيًّا لماهيةِ الإبداعِ، ولاسِيَّمَا إذ توفَّرتْ في الصورةِ الشعريةِ خصوصيةٌ فنيةٌ تتمايزُ بها عن سائرِ الصورِ، ومن أبرز هذه الخصوصيات على الإطلاقِ.. خصيصةُ الدهشةِ التي تنبني -وفي الأساس- على عنصر المفارقة الذي يبرز في النص من خلال ابتكارية الصورةِ وخلقِها خلقاً جديدًا ينمُّ عنْ قدرةِ الذاتِ المبدعةِ على عمليةِ الخلق الإبداعي التي تسمو به الذات الشاعرةُ عمن سواها من الذوات المبدعة.
في نصِّ "لمْ تَفْهَمِي" للشاعر المبدع/ أسامة الخولي، تتجلى الصورةُ الشعريةُ، وهي تحمل في جوهرها خصوصيةً تتمايزُ بها، إذ تتصدرُ الصورةُ الشعريةُ المشهَدَ النصيَّ في قصيدةِ " لمْ تفهَمِي"؛ لأنها العنصرُ الأبرزُ في هذا المشهدِ الذي يترجم لنا حقيقةَ الدهشةِ الشعريةِ والمفارقةَ التركيبية عبرَ أسلوبيةِ الانزياحِ الفنيِّ، والتي ينماز بها الشاعر "أسامة الخولي" في هذا النصِّ الذي تفتح فيه الصورةُ الشعريةُ نوافذَها على العالمِ، لنراه برؤية الشاعر، فالنص بفضاءاته التي تتعانق وتتعالق مع العالم وتتَّحِدُ به تبدي لنا حقيقةَ الذاتِ من خلالِ رؤية المشهدِ الكلي للنص، والذي انبنى في أفق الصورة الشعريةِ متجليا في بردة الخيال الشعريِّ.
فالنصّ الذي ابتدرَه الشاعرُ/ أسامة الخولي بنفيٍّ عبر"لم" النافية الجازمةِ التي تجزمُ الفعلَ المضارعَ لفظًا فيتغير ظاهره، ولم تكتفي "لم" بذلك بل تنفي تحقق المعنى "الفهم" وتجرد منه الذاتَ المخاطبةَ، فالفعل الذي قامت به " لم" يمتدُّ أثرُه إلى الذات المقنَّعةِ بـ "ياءٍ" الخطابِ، "أبدًا" تأكيدٌ للنفيَّ لتتعرَّى الذاتُ المخاطبةُ من المعنى -تمامًا-، " جنونَ مشاعري" تعبر الذات عن مدى اتساعِ رؤيتِهَا ومشاعرها، هذا "الجنون" الذي لم تستطعْ الذاتُ المخاطبةُ استيعابَه واحتواءَه، بل يمتد انتفاءُ الفعلِ ليشمل انتفاءاتٍ أخرى ذات صلةٍ باتساع الرؤية وجنون المشاعر، ومن هذه المعاني التي انتفت عن الذات-أيضًا- [ نقاء أغنيتي- نبل لساني- التاريخ- وجه قصيدتي -وحقيقة المعنى- الخ]، وكأن الفعلَ "تفهمي" والواقع تحت تأثير "لم النافية" يمتدُّ حتى نهايةِ النصِّ، وهذا يعني حضور فعلي للذات المخاطبة التي أخفاها الشاعر في "ياء المخاطبة" التي اتصلت بالفعل "تفهمي" الذي تكرر بصيغة النفيِّ خمسُ مراتٍ، والذات المخاطبة بعدم الفهم تظل مستترةً طوالَ النصِّ خلف قناع "الياء" ولم يبدي الشاعر أيَّةَ علامةٍ ليدل بها على تلك الذاتِ، وكأنَّ تلك العلاقة المتسامية بين الذات المقنَّعةِ والشاعرِ، تفرض عليه ألّا يبوحَ بسر تلك الذاتِ، ولم يردْ الشاعر لها انكشافًا لقداستِها، ولكنها ذاتٌ أنثويةٌ تحتمل معانيَ ودلالاتٍ كثيرةً متعددةً، فربما تكون تلك الذات أنثى على وجه التحقيق، وربما تكون الوطن، وربما تكون الحياة، وربما القصيدة، أو اللغة، دلالات متعددة لا حصر لها، ومن وجهة نظر نقدية أقول: أن الكشف عن حقيقة هذه الذات يعري النص، ويخلع عنه عباءة الجلال الفني، فغياب تلك الذات هو حضور فعلي للإبداع كتيمةٍ يتمايز بها هذا النص الشعري الباذخ للشاعر/ أسامة الخولي، والذي من خلال تعمده ألّا يكشف عن تلك الذات التي ظلت قابعةً في "ياء الخطاب" جعل المتلقي يطرح على النصَّ أسئلةً متعددةً ومن خلالها ينجبر المتلقي على دخول النص مجبرا؛ ليمتلك الإجابة على هذه التساؤلات التي ربما تتكشف من خلالها حقيقة تلك الذاتِ الغائبة بشخصها، ولكنها حاضرة بفعل الخطاب، يقول الشاعر:
لمْ تفهمي أبدًا جنونَ مشاعري
ونقاءَ أُغنيتي ،
ونُبْلَ لساني
لمْ تفهمي التاريخَ ،
وجهَ قصيدتي
وحقيقةَ المعنى الذي أدماني
لمْ تفهمي
كُنْهَ الحكايةِ مُطلقًا
والفرقَ بينَ المُشتَهَى والآنِي"
بعد انتفاءاتٍ متتابعةٍ وخطابِ يجمع بين الشاعر وأنثاه، تتجلى الصورةُ الشعريةُ متوزِّعَةً بين عالمين أو كونين: [المشْتَهَى – الآنِي]، بين عالم يشتهيه الشاعرُ وعالمٍ آنيِّ لا يرتضيه، وهذا ما لا تَتَفَهَّمُه الذات الأخرى، والتي يُحْتَمَلُ أنْ تكون " القصيدة، الشعر، اللغة، الوطن، الحياة"، فالشاعر من خلال ادعاء نبوته/ تفرده الشعري، يرسمُ لنا صورةَ عالمه المشتهى وكونه الآخر الذي يحلم به فيقول:
لمْ تفهمي أنِّي نبيٌّ تائهٌ
أحتاجُ كونًا آخَرًا
لأراني
في جوفهِ ألفٌ منَ الأشياءِ تصرعُ نفسَهَا ،
وهواجسٌ ، وأغانِ
وملائكٌ تسعى على أطرافِها ،
ومعابدٌ وثنيِّةُ الجدرانِ
وأيائلٌ جَفَلَتْ ،
وصمتٌ موحشٌ،
وهزائمٌ رُفِعَتْ على الصُّلبانِ"
النَّبِيُّ التائه يرسم لنا صورة عالمه المشتهى محتاجًا إليه، ليتحققَ وجوده الذاتي/ الشعري، في هذا العالم المرتجَى، وافتراض النبوة وادعائها يستدعي بالضرورة ملائكةً "تسعى على أطرافها"، وربما تكون ملائكة الشاعر هي حروف اللغة التي يصيغ منها تجربته ورؤيته صياغة شعريةَ، إذ لكل نبيٍّ/ شاعر ملائكةٌ/ حروف يبني بها رسالته/ نصه الشعري، ليحارب "الهواجس بالأغاني"، فعالمه الذي يرتجيه يستلزم صراعا بين الحق/ الأغاني/ الشعر وبين الهواجس/ الشيطان/ المعوقات التي تحول بينه وبين تحقيق حلمه الذاتي، لينفذ عبر جدران الوثنية الذي يحول بينه وبين الذات المخاطبة، فيشتت الصمتّ الموحشَ بحروف القصيدة وهو يشكل بناء عالمه المشتهى، ناصبا صلبانه التي ترفع عليها هزائمه ويتحرر منها إلى الأبد، ويتجلى عالمه الذي يريد.
الصورة في المعزوفة الشعرية السابقةِ، رسمت لنا صورة حقيقيةً للعالم الذي يرتجيه الشاعر/ أسامة الخولي، ثم تواصل الصورة الشعرية فعاليتها في النص لتمنح القارئ تفصيلًا يشي بأمنيات الذات وغاياتها عبر هذا الخطاب الممتد بين ذات وأخرى من بداية النص حتى نهايته، ولذا تطلعنا الصورة الشعرية المدهشة التي سنحللها -آنفاً- على مبتغى الذات ورؤيتها لكونها الآخر المرتجي يقول أسامة الخولي:
"لمْ تفهمي أنِّي أُريدُكِ
هكذا
أنثى من الكبريتِ ، والنيرانِ
أحتاجُ حِضنَكِ أنْ يَدُلَّ نوارسي
ويدُسَّ في رملِ الرؤى شُطآني
أحتاجُهُ حتَّى يُعيدَ صياغتي
ولدًا
يغامرُ بالمنى ، ويُعاني
أوْ رُبَّما ربًّا تَجَلَّى داخلي
فاندَكَّ في هَوَسِ اللقاءِ كياني
أحتاجُ وجهكِ
كي أُساوِمَ وجهتي
وأَحُلَّ لغزَ العابرينَ مكاني
فعلا أُريدُكِ
غيرَ أنِّي متعبٌ
من زحمةِ الأحزانِ في أحزاني"
ابتدر الشاعرُ معزوفتَه الثانيةَ بالفعل "أريدك" ليدلَ بذلك على إخلاصه لتلك الذات التي يخاطبها، وثمة جدلية ما بين فعلين أحدهما منفي "تفهمي" تصدر المعزوفة الأولى والعنوان، والفعل "أريدك" المضارع المرفوع المتحرر من عوامل النصب والجزم، والصفة أو الفعل النحوي ليس تركيبا به ينبني النص/الجملة وحسب، بل ينسحب النحو بتقنياته وآلياته ليمنحنا معانيَ تنبثق من دلالات التركيب، فالفعل "تفهمي" الذي خضعَ لسلطةِ "الجزمِ" منقهرًا تحت سطوتِه، يمنحنا دلالةً تفك اللغز الذي كان سببًا مباشرًا في عدم الفهم، فالذات المخاطبة في النص ذاتًا ليست متحررةً فهي واقعة تحت تأثير "الهواجس" والفكر المنبعث من معابدها وجدرانها الوثنية، التي شكلت حاجزاً سبب عدم الفهم والتفاهم بين الشاعر وذاته التي يخاطبها، أما ذات الشاعر فهي متحررةٌ ودلَّ على ذلك تحرر الفعل "أريدُك" من سلطتي النفي والجزم، ومن هنا تتجلى جدلية الحوار بين ذاتين، ذات مكبَّلَة، وأخرى متحررة.
فالذات/ الشاعرُ تحلم وهي متحررةٌ بأنثى تشبه "الكبريت -النار"، ولعل استخدام الشاعر لتلك المفردة "النار" التي تدل بفعلها هلى الانصهار الكلي بعد انتفاء الخبث عن الذات، فالنار تنفي خبثَهَا، ثم تصهرُ معدنها حتى يصلَ لدرجة الذوبان فيها، وهنا يتحقق فعل الإرادة " أريدك" فالشاعر يريد أن تكون أنثاه نارًا ينصهر فيها حتى يتماهى معها؛ ليصيرا كيانا واحدا وهذا لن يتحقق إلا إذا حالت الذات المخاطبةُ نارا تنفي خبثها أولا، لتدخل الذات المتحررة فيها وتصهرها حتى يتجلى الكون الآخر المشتهى.
تكرر الذات الشاعرة أمنيَّتَها وكأنها تعزف معزوفة ترتجي بها الذاتَ المخاطبةَ؛ ليذوبَ فيها وتذوبَ فيه فيقول: "أحتاج حضنك" من فعل الإرادة العام المنبثق من الفعل المضارع "أريدك" إلى فعل آخر يدل على مدى احتياج الشاعر لأنثاه المقدسة، وكأن الشاعر ينتقل من مستوى إلى آخر، ولذا استخدم الفعل المضارع "أحتاج" المتحرر أيضًا من سلطتي النفي والجزم، ليدل بذلك على حرية الاختيار فالشاعر يسعى لحضن أنثاه، بلا قيد ولا شرط، فهو حر من كل الضواغط، ويريدها متحررة مثله، ولذا يتدرج الشاعر في استخدام أفعاله المضارعة المتحررة من ربقة الجزم، فالفعل "أحتاج" يدل على مدى تعلق الشاعر بالذات الأخرى، هذا الفعل الذي جمع في تكوينه الصوتي بين حروف الصمت والجهر وكأن الفعل يحمل في طياته الدعاء من خلال حروف الجهر، وثمة مناجاة تتجلى في حرفي "الحاء – التاء" وهما من حروف الهمس، فالذات حاضرة في الرؤية والرؤيا، في تمظهرات الخارج، ومكنونات الداخل، هذا الفعل بدلالاته يستدعي مفعولا به يساوقه في المعنى، ولذا جاءت كلمة "حضنك" لتكون مكافئةً للفعل في دلالته ومعناه، ويكون هذا الحضن دليل نوارس الذات/ الشاعر، حتى تعود تلك النوارسُ وهي تحمل راية العودة إلى المحبوبة، ولعل مفردة الحضن تستدعي بقوتها مفردة "النار" فكلاهما يدل معنى الانصهار الذي نوهت عنه وعليه سابقا- هذا الانصهار الذي يعيد تشكيل الذات ولداً " يغامر بالمنى ويعاني"
لكل صورة شعرية بؤرة تفك إشكالية الطلسم التصويري المفارق للحقيقة تمثيلا والمنتمي إلى الرؤية الذاتية فكرا وإبداعا وغاية، فكلمة "الربِّ" التي استدعاها الشاعر/ أسامة الخولي في قوله:
"أوْ رُبَّما ربًّا تَجَلَّى داخلي
فاندَكَّ في هَوَسِ اللقاءِ كياني"
كلمة "الربَّ" تحتمل دلالات متعددة، ولكنها هنا ومن خلال السياق النصي، تحتمل معنى واحدا، كالذي دلت عليه في قوله تعالى في سورة يوسف "اذكرني عند ربك" أي " الملك" كما نصت على ذلك التفاسير، ولكن استدعاء الكلمة "الملك" وهي تتوشح عباءة أخرى "أو ربما ربا" ليؤكد الشاعر أن الذات التي يخاطبها هي الوطن بكل بهائه وجلاله وقداسته، ولذا استدعى الشاعر تلك المفردة -تحديدا- ليدل بها على هيمنة الوطن على ذاته، فالذات التي يريدها الشاعر ويحتاج إلى حضنها هي الوطن المقدس/ مصر، ولذا كانت تلك المفردة "ربا" شفرة بها عرفنا سر الذات التي يخاطبها أسامة الخولي في نصه الرائع الموسوم بـ "لم تفهمي".
فالوطن على وجه التحقيق هو المستحق أن يغير الإنسان وجهتَه ويستقبل وجه الوطن كأنه قبلة يتوجه إليها ويناجيها، فالأوطان مقدسة ولذا تحتاج إلى شاعر بارع كأسامة الخولي؛ ليعبر عن بهاء الوطن وجلاله وقداسته، فكثير من الشعراء حاول أن يعبر عن حبه لوطنه، ولكن لكل شاعر بصمته الإبداعية، وأسلوبه الشعري الذي يتفرد به متمايزا على غيره. فابتكارية الصورة التي قام بتمثيلها الفني الشاعر أسامة الخولي، خلقت لنا وجها جديدا للوطن، هذا الوطن الذي تنصهر الذات فيه وتنطمر؛ لتحقق هويتها بانتمائها لهذا الوطن.
فلم يكن الوطن عند أسامة الخولي إلا كيانا مقدسا، وقد اسطاع الشاعر أن يعبر عن هذا البهاء من خلال صورته الشعرية الفريدة التي تدل فرادته الإبداعية وتمكنه من اللغة، حتى مكنته اللغة من نفسها وقالت "هيت لك".
النص
"لم تفهمي"
لمْ تفهمي أبدًا جنونَ مشاعري
ونقاءَ أُغنيتي ،
ونُبْلَ لساني
لمْ تفهمي التاريخَ ،
وجهَ قصيدتي
وحقيقةَ المعنى الذي أدماني
لمْ تفهمي
كُنْهَ الحكايةِ مُطلقًا
والفرقَ بينَ المُشتَهَى والآنِي
لمْ تفهمي أنِّي نبيٌّ تائهٌ
أحتاجُ كونًا آخَرًا
لأراني
في جوفهِ ألفٌ منَ الأشياءِ تصرعُ نفسَهَا ،
وهواجسٌ ، وأغانِ
وملائكٌ تسعى على أطرافِها ،
ومعابدٌ وثنيِّةُ الجدرانِ
وأيائلٌ جَفَلَتْ ،
وصمتٌ موحشٌ،
وهزائمٌ رُفِعَتْ على الصُّلبانِ
لمْ تفهمي أنِّي أُريدُكِ
هكذا
أنثى من الكبريتِ ، والنيرانِ
أحتاجُ حِضنَكِ أنْ يَدُلَّ نوارسي
ويدُسَّ في رملِ الرؤى شُطآني
أحتاجُهُ حتَّى يُعيدَ صياغتي
ولدًا
يغامرُ بالمنى ، ويُعاني
أوْ رُبَّما ربًّا تَجَلَّى داخلي
فاندَكَّ في هَوَسِ اللقاءِ كياني
أحتاجُ وجهكِ
كي أُساوِمَ وجهتي
وأَحُلَّ لغزَ العابرينَ مكاني
فعلا أُريدُكِ
غيرَ أنِّي متعبٌ
من زحمةِ الأحزانِ في أحزاني."