كانت محكمة النقض قد قضت في الطعن رقم 5061 لسنة 79 ق بجلسة 22/11/2010 بأن المحاكم الاقتصادية تختص بالجريمة الاقتصادية والجريمة العادية المرتبطة بها حتى لو كانت الجريمة العادية عقوبتها أشد، وذلك فيما قضت به في هذا الطعن من أنه: "إذا قدمت للمحاكم العادية جريمة من الجرائم الواردة في المادة الرابعة من قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية آنف الذكر فيجب عليها أن تقرر بعدم اختصاصها بنظرها، ولا يغير من ذلك أن تكون تلك الجريمة ارتبطت بها جريمة ذات عقوبة أشد تدخل في اختصاصها".
ولكنها عدلت عن هذا القضاء وقضت باختصاص المحاكم العادية بالجريمة الاقتصادية المرتبطة بالجريمة العادية متى كانت الجريمة العادية عقوبتها أشد، وذلك في الطعن رقم 84 لسنة 89 ق - السابق ذكره - الذي قالت فيه: "وحيث إنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة - محكمة النقض - أن القواعد المتعلقة بالاختصاص في المسائل الجنائية كلها من النظام العام بالنظر إلى أن الشارع في تقديره لها قد أقام ذلك على اعتبارات عامة تتعلق بحسن سير العدالة، لما كان ذلك، وكانت يبين من الأوراق أن الجرائم التي أسندتها النيابة العامة إلى الطاعنين قوامها فعل مادى واحد هو إدخال البضائع المستوردة أو المهربة داخل البلاد مما تتحقق به حالة التعدد المعنوي الذي يوجب تطبيق الفقرة الأولى من المادة ٣٢ من قانون العقوبات ومعاقبة الطاعنين بالجريمة الأشد، وهي جريمة التهريب الجمركي بقصد الإتجار، وكانت تلك الجريمة تختص بنظرها المحاكم العادية، ومن ثم فإن الاختصاص بمحاكمة الطاعنين ينعقد للقضاء الجنائي العادي وهو الأمر الذي يتفق مع قواعد التفسير الصحيح للقانون والتي تستوجب بحكم اللزوم العقلي أن تتبع الجريمة ذات العقوبة الأخف الجريمة ذات الجريمة الأشد المرتبطة بها في التحقيق والإحالة والمحاكمة وتدور في فلكها، بموجب الأثر القانوني للارتباط بحسبان أن عقوبة الجريمة الأشد هي الواجبة التطبيق على الجريمتين وفقا للمادة ۳۲ من قانون العقوبات، ويؤيد هذا أيضا، ما نصت عليه المادة ٢١٤ من قانون الإجراءات الجنائية في فقرتها الأخيرة، من أنه في أحوال الارتباط التي يجب فيها رفع الدعوى عن جميع الجرائم أمام محكمة واحدة إذا كانت بعض الجرائم من اختصاص المحاكم العادية وبعضها من اختصاص محاكم خاصة، يكون رفع الدعوى بجميع الجرائم أمام المحاكم العادية ما لم ينص القانون على غير ذلك، وإذ كان قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية الصادر بالقانون رقم ۱۲۰ لسنة ۲۰۰۸ بإحالة بعض الجرائم إلى المحاكم الاقتصادية، قد خلا كما خلا أي تشريع آخر من النص على انفراد المحاكم الاقتصادية بالفصل وحدها دون غيرها في الجرائم المرتبطة بتلك التي تختص هي بنظرها، ومن ثم كان على محكمة ثاني درجة ألا تقضى بتأييد الحكمين المستأنفين فيما قضيا به في موضوع الدعوى، بل تقضي بإلغائهما وبعدم اختصاص محكمة الجنح الاقتصادية بنظر الدعوى إعمالا لصحيح القانون، أما وهي لم تفعل فإنها تكون قد أخطأت في تطبيق القانون".
ومن ثم فإذا كانت الجريمة الاقتصادية عقوبتها أشد من الجريمة العادية المرتبطة بها، فتختص المحكمة الاقتصادية بنظرهما معا بسبب هذا الارتباط، والعكس صحيح.
وهو ما أكدته في الطعن رقم 5 لسنة 2021 بجلسة 10/6/2021 فيما قضت به - بشأن تنازع سلبي في الاختصاص - من أنه إذ كانت الدعوى الجنائية قد رفعت على المتهم أمام محكمة جنايات ...... بوصف أنه (1) هدد المجني عليها ..... بالكتابة بإفشاء أمور مخدشة بالشرف، وكان التهديد مصحوبا بطلب مبالغ مالية، وانتهاك حرمة الحياة الخاصة بالمجني عليها سالفة الذكر دون رضائها وذلك بنشر صور خاصة بها. (2) تعمد إزعاج المجني عليها سالفة الذكر وذلك بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات، وقام بالاعتداء على القيم الأسرية في المجتمع المصري بإنشاء حساب على شبكة معلوماتية "الفيس بوك" تهدف تسهيل جريمة وهي الأفعال المؤثمة بالمواد 166 مكرر، 309 مكررا، 327/1 من قانون العقوبات، والمواد 1، 5/ 4 - 6، 13/7، 70/1، بند 2، 76 من القانون رقم 10 لسنة 2003 والمادتين 25، 27 من القانون رقم 175 لسنة 2018 وقضت المحكمة المذكورة بعدم اختصاصها نوعيا بنظر الدعوى، وبإحالتها إلى النيابة العامة لاتخاذ شئونها، وذلك على سند من أن قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية نص على اختصاص تلك المحاكم دون غيرها بنظر الدعوى الجنائية الناشئة عن الجرائم المؤثمة بمقتضى قانون تنظيم الاتصالات، وإذ أحيلت الدعوى للمحكمة المختصة (أي الأخيرة) قضت بعدم الاختصاص نوعيا بنظر الدعوى وإحالتها للنيابة العامة لاتخاذ شئونها على سند من أن المادة الرابعة من قانون المحاكم الاقتصادية رقم 120 لسنة 2008 قد حددت اختصاص الدوائر الابتدائية والاستئنافية بالمحاكم الاقتصادية بنوع محدد من الجرائم الناشئة عن تطبيق قوانين معينة على سبيل الحصر ولا يدخل ضمن اختصاصها الجريمة محل التداعي ذات العقوبة الأشد التي هي من اختصاص المحاكم العادية وتكون معه محكمة جنايات .... قد خالفت وأخطأت في تطبيقه حين قضت بعدم اختصاصها نوعيا بنظر الدعوى مع أن القانون يجعل لها ولاية الفصل فيها. لما كان ذلك، وكانت الأشد هي موضوع الاتهام الأول (التهديد المصحوب بطلب مبالغ نقدية) ليست من بين الجرائم المنصوص عليها في المادة الرابعة من القانون رقم 120 لسنة 2008 بإنشاء المحاكم الاقتصادية، وأن تلك الجريمة الأشد (الجريمة الأولى) معاقب عليها بالمواد سالفة البيان وتختص بها محكمة جنايات .... فإن قضاء محكمة جنايات ...... الاقتصادية بعدم اختصاصها بنظر الدعوى يكون صحيحا، وتكون محكمة جنايات .... قد أخطأت حين قضت بعدم اختصاصها بنظر الدعوى.
وهو ما يتضح أيضا من مفهوم المخالفة فيما قضت به في الطعن رقم 4 لسنة 2020 قضائية جنح اقتصادي جلسة 24/10/2020 من أنه: "إذ كانت واقعة الدعوى الجنائية المار بيانها – وبحسب نص القانون الصحيح المنطبق عليها - تشكل جنحة تعمد الإزعاج والمضايقة بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات كما تشكل جنحة القذف والسب، والمعاقب عليهما بالمواد ١ / ٣، ٧٠، ٧٦ / ٢ من القانون رقم ١٠ لسنة ٢٠٠٣ بشأن تنظيم الاتصالات والمواد ٣٠٢ / ١، ٣٠٣ / ١، ٣٠٦ من قانون العقوبات، ذلك أن الفعل الواحد في الواقعة سالفة البيان يشكل الجنحتين المنصوص عليهما في كلا القانونين المار ذكرهما، وهو ما يقوم به التعدد المعنوي المنصوص عليه في المادة ٣٢ من قانون العقوبات. ولما كانت عقوبة الجريمة الأولى - تعمد إزعاج ومضايقة الغير بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات – أشد في عقوبتها من الجريمة الثانية - والقذف والسب – ومن ثم فهي الواجبة التطبيق، ومن ثم تكون الواقعة - بهذه المثابة - عملاً بالمادة ٣٢ من قانون العقوبات والمادة الرابعة من القانون رقم ١٢٠ لسنة ٢٠٠٨ بشأن إصدار المحاكم الاقتصادية، تدخل في الاختصاص النوعي للمحاكم الاقتصادية، ويكون قضاء محكمة جنح كرموز الجزئية بعدم اختصاصها نوعياً بنظرها صحيحاً في القانون، وتكون محكمة الاسكندرية الاقتصادية قد خالفت القانون وأخطأت في تطبيقه.
- مشكلة أخري في الاختصاص:
ومما يثور أيضا من مشكلات عملية بشأن الاختصاص، هو وقوع جرائم في الشركات التي تخضع لقوانين مما تختص المحاكم الاقتصادية بنظر المنازعات التجارية الناشئة عنها، وذلك مثل حصول اختلاس أو استيلاء بشأن الأموال التي تعد في حكم الأموال العامة في تطبيق أحكام الباب الرابع من قانون العقوبات، أو حصول تزوير في مستندات هذه الشركات، فقد يلتبس الأمر مما يؤدي إلي تصور اختصاص المحاكم الاقتصادية بنظر هذه الجرائم، من باب أن الشركة تخضع لقانون من القوانين التي تختص المحاكم الاقتصادية بنظر المنازعات الناشئة عنها، ولكن هذا التصور لا يستقيم ذلك، أن مجرد وقوع جريمة في شركة مما تختص المحاكم الاقتصادية بنظر المنازعات التجارية الناشئة عنها، لا ينعقد به الاختصاص للدوائر الجنائية للمحاكم الاقتصادية، إلا إذا كانت مؤثمة بموجب قانون مما تختص هذه الدوائر بنظر الجرائم الناشئة عنه، وإلا كان لنا أن نتصور اختصاص الدائرة الجنائية بالمحكمة الاقتصادية بنظر قضية ضرب وقعت بين اثنين من موظفي احدى هذه الشركات التي تختص المحاكم الاقتصادية بالمنازعات الناشئة عن تطبيق القانون الذي ينظم أعمالها التجارية، أما إذا كانت الجريمة بطبيعتها يؤثما قانون مما تختص به الدوائر الجنائية انعقد الاختصاص لهذه الدوائر، كما لو تم إتلاف خط من خطوط الاتصالات الذي يربط الشركة بالإنترنت أو بباقي أفرع الشركة، لأن هذا الفعل يؤثمه قانون تنظيم الاتصالات رقم 10 لسنة 2003 بغض النظر عما اذا كان قانون تنظيم العمل التجاري أو الاستثماري للشركة مما يخضع للمحاكم الاقتصادية من عدمه.
ولكنها عدلت عن هذا القضاء وقضت باختصاص المحاكم العادية بالجريمة الاقتصادية المرتبطة بالجريمة العادية متى كانت الجريمة العادية عقوبتها أشد، وذلك في الطعن رقم 84 لسنة 89 ق - السابق ذكره - الذي قالت فيه: "وحيث إنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة - محكمة النقض - أن القواعد المتعلقة بالاختصاص في المسائل الجنائية كلها من النظام العام بالنظر إلى أن الشارع في تقديره لها قد أقام ذلك على اعتبارات عامة تتعلق بحسن سير العدالة، لما كان ذلك، وكانت يبين من الأوراق أن الجرائم التي أسندتها النيابة العامة إلى الطاعنين قوامها فعل مادى واحد هو إدخال البضائع المستوردة أو المهربة داخل البلاد مما تتحقق به حالة التعدد المعنوي الذي يوجب تطبيق الفقرة الأولى من المادة ٣٢ من قانون العقوبات ومعاقبة الطاعنين بالجريمة الأشد، وهي جريمة التهريب الجمركي بقصد الإتجار، وكانت تلك الجريمة تختص بنظرها المحاكم العادية، ومن ثم فإن الاختصاص بمحاكمة الطاعنين ينعقد للقضاء الجنائي العادي وهو الأمر الذي يتفق مع قواعد التفسير الصحيح للقانون والتي تستوجب بحكم اللزوم العقلي أن تتبع الجريمة ذات العقوبة الأخف الجريمة ذات الجريمة الأشد المرتبطة بها في التحقيق والإحالة والمحاكمة وتدور في فلكها، بموجب الأثر القانوني للارتباط بحسبان أن عقوبة الجريمة الأشد هي الواجبة التطبيق على الجريمتين وفقا للمادة ۳۲ من قانون العقوبات، ويؤيد هذا أيضا، ما نصت عليه المادة ٢١٤ من قانون الإجراءات الجنائية في فقرتها الأخيرة، من أنه في أحوال الارتباط التي يجب فيها رفع الدعوى عن جميع الجرائم أمام محكمة واحدة إذا كانت بعض الجرائم من اختصاص المحاكم العادية وبعضها من اختصاص محاكم خاصة، يكون رفع الدعوى بجميع الجرائم أمام المحاكم العادية ما لم ينص القانون على غير ذلك، وإذ كان قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية الصادر بالقانون رقم ۱۲۰ لسنة ۲۰۰۸ بإحالة بعض الجرائم إلى المحاكم الاقتصادية، قد خلا كما خلا أي تشريع آخر من النص على انفراد المحاكم الاقتصادية بالفصل وحدها دون غيرها في الجرائم المرتبطة بتلك التي تختص هي بنظرها، ومن ثم كان على محكمة ثاني درجة ألا تقضى بتأييد الحكمين المستأنفين فيما قضيا به في موضوع الدعوى، بل تقضي بإلغائهما وبعدم اختصاص محكمة الجنح الاقتصادية بنظر الدعوى إعمالا لصحيح القانون، أما وهي لم تفعل فإنها تكون قد أخطأت في تطبيق القانون".
ومن ثم فإذا كانت الجريمة الاقتصادية عقوبتها أشد من الجريمة العادية المرتبطة بها، فتختص المحكمة الاقتصادية بنظرهما معا بسبب هذا الارتباط، والعكس صحيح.
وهو ما أكدته في الطعن رقم 5 لسنة 2021 بجلسة 10/6/2021 فيما قضت به - بشأن تنازع سلبي في الاختصاص - من أنه إذ كانت الدعوى الجنائية قد رفعت على المتهم أمام محكمة جنايات ...... بوصف أنه (1) هدد المجني عليها ..... بالكتابة بإفشاء أمور مخدشة بالشرف، وكان التهديد مصحوبا بطلب مبالغ مالية، وانتهاك حرمة الحياة الخاصة بالمجني عليها سالفة الذكر دون رضائها وذلك بنشر صور خاصة بها. (2) تعمد إزعاج المجني عليها سالفة الذكر وذلك بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات، وقام بالاعتداء على القيم الأسرية في المجتمع المصري بإنشاء حساب على شبكة معلوماتية "الفيس بوك" تهدف تسهيل جريمة وهي الأفعال المؤثمة بالمواد 166 مكرر، 309 مكررا، 327/1 من قانون العقوبات، والمواد 1، 5/ 4 - 6، 13/7، 70/1، بند 2، 76 من القانون رقم 10 لسنة 2003 والمادتين 25، 27 من القانون رقم 175 لسنة 2018 وقضت المحكمة المذكورة بعدم اختصاصها نوعيا بنظر الدعوى، وبإحالتها إلى النيابة العامة لاتخاذ شئونها، وذلك على سند من أن قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية نص على اختصاص تلك المحاكم دون غيرها بنظر الدعوى الجنائية الناشئة عن الجرائم المؤثمة بمقتضى قانون تنظيم الاتصالات، وإذ أحيلت الدعوى للمحكمة المختصة (أي الأخيرة) قضت بعدم الاختصاص نوعيا بنظر الدعوى وإحالتها للنيابة العامة لاتخاذ شئونها على سند من أن المادة الرابعة من قانون المحاكم الاقتصادية رقم 120 لسنة 2008 قد حددت اختصاص الدوائر الابتدائية والاستئنافية بالمحاكم الاقتصادية بنوع محدد من الجرائم الناشئة عن تطبيق قوانين معينة على سبيل الحصر ولا يدخل ضمن اختصاصها الجريمة محل التداعي ذات العقوبة الأشد التي هي من اختصاص المحاكم العادية وتكون معه محكمة جنايات .... قد خالفت وأخطأت في تطبيقه حين قضت بعدم اختصاصها نوعيا بنظر الدعوى مع أن القانون يجعل لها ولاية الفصل فيها. لما كان ذلك، وكانت الأشد هي موضوع الاتهام الأول (التهديد المصحوب بطلب مبالغ نقدية) ليست من بين الجرائم المنصوص عليها في المادة الرابعة من القانون رقم 120 لسنة 2008 بإنشاء المحاكم الاقتصادية، وأن تلك الجريمة الأشد (الجريمة الأولى) معاقب عليها بالمواد سالفة البيان وتختص بها محكمة جنايات .... فإن قضاء محكمة جنايات ...... الاقتصادية بعدم اختصاصها بنظر الدعوى يكون صحيحا، وتكون محكمة جنايات .... قد أخطأت حين قضت بعدم اختصاصها بنظر الدعوى.
وهو ما يتضح أيضا من مفهوم المخالفة فيما قضت به في الطعن رقم 4 لسنة 2020 قضائية جنح اقتصادي جلسة 24/10/2020 من أنه: "إذ كانت واقعة الدعوى الجنائية المار بيانها – وبحسب نص القانون الصحيح المنطبق عليها - تشكل جنحة تعمد الإزعاج والمضايقة بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات كما تشكل جنحة القذف والسب، والمعاقب عليهما بالمواد ١ / ٣، ٧٠، ٧٦ / ٢ من القانون رقم ١٠ لسنة ٢٠٠٣ بشأن تنظيم الاتصالات والمواد ٣٠٢ / ١، ٣٠٣ / ١، ٣٠٦ من قانون العقوبات، ذلك أن الفعل الواحد في الواقعة سالفة البيان يشكل الجنحتين المنصوص عليهما في كلا القانونين المار ذكرهما، وهو ما يقوم به التعدد المعنوي المنصوص عليه في المادة ٣٢ من قانون العقوبات. ولما كانت عقوبة الجريمة الأولى - تعمد إزعاج ومضايقة الغير بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات – أشد في عقوبتها من الجريمة الثانية - والقذف والسب – ومن ثم فهي الواجبة التطبيق، ومن ثم تكون الواقعة - بهذه المثابة - عملاً بالمادة ٣٢ من قانون العقوبات والمادة الرابعة من القانون رقم ١٢٠ لسنة ٢٠٠٨ بشأن إصدار المحاكم الاقتصادية، تدخل في الاختصاص النوعي للمحاكم الاقتصادية، ويكون قضاء محكمة جنح كرموز الجزئية بعدم اختصاصها نوعياً بنظرها صحيحاً في القانون، وتكون محكمة الاسكندرية الاقتصادية قد خالفت القانون وأخطأت في تطبيقه.
- مشكلة أخري في الاختصاص:
ومما يثور أيضا من مشكلات عملية بشأن الاختصاص، هو وقوع جرائم في الشركات التي تخضع لقوانين مما تختص المحاكم الاقتصادية بنظر المنازعات التجارية الناشئة عنها، وذلك مثل حصول اختلاس أو استيلاء بشأن الأموال التي تعد في حكم الأموال العامة في تطبيق أحكام الباب الرابع من قانون العقوبات، أو حصول تزوير في مستندات هذه الشركات، فقد يلتبس الأمر مما يؤدي إلي تصور اختصاص المحاكم الاقتصادية بنظر هذه الجرائم، من باب أن الشركة تخضع لقانون من القوانين التي تختص المحاكم الاقتصادية بنظر المنازعات الناشئة عنها، ولكن هذا التصور لا يستقيم ذلك، أن مجرد وقوع جريمة في شركة مما تختص المحاكم الاقتصادية بنظر المنازعات التجارية الناشئة عنها، لا ينعقد به الاختصاص للدوائر الجنائية للمحاكم الاقتصادية، إلا إذا كانت مؤثمة بموجب قانون مما تختص هذه الدوائر بنظر الجرائم الناشئة عنه، وإلا كان لنا أن نتصور اختصاص الدائرة الجنائية بالمحكمة الاقتصادية بنظر قضية ضرب وقعت بين اثنين من موظفي احدى هذه الشركات التي تختص المحاكم الاقتصادية بالمنازعات الناشئة عن تطبيق القانون الذي ينظم أعمالها التجارية، أما إذا كانت الجريمة بطبيعتها يؤثما قانون مما تختص به الدوائر الجنائية انعقد الاختصاص لهذه الدوائر، كما لو تم إتلاف خط من خطوط الاتصالات الذي يربط الشركة بالإنترنت أو بباقي أفرع الشركة، لأن هذا الفعل يؤثمه قانون تنظيم الاتصالات رقم 10 لسنة 2003 بغض النظر عما اذا كان قانون تنظيم العمل التجاري أو الاستثماري للشركة مما يخضع للمحاكم الاقتصادية من عدمه.
بهاء المري
بهاء المري is on Facebook. Join Facebook to connect with بهاء المري and others you may know. Facebook gives people the power to share and makes the world more open and connected.
www.facebook.com