الموت تجربة إنسانية خبرها الإنسان، فهو الكائن الوحيد الذي يعي موته، ويدفعه هذا الوعي إلى التفكير في وجوده ومصيره، ومنح حياته أهميتها وقيمتها، والموت والحياة ثنائية يقوم عليها الوجود الإنساني.
وقد كان الموت الموضوع الرئيسي في الملحمة التي تعد الجد الأول للرواية، كما في ملحمة جلجامش حيث يمضي البطل جلجامش في البحث عن الخلود بعد فقده صديقه إنكيدو، ويدرك في النهاية بأنه إلى زوال، ولا بد من الموت.
لا غرابة أن يكون الموت الموضوع الذي يشغل الرواية؛ بوصفها الفن الوحيد الذي يقوم على عرض حياة الفرد والجماعة، ويصور المصير الذي ينتهي إليه الإنسان. فلا توجد رواية لا تتناول الموت، أو تهتم به، أو تتحدث عنه إحدى شخصياتها.
يتجلى الموت في مواضع مختلفة من الرواية، فقد يكون في العتبات النصية كما في العناوين، مثل رواية" عدوى الحب والموت" لحسين العموش. أو الإهداء كما في روايتي "المحاصر" الذي جاء فيه" إلى الدماء التي عطّرت البحر الأبيض المتوسط. إلى الآلام التي حملتها الأمواج، وهي تتلاطم حول سفائن الحريّة، في طريقها إلى غزّة"
وقد تستند بنية الرواية إلى الموت، فيظهر في افتتاحيتها ليكون محركًا لشخصيتها، ومنطلقًا لأحداثها، ومنبئًا بتوجهها الفلسفي، كما في رواية "الغريب" لألبير كامو، فتبدأ بقول مارسو شخصيتها الرئيسية: "ماتت أمي اليوم. وربما أمس، لا أدري. لقد تلقيت من الملجأ الذي كانت تقيم فيه برقية هذا نصها" "أمكم توفيت. الدفن غدا. خالص تعازينا!"
ويجيء الموت في نهاية للرواية ليعبر عن فكرتها المركزية؛ ففي رواية "بداية ونهاية" لنجيب محفوظ يبدو الفقر قاسيًا، حين تفرط نفيسة إحدى شخصياتها بجسدها، وتلقي بنفسها في النيل بعد ذلك، ثم يتبعها شقيقها حسنين شاعرًا بالندم لأنه ترك نفيسة تنتحر. وتأتي نهاية رواية "وداعًا للسلاح" لتدين الحرب، وتدعو إلى الابتعاد عن ميادينها. وتعبر نهايتها عن ذلك حين تموت بطلتها الرئيسية كاترين في المستشفى أثناء عملية الولادة هي وجنينها، ويغادر حبيبها هنري المستشفى والسماء تمطر.
وقد يكون الموت الموضوع الرئيسي للرواية، كما في رواية" أداجيو" لإبراهيم عبد المجيد، فلا تكاد تخلو صفحة من صفحاتها إلا وتتحدث عن ريم تلك البطلة عازفة البيانو التي تصاب بالسرطان التي أقعدها عن الحركة، وينتهي بها إلى الموت. وتتبدى الرواية كأنها لحن جنائزي من بدايتها حتى نهايتها، بوحي من موسيقى مستمدة من اللحن الجنائزي أداجيو الذي مات صاحبه الموسيقار الإيطالي تومازو البينوني قبل أن يتم عزفه.
ويحقق الموت للرواية وظائف بنائية عدة؛ كأن يكون منطلقًا لأحداث الرواية وتطورها، إذ يفجر الموت سكون العالم الروائي في رواية "الطلياني" لشكري المبخوت التي تبدأ أحداثها من المقبرة عندما يضرب الطلياني بالحذاء الشيخ الذي كان يساعده على دفن والده. وقد يكون للموت وظيفة رمزية، كأن يشير إلى المستقبل المرعب الذي سيواجه الإنسان الذي كان سببًا في مصائب الآخرين، أو مارس الظلم عليهم. ولعل دمار قرية عروبة بفعل الإعصار الذي أصابها في روايتي "لعنة الفلسطيني" ما يرمز إلى ذلك.
وربما يبالغ بعض الروائيين في تناول الموت وتصويره، كما في روايات الرعب والخراب الديستوبيا Dystopia التي يكثر فيها القتل ومصاصو الدماء، فكأن الإنسان لا يكتفي بمعاينة الموت الطبيعي في الحياة حتى يجسده في أعمال خيالية بصورة مخيفة.
وقد يلجأ الروائي المبتدئ عندما تصبح إحدى شخصيات روايته عبئًا عليه إلى استخدام الموت من أجل إنهاء حياتها. وأحيانًا لا يدري كيف ينهي روايته نهاية تتفق وسير أحداثها؛ فلا يجد وسيلة تنقذه من هذا المأزق غير الموت.
ولعل من المفيد الإشارة إلى أن الرواية بصورة عامة، وهي تعالج موضوع الموت، لا تقتصر على تناول الموت المادي الذي هو نهاية كل إنسان بل تتعدى ذلك إلى تناول الموت الذي تأتي به الحوادث وأفعال الطبيعية وأعمال الإنسان في الحرب، والموت المعنوي كالموت العاطفي والسياسي والاقتصادي والاجتماعي.
وفي العادة يكون للموت تأثير كبير ليس في عالم الرواية التخييلي فقط بل في العالم الخارجي أي في عالم الناس متلقي الرواية. فللموت سطوته وتأثيره في النفوس. فإذا كانت لحظات الميلاد تجذب الفرح للإنسان فإن لحظات الموت تجلب له التعاسة والشقاء. ويظل الموت ماثلًا له في كل وقت. أو كما يرى أبو العلاء المعري:
إن حزنًا في ساعة الموت أضعا ف سرور في ساعة الميلاد
لا عجب أن يكون الموت موضوعًا للرواية أو أحد أركانها أو جزءًا منها؛ فالموت نهاية الحياة. وحياتنا ما هي إلا رواية تنتهي بالموت.
وقد كان الموت الموضوع الرئيسي في الملحمة التي تعد الجد الأول للرواية، كما في ملحمة جلجامش حيث يمضي البطل جلجامش في البحث عن الخلود بعد فقده صديقه إنكيدو، ويدرك في النهاية بأنه إلى زوال، ولا بد من الموت.
لا غرابة أن يكون الموت الموضوع الذي يشغل الرواية؛ بوصفها الفن الوحيد الذي يقوم على عرض حياة الفرد والجماعة، ويصور المصير الذي ينتهي إليه الإنسان. فلا توجد رواية لا تتناول الموت، أو تهتم به، أو تتحدث عنه إحدى شخصياتها.
يتجلى الموت في مواضع مختلفة من الرواية، فقد يكون في العتبات النصية كما في العناوين، مثل رواية" عدوى الحب والموت" لحسين العموش. أو الإهداء كما في روايتي "المحاصر" الذي جاء فيه" إلى الدماء التي عطّرت البحر الأبيض المتوسط. إلى الآلام التي حملتها الأمواج، وهي تتلاطم حول سفائن الحريّة، في طريقها إلى غزّة"
وقد تستند بنية الرواية إلى الموت، فيظهر في افتتاحيتها ليكون محركًا لشخصيتها، ومنطلقًا لأحداثها، ومنبئًا بتوجهها الفلسفي، كما في رواية "الغريب" لألبير كامو، فتبدأ بقول مارسو شخصيتها الرئيسية: "ماتت أمي اليوم. وربما أمس، لا أدري. لقد تلقيت من الملجأ الذي كانت تقيم فيه برقية هذا نصها" "أمكم توفيت. الدفن غدا. خالص تعازينا!"
ويجيء الموت في نهاية للرواية ليعبر عن فكرتها المركزية؛ ففي رواية "بداية ونهاية" لنجيب محفوظ يبدو الفقر قاسيًا، حين تفرط نفيسة إحدى شخصياتها بجسدها، وتلقي بنفسها في النيل بعد ذلك، ثم يتبعها شقيقها حسنين شاعرًا بالندم لأنه ترك نفيسة تنتحر. وتأتي نهاية رواية "وداعًا للسلاح" لتدين الحرب، وتدعو إلى الابتعاد عن ميادينها. وتعبر نهايتها عن ذلك حين تموت بطلتها الرئيسية كاترين في المستشفى أثناء عملية الولادة هي وجنينها، ويغادر حبيبها هنري المستشفى والسماء تمطر.
وقد يكون الموت الموضوع الرئيسي للرواية، كما في رواية" أداجيو" لإبراهيم عبد المجيد، فلا تكاد تخلو صفحة من صفحاتها إلا وتتحدث عن ريم تلك البطلة عازفة البيانو التي تصاب بالسرطان التي أقعدها عن الحركة، وينتهي بها إلى الموت. وتتبدى الرواية كأنها لحن جنائزي من بدايتها حتى نهايتها، بوحي من موسيقى مستمدة من اللحن الجنائزي أداجيو الذي مات صاحبه الموسيقار الإيطالي تومازو البينوني قبل أن يتم عزفه.
ويحقق الموت للرواية وظائف بنائية عدة؛ كأن يكون منطلقًا لأحداث الرواية وتطورها، إذ يفجر الموت سكون العالم الروائي في رواية "الطلياني" لشكري المبخوت التي تبدأ أحداثها من المقبرة عندما يضرب الطلياني بالحذاء الشيخ الذي كان يساعده على دفن والده. وقد يكون للموت وظيفة رمزية، كأن يشير إلى المستقبل المرعب الذي سيواجه الإنسان الذي كان سببًا في مصائب الآخرين، أو مارس الظلم عليهم. ولعل دمار قرية عروبة بفعل الإعصار الذي أصابها في روايتي "لعنة الفلسطيني" ما يرمز إلى ذلك.
وربما يبالغ بعض الروائيين في تناول الموت وتصويره، كما في روايات الرعب والخراب الديستوبيا Dystopia التي يكثر فيها القتل ومصاصو الدماء، فكأن الإنسان لا يكتفي بمعاينة الموت الطبيعي في الحياة حتى يجسده في أعمال خيالية بصورة مخيفة.
وقد يلجأ الروائي المبتدئ عندما تصبح إحدى شخصيات روايته عبئًا عليه إلى استخدام الموت من أجل إنهاء حياتها. وأحيانًا لا يدري كيف ينهي روايته نهاية تتفق وسير أحداثها؛ فلا يجد وسيلة تنقذه من هذا المأزق غير الموت.
ولعل من المفيد الإشارة إلى أن الرواية بصورة عامة، وهي تعالج موضوع الموت، لا تقتصر على تناول الموت المادي الذي هو نهاية كل إنسان بل تتعدى ذلك إلى تناول الموت الذي تأتي به الحوادث وأفعال الطبيعية وأعمال الإنسان في الحرب، والموت المعنوي كالموت العاطفي والسياسي والاقتصادي والاجتماعي.
وفي العادة يكون للموت تأثير كبير ليس في عالم الرواية التخييلي فقط بل في العالم الخارجي أي في عالم الناس متلقي الرواية. فللموت سطوته وتأثيره في النفوس. فإذا كانت لحظات الميلاد تجذب الفرح للإنسان فإن لحظات الموت تجلب له التعاسة والشقاء. ويظل الموت ماثلًا له في كل وقت. أو كما يرى أبو العلاء المعري:
إن حزنًا في ساعة الموت أضعا ف سرور في ساعة الميلاد
لا عجب أن يكون الموت موضوعًا للرواية أو أحد أركانها أو جزءًا منها؛ فالموت نهاية الحياة. وحياتنا ما هي إلا رواية تنتهي بالموت.