لا غرابة أن تهتم قنواتنا الفضائية والتلفزيونية بالطعام، وما يتصل به من إعداد وطبخ ومكونات، بل من الضرورة أن تهتم به وبغيره من الحاجات الأساسية اللازمة لوجود الإنسان وبقائه بصحة وسعادة. لكن ما نأخذه على هذا النوع من القنوات اهتمامها الزائد بالطعام وطهيه، والتفنن في تقديم أنواعه. فرأينا أنها تخصص برامج يومية عن المطبخ العربي والإفرنجي، وطرق تحضير الوجبات الغذائية والطبخات الفاخرة، وتتحدث عن أكلات مثل: السوشي ودجاج ديفان بالفطر والبروكلي، والريزوتو، والكاري، والروبيان، والتاكو وغيرها. وهي أكلات لا تُقدم إلا في الفنادق الخمس النجوم والمطاعم الغربية. ربما لا تعرفها بعض الطبقات الغنية في مجتمعنا.
وفي العادة، تتميز هذه البرامج بطول مددها الزمنية، واستمرارها على مدار العام. وبتكاثرها في شهر رمضان المبارك حتى إنها تتفوق في كثرتها على البرامج الدينية والثقافية، وعلى أحاديث الشيوخ والوعاظ، كما تتميز بأساليبها الماهرة في جذب الناس لمشاهدتها، بدعوة الخبراء المشهورين في الطبخ من أنحاء العالم للمشاركة فيها، وتنظيم المسابقات المطبخية التي تخصص لها الجوائز القيمة.
إن تقديم هذه البرامج في الطبخ والطهي بهذه الصورة من الكثافة والإلحاح يجعل لهذه البرامج من المضار في المجتمع، وإن كانت مضارها لا تظهر مباشرة للعيان، أكثر مما لها من الفوائد، وخاصة بين الطبقات المتوسطة والفقيرة والمسحوقة.
فهي من الناحية النفسية تترك الفقير يتحسر على أنه لا يستطيع أن يوفر لعائلته الطعام الكافي، فكيف وهو يرى أمامه على الشاشة هذه الأطعمة الفاخرة. وهي من الناحية الاقتصادية قد توقظ في بعض النفوس ما يسميه الماركسيون الحقد الطبقي، الذي ينشأ من جرائه العنف والاضطراب في المجتمع. كما أنها تشجع النزعة الاستهلاكية لدى الناس، وتجعل بعضهم يتباهون بما يأكلون، لا بما يعملون ويفكرون، فتتدهور صحتهم، وتكبر كروشهم من التخمة، وتبعدهم عن تفكير في قضايا حيوية ومهمة، مثل قضايا: الغلاء والسكن والبيئة والبطالة وغيرها ليهتموا بقضايا الأكل واشرب، ويجعلوا للمعدة الأولوية على العقل والقلب.
إننا نبتغي من برامجنا التي تتحدث عن الطبخ والمطبخ أن تكون برامج قصيرة تعرض من الطعام ما يفيد الجسم، وما يتناسب مع هويتنا العربية وتراثنا الثقافي؛ فأغلب الناس لم يتذوقوا أو يأكلوا أو يتعرفوا أنواع تلك الأطعمة التي تتحدث عنها هذه البرامج؛ فهي من عالم الخيال والأساطير أو من عالم ألف ليلة وليلة وبغداد العصر العباسي. إنهم يعرفون جيدًا أنواع الطعام الذي تتناسب تكاليفه وقدراتهم المالية، وأذواقهم الشعبية، مثل أكلات: قلاية البندورة، والرشتة والعدس، ومفتلة الخبيزة، والرشوف، والمجدرة.
برامجنا يحسن ألا تركز على إثارة غريزة الأكل لدينا، وألا تلهب أفئدتنا بهتافات خبراء الطبخ بما يثير شهوة الأكل، ويحرك الشفاه، ويسيل اللعاب، ويفرح القلوب، فكثيرًا ما نسمع في هذه البرامج كبار الطباخين وهم يمتدحون ما يطبخون بهتافاتهم: أكلة خرافية، أكلة لم تأكلوا مثلها من قبل، أكلة ستندمون أشد الندم إن لم تجربوها. هتافات تذكرنا بالهمذاني في مقامته المضيرية، التي يصف فيها عيسى بن هشام وأصحابه وهم يشاهدون طعام المضيرة يرفع عن خوانهم.
لا شك أن الطعام يعبر عن ثقافة المجتمع وتراثه، وأن ما يحدث في المعدة يصل تأثيره إلى العقل والوجدان. لهذا نريد من برامجنا أن تهتم بالطعام العربي وبالمطبخ العربي، وألا تكون داعية إلى الطعام الأجنبي والثقافة الغربية.
نريد من برامجنا أن تعرض من الأكل ما هو نافع للصحة وواق من المرض. نريد أن تبين لنا الطرائق السليمة لإعداد الطعام وطهيه. نريد منها أن تعلمنا الزهد والاكتفاء من الطعام بما يقيم الأود، ويبقي على الحياة.
نريد من برامجنا أن تغرس فينا ثقافة القناعة ومحبة الفقراء والمساكين. عسى أن نصل في يوم ما إلى مجتمع ليس فيه فقير جائع أو غني متخم.
وفي العادة، تتميز هذه البرامج بطول مددها الزمنية، واستمرارها على مدار العام. وبتكاثرها في شهر رمضان المبارك حتى إنها تتفوق في كثرتها على البرامج الدينية والثقافية، وعلى أحاديث الشيوخ والوعاظ، كما تتميز بأساليبها الماهرة في جذب الناس لمشاهدتها، بدعوة الخبراء المشهورين في الطبخ من أنحاء العالم للمشاركة فيها، وتنظيم المسابقات المطبخية التي تخصص لها الجوائز القيمة.
إن تقديم هذه البرامج في الطبخ والطهي بهذه الصورة من الكثافة والإلحاح يجعل لهذه البرامج من المضار في المجتمع، وإن كانت مضارها لا تظهر مباشرة للعيان، أكثر مما لها من الفوائد، وخاصة بين الطبقات المتوسطة والفقيرة والمسحوقة.
فهي من الناحية النفسية تترك الفقير يتحسر على أنه لا يستطيع أن يوفر لعائلته الطعام الكافي، فكيف وهو يرى أمامه على الشاشة هذه الأطعمة الفاخرة. وهي من الناحية الاقتصادية قد توقظ في بعض النفوس ما يسميه الماركسيون الحقد الطبقي، الذي ينشأ من جرائه العنف والاضطراب في المجتمع. كما أنها تشجع النزعة الاستهلاكية لدى الناس، وتجعل بعضهم يتباهون بما يأكلون، لا بما يعملون ويفكرون، فتتدهور صحتهم، وتكبر كروشهم من التخمة، وتبعدهم عن تفكير في قضايا حيوية ومهمة، مثل قضايا: الغلاء والسكن والبيئة والبطالة وغيرها ليهتموا بقضايا الأكل واشرب، ويجعلوا للمعدة الأولوية على العقل والقلب.
إننا نبتغي من برامجنا التي تتحدث عن الطبخ والمطبخ أن تكون برامج قصيرة تعرض من الطعام ما يفيد الجسم، وما يتناسب مع هويتنا العربية وتراثنا الثقافي؛ فأغلب الناس لم يتذوقوا أو يأكلوا أو يتعرفوا أنواع تلك الأطعمة التي تتحدث عنها هذه البرامج؛ فهي من عالم الخيال والأساطير أو من عالم ألف ليلة وليلة وبغداد العصر العباسي. إنهم يعرفون جيدًا أنواع الطعام الذي تتناسب تكاليفه وقدراتهم المالية، وأذواقهم الشعبية، مثل أكلات: قلاية البندورة، والرشتة والعدس، ومفتلة الخبيزة، والرشوف، والمجدرة.
برامجنا يحسن ألا تركز على إثارة غريزة الأكل لدينا، وألا تلهب أفئدتنا بهتافات خبراء الطبخ بما يثير شهوة الأكل، ويحرك الشفاه، ويسيل اللعاب، ويفرح القلوب، فكثيرًا ما نسمع في هذه البرامج كبار الطباخين وهم يمتدحون ما يطبخون بهتافاتهم: أكلة خرافية، أكلة لم تأكلوا مثلها من قبل، أكلة ستندمون أشد الندم إن لم تجربوها. هتافات تذكرنا بالهمذاني في مقامته المضيرية، التي يصف فيها عيسى بن هشام وأصحابه وهم يشاهدون طعام المضيرة يرفع عن خوانهم.
لا شك أن الطعام يعبر عن ثقافة المجتمع وتراثه، وأن ما يحدث في المعدة يصل تأثيره إلى العقل والوجدان. لهذا نريد من برامجنا أن تهتم بالطعام العربي وبالمطبخ العربي، وألا تكون داعية إلى الطعام الأجنبي والثقافة الغربية.
نريد من برامجنا أن تعرض من الأكل ما هو نافع للصحة وواق من المرض. نريد أن تبين لنا الطرائق السليمة لإعداد الطعام وطهيه. نريد منها أن تعلمنا الزهد والاكتفاء من الطعام بما يقيم الأود، ويبقي على الحياة.
نريد من برامجنا أن تغرس فينا ثقافة القناعة ومحبة الفقراء والمساكين. عسى أن نصل في يوم ما إلى مجتمع ليس فيه فقير جائع أو غني متخم.