جعفر محمد عثمان خليل - قصيدة تبلدية

ذكرى وفاءٍ وودِّ عندي لبنت التبلدي
في كلّ خفقة قلبٍ وكلّ زفرة وجدي
فيا ابنة الروض ماذا جرى لمغناك بعدي؟
مازلتِ وحدك إلفي يا ليتني لك وحدي
هل تذكرين عهوداً قد عشتها في جنابك؟
وهل شـــجـــاك غيــــــابي ؟ إنّي شجٍ لغيابك
مازلت في البــــــــعد أحيا كأنني في رحابك
هذا شبـــابي يولي فكيــــف حال شبابك؟
لا تحزني إنْ تعرّتْ لدى المصيفِ فروعك
أو إنْ يبستِ فبانتْ من الذبول ضلوعك
فدون ما راع قلبي من الأسى ما يروعك
أنا لن يعود ربيعي لكنْ يعود ربيعك
ياربّ صيفٍ تجنّى على بديعِ جمالكْ
وأشعل التّربَ شوقاً إلى وريفِ ظلالكْ
أبلى شبابَك لكنْ زاد البِلَى من جلالكْ
ومن غصونك كفٌّ رفعتها في ابتهالكْ
وجاء عيدك طلْقاً له ابتسام البشيرِ
يتيه حسناً ويزهو في موكب من زهورِ
وأصبح الكون روضاً مضمّخاً بالعبيرِ
فكنتِ عذراء زانتْ عُرْسَ الوجود الكبيرِ
حيناً من الدهر عشنا ياجارتي في حبورِ
يزهو كلانا بعود من الشباب نضيرِ
فكنتِ أجمل عشٍّ لساجعات الطيورِ
وكنتُ عشّ العذارى من كل عِينٍ وحورِ
يا جارتي لستُ أنسى يوم الوداعِ الحزينِ
وأنتِ في الصمتِ حيرى وربّ صمتٍ مبينِ
مددتِ نحوي غصوناً كاذرعٍ تحتـــويني
فكدتُ إذ صافحتني لها أمدّ يميـــــــــــــني
وكم تلفّــــتُ خلفي بحســـــــرةٍ و التيــــــــاعِ
و الركب يمضي بعيداً عن حالمات البقاعِ
وللغصون الأعالي في الريحِ خفق الشراعِ
كأنّها منــــك كفٌّ قد لوّحتْ في وداعي
ياجارتي أين مني عهد الهوى والفتون ؟
وأين صفوي ولهوي في ماضيات السنين ؟
قد ضمّـهنّ فــؤادي وحاطهـــــــــنّ حنيــــــني
يا غادة الأيك عام يمرّ من بعد عامْ
ولا تزالــين ذكـرى بقلــــبي المستـــــهامْ
يا رُبا السحر حيا ثراك هامي الغمامْ
ويا ربيـــــع شبـــــابي عليك ألف سلامْ



-----------------------------------------------
* حكاية قصيدة تبلدية
قال الراحل جعفر محمد عثمان خليل إنه خلف المعلم القرموشي في ذات المنزل الذي غرس فيه التبلدية لكنني لم التقيه وقد تعلق قلبي بها وشهدت عهد صباها وهي شهدت أيام شبابي الزواهر ولياليه ولكني فارقت الدلنج وفارقتها بعد طول إلفة ومحبة وجوار… ولم تغب عن ذاكرتي وذات يوم وأنا في بخت الرضا بالدويم تذكرتها فنظمت تلك القصيدة التي طبقت شهرتها الآفاق وأصبح كل من يزور مدينة الدلنج يسأل عنها حتى يدل على المنزل الذي هي فيه.
فكانت هذه القصيدة
أعلى