طارق حرب - (يابو گراميل) أغنية بغداديه تراثيه أشتهرت في أواسط القرن العشرين

في سلسلة بغداد تراث وتاريخ كانت لنا محاضرة عن أغنية بغداديه تراثيه كان لها موضعها الأزكى في ألسن أهل بغداد وقلوبهم منتصف القرن العشرين لكن أنزوت بعد ذلك بحيث فقدناها منذ نهايات هذا القرن و( الگراميل) نوع من أنواع الحلب قد تكون ذهبيه وأحياناً فضيه تقوم بواجب ربط نهايات الظفائر مما يقود الى بريق جميل في الظفائر يثير العشق والغرام والهيام في أنفس الاحبه والعاشقين بما تمثله من رونق جذاب يحرك كل هذا وغيره.
وهذه الاغنيه شأنها شأن الكثير من الاغاني التراثيه اذ لا يعرف من ألفها وكتبها فالكلمات قديمه وكذلك فأن لحنها الموسيقي لحن قديم وان أعيد بتوزيع جديد لكن بذات القوالب الموسيقيه التراثيه وهذا ما فعله حمودي ابراهيم حيث دون اللحن بالنوته الموسيقيه ويتم غناء هذه الاغنيه بنغم مقام البيات مطرزه بأبيات من الدوبيت.
ومن نافلة القول أن نذكر ان الحلي الذهبيه والفضيه ذات رونق جميل تضفي بهاء على المرأه التي يتجمل جسمها الظاهر بهذه الحلي خاصة وان حلي المرأه وتزيينها بالاحجار الكريمه قديمه رافقت المرأه من العصور البشريه الاولى نحو ما أثبت علماء الاثار والتاريخ ذلك سواء أكانت هذه الحلي يدويه كالأساور والخواتم او ما يوضع في العنق كالقلائد والعقود وما يلبس بالرجل (كالحجول) والخلخال او الحلي التي توضع على الرأس كالاكليل والتاج والقوس وسواها ولبس الگراميل من الحبيبه والمعشوقه يزيد الوجد والشوق عند العاشق والحبيب لذا فأنه حال رؤيته حبيبته يخاطبها بذات الحليه فيقول لها( يابو گراميل) كناية وليس بتصريح اسم من لبست هذه الحليه خوفاً من افتضاح الاسم فأن افتضح الاسم حصل ما لا يمكن تاركه لذا فأنه حريص على ذكر كنيتها دون اسمها.
لذا كان الوصف والمناداة (يا بو گراميل يابو گراميل.. يا بو زلف أي خصلة الشعر من الرأس المتدليه والذي يتكسر وليس مستقيماً لاضافة جمال على ( الزلف) ويطلب من الگراميل الثبات اذا تكلم النمام بشيء عن العشق بين المعشوق لابس الگراميل والعاشق وفي المقطع الثاني من الاغنيه يصف ذلك بورود البستان الذي لا يمكن الاستغناء عن أية ورده منه وفي المقطع الثالث من الاغنيه يصف صبره كعاشق على أبو الگراميل اشبه بصبر نبي الله أيوب طبقاً لقوله سبحانه( وأيوب اذ نادى ربه اني مسني الضر وانت أرحم الراحمين) اذ جرت الحكمه بذكر صبر النبي أيوب كصبر يفوق أي صبر وفي المقطع الرابع تصور الاغنيه متابعة العاشق لزورق الحبيب على الرغم من كثرة الزوارق ودعائه أن يسلم حبيبه من الموج والهواء وفي المقطع الخامس والاخير يذكر ان مكان سبح معشوقه في شريعة النواب المشهوره الكائنه في الكرخ مكانها الان مستشفى وثانوية الكرخ شمال الجعيفر حيث بيت العائله البغداديه المشهوره عائلة النواب الاثرياء الذين أصلهم من مهراجات الهند وسكنوا بغداد لاحقاً والذين سكن البعض منهم الكاظميه في المحله المعروفه باسمهم محلة النواب ويختم العاشق قوله بيمين وقسم خضر الياس الذي يبعد حوالي خمسمائة متر عن هذه الشريعه وامنية منه ان يتلطف عليه بجاه خضر الياس أن يمور نصيبه وليس لسواه، اما كلمات االاغنيه فهي؛-
يابو گراميل يا بو گراميل
يابو زلف كسرات يابو گراميل
حيل إركدن حيل إركدن
لو ينشد النمام وشعذري منه
ياوردة البستان ورده على ورده
همَ ثلاثه اعزاز ياهو النطرده
بالبحر طاح وراح مفتاح ( الگلوب) يعني القلوب
صبر الصبرته عليه صبر النبي أيوب
كل البلام اتفوت عيني اعلى بلمه (زورق)
ومن الهوه والروج ربي يسلمه
بشريعة النواب يسبح حبيبي
وبجاه خضر الياس هوه نصيبي
اذ ان اهل بغداد بكثره سابقا يزورون مرقد خضر الياس ومازال لكن قليلا وهناك ينذرون كالزواج أو ولاده أو تحقيق أية امنيه وحيث ان مكتبي قريب من خضر الياس فكنت أتعمد أسأل زواره عن تحقيق النذور من عدمه تجيبني كثير من الزائرات ان امنياتهن ونذورهن لخضر الياس حققها الله لهن.
أعلى