عبد العزيز شويط - المصطلح النقدي بين ابن المعتز في كتابه البديع والمرزباني في كتابه الموشح بحث في أثر البيئة في صياغة المصطلح النقدي

مقدمة

لقد رأيت أن لا أتحدث عن أصالة المصطلح النقدي عند ناقد عربي اختص بالنقد وعرف به، بمن في ذلك قدامة ابن جعفر أو ابن رشيق المسيلي أو القاضي عبد العزيز الجرجاني أو حتى حازم القرطاجني أو الآمدي أو الجاحظ أو حتى عبد القاهر الجرجاني أو عبد الكريم النهشلي أو غير هؤلاء أو غير هؤلاء ممن عرف بالنقد و لازمه طويلا أم قليلا كعبد الرحمن ابن خلدون في حديثه عن الأدب و النقد في المقدمة، وإنما آثرت أن أجعل مجال بحثي هذا في علمين من أعلام الاشتغال العربي بالأدب ولا سيما الشعر من خلال البحث في نقده، وإذا كان المرزباني قد جعل كتابه الموشح في علم الشعر خاصة، فإن ابن المعتز قد جعل كتابه في علوم البلاغة بالجملة وهو ما كان يطلق عليه بعلم البديع والمقصود به علوم البلاغة الثلاث ( البيان و البديع و المعاني ).

لقد دعانا إلى تلمس طبيعة المصطلح النقدي عند أمير المؤمنين ابن المعتز إشارة للدكتور شوقي ضيف سنوردها فيما بعدد تتعلق بطبيعة المصطلح في هذا الكتاب، أما الموشج للمرزباني فيختص كما هو مبين في عنوانه بمآخذ العلماء على الشعراء مما يضمن انخراطا أقوى من قبل هذا الكتاب في العملية النقدية، وإن كان المرزباني مجرد ناقل واصف.

ولكن قبل الخوض في البحث واستقصاء المصطلحات النقدية في هذين الكتابين يجدر بنا أن نعرج ولو على تعريف واحد أو اثنين يتطرق لمفهوم المصطلح، ذلك أن ((الدلالة الاصطلاحية فهي اتفاق جماعة على أمر مخصوص فإن تم هذا الاتفاق بين الفقهاء في مسألة معينة فهو مصطلح فقهي، وإن تم بين المحدثين فهو مصطلح في الحديث، وإن كان بين النحاة فهو مصطلح نحوي، يقول الأمير مصطفى الشهابي: والاصطلاح يجعل للألفاظ مدلولات جديدة غير مدلولاتها اللغوية أو الأصلية، فالسيارة في اللغة: القافلة، والقوم يسيرون، وهي في اصطلاح الفلكيين: اسم لأحد الكواكب السيارة التي تسير حول الشمس، و في الاصطلاح هي الأوتومبيل.

والمصطلحات لا توضع ارتجالا، ولا بد في كل مصطلح من وجود مناسبة أو مشاركة أو مشابهة كبيرة كانت أو صغيرة بين مدلوله اللغوي ومدلوله الاصطلاحي·، فشرط المصطلح في البقاء الاتفاق عليه، وإلا لن يكون هناك مصطلح مع الاحتراس في الحديث عن مفهوم المصطلح وهو ما يقوم عليه هذا البحث، والذي حدد بالمصطلح النقدي كي نخرجه من دائرة بقية المصطلحات الأخرى المتعددة ))[1] وحتى لا نسويه بغيره من بقية المصطلحات المنتمية إلى حقول معرفية أخرى غير حقلنا هذا ( النقد الأدبي ). هذا عن المفهوم، أما من حيث التأصيل فإننا (( لو أردنا الحديث عن نشأة المصطلح النقدي فإنه يرتبط ارتباطا كبيرا بنشأة النقد الأدبي، والتي لم يخل منها عصر من عصور الأدب حسب المستوى الفكري والثقافي لذلك العصر بيد أن العصر الجاهلي مجال واسع للحديث عن البدايات أو مرحلة التكوين، فلو قلبنا أنظارنا في تلك الملاحظات أو الإشارات سواء عند النابغة الذبياني أستاذ النقد الجاهلي، أو غيره كأم جندب في قضائها بين امرئ القيس وعلقمة الفحل أو طرفة بن العبد في ملاحظته على جمل المسيب بن علس أو ربيعة بن حذار الأسدي إلى أن ننتهي بملاحظة أهل المدينة على أقوال النابغة فلن نجد مصطلحا هاما شكل مفهوما بارزا في عالم النقد الأدبي وهذا لا ينفي أن يكون حاضرا في أذهان الناس إلا أنه لم يتبلور في شكله الإصطلاحي الذي يجعل منه مصطلحا شرعيا ))[2] ويمكن الاستشهاد في هذا المجال بمصطلح السرقة الأدبية الذي ذكره كل من حسان بن ثابت وطرفة بن العبد في شعرهما [3].

المصطلح النقدي في علم الشعر العربي ( المؤثرات والعلاقات )

يتحدث الدكتور لطفي عبد البديع عن الأشاعرة في مسألة الاسم والمسمى الثنائية المقابلة لثنائية المصطلح والمدلول فيقول: (( فمدار الأمر عندهم على المدلول الذي آل إليه الاسم وفني بعده في الذات وكان هذا هو أول فصل من فصول إثقال كاهل اللغة بالعقليات في الفكر العربي قبل القول بالوضع وهو من باب ما سماه دريد بمركزية المنطق في الفكر الأوروبي ))[4]

إننا إذا حاولنا تتبع أثر البيئة في النقد لا بد من تحديد البيئة أولا، فسواء تعلق الأمر بأمير للمؤمنين عباسي عاش في بغداد أو لابن المرزباني الرئيس بلغة أهل الفرس، مما يعني السيادة والشرف والرياسة في بغداد العباسية انكشفت لدينا أن ظروف البيئة عند كل من المرزباني وابن المعتز تكون واحدة مع فارق في القيمة بين ملك من ابناء الملوك وشريف من أولاد ذوي الرياسة، ومع ذلك يمكن القول إنه غالبا ما تتحدد علاقة البيئة بالمصطلح النقدي من خلال ما يلي:

_ طبيعة الدوائر العلمية والمراكز الثقافية المسيطرة على المجتمع

_ الطبيعة الحضارية أو البدوية لبلاد الناقد

_ طبيعة الناقد و تكوينه العلمي و الثقافي

_ غالبية اشتغاله العلمي و إنتاجه المعرفي و الفكري

_ المذاهب الدينية و الفلسفية السائدة في المجتمع

و لما كان كل من ابن المعتز عبد الله و المرزباني قد عاشا في العصر العباسي فإن الحياة العباسية بترفها و غناها العلمي و الأدبي و الفلسفي و الاختلاط مع الوافد الأجنبي هي التي صاغت طبيعة المصطلح النقدي المتأثر بهذه البيئة في تجاذباتها العلائقية مع المكان و الزمان عند ابن المعتز و المرزباني ، مع ميل واضح عند ابن المعتز إلى اصطلاحات العرب البدوية الهاشمية أكثر من ميله إلى فارسية أخوال آبائه و أجداده الفرس ، و ميل المرزباني إلى اصطلاحات الحضارة الفارسية أكثر من ميله إلى طبيعة الثقافة السائدة الوعاء و هي ثقافة بغداد العربية ، و مع ذلك فبغداد العباسية فيها من المؤثرات الثقافية الفارسية بقدر ما فيها من العناصر الثقافية العربية ، و قد يبدو ذلك جليا حتى عند أنصار العربنة العباسية بمن فيهم خلفاء بني العباس .

ليست العلوم في علاقتها بالنقد الأدبي على مسافة واحدة منه ، فبعض العلوم تحقق معه التجانس كعلوم اللغة و اللسان و الأدب وبعضها تقترب منه كالمنطق و الفلسفة و بعضها تعدمه من منظور النقد الأدبي القديم كالطب و الحساب و الهندسة و غيرها ، (( و مما يلاحظ أن النقد الأدبي في حد ذاته عاش و ترعرع في أحضان علوم أخرى سلبته كثيرا من شخصيته المستقلة و طبعته بطابعها ردحا من الزمن ، فعد جزءا من تلك العلوم مثل علم اللغة و البلاغة و التاريخ و الأدب و النحو و غيرها إلى أن خرجت الفئة المتخصصة في القرن الثالث الهجري التي تمرست بكثير من قضايا النقد الأدبي مما آذن بظهور مناهج نقدية و مقاييس فنية ، بيد أن المصطلح النقدي ولد و تشكل قبل منهجية النقد الأدبي ))[5] و لذلك تجاوزت هذه العلوم في علاقتها بالنقد المساعدة و المساندة إلى اتخاذها كمقاييس ، و لذلك قيل المعيار البلاغي و المعيار البياني و المعيار اللغوي و المعيار النحوي و المعيار الموسيقي العروضي ... الخ

عبد الله بن المعتز ( الترف و التفرغ )

النشأة العلمية هي الضامن للصياغة المذهبية العلمية و الدينية ، أو الإيديولوجية و من ثمة النظرة وفقها للنص الأدبي ، و النشأة التعليمية تحديدا ، فابن المعتز السني صاغته مدرسة هي بالضرورة تختلف عن مدرسة مؤدبي المأمون و مدرسي المعتصم ، فمن أساتذة ابن المعتز أبو العباس المبرد صاحب الكامل و أبو جعفر بن زياد الضبي صاحب القراءات و النحو و الأديب أبو الحسن الدمشقي و أبو علي العنزي و أبو العباس ثعلب إمام اللغة و النحو .

فهذه المدرسة هي التي أنتجت شخصية ابن المعتز العالم و السياسي و الشاعر و البلاغي الناقد كما هو الحال هاهنا ، و كان ابن المعتز كما يذكر عمر فروخ أيضا أديبا شاعرا و ناقدا عالما مصنفا يجيد فني النظم و النثر واسع الثقافة بعدد من فنون المعرفة بصيرا بطبيعة الألحان من كتبه البديع ، فضول التماثيل ، طبقات الشعراء المحدثين ، أشعار الملوك ، سرقات الشعراء ، مكاتبات الإخوان بالشعر ، الجامع في الغناء [6]

و هو نفسه ما يذكره شوقي ضيف نقلا عن أصحاب التراجم و السير و مشيرا إلى المدرسة التي خرجت ابن المعتز من خلال شيوخه و أساتذته فيقول : (( كان ابن المعتز شاعرا مصنفا من أصحاب مذهب التصنيع ، و كان يعجب بهذا المذهب إعجابا شديدا دعاه إلى أن يكتب في أدواته و زخرفه كتابه البديع وهو يشهد له بأنه كان فنانا يحسن وضع المصطلحات الفنية ))[7] و لا بأس أن نستأنس هنا أيضا بكلام جرجي زيدان الذي يقول عنه : (( كان من الأدباء و العلماء تثقف على المبرد و غيرهما ، و اشتغل بالعلم و الأدب ، كتاب البديع من أهم كتبه بالنظر إلى اختصاصه في هذا الفن ))[8] و هو هنا ( جرجي زيدان ) يرمز في مسألة صياغة شخصية ابن المعتز العلمية و النقدية إلى الشيوخ و الأساتذة سواء فيما يتعلق بأسمائهم كأعلام ذوي شهرة و علم أم فيما يتعلق باختصاصاتهم العلمية من رواية للأدب و نحو و صرف و غيرها .

ثم ننتقل من ابن المعتز إلى أثره ، فالبديع لابن المعتز و إن كان كتاب بلاغة بالدرجة الأولى إلا أنه يتحدث عن بلاغة النص الأدبي مما يمس بصفة وطيدة النقد الأدبي ، لأنه و هو يعدد ألوان البلاغة يعددها واردة في النص الأدبي شعرا أم نثرا معبرة عن البيان و الحسن و الجودة أو القبح و الرداءة في النص الأدبي ، و من أجل دلك جاز لنا أن نبحث في دلائل الجرجاني و أسرار بلاغته عن شيء هو النقد ، و ذلك من خلال التمظهرات التالية لعملية النقد .

فأما الأول فهو التمثيل فكلما تحدث ابن المعتز عن صنف من أصناف البلاغة و هو البديع سواء في محاسن الشعر أم في عيوبه ضرب عليه مثلا من الشعر أم من النثر سواء للقدماء أم للمحدثين ، و بغض النظر على أن مصطلحي القدماء و المحدثين مصطلحان نقديان بالدرجة الأولى .

و أما الثاني فهو الشرح فابن المعتز يعمد إلى شرح الأمثلة التي يوردها و يعلق على حسنها أم قبحها مركزا على ما تعلق منها بالنوع الذي يتحدث عنه من محاسن البلاغة أو عيوب المعاني التي تحدث عنها البلاغيون جميعا و انفرد ابن المعتز بتسمية و اكتشاف و تفصيل أو إجمال أو اختزال بعضها .

و أما الأمر الثالث الذي يظهر فيه النقد عند ابن المعتز فهو الاختيار في حد ذاته ، فكلما تحدث ابن المعتز عن محسن من محسنات البلاغة أورد عليه أحسن بيت شعري أو أكثر توفر فيه ذلك الصنف البلاغي و كلما تحدث عن عيب من عيوب النثر أو الشعر أورد مثالا عليه أو أكثر توفر فيه هذا العيب ، و إنما اختار ابن المعتز هذا البيت دون غيره أو هذا القول دون غيره تعبيرا عن موقف نقدي تفضيلي رأى من خلاله أن هذا البيت أو القول النثري أفضل من غيره .

الأمر الرابع يتعلق بتمظهر الحكم بالجودة و الرداءة ، بل و التعليل أحيانا لهذا الحكم النقدي الذي يطلقه ابن المعتز كلما أورد بيتا أو قولا مدللا به على أصناف البيان و البديع ، هذا الحكم النقدي ننتقل به إلى التمظهر الخامس و هو استخدام مصطلحات القيمة النقدية و التي تعبر بالضرورة عن المفهوم النقدي ، فإن كانت مصطلحات التفضيل و المفاضلة و القيمة من مثل :(( السبق و الفن و الإحسان و الإفراط و الإسراف و الإساءة و الحسن و البديع بمعنى الجميل و العدل و الغلبة و المنظوم و المنثور و الكلام و الشعر و التفسير و المتقدمين و المحدثين و لا خير في هذا الرأي الفطير و الكلام القضيب و القول و مأخوذ من و أي التفسيرية و المعنى و الإصابة و العيب و التجنب و العجيب في هذا الباب و التجنيس و السرقة و المعيب و المذهب الكلامي و التكلف و المعاندة و المغرم بالاعتراض على الفضائل و نقاد المتأدبين و محاسن الكلام و محاسن الشعر و مما ملح في هذا المعنى و حسن التشبيه و حسن الابتداءات و من إعنات الشاعر نفسه في القوافي و تكلفه من ذلك ما ليس له )) و مصطلحات البلاغة النقدية أو النقد البلاغي من مثل ( ( الاستعارة و التشبيه و الالتفات و تأكيد المدح بما يشبه الذم و تجاهل العارف و التجنيس و التعريض و التعقيد و حسن التضمين و حسن الخروج و الرجوع و رد الأعجاز على الصدر و الكناية و مرسل من الكلام و مطابقة و هزل يراد به الجد )) إلى غير ذلك من المصطلحات النقدية المرتبطة بالبلاغة و التي وردت في كتاب ابن المعتز البديع بلو هي تعبر عن البلاغة من حيث علاقتها بالنقد ، و إذا كان لفظ أي يعبر عن الشرح فإن ألفاظ القيمة و التفضيل من مثل : السبق ، الفن ، غلب عليه ، فأحسن في بعض ذلك و أساء ، تعبر لا محالة عن النقد و ما أكثر ورودها في كتاب البديع لابن المعتز .

مصطلحات النقد البلاغي عند المرزباني 296 هـ 384 هـ

مثلما فعلنا مع ابن المعتز السني نفعل مع المرزباني المعتزلي ، فمن أساتذته عبد الله بن محمد البغوي ، أبي بكر بن أبي داوود السجستاني ، ابن الأنباري ، ابن دريد ، ابي القاسم البغدادي

كان ذكيا ممتع المحاضرة و المذاكرة و راوية للأدب واسع العلم بفنون اللغة و الأدب من كتبه الموشح ، كتاب الشعر ، أشعار النساء ، أشعار الخلفاء ، كتاب المراثي ، شعر الشيعة ، أخبار عبد الصمد بن المعدل ، أخبار أبي تمام ، أعيان الشعر في المديح و الفخر و الهجو ، شعر يزيد بن معاوية ، المفصل في البيان و الفصاحة ، الرائق في أخبار الغناء و الأصوات و نسبتها إلى المغنين ))[9] مما يعني أن الرجل و رغم كونه معتزليا إلا أنه تتلمذ على نخبة كبيرة من علماء اللغة و البلاغة و البيان ، مما يعني ارتباط نقده في كتابه الموشح بالبلاغة و لو بخيط رفيع إذا نظرنا إلى الغاية التي ألف من أجلها الكتاب .

ما إذن أشبه كتاب الموشح للمرزباني بكتاب البديع لابن المعتز من خلال الموضوعات التي تكلم عنها الرجلان من حيث محاسن الشعر و النثر و عيوبهما ، لولا أن غاية ابن المعتز في كتابه البديع هي البلاغة بالدرجة الأولى كعلم يحاول أن يحصر أنواعه و أقسامه ثم يدلل عليها بالواقع الأدبي ، و غاية المرزباني في كتابه الموشح هي الشعر من خلاله كونه حسنا أم رديئا من منظور العلماء و على رأسهم علماء البلاغة ، و هنا نقطة التلاقي ، ثم علماء اللغة و النحو في الدرجة الثانية ، و دون أن نغفل أن البديع لابن المعتز شامل للشعر و النثر و الموشح للمرزباني خاص بالشعر وحده دون النثر .

و لذلك تتكرر التمظهرات النقدية التي تحدثنا عنها في كتاب ابن المعتز هنا و نحن نتحدث عن الموشح للمرزباني ، حاشا ما تعلق بالمصطلحات المستخدمة من قبل المرزباني فهي ليست نفسها . و من ذلك نجد بالإضافة إلى ألفاظ القيمة و المفاضلة التي ذكرناها عند ابن المعتز ألفاظ النقد البلاغي التالية : (( الإقواء ، الإكفاء ، الإيطاء ، السناد ، التأسيس ، الردف ، الحذو ، التوجيه ، الإشباع ، المجرى ، النفاذ ، التضمين ، المقلوب )) كما نجد المصطلحات التالية : (( خير الكلام المستغني بنفسه ، الألفاظ المستكرهة الرديئة النسج ، التقديم و التأخير و التعقيد ، اختلاف القوافي في الإعراب ، حوشي الكلام ، التناقض ، الكذب في الشعر ، التكلف ، ما يتطير منه ، المشاكلة بين المصراعين ، استعمال الألفاظ الأعجمية ، المدح بالصفة الثابتة أفضل ، حسن الديباجة ، عود الضمير على متأخر ، المعاني التي يقال فيها الشعر ، الاستعارة القبيحة ، الخطأ في الوصف ، المبالغة ، التخليع ، التزحيف ، فساد التقسيم ... الخ )) بالإضافة إلى ما يزيد عن المائة و الثلاثين ( 130 )مصطلحا آخر يمكن ذكرها عند المرزباني .

خاتمة

هكذا إذن و عبر هذه الإطلالة الخفيفة على كتابين عباسيين اختص الأول منهما بالبلاغة و خرج إلى النقد و اختص الثاني بالنقد و خرج إلى البلاغة و تلاقى الكتابان في استخدام المصطلح النقدي ذاته .

و هكذا إذن تعاونت عدة عوامل و تآزرت في خلق اشتراك مصطلحي نقدي عند كل من عبد الله بن المعتز العالم و الناقد البلاغي و عند محمد بن عمران المرزباني في كتابه الموشح .

و مهما يكن من اختلاف في المذهب بين هذين العالمين إلا أن المصطلحات واحدة سواء كانت مصطلحات التفاضل البقيمي أم مصطلحات الفنون البلاغية و العيوب و المحاسن البلاغية و العروضية في النص الشعري العربي و النص النثري على حد سواء .

نعم لقد كانت غزارة المصطلح النقدي عند المرزباني أكثر منها عند ابن المعتز و ذلك راجع لاختصاص الموشح بالنقد و خروجه إلى البلاغة و اختصاص البديع بالبلاغة و خروجه إلى النقد الأدبي كما أسلفنا ، و يرجع الأمر أيضا إلى صغر حجم كتاب البديع فهو يتربع على حوالي 77 صفحة من القطاع المتوسط بينما يتربع كتاب الموشح على ما يزيد على 460 صفحة من نفس القطاع .

_ الأمير مصطفى الشهابي: المصطلحات العلمية في اللغة العربية في القديم و الحديث، ص: 06.

[1] - عبد الله سالم المعطاني: أثر البيئة في المصطلح النقدي القديم، قراءة جديدة لتراثنا النقدي، كتاب أبحاث ومناقشات الندوة التي أقيمت في النادي الأدبي الثقافي بجدة، المملكة العربية السعودية، 59، د ط، 1990،ج 01، ص: 230، 231.

[2] - عبد الله سالم المعطاني : أثر البيئة في المصطلح النقدي القديم ، قراءة جديدة لتراثنا النقدي، كتاب أبحاث ومناقشات الندوة التي أقيمت في النادي الأدبي الثقافي بجدة، المملكة العربية السعودية ، 59، د ط، 1990، ج 01، ص: 231.

[3]- عبد الله سالم المعطاني : أثر البيئة في المصطلح النقدي القديم، قراءة جديدة لتراثنا النقدي، كتاب أبحاث ومناقشات الندوة التي أقيمت في النادي الأدبي الثقافي بجدة ،المملكة العربية السعودية، 59، د ط ، 1990،ج 01، ص: 231.

[4] - لطفي عبد البديع: الاسم والمسمى، قراءة جديدة لتراثنا النقدي، كتاب أبحاث ومناقشات الندوة التي أقيمت في النادي الأدبي الثقافي بجدة، المملكة العربية السعودية، 59، د ط، 1990، ج 01، ص: 206.

[5] - عبد الله سالم المعطاني : الاسم و المسمى ، قراءة جديدة لتراثنا النقدي ، كتاب أبحاث و مناقشات الندوة التي أقيمت في النادي الأدبي الثقافي بجدة ، المملكة العربية السعودية ، 59 ، د ط ، 1990 ، ج 01، ص : 229 .

[6] - عمر فروخ : تاريخ الأدب العربي ، دار العلم للملايين ، بيروت لبنان ، ط 03 ، 1980 ، ج 03 ، ص : 378 .

[7] - شوقي ضيف : الفن و مذاهبه في الشعر العربي ، دار المعارف ، القاهرة مصر ، ط 08 ، د ت ، ص : 265 .

[8] - جرجي زيدان : تاريخ آداب اللغة العربية ، منشورات دار مكتبة الحياة ، بيروت لبنان ، د ط ، 1983 ، ص : 471 .

[9]- عمر فروخ : تاريخ الأدب العربي ، دار العلم للملايين ، بيروت لبنان ، ط 03 ، 1980 ، ج 02 ، ص : 555 .



- د. عبد العزيز شويط
جامعة جيجل(الجزائر )


تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى