بحسب المعطيات والإحصائيات التي نُشرت في الصحف في الأسبوع الماضي؛ يُستنتج أن حوادث العمل تزداد بشكل يومي في السنوات الأخيرة؛ وبسببها؛ هناك مَن لَقوا حتفهم، وهناك مَن أقعدتهم عن العمل وظلّوا يقاسون العجز، أو يعانون من الآلام نتيجة إصاباتهم.
لا تهمني عادة الإحصائيات إذا لم يكن الهدف منها استخلاص النتائج بهدف التغيير، أو إذا لم تضئ اللون الأحمر أمام المسؤولين ومتخذي القرارات. فلماذا تخرج علينا وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة كلّما لقيَ عامل حتفَه في حادث عمل معلنة: " لقي عامل حتفه... وهو الضحية رقم ...؟ وتشدّد على عدد الذين راحوا ضحايا لحوادث العمل دون التطرق الى العوامل التي تؤدي الى الحوادث أو بإجراء تحقيقات صحفية قد تكون ضاغطة على متخذي القرارات لاتخاذ خطوات عملية لتحدّ من وقوع الحوادث، كَسنِّ قوانين مثلًا؟ ماذا تُجدي معرفة كم بلغ عدد الذين لقوا حتفهم في حوادث العمل فقط، منذ بداية سنة 2019؟ او كم بلغ عددهم في المجتمع العربي الفلسطيني داخل اسرائيل في هذه السنة؟ فالأم التي فقدت فلذة كبدها والأخت التي خسرت أخاها، والزوجة التي فقدت شريك حياتها وأب أولادها أو لِنقُل العائلة التي فقدت فردًا من أفرادها في حوادث العمل، لا تقف عند العدد أو الرقم؛ وإنما ما يشغلها هو مصابها الأليم، وفداحة الخسارة التي ألمت بها، ومدى حزنها وألمها على مَن فقدت. أما العدد 14، عدد الضحايا العرب الذين لقوا حتفهم في حوادث العمل خلال أقل من أربعة شهور في سنة 2019، فجدير أن يُعرف، بل وأن يُلوح به لكي يُسلِّط أمام أعين المسؤولين وأمام أعيننا، كأفراد مجتمع، ضوءًا أحمر، مع رجائي أن لا نكون مصابين بعمى الألوان.
ان الذين راحوا ضحية حوادث العمل من العرب (وبالذات في فرع البناء)، ليس لأن ذلك قدرهم المحتوم؛ وإنما لأن هناك العديد من الأسباب الأخرى، يُرجعها أصحاب العمل الى إهمال العمال، وقلة انتباههم وتركيزهم أثناء العمل.
حسنا؛ لنقل إن هناك أسباب تتعلق بالعامل نفسه مثل النقص بقدراته، أو توازنه الانفعالي أو عدم ملاءمته للعمل، أو عدم توفر الرغبة والدوافع النفسية لديه للعمل. لكن ماذا عن نقص قواعد السلامة المهنية في بيئة العمل التي يتواجد فيها العمال؟ مثل: سلامة آلات ومعدات العمل، توفير ملابس آمنة للعمال والتشديد على ارتدائها أثناء العمل بل ومراقبة ذلك؟ ماذا عن عدد ساعات العمل؟ ماذا عن العمل في بيئة تحتوي على مواد سامة كانبعاث الغازات السامة مثلا؟ ماذا عن العمل في الحر أو في الليل، أو في بيئة لا تتوفر فيها الإضاءة الكافية؟
أمر مُلفت للانتباه هو أن معظم حوادث العمل الأخيرة والتي راح ضحيتها عمالًا، وقعت قبل الغروب بقليل، أي مع اقتراب نهاية يوم العمل، حيث يكون التعب قد نال من العامل، وأمست الإضاءة الطبيعية قليلة. ثم ماذا عن عدد ساعات السفر التي يسافرها العامل ليصل الى مكان عمله البعيد كيلومترات كثيرة عن مكان سكناه لقلة توفر أماكن العمل في بلده؟ ماذا عن أرباب العمل الذين يطالبون العمال بإنجاز العمل بأسرع وقت؟ ماذا عن عمل الفتيان قليلي الخبرة، وعن عمل الذين تعدّوا جيل الستين وقد أنهكهم العمل المضنى ونال من خفة حركتهم، وليونة أجسادهم؟
هذه الأسباب وغيرها كثير، تتسبب بوقوع حوادث العمل التي تؤدي الى خسارة الأرواح وإلى الإصابات الخطيرة، مَن المسؤول عنها؟
لِنقُل أن هناك مسؤولية تقع على العامل نفسه، حيث يتوّجب عليه أخذ الحيطة والانتباه لأمنه وسلامته، ولكن ماذا عن الأسباب الأخرى؟ لا يعقل أن نلوم العامل الذي يبحث عن لقمة عيشه وقوت أبنائه، ونحمِّله كامل المسؤولية عنها؟ إذ ماذا عن تقاعس النقابات العمالية التي لا تعلن عن إضراب ولو ليوم واحد على الأقل، لتعبّر عن استيائها ورفضها للحاصل في ساحات العمل؟ ماذا عن الجهات المسؤولة التي أقصى رد فعلها على حدوث حادث عمل قاتل بسبب إهمال ما في ورشة عمل، وبالذات في فرع البناء، هو إغلاق ورشة العمل ليوم واحد، أو يومين فقط؟ ثم ماذا عن مديري العمل وأرباب العمل الذين لا يزورون ورشات العمل ليراقبوا ظروف الأمان والسلامة فيها الا نادرا؟ وماذا عن السلطة التشريعية التي لا تعطي الأهمية الكافية للعمل والعمال وسنّ القوانين، ومناقشة حوادث العمل الآخذة بالازدياد؟ ثم ماذا عن الحكومة ومسؤوليتها في توفير أماكن عمل قريبة من سكن الأفراد؟ وماذا عن الجمعيات؟ وماذا عن الأحزاب التي كان العامل يوما من أهم اهتماماتها؟
عشية يوم العمال العالمي والذي يصادف الأول من شهر أيار، يجب أن توضع قضية العامل وسلامته وأمنه وكل ما يتعلق بعيشه بكرامة على طاولة المسؤولين وأصحاب القرار لبحثها ومناقشتها واستنتاج النتائج، لا أن يطلوا علينا في وسائل الاعلام المختلفة مهنئين العامل بيومه فقط. أما النقابات العمالية فمسؤوليتها المطالبة ثم المطالبة ثم المطالبة بتحسين ظروف عمل العمال ورفع أجورهم، وو.. لأنه كما يقال: "ما بضيع حق وراه مطالب".
الرحمة لضحايا حوادث العمل، والخير كله لكل عمال العالم.
لا تهمني عادة الإحصائيات إذا لم يكن الهدف منها استخلاص النتائج بهدف التغيير، أو إذا لم تضئ اللون الأحمر أمام المسؤولين ومتخذي القرارات. فلماذا تخرج علينا وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة كلّما لقيَ عامل حتفَه في حادث عمل معلنة: " لقي عامل حتفه... وهو الضحية رقم ...؟ وتشدّد على عدد الذين راحوا ضحايا لحوادث العمل دون التطرق الى العوامل التي تؤدي الى الحوادث أو بإجراء تحقيقات صحفية قد تكون ضاغطة على متخذي القرارات لاتخاذ خطوات عملية لتحدّ من وقوع الحوادث، كَسنِّ قوانين مثلًا؟ ماذا تُجدي معرفة كم بلغ عدد الذين لقوا حتفهم في حوادث العمل فقط، منذ بداية سنة 2019؟ او كم بلغ عددهم في المجتمع العربي الفلسطيني داخل اسرائيل في هذه السنة؟ فالأم التي فقدت فلذة كبدها والأخت التي خسرت أخاها، والزوجة التي فقدت شريك حياتها وأب أولادها أو لِنقُل العائلة التي فقدت فردًا من أفرادها في حوادث العمل، لا تقف عند العدد أو الرقم؛ وإنما ما يشغلها هو مصابها الأليم، وفداحة الخسارة التي ألمت بها، ومدى حزنها وألمها على مَن فقدت. أما العدد 14، عدد الضحايا العرب الذين لقوا حتفهم في حوادث العمل خلال أقل من أربعة شهور في سنة 2019، فجدير أن يُعرف، بل وأن يُلوح به لكي يُسلِّط أمام أعين المسؤولين وأمام أعيننا، كأفراد مجتمع، ضوءًا أحمر، مع رجائي أن لا نكون مصابين بعمى الألوان.
ان الذين راحوا ضحية حوادث العمل من العرب (وبالذات في فرع البناء)، ليس لأن ذلك قدرهم المحتوم؛ وإنما لأن هناك العديد من الأسباب الأخرى، يُرجعها أصحاب العمل الى إهمال العمال، وقلة انتباههم وتركيزهم أثناء العمل.
حسنا؛ لنقل إن هناك أسباب تتعلق بالعامل نفسه مثل النقص بقدراته، أو توازنه الانفعالي أو عدم ملاءمته للعمل، أو عدم توفر الرغبة والدوافع النفسية لديه للعمل. لكن ماذا عن نقص قواعد السلامة المهنية في بيئة العمل التي يتواجد فيها العمال؟ مثل: سلامة آلات ومعدات العمل، توفير ملابس آمنة للعمال والتشديد على ارتدائها أثناء العمل بل ومراقبة ذلك؟ ماذا عن عدد ساعات العمل؟ ماذا عن العمل في بيئة تحتوي على مواد سامة كانبعاث الغازات السامة مثلا؟ ماذا عن العمل في الحر أو في الليل، أو في بيئة لا تتوفر فيها الإضاءة الكافية؟
أمر مُلفت للانتباه هو أن معظم حوادث العمل الأخيرة والتي راح ضحيتها عمالًا، وقعت قبل الغروب بقليل، أي مع اقتراب نهاية يوم العمل، حيث يكون التعب قد نال من العامل، وأمست الإضاءة الطبيعية قليلة. ثم ماذا عن عدد ساعات السفر التي يسافرها العامل ليصل الى مكان عمله البعيد كيلومترات كثيرة عن مكان سكناه لقلة توفر أماكن العمل في بلده؟ ماذا عن أرباب العمل الذين يطالبون العمال بإنجاز العمل بأسرع وقت؟ ماذا عن عمل الفتيان قليلي الخبرة، وعن عمل الذين تعدّوا جيل الستين وقد أنهكهم العمل المضنى ونال من خفة حركتهم، وليونة أجسادهم؟
هذه الأسباب وغيرها كثير، تتسبب بوقوع حوادث العمل التي تؤدي الى خسارة الأرواح وإلى الإصابات الخطيرة، مَن المسؤول عنها؟
لِنقُل أن هناك مسؤولية تقع على العامل نفسه، حيث يتوّجب عليه أخذ الحيطة والانتباه لأمنه وسلامته، ولكن ماذا عن الأسباب الأخرى؟ لا يعقل أن نلوم العامل الذي يبحث عن لقمة عيشه وقوت أبنائه، ونحمِّله كامل المسؤولية عنها؟ إذ ماذا عن تقاعس النقابات العمالية التي لا تعلن عن إضراب ولو ليوم واحد على الأقل، لتعبّر عن استيائها ورفضها للحاصل في ساحات العمل؟ ماذا عن الجهات المسؤولة التي أقصى رد فعلها على حدوث حادث عمل قاتل بسبب إهمال ما في ورشة عمل، وبالذات في فرع البناء، هو إغلاق ورشة العمل ليوم واحد، أو يومين فقط؟ ثم ماذا عن مديري العمل وأرباب العمل الذين لا يزورون ورشات العمل ليراقبوا ظروف الأمان والسلامة فيها الا نادرا؟ وماذا عن السلطة التشريعية التي لا تعطي الأهمية الكافية للعمل والعمال وسنّ القوانين، ومناقشة حوادث العمل الآخذة بالازدياد؟ ثم ماذا عن الحكومة ومسؤوليتها في توفير أماكن عمل قريبة من سكن الأفراد؟ وماذا عن الجمعيات؟ وماذا عن الأحزاب التي كان العامل يوما من أهم اهتماماتها؟
عشية يوم العمال العالمي والذي يصادف الأول من شهر أيار، يجب أن توضع قضية العامل وسلامته وأمنه وكل ما يتعلق بعيشه بكرامة على طاولة المسؤولين وأصحاب القرار لبحثها ومناقشتها واستنتاج النتائج، لا أن يطلوا علينا في وسائل الاعلام المختلفة مهنئين العامل بيومه فقط. أما النقابات العمالية فمسؤوليتها المطالبة ثم المطالبة ثم المطالبة بتحسين ظروف عمل العمال ورفع أجورهم، وو.. لأنه كما يقال: "ما بضيع حق وراه مطالب".
الرحمة لضحايا حوادث العمل، والخير كله لكل عمال العالم.