من المعروف أن خلفياتنا الثقافية تؤثر بقوة على كيفية تصرفنا عند التحدث بلغة أجنبية.
ولكن في السنوات الأخيرة أظهرت عدة دراسات أن شخصياتنا قد تتغير بناءً على اللغة التي نتحدثها أو نتعلمها.
البعض يربط ذلك بثقافة لغة البلد التي تعلمها وطريقة تفاعلهم مع الحياة حيث يشعر بعض المهاجرين الى الولايات المتحدة بأنهم أكثر حرية الى درجة الشعور بالفضولية عند حديثهم باللغة الإنجليزية مقارنة بلغتهم الأم خصوصاً إذا كان سبب هجرتهم قضايا تتعلق بالقمع والاضطهاد في بلدهم الأم. كذلك يشعر بعض المتحدثين بالفرنسية بأن أسلوبهم أصبح أكثر لطافة وجاذبية ورومانسية مقارنة بحديثهم بلغتهم الأم، هذا أيضا يمكن تفسيره من خلال عوامل الدعاية الثقافية وطريقة تقديم شعوب هذه الدول لأنفسهم أو السمعة المأخوذة عنهم حول العالم. ومع ذلك تبقى هذه الآراء حبيسة تجارب شخصية ووجهات نظر لأصحابها لذلك لا يمكن الاعتماد عليها. من هنا جاءت الحاجة لأجراء دراسات وأبحاث علمية تفسر وتتحقق من هذه الظاهرة.
وفقاً لدراسة الباحثة في علم النفس الاجتماعي نيران إسبارزا في جامعة كونيتيكت (University of Connecticut) في المكسيك فان وجهات نظرنا حول الثقافة المرتبطة بلغة معينة قد تؤثر على سلوكنا عندما نتحدثها. تمت الدراسة على أمريكيين من أصول مكسيكية حيث يتحدثون كلا اللغتين الاسبانية والانجليزية وكانت النتائج تشير الى أنهم كانوا يتحدثون أكثر عن عائلاتهم وعلاقاتهم وهواياتهم عندما يتحدثون باللغة الاسبانية كون قيمة الأسرة والجماعة أهم وأكبر في المكسيك مقارنة بالولايات المتحدة الامريكية بينما عندما يتحدثون بالإنجليزية يظهرون ميلاً واضحا تجاه تركيزهم بالحديث عن انجازاتهم الشخصية وانشطتهم اليومية وهذا يعكس الثقافة الفردانية (التي تعتبر الفرد وليس الجماعة او العائلة محور المجتمع) السائدة في أمريكا الشمالية.
من هنا يتضح لنا بأنه لا يمكن عزل اللغات عن الروابط والخصائص الثقافية للشعوب التي تتحدثها، فالشخص بالمحصلة هو نتاج للسمات الثقافية للغة التي يتحدثها وهذا يلاحظه الأفراد ثنائيي أو متعددي اللغات أكثر من غيرهم.
يبدو أيضا أننا في اللحظة التي نتحدث فيها إلى شخص ما، فإننا نتبادل معه ثقافتنا وهويتنا أو العكس اعتمادا على اللغة الأصلية المستخدمة لكلا الطرفين. لذا من الممكن أيضًا أن تكون البيئة التي نكتسب فيها لغة ثانية أمرًا حاسمًا لشعورنا بذواتنا في تلك اللغة. بمعنى آخر، إذا كنت تدرس لغة الماندرين أثناء إقامتك في الصين، فسوف يتم دمج الملاحظات الشخصية التي تدلي بها حول الأفراد والثقافة من حولك في إحساسك بهويتك كمتحدث بلغة الماندرين. بينما إذا كنت تدرس لغة الماندرين في فصل دراسي في بريطانيا مثلاً، فمن المحتمل أن تدمج آراء معلمك وعلاقاته بالثقافة الصينية، حتى لو كانت هذه المعتقدات مبنية على الصور النمطية غير الدقيقة. أما إذا تعلمت لغة بدون أي سياق ثقافي، فقد لا يكون لها تأثير بارز على شخصيتك.
من ناحية أخرى، فقد ظهرت دراسات جديدة تختبر تأثير اللغة على سلوك الأفراد من ناحية اقتصادية مثلاً اعتمادًا على تركيبها من حيث القواعد النحوية وليس تأثير سياقها الثقافي، هذه الدراسات تقسم اللغات وفقاً لقوة زمن المستقبل بها واستقلاليته عن زمن الحاضر (من المعروف أن لكل لغة قواعد وهذه القواعد تشمل عدة أزمنة مثل الماضي، والمضارع، والمستقبل، وتفريعاتهم) الى لغات ذات ميل قوي في زمن المستقبل ولغات لها ميل ضعيف في زمن المستقبل. الباحث الاقتصادي كيث تشين (Keith Chen) درس هذا الخاصية في اللغات على سلوك الأفراد من حيث الادخار (توفير المال) وأمور أخرى تتعلق بالتخطيط لوضعهم الصحي مستقبلا مثل قدرتهم على ممارسة الرياضية بشكل منتظم والاقلاع عن التدخين.. الخ. اعتبر الباحث أن اللغة الإنجليزية تميل الى استخدام زمن مستقبل أكثر قوة من لغات أخرى مثل الألمانية والصينية. مثلا عندما نقول سوف أسافر غدا، بالإنجليزية: I will travel tomorrow ولكن يعادلها بالألمانية أو الصينية نفس الجملة لكن بدون will حيث تكتفي اللغتان باستخدام زمن المضارع مع كلمة دالة على المستقبل (مثل tomorrow). وجد الباحث أن المتحدثين بلغات ذات زمن مستقبل ضعيف يكونون أكثر قدرة والتزام بخصوص التخطيط للمستقبل. كون المتحدثين بهذه اللغات يعتبرون المستقبل قريبا من الناحية النحوية من الحاضر وبالتالي تكون سلوكياتهم مثل الادخار المالي والاقلاع عن التدخين وممارسة الرياضة أكثر احتمالية وانضباطاً مقارنة بنظرائهم من الذين يتحدثون لغات ذات زمن مستقبل أكثر قوة واستقلالية عن زمن الحاضر (المضارع).
في النهاية، يمكننا الوصول ببساطة الى نتيجة مفادها أن الأشخاص الذين يتعلمون لغة مرتبطة بثقافة يعجبون بها لا يحصلون فقط على مجرد قواعد ومفردات هذه اللغة؛ بل يمكنهم أيضًا اضافة جوانب جديدة الى أنماطهم الشخصية. بالإضافة لذلك فإن التركيبات النحوية المتنوعة والمميزة للغات قد تؤثر بشكل واضح على طريقة تفكير وسلوك الناطقين بها خلال حياتهم.
ولكن في السنوات الأخيرة أظهرت عدة دراسات أن شخصياتنا قد تتغير بناءً على اللغة التي نتحدثها أو نتعلمها.
البعض يربط ذلك بثقافة لغة البلد التي تعلمها وطريقة تفاعلهم مع الحياة حيث يشعر بعض المهاجرين الى الولايات المتحدة بأنهم أكثر حرية الى درجة الشعور بالفضولية عند حديثهم باللغة الإنجليزية مقارنة بلغتهم الأم خصوصاً إذا كان سبب هجرتهم قضايا تتعلق بالقمع والاضطهاد في بلدهم الأم. كذلك يشعر بعض المتحدثين بالفرنسية بأن أسلوبهم أصبح أكثر لطافة وجاذبية ورومانسية مقارنة بحديثهم بلغتهم الأم، هذا أيضا يمكن تفسيره من خلال عوامل الدعاية الثقافية وطريقة تقديم شعوب هذه الدول لأنفسهم أو السمعة المأخوذة عنهم حول العالم. ومع ذلك تبقى هذه الآراء حبيسة تجارب شخصية ووجهات نظر لأصحابها لذلك لا يمكن الاعتماد عليها. من هنا جاءت الحاجة لأجراء دراسات وأبحاث علمية تفسر وتتحقق من هذه الظاهرة.
وفقاً لدراسة الباحثة في علم النفس الاجتماعي نيران إسبارزا في جامعة كونيتيكت (University of Connecticut) في المكسيك فان وجهات نظرنا حول الثقافة المرتبطة بلغة معينة قد تؤثر على سلوكنا عندما نتحدثها. تمت الدراسة على أمريكيين من أصول مكسيكية حيث يتحدثون كلا اللغتين الاسبانية والانجليزية وكانت النتائج تشير الى أنهم كانوا يتحدثون أكثر عن عائلاتهم وعلاقاتهم وهواياتهم عندما يتحدثون باللغة الاسبانية كون قيمة الأسرة والجماعة أهم وأكبر في المكسيك مقارنة بالولايات المتحدة الامريكية بينما عندما يتحدثون بالإنجليزية يظهرون ميلاً واضحا تجاه تركيزهم بالحديث عن انجازاتهم الشخصية وانشطتهم اليومية وهذا يعكس الثقافة الفردانية (التي تعتبر الفرد وليس الجماعة او العائلة محور المجتمع) السائدة في أمريكا الشمالية.
من هنا يتضح لنا بأنه لا يمكن عزل اللغات عن الروابط والخصائص الثقافية للشعوب التي تتحدثها، فالشخص بالمحصلة هو نتاج للسمات الثقافية للغة التي يتحدثها وهذا يلاحظه الأفراد ثنائيي أو متعددي اللغات أكثر من غيرهم.
يبدو أيضا أننا في اللحظة التي نتحدث فيها إلى شخص ما، فإننا نتبادل معه ثقافتنا وهويتنا أو العكس اعتمادا على اللغة الأصلية المستخدمة لكلا الطرفين. لذا من الممكن أيضًا أن تكون البيئة التي نكتسب فيها لغة ثانية أمرًا حاسمًا لشعورنا بذواتنا في تلك اللغة. بمعنى آخر، إذا كنت تدرس لغة الماندرين أثناء إقامتك في الصين، فسوف يتم دمج الملاحظات الشخصية التي تدلي بها حول الأفراد والثقافة من حولك في إحساسك بهويتك كمتحدث بلغة الماندرين. بينما إذا كنت تدرس لغة الماندرين في فصل دراسي في بريطانيا مثلاً، فمن المحتمل أن تدمج آراء معلمك وعلاقاته بالثقافة الصينية، حتى لو كانت هذه المعتقدات مبنية على الصور النمطية غير الدقيقة. أما إذا تعلمت لغة بدون أي سياق ثقافي، فقد لا يكون لها تأثير بارز على شخصيتك.
من ناحية أخرى، فقد ظهرت دراسات جديدة تختبر تأثير اللغة على سلوك الأفراد من ناحية اقتصادية مثلاً اعتمادًا على تركيبها من حيث القواعد النحوية وليس تأثير سياقها الثقافي، هذه الدراسات تقسم اللغات وفقاً لقوة زمن المستقبل بها واستقلاليته عن زمن الحاضر (من المعروف أن لكل لغة قواعد وهذه القواعد تشمل عدة أزمنة مثل الماضي، والمضارع، والمستقبل، وتفريعاتهم) الى لغات ذات ميل قوي في زمن المستقبل ولغات لها ميل ضعيف في زمن المستقبل. الباحث الاقتصادي كيث تشين (Keith Chen) درس هذا الخاصية في اللغات على سلوك الأفراد من حيث الادخار (توفير المال) وأمور أخرى تتعلق بالتخطيط لوضعهم الصحي مستقبلا مثل قدرتهم على ممارسة الرياضية بشكل منتظم والاقلاع عن التدخين.. الخ. اعتبر الباحث أن اللغة الإنجليزية تميل الى استخدام زمن مستقبل أكثر قوة من لغات أخرى مثل الألمانية والصينية. مثلا عندما نقول سوف أسافر غدا، بالإنجليزية: I will travel tomorrow ولكن يعادلها بالألمانية أو الصينية نفس الجملة لكن بدون will حيث تكتفي اللغتان باستخدام زمن المضارع مع كلمة دالة على المستقبل (مثل tomorrow). وجد الباحث أن المتحدثين بلغات ذات زمن مستقبل ضعيف يكونون أكثر قدرة والتزام بخصوص التخطيط للمستقبل. كون المتحدثين بهذه اللغات يعتبرون المستقبل قريبا من الناحية النحوية من الحاضر وبالتالي تكون سلوكياتهم مثل الادخار المالي والاقلاع عن التدخين وممارسة الرياضة أكثر احتمالية وانضباطاً مقارنة بنظرائهم من الذين يتحدثون لغات ذات زمن مستقبل أكثر قوة واستقلالية عن زمن الحاضر (المضارع).
في النهاية، يمكننا الوصول ببساطة الى نتيجة مفادها أن الأشخاص الذين يتعلمون لغة مرتبطة بثقافة يعجبون بها لا يحصلون فقط على مجرد قواعد ومفردات هذه اللغة؛ بل يمكنهم أيضًا اضافة جوانب جديدة الى أنماطهم الشخصية. بالإضافة لذلك فإن التركيبات النحوية المتنوعة والمميزة للغات قد تؤثر بشكل واضح على طريقة تفكير وسلوك الناطقين بها خلال حياتهم.