محمد السلاموني - ملاحظات على الرواية العربية

فى الجماليات الواقعية ، توجد فكرة (النمط) ، وتعنى أن الشخصية تمثل فئة إجتماعية ، هذا الملمح يضئ لنا جانبا هاما من عالمنا الروائى (العربى) ..
ـــ لو لم توجد الواقعية الأوربية ، لأوجدناها نحن ...
ذلك أن المنحى اللغوى (الكلى ، المجرد) الخاص بنا ، هو نفسه (ماهية الشئ) ، فكلمة (الباب) ، كما نجدها فى القاموس ، تعنى فكرة الباب المجردة من التشخيص والتعيين ، أى أنها تنطبق على جميع الأبواب ، أيا كانت هيئتها / لأن الماهية هى (النموذج البطنى) أى الكامن بداخل النوع ..
من هنا كان (النمط) ماهوى بطبعه ...
فـ (العامل) - على سبيل المثال - فى الأدب والمسرح الواقعيين ، ليس عاملا مفردا ، بل (جمع بصيغة المفرد) ، وكذلك (الرأسمالى والفلاح والشيخ ، وسائر الشخصيات الأخرى) ...
ولأن اللغة لدينا ذات عمق مقدس (بحكم ارتباطها بالدين) ، هذا إلى جانب إرتباطها العضوى بنظام الإشتقاق - كما أشرت من قبل - مما أدى إلى طرد الذات العربية (بمصادرة تجربتها مع وجود الموجود - كما أشرت من قبل أيضا) ، فقد تحولت إلى لغة ماهوية (كلية ، مجردة - تتمحور حول نماذج الأشياء ، لا الأشياء ذاتها ، هذا وتمثيل الشئ أو محاكاته عادة ما يتخذ من حقيقة أو من ماهية الشئ الثابتة - أى من نموذجه الباطنى - موضوعا له) ...
من هنا كانت التصنيفات العامة والكلية والمجردة (للشخصيات والأزمنة والأمكنة ...) هى موضوع الكتابة الروائية لدينا / وبطبيعة الحال ، يمكن إستبدال أى أيديولوجيا كلية بأخرى كلية أيضا ، دون أن تتأثر (البنية الماهوية) ذاتها بشئ ...
كل هذا - فيما أعتقد - مرجعه اللغة ، ولا مخرج للروائيين العرب من تلك التعميمات النموذجية (المرجعية) سوى بالمجاز ، وبالمجاز فقط .. / فهو وحده القادر على رد الإعتبار للإنسان العربى ، كذات تاريخية منتجة للمعنى ...

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى