عندما نسمع أو نقرأ كلمةَ "حقيقة"، سرعان ما يتبادر للذهن أن هذه الحقيقة تعبِّر عن شيءٍ ثابت بمعنى أن هذا الشيءَ لا يتغيَّر بتغيير الزمان و المكان.
و هنا، لا بدَّ من توضيح الفرق بين الحقيقة المطلقة و الحقيقة البشرية. الحقيقة المطلقة مستقلة عن الزمان و المكان بمعنى أنها ثابتةٌ و لا تتأثَّر بتغيير الزمان و المكان. و العقل البشري غير مؤهل لإدراكِها و لا يعلمها إلا الله سبحانه و تعالى. لنأخذ مثلا سورة الإخلاص : "قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد و لم يولد و لم يكن له كفواً أحد". سورة آياتُها أربعة و كل آية تشير إلى حقيقة مطلقة هي : الوحدانية، اختلاف ذات الله عن الذوات الأخرى التي خلقها، لا هو والدٌ و لا هو مولود و لا شَبَهَ له. و هي حقائق مطلقة مستقلة عن الزمان و المكان و لا يستطيع العقل البشري إدراكَها كما يُدركُ الأمورَ الدنيوية. ما يستطيع هذا العقل فعلَه هو الإيمان بها طبقا للعبادات التي جاء بها الدين الإسلامي.
أما الحقيقة، بالمفهوم البشري، تكون دائما مرتبطةً بالزمان و المكان و لا تكون فعلا حقيقةً إلا إذا اتفقت جماعةٌ من الناس لتجعل منها حقيقةً. و ما دامت هذه الأخيرة تستجيب لتعامل الناس فيما بينهم، فإنها تبقى ثابتةً و ساريةَ المفعول إلى أن يتغير الزمان و المكان اللذان نشأت فيهما. و لهذا فثبوت الحقيقة، من منظورٍ بشري، هو ثبوت نسبي.
و هذا يعني أن حياةَ الإنسان مبنيةٌ على حقائق نسبية، أي حقائق متفقٌ عليها جماعيا تُسهِّل التعامل بين الناس و التواصل فيما بينهم و التَّخاطب و التَّعايش و التّساكن و التَّتاجر…
و الحقائق النسبية لا تصمد أمام تغيير الزمان و المكان. و الأمثلة في هذا الصدد كثيرة و مُتنوِّعة إنْ على المستوى العلمي أو الثقافي أو الاجتماعي أو الاقتصادي. و كتوضيح لعدم صمود الحقائق النسبية أمام تغيير الزمان و المكان، أكتفِي بمثالٍ واحد مفادُه أن الكنسيةَ، في القرن السابع عشر، كانت تعتقد اعتقادا راسخا أن الكرةَ الأرضيةَ مُسطَّحةٌ و أنها تشكِّلُ مركزَ الكون. غير أن الباحث و عالِمُ الفلك، Galilée، بفضل ملاحظاته بواسطة مِنظارٍ فلكي، بيَّنَ أن الأرضَ كرويةُ أو بيضويةُ الشكل و أنها ليست مركزَ الكون بل فقط جزء من النظام الشمسي.
و ليتعاملَ الناسُ، بصفة عامة، و الباحثون بصفة خاصة مع الحقائق النسبية، لا بدَّ من التَّسلُّح بالفكر النقدي لإدراك أن المعارف التي يًنتِجها العقل البشري نسبيةٌ إلى حين. غير أن الفكر النقدي لا تُمطرُه السماء. إنه يُبنى بناءً و منذ نعومة الأظافر. و هنا يظهر الدور الحيوي للمدرسة في هذا البناء.
لكن، بقدر ما توليه المدرسةُ من اهتمامٍ بالغٍ لتبليغ المعرفة، فبقدرِ ما تُهملُ بناءَ الفكر النقدي عند المتعلِّمين. و الدليل على هذا الإهمال هو أن هؤلاء المتعلمين يعتقدون أن المعارف العلمية، على الخصوص، التي يتلقَّونها هي معارف ثابتة، أي لا تتغير و لن تتغير. و السبب الرئيسي في هذا الاعتقاد، هو أن المدزسةَ لا تولي أي اهتمام لظروف الزمان و المكان التي تم فيها إنتاج المعارف العلمية، و التي هي ظروف تاريخية، اجتماعية، ثقافية، اقتصادية، تقنية، دينية، فكرية… يتأثَّر بها الشخص الذي يُنتِج هذه المعارف.
د. أحمد الحطاب
و هنا، لا بدَّ من توضيح الفرق بين الحقيقة المطلقة و الحقيقة البشرية. الحقيقة المطلقة مستقلة عن الزمان و المكان بمعنى أنها ثابتةٌ و لا تتأثَّر بتغيير الزمان و المكان. و العقل البشري غير مؤهل لإدراكِها و لا يعلمها إلا الله سبحانه و تعالى. لنأخذ مثلا سورة الإخلاص : "قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد و لم يولد و لم يكن له كفواً أحد". سورة آياتُها أربعة و كل آية تشير إلى حقيقة مطلقة هي : الوحدانية، اختلاف ذات الله عن الذوات الأخرى التي خلقها، لا هو والدٌ و لا هو مولود و لا شَبَهَ له. و هي حقائق مطلقة مستقلة عن الزمان و المكان و لا يستطيع العقل البشري إدراكَها كما يُدركُ الأمورَ الدنيوية. ما يستطيع هذا العقل فعلَه هو الإيمان بها طبقا للعبادات التي جاء بها الدين الإسلامي.
أما الحقيقة، بالمفهوم البشري، تكون دائما مرتبطةً بالزمان و المكان و لا تكون فعلا حقيقةً إلا إذا اتفقت جماعةٌ من الناس لتجعل منها حقيقةً. و ما دامت هذه الأخيرة تستجيب لتعامل الناس فيما بينهم، فإنها تبقى ثابتةً و ساريةَ المفعول إلى أن يتغير الزمان و المكان اللذان نشأت فيهما. و لهذا فثبوت الحقيقة، من منظورٍ بشري، هو ثبوت نسبي.
و هذا يعني أن حياةَ الإنسان مبنيةٌ على حقائق نسبية، أي حقائق متفقٌ عليها جماعيا تُسهِّل التعامل بين الناس و التواصل فيما بينهم و التَّخاطب و التَّعايش و التّساكن و التَّتاجر…
و الحقائق النسبية لا تصمد أمام تغيير الزمان و المكان. و الأمثلة في هذا الصدد كثيرة و مُتنوِّعة إنْ على المستوى العلمي أو الثقافي أو الاجتماعي أو الاقتصادي. و كتوضيح لعدم صمود الحقائق النسبية أمام تغيير الزمان و المكان، أكتفِي بمثالٍ واحد مفادُه أن الكنسيةَ، في القرن السابع عشر، كانت تعتقد اعتقادا راسخا أن الكرةَ الأرضيةَ مُسطَّحةٌ و أنها تشكِّلُ مركزَ الكون. غير أن الباحث و عالِمُ الفلك، Galilée، بفضل ملاحظاته بواسطة مِنظارٍ فلكي، بيَّنَ أن الأرضَ كرويةُ أو بيضويةُ الشكل و أنها ليست مركزَ الكون بل فقط جزء من النظام الشمسي.
و ليتعاملَ الناسُ، بصفة عامة، و الباحثون بصفة خاصة مع الحقائق النسبية، لا بدَّ من التَّسلُّح بالفكر النقدي لإدراك أن المعارف التي يًنتِجها العقل البشري نسبيةٌ إلى حين. غير أن الفكر النقدي لا تُمطرُه السماء. إنه يُبنى بناءً و منذ نعومة الأظافر. و هنا يظهر الدور الحيوي للمدرسة في هذا البناء.
لكن، بقدر ما توليه المدرسةُ من اهتمامٍ بالغٍ لتبليغ المعرفة، فبقدرِ ما تُهملُ بناءَ الفكر النقدي عند المتعلِّمين. و الدليل على هذا الإهمال هو أن هؤلاء المتعلمين يعتقدون أن المعارف العلمية، على الخصوص، التي يتلقَّونها هي معارف ثابتة، أي لا تتغير و لن تتغير. و السبب الرئيسي في هذا الاعتقاد، هو أن المدزسةَ لا تولي أي اهتمام لظروف الزمان و المكان التي تم فيها إنتاج المعارف العلمية، و التي هي ظروف تاريخية، اجتماعية، ثقافية، اقتصادية، تقنية، دينية، فكرية… يتأثَّر بها الشخص الذي يُنتِج هذه المعارف.
د. أحمد الحطاب