أدب السجون الطاهر محفوظي - ما يريد المريد والأتباع

كان أسمر اللون نحيفا,عيناه غائرتان.صوته مقنع ولكنه خافت...التقيته أول مرة في مدرسة=الكوفة= لا لتعلم الخط الكوفي وليس على ضفاف دجلة ولا الفرات وانما في درب الفقراء,الزنقة 17, وهو نفس الزقاق الذي كان يسكن فيه الرفيق =تريدا=...وربما هو من دله على كراء المدرسة ليلا لتقديم دروس خصوصية تفضي للسجن...لم أكن لاعرف اسم هذا الأخير فبالاحرى محل سكناه...
كنا نجتمع في بعض الامسيات لتلقي دروس نظرية في السياسة والايديولجية ومناقشة المواضيع ذات الصلة بالنضال والتكوين...كان لطيفا.هادئ الطباع يؤدي واجبه بايمان الحامل لرسالة وكنا جماعة من التلاميذ ننصت في صمت...نناقش في أدب,كان الفقيه وكنا الاتباع كان يعرف ما يريد وكنا أتباعه على نفس الطريق..
كنا في سنتي 1971-1972...ذات صباح ذهبت لنصرة العمال والتضامن معهم بالبرصة التابعة للاتحاد المغربي للشغل...كانت هناك اضرابات...دخلت قاعة غاصة بالعمال الغاضبين...لم أجد كرسيا ووقفت في الصفوف الخلفية..وكان هناك نفس الصوت الخافت يشرح للعمال المطالب النقابية والاهداف النضالية...
صاح أحد العمال
_انني لا أفهم ما يقول ...صوته خافت لا يكاد يسمع..
أجابه زميله:
_هو هكذا , يأتي كل يوم أحد للمؤازرة...
كان العامل يتكلم عن المتدخل باحترام شديد...هو يعرف بانه ليس بعامل..لكنه يأتي للتضامن والتوعية...كنت تراه في كل المحطات..فاتح ماي,مظاهرات غير مصرح بها ومقموعة.وعندما جاءت آلة القمع التي لم تذر. حصدته في سيرها الدموي...ألم يكن في الصفوف الأولى؟
وككل ثوري اقتيد الى درب مولاي الشريف ليذوق من نفس العلقم ويحتمل جسمه النحيف ما لا يحتمل...وبعد الحج وتوديع الحجيج والحجاج دخل اغبيلة مع من دخلوا في ما عرف بمجموعة السرفاتي ومن معه.... ليضرب عن الطعام حيث سنفقد الرفيقة سعيدة المنبهي...وبعد السجن المدني بالبيضاء جاء دور المركزي بالقنيطرة ليستقبل المناضلين...
ماذا فعلت بك الأيام والآلام يا عبد العزيز..؟أيها المريد, إن أعز ما يطلب دونه جبال وانهار و بحر لجاج وجند الحجاج ..

الطاهر محفوظي
أفول الليل
ط .اولى
  • Like
التفاعلات: رائد الجحافي

تعليقات

لا توجد تعليقات.

هذا النص

ملف
أدب السجون والمعتقلات
المشاهدات
618
آخر تحديث
أعلى