الرواية فن مكاني؛ فالمكان عنصر رئيسي من عناصرها كالزمان والشخصيات والأحداث ووجهات النظر وغيرها. والمكان أي مكان لا يخلو من عناصر الطبيعة كالهواء، والجماد، والنبات؛ بل إن الإنسان نفسه له أبعاد المكان وجزء من الطبيعة.
يتجلّى حضور الطبيعة في الرواية من خلال جعلها مسرحًا تدور عليه الأحداث الروائية كلها أو جزء منها؛ فعلى سبيل المثال، يشكل البحر عالم حنا مينا الروائي؛ فتقوم رواياته على تصوير البحر، بمياهه وعواصفه وطيوره، وأساطيره وحكايات بحارته، وحركة السفن التي تستخدمه ومعاناة العاملين فيه، هذا ما نجده في معظم رواياته، مثل:"حكاية بحار" و"نهاية رجل شجاع" و "النجوم تحاكي القمر" و"الشراع والعاصفة" و"بقايا صور" وغيرها.
كما تشكل الصحراء العالم الروائي لإبراهيم الكوني بما فيها من جمادات وحيوانات، ممزوجة بثقافة الصحراويين من أبناء الطوارق، ونظرتهم للحياة، وعلاقتهم بمشاهد الصحراء من حولهم، كما في رواياته: "التبر" و"نزيف الحجر"، و"المجوس" و"واو الصغرى" وغيرها. فإذا كان حنا مينا روائي البحر فإن إبراهيم الكوني روائي الصحراء.
وتكون الصحراء جزءًا مهما من رواية" النهايات" لعبد الرحمن منيف، فتشهد صحراء بلدة طيبة موت بطلها عساف الذي يخرج للصيد مع جماعة من أبناء البلدة حين تثور العواصف فتدفنه في الرمال. هكذا تنتهي العلاقة الجدلية بين الطبيعة والإنسان باندحار الإنسان أمام الصحراء، لأنه أسرف في قتل حيوانها، واستهان بقوتها، ولم يتبع قوانينها، ولم يتخذ الطريقة السليمة في التعامل معها مما جعلها تدافع عن نفسها، وتحقق النّصر عليه في النهاية.
وتحضر الطبيعة شخصية رئيسية في رواية "الخيميائي" لباولو كويلو الذي يصف الصحراء المصرية من خلال بحث بطلها سانتيغو عن أسطورته الخاصة، ومخاطبتها طالبا مساعدتها على العثور على الكنز الذي حلم به. ويوظف نجيب محفوظ نهر النيل مثل هذا التوظيف للطبيعة في رواية "ثرثرة فوق النيل" حيث تجري أحداثها في عوامة على نهر النيل، وكذلك رواية "الشيخ والبحر" لهيمنغواي الذي يخوض بطلها سانتياغو الصراع مع أسماك القرش التي هاجمته وسلبته السمكة التي صادها، وفي النهاية يخرج سالمًا منهكًا من هذا الصراع.
ومن الروائيين من يجعل ميدان روايته الحقول والجبال ومظاهر الطبيعة الأخرى من برد وثلوج، كما في رواية الأيسلندي غونار غونارسون "الراعي الطيب" التي تظهر فيها الطبيعية فاعلة في حياة بطلها بندكيت، هذا الراعي الذي عاش أكثر سنوات عمره، وهو يصارع الطبيعة، والعيش وحيدًا باحثًا عن الخراف الضالة لإنقاذها من الثلج والبرد.
وإذا كانت رواية" الراعي الطيب" يبدو فيها الإنسان حانيًا على حيوانات الطبيعة فإنه ظهر فيما يسمى روايات الديستوبيًا قاسيًا وشرسًا ومتحديًا عناصرها؛ ليثبت بطولته في غزوها وتدميرها. هكذا ظهرت المدن التي تناولتها الروايات خالية من أهلها بفضل الأمراض والكوارث الطبيعية كالزلازل والأعاصير. لقد اختل التوازن في عناصر الطبيعة واضطربت حياة الناس؛ لهذا ظهرت هذه الروايات التي تتسم بالعنف والرعب، وبدا فيها الإنسان عدوًا للطبيعة بل وعدوًا لنفسه أيضًا.
أما عن التقنية التي تتجلى فيها الطبيعة في الرواية فهي عادة تقنية الوصف، وتتفاوت الروايات في ذلك ؛فبعضها يكثر من التفاصيل، ويقدم الوصف بلغة شاعرية كما في الروايات الرومانسية، مثل روايات د. ه. لورنس وروايات عبد الحليم عبدالله، وبعضها يقلل من مشاهد الوصف وتُقدم المشاهد بلغة أقل شاعرية أو أقرب إلى الموضوعية، كما في الروايات الواقعية والاجتماعية. مثل روايات بلزاك وروايات نجيب محفوظ في مرحلته الواقعية، وروايات عبد الرحمن منيف وبخاصة خماسية "مدن الملح".
في النهاية، نقول: رغم أن موضوع الرواية وعلاقتها بالطبيعة يحتاج إلى دراسة أوسع من هذا المقال فإن الرواية المعاصرة سواء العربية أم الغربية أظهرت في الغالب العداوة بين الإنسان والطبيعة، وصورت الإنسان وهو يتحدى الطبيعة ويصارعها، ويقضي على حيواناتها، ويعكر هواءها ومياهها؛ لهذا فإن مهمة الرواية في هذا العصر الذي اشتدت فيه هجمة الإنسان ووحشيته تصوير الإنسان وهو يتعايش مع الطبيعة، ويتجاوب مع حركتها، ويستخدم عناصرها بتعقل.
يتجلّى حضور الطبيعة في الرواية من خلال جعلها مسرحًا تدور عليه الأحداث الروائية كلها أو جزء منها؛ فعلى سبيل المثال، يشكل البحر عالم حنا مينا الروائي؛ فتقوم رواياته على تصوير البحر، بمياهه وعواصفه وطيوره، وأساطيره وحكايات بحارته، وحركة السفن التي تستخدمه ومعاناة العاملين فيه، هذا ما نجده في معظم رواياته، مثل:"حكاية بحار" و"نهاية رجل شجاع" و "النجوم تحاكي القمر" و"الشراع والعاصفة" و"بقايا صور" وغيرها.
كما تشكل الصحراء العالم الروائي لإبراهيم الكوني بما فيها من جمادات وحيوانات، ممزوجة بثقافة الصحراويين من أبناء الطوارق، ونظرتهم للحياة، وعلاقتهم بمشاهد الصحراء من حولهم، كما في رواياته: "التبر" و"نزيف الحجر"، و"المجوس" و"واو الصغرى" وغيرها. فإذا كان حنا مينا روائي البحر فإن إبراهيم الكوني روائي الصحراء.
وتكون الصحراء جزءًا مهما من رواية" النهايات" لعبد الرحمن منيف، فتشهد صحراء بلدة طيبة موت بطلها عساف الذي يخرج للصيد مع جماعة من أبناء البلدة حين تثور العواصف فتدفنه في الرمال. هكذا تنتهي العلاقة الجدلية بين الطبيعة والإنسان باندحار الإنسان أمام الصحراء، لأنه أسرف في قتل حيوانها، واستهان بقوتها، ولم يتبع قوانينها، ولم يتخذ الطريقة السليمة في التعامل معها مما جعلها تدافع عن نفسها، وتحقق النّصر عليه في النهاية.
وتحضر الطبيعة شخصية رئيسية في رواية "الخيميائي" لباولو كويلو الذي يصف الصحراء المصرية من خلال بحث بطلها سانتيغو عن أسطورته الخاصة، ومخاطبتها طالبا مساعدتها على العثور على الكنز الذي حلم به. ويوظف نجيب محفوظ نهر النيل مثل هذا التوظيف للطبيعة في رواية "ثرثرة فوق النيل" حيث تجري أحداثها في عوامة على نهر النيل، وكذلك رواية "الشيخ والبحر" لهيمنغواي الذي يخوض بطلها سانتياغو الصراع مع أسماك القرش التي هاجمته وسلبته السمكة التي صادها، وفي النهاية يخرج سالمًا منهكًا من هذا الصراع.
ومن الروائيين من يجعل ميدان روايته الحقول والجبال ومظاهر الطبيعة الأخرى من برد وثلوج، كما في رواية الأيسلندي غونار غونارسون "الراعي الطيب" التي تظهر فيها الطبيعية فاعلة في حياة بطلها بندكيت، هذا الراعي الذي عاش أكثر سنوات عمره، وهو يصارع الطبيعة، والعيش وحيدًا باحثًا عن الخراف الضالة لإنقاذها من الثلج والبرد.
وإذا كانت رواية" الراعي الطيب" يبدو فيها الإنسان حانيًا على حيوانات الطبيعة فإنه ظهر فيما يسمى روايات الديستوبيًا قاسيًا وشرسًا ومتحديًا عناصرها؛ ليثبت بطولته في غزوها وتدميرها. هكذا ظهرت المدن التي تناولتها الروايات خالية من أهلها بفضل الأمراض والكوارث الطبيعية كالزلازل والأعاصير. لقد اختل التوازن في عناصر الطبيعة واضطربت حياة الناس؛ لهذا ظهرت هذه الروايات التي تتسم بالعنف والرعب، وبدا فيها الإنسان عدوًا للطبيعة بل وعدوًا لنفسه أيضًا.
أما عن التقنية التي تتجلى فيها الطبيعة في الرواية فهي عادة تقنية الوصف، وتتفاوت الروايات في ذلك ؛فبعضها يكثر من التفاصيل، ويقدم الوصف بلغة شاعرية كما في الروايات الرومانسية، مثل روايات د. ه. لورنس وروايات عبد الحليم عبدالله، وبعضها يقلل من مشاهد الوصف وتُقدم المشاهد بلغة أقل شاعرية أو أقرب إلى الموضوعية، كما في الروايات الواقعية والاجتماعية. مثل روايات بلزاك وروايات نجيب محفوظ في مرحلته الواقعية، وروايات عبد الرحمن منيف وبخاصة خماسية "مدن الملح".
في النهاية، نقول: رغم أن موضوع الرواية وعلاقتها بالطبيعة يحتاج إلى دراسة أوسع من هذا المقال فإن الرواية المعاصرة سواء العربية أم الغربية أظهرت في الغالب العداوة بين الإنسان والطبيعة، وصورت الإنسان وهو يتحدى الطبيعة ويصارعها، ويقضي على حيواناتها، ويعكر هواءها ومياهها؛ لهذا فإن مهمة الرواية في هذا العصر الذي اشتدت فيه هجمة الإنسان ووحشيته تصوير الإنسان وهو يتعايش مع الطبيعة، ويتجاوب مع حركتها، ويستخدم عناصرها بتعقل.