حاميد اليوسفي
قصة قصيرة
البحث عن الدقيق
كاد يموت من الضحك . تذكر فجأة حكاية جرت أطوارها في المغرب القديم قبل ظهور التلفزيون، أيام كان يُغلق البيت على المرأة بالمفتاح، ويُمنع عنها الاختلاء بالرجل بدعوى أن الشيطان سيكون ثالثهما .
يُروى والعهدة على الرواة، بأن الحاج العربي زوَّج ابنه عبد السلام، وقد كان ولدا غبيا، اقترب من سن الثامنة عشرة، وأسكنه معه في البيت . مر حوالي أسبوع على الزفاف . لاحظت والدته أن العروس تشعر بنوع من القلق ، وخشيت أن يكون ابنها السبب . سألتها على انفراد، فشكت لها بأنه لم يحدث معهما أي شيء مما يفعله الرجال مع النساء في غرف النوم.
استفردت الأم بعبد السلام، ونصحته بأن يلاطف زوجته، ويلعب معها في الفراش، ولم تشرح أكثر بدافع الحياء.
بعد يومين أو ثلاث سألت العروس مرة ثانية، فأكدت لها أنه بالفعل لاطفها، ولعب معها في الفراش، ولكنه لم يفعل ذلك الشيء الذي يتزوج أغلب الناس من أجله.
فكرت الأم مليا في الأمر ، ثم قررت أن تخبر والده ، على أساس أنه يمكن أن يشرح له بشكل أفضل كيف يجب عليه أن يتصرف . ولا ضير إذا تحدث الأب مع ابنه في هذا الأمر قبل أن تقع الفأس في الرأس . ثم إنه لا حياء في الدين كما قال الحاج العربي عندما كان يلاعبها ويضاجعها في الفراش أثناء الأيام الأولى من زواجهما .
تحدث الحاج إلى ابنه ، ووضح له ما يجب فعله بإيجاز ، لكن عبد السلام فهمه محدود لا يتجاوز الظاهر من الكلام . لو كان يعرف القراءة والكتابة لمده بنسخة من مختصر كتاب الروض العاطر الذي ظل يحتفظ به كل هذه السنين بين ثيابه ، ويوهم مسعودة بأنه وثيقة ملحقة بعقد الزواج .
بعد يومين سأل الحاج زوجته ، فأجابت بحركة من رأسها بأن الوضع لازال على حاله
في اليوم الثالث قدم الحاج من (السويقة)* يحمل قفة فيها حاجيات البيت ، فوجد مسعودة تعجن الخبز ، وعبد السلام يتناول الشاي رفقة عروسه . تناول الحاج كأس شاي ، وبعد أن استراح قليلا ، طلب من زوجته ترك العجين ، وغسل يديها ، ثم سحبها إلى غرفة النوم ، وقال لابنه :
ـ يا عبد السلام كفى من الغباء ! افعل مع عروسك ما سأفعله مع أمك !
ودخلا إلى الغرفة القريبة من الجلسة ، وأغلقا خلفهما الباب ، ولم يخرجا إلا بعد أن فعلا ما كان يجب على عبد السلام أن يفعله مع زوجته منذ اليوم الأول .
في منتصف الأسبوع ، بينما كان الأب عائدا من صلاة الصبح ، وجد ابنه تائها في الدرب فسأله :
ـ ما الذي أخرجك من البيت في هذا الوقت ؟
أجاب عبد السلام بغباوته المعهودة :
ـ خرجت أبحث عن الدقيق ، وأنتظر أن يخرج حماد من المسجد ليفتح الدكان !
المعجم :
ـ (السويقة) : تصغير بالعامية للفظ السوق ، مجموعة من الدكاكين الخاصة ببيع المواد
الغذائية والخضر واللحوم لسكان الدروب المجاورة .
مراكش 18 / 06 / 2022
قصة قصيرة
البحث عن الدقيق
كاد يموت من الضحك . تذكر فجأة حكاية جرت أطوارها في المغرب القديم قبل ظهور التلفزيون، أيام كان يُغلق البيت على المرأة بالمفتاح، ويُمنع عنها الاختلاء بالرجل بدعوى أن الشيطان سيكون ثالثهما .
يُروى والعهدة على الرواة، بأن الحاج العربي زوَّج ابنه عبد السلام، وقد كان ولدا غبيا، اقترب من سن الثامنة عشرة، وأسكنه معه في البيت . مر حوالي أسبوع على الزفاف . لاحظت والدته أن العروس تشعر بنوع من القلق ، وخشيت أن يكون ابنها السبب . سألتها على انفراد، فشكت لها بأنه لم يحدث معهما أي شيء مما يفعله الرجال مع النساء في غرف النوم.
استفردت الأم بعبد السلام، ونصحته بأن يلاطف زوجته، ويلعب معها في الفراش، ولم تشرح أكثر بدافع الحياء.
بعد يومين أو ثلاث سألت العروس مرة ثانية، فأكدت لها أنه بالفعل لاطفها، ولعب معها في الفراش، ولكنه لم يفعل ذلك الشيء الذي يتزوج أغلب الناس من أجله.
فكرت الأم مليا في الأمر ، ثم قررت أن تخبر والده ، على أساس أنه يمكن أن يشرح له بشكل أفضل كيف يجب عليه أن يتصرف . ولا ضير إذا تحدث الأب مع ابنه في هذا الأمر قبل أن تقع الفأس في الرأس . ثم إنه لا حياء في الدين كما قال الحاج العربي عندما كان يلاعبها ويضاجعها في الفراش أثناء الأيام الأولى من زواجهما .
تحدث الحاج إلى ابنه ، ووضح له ما يجب فعله بإيجاز ، لكن عبد السلام فهمه محدود لا يتجاوز الظاهر من الكلام . لو كان يعرف القراءة والكتابة لمده بنسخة من مختصر كتاب الروض العاطر الذي ظل يحتفظ به كل هذه السنين بين ثيابه ، ويوهم مسعودة بأنه وثيقة ملحقة بعقد الزواج .
بعد يومين سأل الحاج زوجته ، فأجابت بحركة من رأسها بأن الوضع لازال على حاله
في اليوم الثالث قدم الحاج من (السويقة)* يحمل قفة فيها حاجيات البيت ، فوجد مسعودة تعجن الخبز ، وعبد السلام يتناول الشاي رفقة عروسه . تناول الحاج كأس شاي ، وبعد أن استراح قليلا ، طلب من زوجته ترك العجين ، وغسل يديها ، ثم سحبها إلى غرفة النوم ، وقال لابنه :
ـ يا عبد السلام كفى من الغباء ! افعل مع عروسك ما سأفعله مع أمك !
ودخلا إلى الغرفة القريبة من الجلسة ، وأغلقا خلفهما الباب ، ولم يخرجا إلا بعد أن فعلا ما كان يجب على عبد السلام أن يفعله مع زوجته منذ اليوم الأول .
في منتصف الأسبوع ، بينما كان الأب عائدا من صلاة الصبح ، وجد ابنه تائها في الدرب فسأله :
ـ ما الذي أخرجك من البيت في هذا الوقت ؟
أجاب عبد السلام بغباوته المعهودة :
ـ خرجت أبحث عن الدقيق ، وأنتظر أن يخرج حماد من المسجد ليفتح الدكان !
المعجم :
ـ (السويقة) : تصغير بالعامية للفظ السوق ، مجموعة من الدكاكين الخاصة ببيع المواد
الغذائية والخضر واللحوم لسكان الدروب المجاورة .
مراكش 18 / 06 / 2022