القراءة عبورٌ إلى هناك، والقراءة جسورٌ إلى هنا. ما بين الذات والآخر ماء لا يجري إلى مستقر، ماء ظامئ، ماء ناشئ، ماء طارئ؛ ماء ينتشي إذا ألف المتاه واغترب عنه، ماء اقترف شمس الغياب في حضور المعنى، والماء الذي تقطرَّ منْ عين ليست لك.
الماء الآخر جغرافياتك إليك، فاقرأ تخلع خفَّيكَ إلى جبل الرؤيا، واخشع قليلا إذا قرأت شعر سواكَ، وإذا قرأتَ فاتسع صدرا، واسمع ما يقالَ، لتذرعَ السبيلَ إلى كهفٍ لعلكَ واجدٌ به كلاما.
الوقوفُ على الكتابة الشعرية للآخر هوَ الدرسُ الأبديُّ لمعرفة كيف يكون البحرُ. هلْ يقرأ الشعراءُ الشعراءَ وقتئذٍ ؟ لا إجابة لديَّ، ولكنَّ سوقَ القراءة كاسدة بشكل عام، أما القدامى فكانوا معظمهم راوية شعر. هلْ يؤمن الشعراءُ بالشعراء ؟ ملتبسٌ هو الجزم، إلا أنَّ الأسلافَ كانوا يقرون بفضل لداتهم وإنْ بشيءٍ يسير من الغبطة.
أزعمُ أنني قارئٌ شعرا يكتبه الآخر المعاصرُ محليا وعربيا، وأزعمُ أن لا تفرقة تتملكني بين المقترحات الشعرية، وقد أنعمُ زعما أنني أقرأ شعراءَ لا أطمئنُّ إلى ما يكتبون، وما ذاكَ بالغريب؛ إذ مقاربتك النقدية للذات تتأتى من قراءة ما لا تطمئنُّ إليه؛ حتَّى تنزع عنك الاعتياد، وكي تعرج إلى البريَّة تطلبُ الوحشة النَّصية في جراب العابرين.
خرجتُ إلى البرية، حيث بدائية الأشياء، ومزجتُ السراب بجبل اتخذه طلابا شعراء قبلُ، وكانوا يتوكَّؤون، إذا أجبلوا، على اليد المقبوضة لعلها تنبسط، ولعلهم إلى ما طلبوا بالغون. كمْ " تسكعتُ " في أروقة الشعر، وفي أرضيه غير المنظورة، عقودا تسكعا قرائيا وإنجازيا، وكمْ توضأتُ، بضوء الكلام، بين عربيٍّ وغربيٍّ إنْ في لغته وإن مترجما، وكمْ أمسكتُ بي أسألُ إذا راعني ما تيممتُ، وما تيمنتُ به، وما أممته حتَّى اقتربنا فاغتربنا، أكنتُ إلى شعر أنا أمْ أنَّ الذي بلغني ما كان من الشعر، وكمْ تزاورتُ عنه وازوررتُ حتَّى عهدتُني غيرَ مقتدر عليه، وكمْ ألممتُ به طارقا أعتابا وخارقا أبوابا حتَّى أجهدتُني فإذا بي أتحيَّنُه، وإذا بي أتبيَّنُه وقدْ آبَ إليَّ وأبتُ إليه صورا ليستْ لنا، قبلُ، وقدْ صرفنا الوكدَ إلى تخيَّرٍ ما كان لنا مطلعا ومقطعا.
لا شكلَ للشعر. بذا يكون زنةً وقد لا تكون له. يكون تناظريا وتفعيليا وتدويريا ونثريا، وقد يكون أفقا لا أفكِّر فيه الآن، فالشعرُ لا يُفكَّرُ فيه. ليس إلهاما في اعتقادي، ولكنَّه شيءٌ ما يتمازج فيه كلُّ شيء بكلِّ شيءٍ.
أجرِّبُ مختلفَ مضائق جنونه ولا أخشى الفشلَ ولا أتهيَّبُ التَّلقِّي. أجرِّبُ لأظلَّ في أرض الشعر، وليس للتَّخطِّي والتجاوز، إذ توخي ذلك يفترضُ نماذج عليا للكتابة. لا نماذج عليا لي. هناك تجاربُ تراثية ومعاصرة، وثمة مقترباتٌ إنجازية من الشعر، عربية وغربية، وهنا ذاتي أنا بكل حَمولتها المعرفية، وبكلِّ ذوائقها التفاعلية مع تلك المقتربات؛ لكنَّها تظلُّ، في أتمِّ زينتها، إذا استدركتُ عليها بالصَّدى تناصًّا بالغا أقصى مستوياته النقدية بالحوار.
التخطِّي والتَّجاوزُ فريتان ليستا من النقد في شيءٍ، فما هما إلى مصطلحه، وما هما يدلان على استبطان قرائيٍّ للكتابة الشعرية منْ حيث هي استئنافٌ، ومنْ حيث هي تنادٍ وتصادٍ، وما هما إلا استنباتُ ما ليسَ مخصبا تأتَّى من نقدٍ تلبَّسَ سمتا إيديولوجيا في مقاربة التراثِ قراءةً استبدَّتْ بها رؤية منبتَّةٌ عن ماهيته وعن جوهره. هكذا أزعمُ.
الماء الآخر جغرافياتك إليك، فاقرأ تخلع خفَّيكَ إلى جبل الرؤيا، واخشع قليلا إذا قرأت شعر سواكَ، وإذا قرأتَ فاتسع صدرا، واسمع ما يقالَ، لتذرعَ السبيلَ إلى كهفٍ لعلكَ واجدٌ به كلاما.
الوقوفُ على الكتابة الشعرية للآخر هوَ الدرسُ الأبديُّ لمعرفة كيف يكون البحرُ. هلْ يقرأ الشعراءُ الشعراءَ وقتئذٍ ؟ لا إجابة لديَّ، ولكنَّ سوقَ القراءة كاسدة بشكل عام، أما القدامى فكانوا معظمهم راوية شعر. هلْ يؤمن الشعراءُ بالشعراء ؟ ملتبسٌ هو الجزم، إلا أنَّ الأسلافَ كانوا يقرون بفضل لداتهم وإنْ بشيءٍ يسير من الغبطة.
أزعمُ أنني قارئٌ شعرا يكتبه الآخر المعاصرُ محليا وعربيا، وأزعمُ أن لا تفرقة تتملكني بين المقترحات الشعرية، وقد أنعمُ زعما أنني أقرأ شعراءَ لا أطمئنُّ إلى ما يكتبون، وما ذاكَ بالغريب؛ إذ مقاربتك النقدية للذات تتأتى من قراءة ما لا تطمئنُّ إليه؛ حتَّى تنزع عنك الاعتياد، وكي تعرج إلى البريَّة تطلبُ الوحشة النَّصية في جراب العابرين.
خرجتُ إلى البرية، حيث بدائية الأشياء، ومزجتُ السراب بجبل اتخذه طلابا شعراء قبلُ، وكانوا يتوكَّؤون، إذا أجبلوا، على اليد المقبوضة لعلها تنبسط، ولعلهم إلى ما طلبوا بالغون. كمْ " تسكعتُ " في أروقة الشعر، وفي أرضيه غير المنظورة، عقودا تسكعا قرائيا وإنجازيا، وكمْ توضأتُ، بضوء الكلام، بين عربيٍّ وغربيٍّ إنْ في لغته وإن مترجما، وكمْ أمسكتُ بي أسألُ إذا راعني ما تيممتُ، وما تيمنتُ به، وما أممته حتَّى اقتربنا فاغتربنا، أكنتُ إلى شعر أنا أمْ أنَّ الذي بلغني ما كان من الشعر، وكمْ تزاورتُ عنه وازوررتُ حتَّى عهدتُني غيرَ مقتدر عليه، وكمْ ألممتُ به طارقا أعتابا وخارقا أبوابا حتَّى أجهدتُني فإذا بي أتحيَّنُه، وإذا بي أتبيَّنُه وقدْ آبَ إليَّ وأبتُ إليه صورا ليستْ لنا، قبلُ، وقدْ صرفنا الوكدَ إلى تخيَّرٍ ما كان لنا مطلعا ومقطعا.
لا شكلَ للشعر. بذا يكون زنةً وقد لا تكون له. يكون تناظريا وتفعيليا وتدويريا ونثريا، وقد يكون أفقا لا أفكِّر فيه الآن، فالشعرُ لا يُفكَّرُ فيه. ليس إلهاما في اعتقادي، ولكنَّه شيءٌ ما يتمازج فيه كلُّ شيء بكلِّ شيءٍ.
أجرِّبُ مختلفَ مضائق جنونه ولا أخشى الفشلَ ولا أتهيَّبُ التَّلقِّي. أجرِّبُ لأظلَّ في أرض الشعر، وليس للتَّخطِّي والتجاوز، إذ توخي ذلك يفترضُ نماذج عليا للكتابة. لا نماذج عليا لي. هناك تجاربُ تراثية ومعاصرة، وثمة مقترباتٌ إنجازية من الشعر، عربية وغربية، وهنا ذاتي أنا بكل حَمولتها المعرفية، وبكلِّ ذوائقها التفاعلية مع تلك المقتربات؛ لكنَّها تظلُّ، في أتمِّ زينتها، إذا استدركتُ عليها بالصَّدى تناصًّا بالغا أقصى مستوياته النقدية بالحوار.
التخطِّي والتَّجاوزُ فريتان ليستا من النقد في شيءٍ، فما هما إلى مصطلحه، وما هما يدلان على استبطان قرائيٍّ للكتابة الشعرية منْ حيث هي استئنافٌ، ومنْ حيث هي تنادٍ وتصادٍ، وما هما إلا استنباتُ ما ليسَ مخصبا تأتَّى من نقدٍ تلبَّسَ سمتا إيديولوجيا في مقاربة التراثِ قراءةً استبدَّتْ بها رؤية منبتَّةٌ عن ماهيته وعن جوهره. هكذا أزعمُ.