الجنس في الثقافة العربية ابن حمدون - التذكرة الحمدونية

النوع التاسع

في إحماد المواصلة والعناق

قال البحتري: من البسيط
قد أَطْرُقُ الغادة البيضاء مُقتدراً ... على الشباب فتصبيني وأصبيها
في ليلة لا ينال الصبح آخرها ... علقت بالراح أُسقاها وأَسقيها
عاطيتُها غضّةَ الأطراف مرهفةً ... شربت من يدها خمراً ومن فيها
وقال الحاتمي: من الطويل
وعيشٍ كنوّارِ الرياضِ استرقتُهُ ... اختلاساً وأحداثُ الليالي غوافلُ
لماماً وأغصانُ الشبيبةِ رطبةٌ ... وماءُ الصبا في ورد خَدَّيَّ جائلُ
ويومٍ كحَلْيِ الغانياتِ سلبتُهُ ... حُلِيَّ الرّبى حتى انثنى وهو عاطلُ
سبقتُ إليه الصبحَ والشمسُ غَضَّةٌ ... وصبغ الدجى من مفرق الصبح ناصلُ
ونشوانَ من خمر الدلالِ سقيتُهُ ... شَمولاً فَنَمَّتْ عن هواه الشمائلُ
إذ العيش مخضرُّ الأصائل ناعمٌ ... وإذ زِبْرِجُ الدنيا خليلٌ مواصلُ
وقال ابن الرومي: من الطويل
أعانقها والنفس بعد مشُوقَةٌ ... إليها وهل بعد العناق تَدَانِ
كأنّ فؤادي ليس يشفي غليله ... سوى إن يرى الروحين يتمزجان
وقال أبو فراس ابن حمدان: من الطويل
وكم ليلةٍ ماشيتُ بدرَ تمامِها ... إلى الصبح لم يشعرْ بأمريَ شاعرُ
ولا ريبةٌ إلا الحديثُ كأنه ... جمانٌ وَهَي أو لؤلؤ متناثرُ
أقولُ وقد ضَجَّ الحُلِيُّ وأشرفت ... ولم أرَ منها للصباح بشائرُ
أيا ربَّ حتى الحَلْيُّ مما أخافُهُ ... وحتى بياضُ الصبح مما أحاذرُ
فيا نفسُ ما لاقيتِ من لا عج الهوى ... ويا قلبُ ما جَرَّتْ عليك النواظرُ
وقال البحتري: من الخفيف
تلك نُعْمٌ لو أنعمتْ بوصالٍ ... لشكرنا في الوصلِ إنعامَ نُعْمِ
نسيتْ موقفَ الجمارِ وشخصا ... نا كشخصٍ أرمي الجمارَ وترمي
وقال أيضاً: من المتقارب
ولم أنسَ ليلتنا في الودا ... عِ لفَّ الصّبا بقضيبٍ قضيبا
وقال بكر بن خارجة: من البسيط
رأيتُ شخصك في ليلي يعانقني ... كما يعانقُ لام الكاتبِ الألفا
وقال ابن المعتز: من السريع
كأنني عانقتُ ريحانةً ... تنفَّسَتْ في ليلها الباردِ
فلو ترانا في قميصِ الدجى ... حَسِبْتَنا في جَسَدٍ واحدِ
وقال علي بن الجهم: من الطويل
سقى الله ليلاً ضَمَّنا بعد هجعةٍ ... وأدنى فؤاداً من فؤاد معذَّبِ
فبتنا جميعاً لو تُرَاقُ زجاجةٌ ... من الراحِ فيما بيننا لم تَسَرَّبِ
وقال أيضاً: من الطويل
فبتنا معاً لا يخلصُ الماء بيننا ... إلى الصبح دوني حاجبٌ وستورُ
وقال البحتري: من الطويل
ولم أَنْسَهُ إذ قام ثانيَ جيدِهِ ... إليَّ وإذ مالتْ عليَّ ذوائبُهْ
عناقٌ يهدُّ الصبرَ وشكُ انقضائِه ... ويُذكي الجوى أو يسكبَ الدمعَ ساكبُهْ
وقال آخر: من الطويل
فبتنا على رغم الحسودِ وبيننا ... حديثٌ كنشرِ المسكِ شِيبَ به الخمرُ
حديثٌ لو أنّ الميتَ نُوجي ببعضِهِ ... لأصبحَ حَيّاً بعد ما ضمَّهُ القبرُ
وقال مزاحم بن الحارث العقيلي: من الطويل
فبتنا ندامَى ليلةٍ لم نَذُقْ بها ... حراماً ولم يَبخلْ بحلٍّ ضنينها
صفاحاً بأيمانٍ ترى أنّ مَسَّها ... شفاء الصَّدَى من علّةٍ طال حِينُها

النوع الرابع عشر

في وصف المحبوب

وقال حميد بن ثور الهلالي: من الطويل
ولما استقلَّ الحيُّ في رَوْنَقِ الضّحى ... قضينا الوصايا والحديثَ المكتما
من البيضِ عاشت بين أُمٍّ عزيزةٍ ... وبين أبٍ بَرٍّ أطاب وأَكرما
منعمةٌ لو يَدْرُجُ الذرُّ سارباً ... على جلدها بَضَّتْ مدارِجُهُ دما
رقودُ الضحى لا تقربُ الجيزةَ القُصَى ... ولا الجيزةَ الأدنين إلا تجشُّما
وقال الأخطل: من الطويل
نواعمُ لم يَلْقَيْنَ في العيشِ تَرْحَةً ... ولا عثرةً من حدِّ سوءٍ يزيلها
ولو بات يسري الذرُّ فوق جلودها ... لأثَّرَ في أبشارهنَّ محيلها
وقال تميم بن أبي بن مقبل: من البسيط
ومأْتَمٍ كالدُّمَى حورٍ مدامعها ... لم تَبْأَسِ العيشَ أبكاراً ولا عُونَا
شُمٍّ مُخَصَّرَةٍ هيفٍ منعّمةٍ ... من كلِّ داءٍ بإذنِ الله يشفينا
كأنهنّ الظباءُ الأُدْمُ أَسْكَنَها ... ضالٌ بِغُرَّة أو ضالٌ بدارينا
يمشينَ هَيْلَ النَّقا لانت جوانبُهُ ... يَنْهالُ حيناً وينهالُ الثرى حينا
من رمل عرنان أو من رمل أسنُمةٍ ... جعدِ الثرى بات في الأمطارِ مدجونا
يهززن للمشي أوصالاً مُنَعَّمةً ... هزَّ الجَنوب ضحىً عيدانَ يبرينا
أو كاهتزازِ رُدَينيّ تعاوَرَهُ ... أيدي التّجارِ فزادوا مَتْنَهُ لينا
نازعَ ألبابَها لُبّي بمختزَنٍ ... من الأحاديث حتى ازددنَ لي لينا
في ليلة من ليالي الدهرِ صالحةٍ ... لو كان بعد انصرافِ الدهرِ مأمونا
وقال سحيم: من الطويل
كأنَّ الثريا عُلِّقَتْ فوقَ نحرها ... وجمرَ غضاً هَبَّتْ له الريحُ ذاكيا
تريك غداةَ البينِ كفّاً ومِعصَماً ... ووجهاً كدينارِ الأعِزَّةِ صافيا
وقال عمرو بن شأس: من الطويل
إذا نحن أدلجنا وأنتِ أمامنا ... كفى للمطايا نورُ وجهكِ هاديا
أليس يزيد العيسُ خفةَ أذرعٍ ... إذا كنَّ حَسْرَى أن تكوني أماميا
وقال بشر بن عقبة العدوي: من الطويل
رأيتكِ فوقَ الناسِ يا أمَّ مالكٍ ... بجملةِ حُسْنٍ أخرسَتْ مَنْ يَعيبُها
فوالله ما أدري أأَنتِ كما أرى ... أمِ العينُ مزهوٌّ إليها حبيبها
وقال آخر: من الطويل
أحبُّ اللواتي في صباهنَّ غرَّةٌ ... وفيهنَّ عن أزواجهنَّ طماحُ
مُسرَّاتُ حبٍّ مظهراتٌ عداوةً ... تراهنَّ كالمرضى وهنَّ صحاحُ
وقال ذو الرمة: من البسيط
زينُ الثيابِ وإن أثوابها اسْتُلِبَتْ ... فوقَ الحشيَّةِ يوماً زانَها السَّلَبُ
تُريكَ سُنَّةَ وجهٍ غيرَ مُقْرِفَةٍ ... ملساءَ ليس بها خالٌ ولا ندبُ
إذا أخو لذَّةِ الدنيا تبطَّنها ... والبيتُ فوقهما بالليلِ محتجبُ
سافتْ بطيّبَةِ العرنين مَارِنُها ... بالمسكِ والعنبرِ الهنديِّ مُخْتَضَبُ
وقال أيضاً: من الطويل
إذا نازعتكَ القولَ مَيَّة أو بدا ... لكَ الوجهُ منها أو نضا الدرعَ سالبُهْ
فيا لكَ من خدٍّ أسيلٍ ومنطقٍ ... رخيمٍ ومن خَلْقٍ تَعَلَّلَ جادِبُهْ
وقال آخر: من الكامل
أبتِ الروادفُ والثديُّ لِقُمْصِها ... مسَّ البطونِ وأن تمسَّ ظهورا
وإذا الرياحُ مع العشيِّ تناوَحَتْ ... نبَّهْنَ حاسدةً وهجنَ غيورا

وقال آخر: من الطويل
تأملتها مغترّةً فكأنما ... رأيت بها من سُنَّةِ البدرِ مطلعا
إذا ما ملأتُ العينَ منها ملأتها ... من الدمع حتى أنزفَ الدمع أجمعا
وقال آخر: من الكامل
بيضاءُ آنسةُ الحديثِ كأنَّها ... قمرٌ توسَّطَ جُنْحَ ليلٍ مبردِ
موسومة بالحسن ذات حواسد ... إنّ الحسانَ مَظِنَّةٌ للحُسَّدِ
وترى مدامعها ترقرقُ مقلةً ... سوداءَ تَرْغَبُ عن سوادِ الإثمدِ
وقال تميم بن مقبل: من الطويل
ألم ترَ أنّ القلبَ ثاب وأقصرا ... وجلَّى عَمَاياتِ الشبابِ وأَبْصَرَا
وبُدِّلَ حلماً بعد جهلٍ ومَنْ يَعِشْ ... يُجَرِّبْ ويبصرْ شأنَهُ أن تَبصَّرا
وكنّا اجتنينا مرّةً ثَمَرَ الصِّبا ... فلم يُبْقِ منه الدهرُ إلاّ تذكّرا
وَعَمْداً تَصَدَّتْ يومَ شاكلةِ الحمى ... لتنكا قلباً قد صحا وتوقَّرا
عشيةَ أَبْدَتْ جيدَ أدماءَ مُغْزِلٍ ... وطرفاً يُرِيكَ الإِثْمِدَ الجَوْنَ أحورا
وأسحمَ مجاجِ الدّهانِ كأنه ... عناقيدُ من كرمٍ دنا فَتَهَصَّرا
وأشنبَ تجلوهُ بعودِ أَراكةٍ ... وَرَخْصاً عَلَتْهُ بالخضابِ مُسَيَّرا
فيا لكَ من شوقٍ بقلبٍ متيّمٍ ... يُجِنُّ الهوى منها ويا لكَ منظرا
وقال الحسن بن هانئ: من السريع
لو مَسَّ عاد حيّاً ولم ... يَضُمَّهُ من بعدِهِ قبرُ
أو مرَّ ذرٌّ فوق سربالِهِ ... يوماً لأدْمَى جلدَهُ الذرُّ
وقال أيضاً: من الكامل المرفل
في مثل وجهك يَحْسُنُ الشِّعرُ ... ويكونُ فيه لذي الهوى عُذْرُ
تتزَّين الدنيا بطلعتِهِ ... ويكونُ بدراً حينَ لا بدرُ
وقال أيضاً: من المديد
ما هوىً إلاّ له سَبَبُ ... يبتدي منه ويَنْشَعِبُ
فتنتْ قلبي مُحَجَّبَةٌ ... برداءِ الحسنِ تنتقبُ
خُلِّيَتْ والحسنَ تأخُذُهُ ... تنتقي منه وتنتخبُ
فاكتستْ منه طرائِفَهُ ... واستزادتْ فَضْلَ ما تهبُ
صار جِدّاً ما مَزَحْتُ به ... رُبَّ جِدٍّ جَرَّهُ اللعبُ
وقال أبو ذؤيب: من الطويل
وإنّ حديثاً منكِ لو تعلمينه ... جَنَى النحلِ في ألبانِ عُودٍ مَطَافلِ
مطافيلَ أبكارٍ حديث نتاجُها ... تُشابُ بماءٍ مثلِ ماءِ المفاصلِ
المفاصل: منفصل السهل من الجبل حيث يكون الرضراض، فالماء الذي يستنقع فيه أطيب ماء.
وقال البحتري: من الكامل
ووراءَ تَسْدِيَةِ الوشاةِ مَلِيَّةٌ ... بالحسنِ تَمْلُحُ في القلوبِ وتعذُبُ
كالبدرِ إلاّ أنّها لا تُجْتَلَى ... كالشمسِ إلاّ أنَّها لا تغربُ
وقال أيضاً من الخفيف
ذات حُسْنٍ لو استزادت من الحس ... ن إليه لما أصابتْ مزيدا
فهي كالشمسِ بهجةً والقضيبِ ال ... غضّ ليناً والريم طرفاً وجيدا
وقال أيضاً: من السريع
لا تَلْحَني إن عزَّني الصبرُ ... فَوَجْهُ مَنْ أهواهُ لي عُذْرُ
غانيةٌ لم أَغْنَ عن حُبّها ... يقتلُ في أجفانها السحرُ
إن نَظَرَتْ قلتُ بها ذِلّةٌ ... أو خَطَرَتْ قلتُ بها كبرُ
يهتزُّ أعلاها فَتَعْتَاقُهُ ... رادفةٌ يَعْيَا بها الخصرُ
أصبحتُ لا أطمعُ في وَصْلِها ... حسبيَ أن يَبْقَى ليَ الهجرُ
وقال أيضاً: من الطويل
غريرٌ تراءاهُ العيونُ كأنما ... أضاءَ لها من تحت داجيةٍ فَجْرُ
إذا انصرفَتْ يوماً بعطفيه لفتةٌ ... أو اعترضتْ من لحظه نظرةٌ شزرُ
رأيتَ هوى قلبٍ بطيءٍ نزوعُهُ ... وحاجةَ نفسٍ ليس عن مثلها صبرُ
وقال أيضاً: من الوافر
إذا خَطَرَتْ تأرَّجَ جانباها ... كما خَطَرَتْ على الروضِ القَبولُ
ويَحْسُنُ دَلُّها والموتُ فيه ... وقد يُسْتَحْسَنُ السيفُ الصقيلُ
وقال أيضا: من الطويل
ضمانٌ على عينيكِ أني لا أَسْلُو ... وأنّ فؤادي من جوىً بكِ لا يَخْلُو
ألا إنَّ وِرْدا لو يذادُ به الصدى ... وإنّ شفاءً لو يُصَابُ به الخَبْلُ
أطاعَ لها دلٌّ غريرٌ وواضحٌ ... شتيتٌ وَقَدٌّ مُرْهَفٌ وشَوَىً خَدْلُ
وألحاظُ عَيْنٍ ما عَلِقْنَ بفارغٍ ... فَخَلَّيْنَهُ حتى يكونَ له الشغَلُ
وقال أيضا: من الطويل
وأهيفَ مأخوذٍ من النفسِ شَكْلُهُ ... ترى العينُ ما تختارُ أجمعَ فيه
ولم تَنْسَ نفسي ما سُقِيتُ بكفِّهِ ... مِنَ الرّاحِ إلا ما سُقِيتُ بفيهِ
وقال أيضا: من البسيط
بيضاءُ أَوْقَدَ خَدَّيْها الصِّبا وسقى ... أجفانَها من سُلافِ الرّاحِ ساقيها
في حمرةِ الوردِ شكلٌ من تلهّبها ... وللقضيبِ نَصِيبٌ من تثّنيها
قد عَلِمَتْ أنني لم أُرضِ كاشِحَها ... فيها ولم أستمعْ من قَوْلِ واشيها
وقال أبو تمام: من الكامل
عَنَّتْ له سَكَنٌ فهامَ بذكرها ... أيُّ الدموعِ وقد بَدَتْ لم يُجْرِهَا
بيضاءُ يُحْسَبُ شعرها من وجهها ... لما بدا أو وجهها من شعرها
تعطيكَ مَنْطِقَها فتحسبُ أنه ... لِجَنَى عذوبته يمُرُّ بثغرها
وأظنُّ حَبْلَ وصالها لمحبِّها ... أَوْهَى وأضعفَ قوةً من خصرِهِا
وقال ابن الرومي: من الخفيف
وغزالٍ تَرَى على وجنتيه ... قَطْرَ سَهْمَيْهِ من دماءِ القلوبِ
جرحته العيونُ فاقتصَّ منها ... بجوىً في القلوبِ دامي الندوبِ
وقال أيضا: من السريع
يا غُصُنا من لؤلؤ رَطْبِ ... فيه سُرورُ العينِ والقلبِ
أحسنَ بي يومٌ أَرَانيكمُ ... وما على المحسنِ من عتبِ
وقال أيضا: من الخفيف
من جَوارٍ كأنهنّ جوارٍ ... يتسلسلن من مياهٍ عذابِ
لابساتٍ من الشفوفِ لبوساً ... كالهواء الرقراقِ أو كالسرابِ
يؤنِسُ الليلَ ذكرهنَّ فينجا ... بُ وإن كان حالكَ الجلبابِ
عن وجوهٍ كأنهنَّ شموسٌ ... وبدورٍ طلعنَ غبَّ سحابِ
سالمتها الأنداب وهي من الرقْ ... قَة أَولى الوجوهِ بالأندابِ
لو ترى القومَ بينهنَّ لأخبر ... تَ صُراحا ولم تقلْ باكتسابِ
وإذا ما تعجَّبَ الناس قالوا ... هل يصيدُ الظباءَ غيرُ الكلابِ
وقال أيضا: من المنسرح
يا وجنتيه التين من بَهَجِ ... في صُدُغَيْهِ الذين من دَعَجِ
ما حمرةٌ فيكما أَمِنْ خَجَلٍ ... أم صبغةُ الله أَم دمُ المُهَجِ
خدَّانِ فينا لظى حريقِهِما ... ونورُهُ فيهما بلا وهجِ
ما إن تزالُ القلوبُ في حُرَقٍ ... عليهما والعيونُ في لججِ
وقال أيضا: من المنسرح
ظبيٌ وما الظبيُ بالشّبيهِ له ... في الحسنِ إلا استراقَهُ حَوَرَهْ
وحُسْنَ أجيادِهِ ومقلَتهُ ... وَنَفْرَةً فيه من رُقَى السحرةْ
محاسنٌ كلهنَّ مُسْتَرَقٌ ... منه وكلٌّ رآهُ فاغتفرَهْ
ولحظ عينين لو أَدَارَهُمَا ... لفارسٍ في سلاحِهِ أسرَهْ
وَخُنْثُ جفنيهما وغُنْجهما ... تعلِّمُ السحرَ ماهرَ السَّحَرَةْ
وَمَضْحَكٌ واضحٌ به شَنَبٌ ... يعرفُ مَنْ شام برقَهُ مطرهْ
وصحنُ خدٍّ حريقُهُ ضَرَمٌ ... يقذف في القلبِ دائما شررهْ
أعاره الوردُ حُسْنَ صِبْغَتِهِ ... بل صبغةُ الوردِ منه معتصرهْ
كأنما الله حين صَوَّره ... خيَّرَهُ دونَ خَلْقِهِ صُوَرَهْ
يكفيه رَعْيُ الخلاءِ أنَّ له ... من كلِّ قلبٍ مُمَنَّعٍ ثَمَرَهْ
وقال أيضا: من الكامل المرفل
ومهفهفٍ تمَّتْ محاسِنُهُ ... حتى تجاوزَ منيةَ النّفسِ
تصبو الكؤوسُ إلى مراشِفِهِ ... وتَهَشُّ في يده إلى الحبسِ
أبصرتُهُ والكأسُ بين فمٍ ... منه وبين أناملٍ خمسِ
فكأنها وكأنَّ شاربها ... قَمَرٌ يُقَبِّلُ عارضَ الشمسِ
وقال أبو فراس ابن حمدان: من الوافر
مُسيءٌ مُحْسِنٌ طوراً وطوراً ... فما أدري عدوّي أَم حبيبي
يقلِّبُ مقلةً ويديرُ لحظاً ... به عُرِفَ البريءُ من المريبِ
وبعضُ الظالمينَ وإن تباهَى ... شهيُّ الظلم مُغْتَفَرُ الذنوبِ
وقال ابن نباتة: من الطويل
وكم بالحمى وَدَّعتُ من وَصْلِ خُلَّةٍ ... وغانيةٍ ينأى من القُرْطِ جيدُهَا
ألذُّ من النَّيْلِ المعجَّلِ وَعْدُهَا ... وأنفعُ من وصلِ الغواني صدودها
منعمةٌ يَرْوَى من الدمعِ جَفْنُها ... ولم يروَ من ماءِ الشبيبة عودها
وقال ابن الرومي: من مجزوء الرمل
يا شبيهَ البدرِ في الحُسْ ... نِ وفي بُعْدِ المنالِ
جُدْ فقد تنفجرُ الصَخْ ... رَةُ بالماءِ الزلالِ
وقال أبو الحسن السلامي: من الطويل
وفيهنَّ سَكْرَى اللّحظِ سكرى من الصِّبا ... تعاتبُ حلوَ اللفظِ حلوَ الشمائلِ
أدارتْ علينا من كؤوسِ حديثها ... سُلافاً وغَنَّتْنَا بصوتِ الخلاخلِ
وقال أبو الخطاب الجبلي: من الكامل
دمثٌ يكادُ من الحياءِ يذيبُهُ ... لحظي وليس يُلينُهُ استعطافي
هيهات تُسْلي عن هواهُ ذنوبُهُ ... ظُلْمُ الهوى أَحْلَى من الإِنصافِ
وقال علي بن جبلة العكوك: من الوافر
أَغَرُّ تَوَلَّدُ الشهواتُ منه ... فما تعدوهُ أهواءُ القلوبِ
وما اكتحلتْ به عينٌ فتبقى ... مُسَلَّمَةَ الضميرِ من الذنوب
وقال السري الرفاء: من الكامل
ضَعُفَتْ معاقدُ خَصْرِه وعقوده ... فكأنَّ عَقْدَ الخَصرِ عَقْدُ وفائِهِ
وقال الرشيد في ماردة أم المعتصم: من الكامل المرفل
وإذا نظرتَ إلى محاسنها ... فبكلِّ موقعِ نظرةٍ نَبْلُ
وتنالُ منك بحدِّ مقلتها ... ما لا ينالُ بحدِّهِ النصلُ
ولقلبها حلمٌ يباعدُها ... عن ذي الهوى ولطرفها جهل
ولوجهها من وجهها قَمَرٌ ... ولعينها من عينها كُحْلُ
وقال عبد الله بن الحجاج: من الكامل
ومدلّلٍ أما القضيبُ فقدُّهُ ... شكلاً وأما ردفُهُ فكثيبُ
يمشي وقد فعل الصبا بقوامه ... فِعلَ الصَّبا بالغصنِ وهو رطيبُ
أرمي مقاتِلَهُ فتخطي أسهمي ... غَرَضي ويرمي مقتلي فيصيبُ
نفسي فداؤك إن نفسي لم تَزَل ... يَحْلو فداؤُكَ عندها ويطيبُ
ما لي وما لك لا أراكَ تزورني ... إلا ودونك مانع ورقيبُ
وقال: من السريع
فديتُ من نادَمْتُهُ ليلةً ... ووجهُه والكاسُ مصباحي
أجفانُهُ في مجلسي نرجسي ... وخدُّهُ وردي وتفَّاحي
مزجتُ كأسي من جنى ريقِهِ ... بمثل ما فيها من الرّاحِ
وقال: من السريع
يا مَنْ إذا قابلَ شمسَ الضّحى ... خَرَّتْ له راكعةً ساجِدَهْ
كيف احتيالي في جحودي هوىً ... عيني على قلبي به شاهدَهْ
وقال: من السريع
فديتُ إنساناً على وَصْلِهِ ... وهجرِهِ يحسُدُني الناسُ
لما احتوى الوردُ على خدِّهِ ... ودبَّ في عارضِهِ الآسُ
مزجتُ كأسي من جنى ريقِهِ ... بمثلِ ما دارتْ به الكاسُ
وقال: من مخلع البسيط
وشادن خَلْقُهُ دليل ... فينا على قدرةِ الحكيمِ
يفعلُ بالشمس في ضحاها ... ما تفعل الشمسُ بالنجومِ
مَرَّ بنا والصباحُ منه ... يشرقُ تحت الدجى البهيمِ
يعلِّمُ الغصنَ وهو يمشي ... تثّنيَ الغصنِ في النسيمِ
وقال: من مجزوء الرمل
قل لمن ريقته مس ... كٌ وشهدٌ ومدامُ
والذي حلّل قتلي ... وهو محظورٌ حرامُ
أيها النائم عمّن ... عينهُ ليسَ تنامُ
كلُّ نارٍ غير ناري ... فيك بَرْدٌ وسلامُ
أنشد أبو حاتم لرجل من كلب: من الطويل
لقد مَنَعَتْ بَرْدَ المقيلِ وقطعتْ ... بِرَمَّانَ أنفاسَ المطيِّ صعودُ
قصيرةُ همِّ الروحِ أمّا شتاؤها ... فسخنٌ وأمّا قيظُها فبرودُ
من هاهنا أخذ عمر بن أبي ربيعة قوله فزاد وأحسن: من الخفيف
سخنةٌ في الشتاءِ باردة الصي ... ف سراجٌ في الليلةِ الظّلماءِ
وقال أعرابي: من الوافر
مُنَعَّمةٌ يحارُ الطرفُ فيها ... كأنَّ حديثها سُكْرُ الشبابِ
مِنَ المتصدِّياتِ لغيرِ سوءٍ ... تسيلُ إذا مَشَتْ مَشْيَ الحُبَابِ النوع الخامس عشر

في طيب الأفواه

وقال امرؤ القيس: من المتقارب
كأن المدامَ وَصَوْبَ الغمامِ ... وريحَ الخُزَامَى ونَشْرَ القُطُرْ
يُعَلُّ به بَرْدُ أنيابِهَا ... إذا طَرَّبَ الطائر المُسْتَحِرْ
وقال جميل: من الكامل
وكأنَّ طارقها على عَلَلِ الكرى ... والنجمُ وهناً قد بدا لتغوُّرِ
يستافُ ريحَ مدامةٍ معلولةٍ ... بذكيِّ مسكٍ أو سحيقِ العنبرِ
وقال آخر: من الطويل
كأنَّ على أنيابها الخمرَ شابها ... بماءِ الندى من آخرِ الليلِ غابقُ
وما ذقتُهُ إلا بعيني تفرُّساً ... كما شيمَ في أعلى السحابةِ بارقُ
وقال أبو صعترة البولاني: من الطويل
فما نُطْفَةٌ من حَبِّ مُزْنٍ تقاذفت ... بها جنبتا الجوديِّ والليلُ دامسُ
فلما أقرَّتْهُ اللصابُ تنفَّسَتْ ... شمالٌ لأعلى مائهِ فهو قارسُ
بأطيبَ من فيها وما ذقتُ طَعْمَهُ ... ولكّنني في ما ترى العينُ فارسُ
وقال حرملة بن مقاتل: من الطويل
وما ضَرَبٌ في رأسِ نيقٍ مُمَنَّع ... بتيهاءَ قد يستنزلُ العصمَ نيقها
بأطيبَ من فيها وما ذقتُ طَعْمَهُ ... وقد جَفَّ بعد النوم للنوم ريقها
إذا اعتلَّتِ الأفواه واستمكن الكرى ... وقد حان من نجم الثريّا خفوقها
وما ذقت فاها غير شيءٍ رجوتُهُ ... ألا رُبَّ راجي شربةٍ لا يذوقُها
وقال أبو ذؤيب: من الطويل
عصاني إليها القلبُ إني لأمرِهِ ... مطيعٌ فما أدري أَرُشْدٌ طِلاَبُها
أراد أرشدٌ طلابها أم غي فحذف، وفي الكتاب العزيز: سرابيل تقيكم الحر ولم يقل: وتقيكم البرد، وعادة العرب الحذف إذا كان فيما بقي دليلاً على ما حذف، ويرون ذلك من الفصاحة؛ وقال الشاعر: تمر بها رياح الصيف دوني
فقلتُ لقلبي يا لكَ الخيرُ إنما ... يُدَلّيكَ للموتِ الجديدِ حِبَابُها
فأقسمُ ما إنْ بالَةٌ لَطَيمَّةٌ ... تفتح باب الفارسين بابها
ولا الراحُ راحُ الشَّامِ جاءت سبئيةً ... لها رايةٌ تهدي الكرامَ عُقابُها
عقارٌ كماء ليستْ بخطمةٍ ... ولا خَلَّةٍ يكوي الشروبَ شِهابُها
بأطيبَ من فيها إذا جئتُ طارقاً ... منَ الليلِ والتفَّتْ عليَّ ثيابُها
وقال بشار: من البسيط
يا أطيبَ الناسِ ريقاً غيرَ مختبرٍ ... إِلا شهادةَ أطرافِ المساويكِ
وقال ابن الرومي: من الطويل
وما تعتريها آفةٌ بَشَرِيَّةٌ ... من النوم إلا أنها تتخثَّرُ
كذلك أنفاسُ الرياضِ بِسُحْرَةٍ ... تطيبُ وأنفاسُ الأنام تَغَيَّرُ
وما ذقتُهُ إلا بِشَيْمِ ابتسامها ... وكم مخبرٍ بيديهِ للعينِ منظرُ
وغيرُ عجيبٍ طيبُ أنفاسِ روضةٍ ... مُنَوِّرَةٍ باتَتْ تراحُ وتُمطَرُ
وقال أيضاً: من البسيط
هي الفتاةُ إذا اعتلَّتْ مَفَاصِلُها ... بالنومِ واعتلّت الأفواهُ بالسحرِ
طابت هناك لحينٍ لا يطيبُ له ... إلا الرياضُ كأنْ ليستْ من البشرِ
وقال القطامي: من الطويل

وما ريحُ قاعٍ ذي خزامى وحَنْوَةٍ ... له أَرَجٌ من طيِّبِ النبتِ عازبِ
بأطيبَ من فيها إذا ما تَقَلَّبَتْ ... من الليل وسنى جانباً بعد جانبِ
وقال جرير: من الطويل
سقينَ البشامَ المسكَ حين رَشَفْنَهُ ... رشيفَ الغُرَيْرِيَّاتِ ماءَ الوقائعِ
إذا ما رجا الظمآنُ وِرْدَ شريعةٍ ... ضَرَبْنَ حبالَ الموتِ دونَ الشرائعِ
وقال ابن الدمينة: من الطويل
وما نُطْفَةٌ صهباءُ صافيةُ القذى ... بحجلاءَ تجري تحت نِيقٍ حبابها
سقاها من الأشراطِ ساقٍ فأصبحت ... تسيلُ مجاري سَيْلِها وشعابُها
يحومُ بها صادٍ يَرَى دونَها الرَّدَى ... محيطاً فيهوَى وِرْدَها ويَهابُها
بأطيبَ من فيها ولا قَرْقَفِيَّةٌ ... يُشَابُ بماءِ الزنجبيلِ رضابُها النوع السادس عشر

في وصف الثغر

وقال القطامي: من الطويل
مُنعمةٌ تجلو بعودِ أراكة ... ذرى بَرَدٍ عذبٍ شنيبِ المناصبِ
كأنّ فضيضاً من عريضِ غمامةٍ ... على ظمأ جادت به أمُّ غالبِ
وقال آخر: من البسيط
كأنما ثغرها مِنْ حُسْنِهِ بَرَدٌ ... مما تُهَادِيهِ أيدي الريح مصقولُ
كأنه أقحوانٌ غِبَّ ساريةٍ ... مديّم واجهته الريحُ مشمولُ
وقال مسلم: من الطويل
تَبَسَّمُ عن مثلِ الأقاحي تَبَسَّمَتْ ... له مُزْنَةٌ صَيْفِيَّةٌ فتبسَّما
وقال آخر: من الطويل
أحاذرُ في الظلماءِ أن تستشفَّني ... عيونُ الغيارى في وميضِ المضاحكِ
وقال السمهري: من الطويل
وبيضاءَ مكسالٍ لعوبْ خريدةٍ ... لذيذٍ لدى ليلِ التمامِ شمامها
كأنَّ وميضَ البرقِ بيني وبينها ... إذا حان من بعضِ البيوتِ ابتسامها
وقال جميل: من الطويل
وقامت تراءَى بعد ما نام صحبتي ... لنا وسوادُ الليل قد كادَ يَجْلَحُ
بذي أُشْرٍ كالأقحوانِ يزينه ... نَدَى الطلِّ إلا أنه هُوَ أملحُ
*******
النوع السابع عشر

في إسرار الهوى وإعلانه

وقال نصيب: من الطويل
وما زال كتمانيكِ حتى كأنَّني ... بِرَجْعِ جوابِ السائلي عنكِ أعجمُ
لأسلمَ من قَوْلِ الوشاةِ وتسلمي ... سلمتِ وهل حيٌّ من الناسِ يسلمُ
وقال الأخطل: من الطويل
ولما تلاحَقْنا نَبَذْنا تحيّةً ... إليهنَّ فالتذَّ الحديثَ أَصيلُهَا
فكان لدينا السرُّ بيني وبينها ... ولمعُ غَضِيضاتِ العيونِ رسولُهَا
وقال آخر: من الطويل
بنفسي الذي إن قال خيراً وَفَى به ... وإن قال شرّاً قاله وهو مازحُ
ومَنْ قد رماهُ الناسُ حتى اتقاهمُ ... ببغضيَ إلا ما تُكِنُّ الجوانحُ
وقال أعرابي: من الطويل
وما بحتُ يوماً بالذي كان بيننا ... كما يستباحُ الهذريانُ المبَّيحُ
سوى أنني قد قلتُ و العيسُ ترتمي ... بنا عَرَصاتٍ في الأزمَّةِ جُنَّحُ
هنيئا لمسواكِ الأراكِ فإنه ... بخمر ثنايا أمِّ عمروٍ يُصَبَّحُ
وللطوقِ مجراهُ وللقرطِ إنه ... على نَفْنَفٍ من جيدها يَتَطَوَّحُ
وقال ابن سماعة الأسدي فيما رواه أبو هلال العسكري: من الطويل
بنفسيَ مَنْ لا بدَّ أنّيَ هاجِرُهْ ... ومن أنا في الميسورِ والعُسْرِ ذاكِرُهُ
ومَنْ قد رماهُ الناس حتى اتقاهمُ ... ببغضيَ إلا ما تُجِنُّ ضمائرُهْ
أحبك يا ليلى على غيرِ ريبةٍ ... ولا خير في حبٍّ تُذَمُّ سرائرُهْ
أكفكفُ دمعي أن يكونَ طليعةً ... على سرِّ نفسي حين ينهلُّ قاطرُهْ
والبيتان الأولان الأصح أنهما ليزيد بن الطئرية من القصيدة طويلة من هذا النوع، وأنا أذكر مستحسنها ومختارها هاهنا لئلا ينقطع:
ألا يا شفاءَ النفسيِ لو يسعفُ الهوى ... ونجوى فؤادٍ لا تُباحُ سرائرُهْ
أثيبي أخا ضارورة أصفق العدى ... عليه وقلَّت في الصديق معاذرُهْ
بنفسي مَنْ إنْ يدنُ ينفعْ دنوُّهُ ... وَإنْ ينأَ لا تخرِ الصديق جرائرُهْ
ومستخبرٍ عنها ليعلمَ ما الذي ... لها في فؤادي ودَّ أني أحاذرُهْ
تركت على عمياء منه ولم أكنْ ... إذا ما وشى واشٍ بليلي أناظرُهْ
أتهجر بيتا بالحجاز تَكَنَّفَتْ ... جوانبَهُ الأعداء أم أنت زائرُهْ
فإن آتِهِ لا أنجُ إلا بِظنَّةٍ ... وإن يأتِهِ غيري تُنَطْ بي جرائرُهْ
ولا بأسَ بالهجر الذي ليس عن قلىً ... إذا شجرتْ عند الحبيبِ شواجرُهْ
وقد روي شطر هذه الأبيات للحسين بن مطير، ومنها قوله:
ألا حُبَّ بالبيتِ الذي أنت هاجرُهْ ... وأنت بتلماحٍ من الطرف زائرُهْ
لأنك من بيتٍ لعينيَّ معجبٍ ... وأملحُ في عيني من البيت عامرُهْ
أصدُّ حياءً أن يلجَّ بيَ الهوى ... وفيك المنى لولا عدوٌّ أحاذرُهْ
وفيك حبيبُ النفسِ لو تستطيعه ... لمات هوى والشوقُ حين تجاورُهْ
وكان حبيبُ النفسِ للقلب واترا ... وكيف يحبُّ القلبُ من هو واترُهْ
فإن يكن الأعداءُ أحموا كلامه ... علينا فلم تحمَي علينا مناظرُهْ
أحبك حبّا لن أعنِّفَ بَعْدَهُ ... محبّاً ولكني إذا ليمَ عرذرُهْ
لقد مات قلبي أول الحبّ فانقضى ... ولو متُّ أضحى الحبُّ قد ماتَ آخرُهْ
وقال ابن ميادة: من الخفيف
يا خليليَّ هَجِّرا كي تَرُوحَا ... هجتما للرواح قلبا قريحا
إن تريغا لتعلما سرَّ سُعْدَي ... تجداني بسرِّ سعدي شحيحا
إنّ سعدي لَمُنْيَةُ المتمنّي ... جمعت عِفَّةً ووجهاً صبيحا
وقال جميل: من الطويل
سأمنحُ طرفي غيركم إن لقيتكمْ ... لكي يحسبوا أنَّ الهوى حيث أنظرُ
وأكني بأسماءٍ سواكِ وأَتقي ... زيارتكم والحبُّ لا يتغيَّرُ
وقال الحسن بن هانئ: من الخفيف
لأبيحنَّ حُرْمَةَ الكتمانِ ... راحةَ المستهامِ في الإعلانِ
قد تعزَّيْتُ بالسكوتِ وبالإط ... راقِ جهدي فَنَمَّتِ العينانِ
تركتني الوشاةُ نُصْبَ المشيرِي ... من وأحدوثةً بكلِّ مكان
ما أرى خاليين في السرِّ إلا ... قلتُ ما يخلوانِ إلا لشاني
وقال البحتري: من الطويل
إذا العينُ راحَتْ وهي عينٌ على الجوى ... فليس بسرٍّ ما تُسِرُّ الأضالعُ
وقال تميم بن أبي بن مقبل: من الطويل
لقد طال ما أخفيتُ حُبَّكِ في الحشا ... وفي القلبِ حتى كاد في القلبِ يجرحُ
قديماً ولم يعلمْ بذلك عالمٌ ... وإن كان موثوقاً يودُّ وينصَحُ
فردّي فؤادي أو أثيبي ثوابَهُ ... فقد يملك المرءُ الكريمُ فَيُسْجحُ
سَبَتْكَ بمأشور الثنايا كأنه ... أقاحِي غَداةٍ بات بالدَّجْنِ يُنْضَحُ
وقال ابن الدمينة: من الطويل
هجرتُكِ أياما بذي الغمرِ إنني ... على هجر أيامٍ بذي الغمرِ نادمُ
هجرتُكِ إشفاقا عليكِ من الرّدى ... وخوفِ الأعادي واجتنابِ النمائمِ
وإني وذاك الهجر لو تعلمينه ... كعازبةٍ عن طفلها وهي رائمُ
فما أعلمَ الواشينَ بالسرِّ بيننا ... ونحن كلانا للمودة كاتمُ
ويستحسن قول أبي الطيب في المعنى: من الخفيف
وإذا خامر الهوى قلبَ صَبٍّ ... فعليه لكلِّ عينٍ دليلُ
وأحسن ما قيل في ذلك قول قيس بن ذريح: من الطويل
لو أنّ امرءا أخفى الهوى عن ضميره ... لمتّ ولم يعلمْ بذاك ضميرُ
ولكنْ سألقى اللهَ والنفسُ لم تَبُحْ ... بسرِّكِ والمستخبرون كثيرُ
وقال آخر: من الطويل
يقولون ليلى بالمغيبِ أمينةٌ ... له وهو راعٍ سرَّهَا وأَمينها فإن تكُ ليلى استودعتني أمانةً ... فلا وأبي ليلى إذا لا أخونها
أأرضى بليلى الكاشحين وأبتغي ... كرامةَ أعدئي لها وأهينُها
معاذةَ وَجْهِ الله أن أُشْمِتَ العدى ... بليلى وإن لم تَجْزِني ما أدِينُها
سأجعل ديني جُنَّةً دون دينها ... وعرضي ليبقى عرضُ ليلى ودينها




ابن حمدون
محمد بن الحسن بن محمد بن علي بن حمدون، أبو المعالي، بهاء الدين البغدادي (المتوفى: 562هـ)

تعليقات

لا توجد تعليقات.

هذا النص

ملف
الجنس في الثقافة العربية
المشاهدات
758
آخر تحديث
أعلى