د. معاذ الروبي - اضطراب الهلع

اضطراب الهلع (panic disorder) يشمل نوبات الهلع (panic attack) والتي هي رد فعل مبالغ فيه على استجابة الجسم الطبيعية للخوف أو مثير معين. في حالة اضطراب الهلع، يتعرض الشخص بانتظام لمثل هذه النوبات دون سبب واضح. يؤدي رد الفعل الطبيعي للخوف أو الإثارة إلى إنتاج الجسم لهرمون الأدرينالين للاستعداد والتفاعل وفقاً للمبدأ المعروف "القتال والمواجهة أو الهروب" من مصدر الخوف. إذا كان لدى الشخص نوبة هلع، فإن أفكار أو صور طبيعية تؤدي إلى تحفيز مبدأ "القتال أو الهروب" في الدماغ، مما يؤدي إلى انتشار الأدرينالين في جميع أنحاء الجسم مما يتسبب في أعراض مثل التعرق وزيادة معدل ضربات القلب وفرط سرعة التنفس. تستمر نوبة الهلع الواحدة حوالي 20 دقيقة ويمكن أن تكون غير مريحة ومؤذية للغاية.

قد يسيء الفرد تفسير هذه الأعراض، قائلاً إنه يشعر وكأنه يعاني من نوبة قلبية أو حتى يحتضر. يمكن للخوف أن يزيد من تنشيط مركز إدراك الخطر والتهديد في الدماغ بحيث يتم إنتاج المزيد من الأدرينالين، مما يؤدي إلى تفاقم الأعراض. الأفراد الذين لديهم تكرار في هذه النوبات، يتكون لديهم خشية من حدوث نوبات هلع تالية لدرجة أنهم يصبحون وكأنهم يعيشون في دوّامة مستمرة وحالة من "الخوف من الخوف". قد تحدث نوبات الهلع على سبيل المثال عند تواجد الشخص وسط حشد من الناس أو في مساحة صغيرة. ولكن غالبًا ما يتم تحفيز حدوث نوبات الهلع من خلال الأحاسيس الداخلية التي لا علاقة لها بالعالم الخارجي. نتيجة لذلك، يمكن أن تصبح المهام اليومية صعبة والمواقف والعلاقات الاجتماعية في خطر وعلى المحك. قد يتجنب المصابون باضطراب الهلع أماكن أو أنشطة معينة، لذلك تستمر المشكلة لأن الشخص لا يمكنه أبدًا التخلص من خوفه غير المبرر أو التغلب عليه.

يعاني واحد من كل 10 أشخاص من نوبات هلع عرضية، لكن اضطراب الهلع المستمر أقل شيوعًا حيث تمثل نسبة وجوده 2٪ فقط من مجمل عدد السكان. هناك بعض الأسباب وعوامل الخطورة التي تؤدي إلى حدوث هذا الاضطراب وتشمل: تجارب الحياة المؤلمة، مثل تجربة الفجيعة وهي فقدان شخص عزيز ومقرب، أيضاً وجود شخص من العائلة مصاب باضطراب الهلع. بعض العوامل البيئية مثل ارتفاع نسبة ثاني أكسيد الكربون قد تسبب نوبات الهلع. بالإضافة لذلك، بعض الأمراض العضوية الجسدية مثل فرط نشاط الغدة الدرقية تنتج أعراض مشابهة لاضطراب الهلع. لذلك من المهم أن يستبعد الطبيب تلك الأمراض قبل وضع التشخيص النهائي.

يسبب هذا الاضطراب دورة مستمرة من القلق والخوف تبدأ عندما يعتقد الشخص بوجود تهديد ويبدأ في الدخول في الدخول في نوبة هلع. ثم تتطور الأعراض الجسدية، مما يؤدي إلى تفاقم القلق وبالتالي زيادة حدة الأعراض، والتي بدورها تزيد من احتمالية تكرار النوبة. دورة الهلع تشمل: الشعور بالقلق ثم حدوث نوبة الهلع ثم الخوف من حدوث نوبة أخرى ثم يتراكم القلق إلى أن يؤدي إلى نوبة أخرى ثم يتجمع المزيد من الخوف مما يقود إلى الشعور بالقلق من جديد وهكذا دواليك.

أعراض نوبة الهلع تنتج عن نشاط الجهاز العصبي الذاتي (autonomic nervous system) وهو الجزء غير الخاضع للتحكم الواعي وتشمل الآتي/ -زيادة معدل ضربات القلب: الأدرينالين يسبب سرعة في ضخ القلب لنقل الدم المحتوي على الأكسجين إلى حيث يُحتاج إليه. يمكن أن يؤدي هذا إلى الشعور بألم في الصدر. -شعور بالإغماء: التنفس يصبح أسرع وأقل عمقاً في الشهيق والزفير لزيادة دخول الأكسجين، مما يسبب فرط التنفس (زيادة وتيرة التنفس عن الحاجة العضوية) والدوار. -التعرق والشحوب: يزيد التعرق لتبريد الجسم، وقد يصبح الشخص شاحبًا أيضًا بسبب تحويل الدم إلى حيث تشتد الحاجة إليه من الأعضاء الأكثر أهمية وبعيدا عن الجلد. -الإحساس بالاختناق: التنفس السريع يؤدي إلى الشعور بالاختناق حيث يرتفع مستوى الأكسجين ولكن لا يتم طرد كمية كافية من ثاني أكسيد الكربون. -اتساع حدقة العين: الحدقة (الجزء الأسود من العين) تتوسع للسماح بدخول المزيد من الضوء، مما يجعل من الأسهل رؤية طريق الهروب. -تباطؤ الهضم: لأن الهضم ليس بالغ الأهمية في المواقف الصعبة والحازمة والخطيرة، لذا فإنه يتباطأ، حيث تسترخي العاصرات والصمامات مما يجعل الفرد يشعر بالغثيان. -جفاف الفم: يمكن أن يصبح الفم جاف بشدة، حيث تتركز سوائل الجسم في أجزاء الجسم الأكثر حاجة إليها.

معالجة اضطراب الهلع تشمل العلاج السلوكي المعرفي لتحديد المحفزات التي تؤدي إلى حدوث النوبات وتطوير سلوك تجنبي للمثيرات وتعلم دحض النتائج المخيفة واستنتاجات التفكير الخاطئة التي تقود إلى حالة الذعر. أيضاً يشمل العلاج مجموعات دعم لمقابلة آخرين مصابين بنفس الاضطراب والحصول على المشورة والنصائح من تجربتهم. يشمل العلاج الدوائي أخذ حبوب مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية والتي تستخدم كمضادات للاكتئاب وللقلق معاً.


د. معاذ الروبي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى