اضطراب قلق الانفصال

يحدث اضطراب قلق الانفصال (Separation anxiety disorder) لدى الأطفال الذين يستمر قلقهم بشأن الانفصال عن والديهم أو مقدمو الرعاية الأساسية لهم بعد سن عامين. القلق من الانفصال هو رد فعل فطري طبيعي بالأساس يساعد في الحفاظ على سلامة الرضع والأطفال الصغار حتى بلوغهم الكفاءة اللازمة للتعامل مع بيئتهم بمفردهم. ومع ذلك، يمكن أن يتحول إلى مشكلة إذا استمرت الأعراض لأكثر من أربعة أسابيع وصاحبها تغير في السلوك الطبيعي المتناسب مع عمر الطفل. يشعر الطفل بالضيق عندما يغادره من كان يقدم الرعاية الأساسية له ويخشى أن يلحق الضرر به. هناك مواقف وأماكن معينة مثل المدرسة وبعض المناسبات الاجتماعية تعمل كمحفز لحدوث هذا الاضراب. قد يعاني الأطفال المصابون من نوبات هلع، واضطراب في النوم، والبكاء الذي لا يطاق. بالإضافة لذلك، قد يشكون من مشاكل جسدية مثل آلام المعدة أو الصداع أو الشعور بالإعياء دون وجود سبب واضح. قد يمر الأطفال الأكبر سنًا بمشاعر ونوبات الذعر ويخافون بشدة من السفر بمفردهم.

يعتبر اضطراب قلق الانفصال أكثر أنواع اضطرابات القلق شيوعًا لدى الأطفال دون سن 12 عاماً. ومع ذلك، فيمكن أن يصيب أيضًا المراهقين الأكبر سنًا، ويمكن تشخيصه في مرحلة البلوغ. يمكن أن ينشأ ويتطور الاضطراب بعد ضغوط كبيرة مثل فقدان أحد الأحباء أو حيوان أليف أو الانتقال إلى مكان معيشة جديد أو تغيير المدارس المعتادة أو طلاق الوالدين. يمكن أيضاً أن تزيد الأبوة أو الأمومة المفرطة والمبالغ بها من احتمالية حدوث هذا الاضطراب. تعتمد المعالجة بدرجة كبيرة على العلاجات السلوكية التي تتضمن بناء وتنظيم عمليات فصل مخططة مسبقاً في أوقات محددة من اليوم يكون فيها الطفل أقل ضعفًا وأكثر قدرة على التحمل. من الشائع حدوث هذا النوع من القلق الذي قد يعبر الطفل فيه عن مخاوفه التي عايشها في النهار على شكل كوابيس في الليل. وربما يرفض النوم بمفرده أو يعاني من الأرق. بعض الأطفال يشعرون بقلق مفرط بشأن الانفصال عن مقدم الرعاية الأساسي حتى لو كان فقط في غرفة مجاورة منفصلة عنهم. قد تظهر مشاعر القلق على أنها آلام جسدية غير معروفة السبب حيث يقاوم الطفل ذعره الناتج من الانفصال ويعبر عن ذلك من خلال شيء ملموس.

المعالجة تشمل العلاج السلوكي المعرفي لإدارة القلق وضبطه؛ أيضاً تدريب الأطفال الأكبر سنًا والبالغين على أن يكونوا أكثر ثقةً واعتماداً على أنفسهم وحزماً. من المهم كذلك عمل تدريب ودعم للوالدين لتنظيم فترات الانفصال القصيرة ثم تمديدها بعد ذلك تدريجياً بما يتناسب مع تأقلم الطفل معها وتحمله لها. في الحالات الشديدة يمكن إعطاء أدوية مضادة للقلق ومضادات الاكتئاب جنباً إلى جنب مع العلاج النفسي المعرفي السلوكي.


د. معاذ الروبي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى