جورجي زيدان (1861-1914) هو الأديب والصحفي اللبناني الذي أنشأ مجلة "الهلال" في القاهرة عام 1892م. يعد من المنظرين للقومية العربية، ومن أهم كُتاب عصر النهضة ومفكريه. كما أنه من أوائل من كتب الرواية التاريخية متأثرَا بالرواية الغربية وبخاصة روايات والتر سكوت(1771-1832م). وألكسندر دوما الأب (1802-1870). ومن أشهر رواياته: "فتاة غسان"، "أرمانوسة المصرية"، " عذراء قريش"، "غادة كربلاء"، " فتح الأندلس"، "أبو مسلم الخراساني"، "العباسة أخت الرشيد"، "الأمين والمأمون"، "عروس فرغانة"، "فتاة القيروان"، " شجرة الدر"، " الانقلاب العثماني" وغيرها:
من الملاحظ أن هذه الروايات التي كتبها جورجي زيدان، كما يبدو حتى في كثير من عناوينها، تنهل من التاريخ موضوعاتها، وأحداثها، وشخصياتها، وتعتمد الرؤية من الخلف، أو السرد العام، والأسلوب التاريخي في تسلسل الأحداث وعرضها، إنها روايات تهتم بالتاريخ، وتتوسل أسلوب القص، وبخاصة القص الشعبي في بناء عالمها. إنها تستند إلى التاريخ والفن: التاريخ الذي يمثل بحوادثه الكبرى وشخصياته وفضاءاته الحقيقة، والفن القصصي الذي يمثل بحوادثه المتخيلة الإلهام والخلق. وعادة يختار جورجي زيدان فترات حرجة من التاريخ يقتطعها لبناء عالم كل رواية من رواياته، كتلك التي نشهد صراعًا على السلطة بين قوتين سياسيتين، أو بين مذهبين متصارعين. وتقوم الأحداث عادة على علاقة غرامية بين بطلي الرواية، وتقف المؤامرات والدسائس في طريق عشقهما.
أما أثر المرويّات الشعبية، وهي القصص التي كانت متداولة بين العامة في العصر الوسيط، مثل: "على الزيبق"، و" سيف ذي يزن"، و"الملك الظاهر"، وبني هلال" وغيرها، فواضح في معظم روايات زيدان غلبة أسلوب الاسترسال على بنائها السردي، كما يستخدم الاستطراد للانتقال بين حكاية أو حادثة إلى أخرى، وتكثر المصادفات، وصيغ المبالغة؛ لشدّ انتباه المتلقّي، وإدهاشه. لعل الاستخدام الواضح للمرويات الشعبية، وخاصة السِّيَر الشعبية جعلت من روايات زيدان كأنها إعادة إنتاج لتلك المرويّات الشعبية التي سعت هي أيضًا إلى قراءة التاريخ من خلال المنظور الشعبي.
كان جورجي زيدان يرى أن من الضرورة، بما يخص الرواية، الانفتاح على الغرب بترجمة النص الروائي ونقله، وربطه بالتسلية والتعليم، ودفع الناس للاطلاع عليه؛ ليساهم في نموهم العقلي والوجداني، وانفتاحهم على المعرفة التاريخية. من أجل ذلك لجأ إلى التاريخ العربي والإسلامي من أيام الجاهلية الى العصر الحديث، واستند إلى قراءاته في اللغة والتمدن الإسلامي، وبمطالعاته للرواية الغربية، واستطاع أن ينتج روايات كثيرة، بإدخال التاريخ في عباءة السرد الروائي، تحت شعاره الساطع" تعليم التاريخ قبل تعليم الرواية".
لقد رأى زيدان كمعاصريه من القاصين والنقاد أن العمل الأدبي يجب أن يحتوي على علم ما، أو درس في الأحلاق، ورأى في الخيال وسيلة للتشجيع على الاطلاع على المادة التاريخية في العمل الروائي الذي يغدو بوجودها مرجعًا في التاريخ. جاء في مقدمة عمله "الحجاج بن يوسف الثقفي" أن أفضل وسيلة لترغيب الناس فى مطالعة التاريخ والاستزادة منه، تقديمه بأسلوب قصصي. هكذا كان كل جهده أن يكون التاريخ حاكمًا على القصة لا هي حاكمة عليه. ويمضي شارحًا طريقته في عمله بأن يأتي بحوادث التاريخ كما هي، ويُدْمِج خلالها قصة غرامية فيتشوف القارئ إتمام قراءتها، فتغدو الحوادث التاريخية مركز الاهتمام، ويعتمد عليها من حيث الزمان والمكان والأشخاص، كما يعتمد على أي كتاب تاريخي.
من المآخذ التي يمكن تسجيلها على تجربة جورجي زيدان في رواياته التاريخية أنها حصرت اهتمامها بالتاريخ، في حين أن الرواية فن يحتوي الأجناس الأدبية واللغات والخطابات، ولا تخاطب العقل وحده. كما أن فيها تشويهًا للحقائق التاريخية؛ لاعتمادها على آراء المستشرقين والمؤرخين الغربيين، كما أنها تركز على الأحداث الكئيبة في التاريخ الإسلامي، وتربك المتلقي في تداخل ما هو تاريخي بما هو خيالي. وعوالمها الفنية متشابهة من حيث الاستهلال، والشخوص، والحبكة، ووصف الأمكنة والشخوص، والمنظور الروائي المعتمد على الراوي الكلي المعرفة.
لا غرابة أن رأينا المنفلوطي يأخذ على جورجي زيدان بأنه تناول تاريخ الإسلام في رواياته تناول العالم المحقق. مع أن الرواية التاريخية، لا تكون في دقة البحث العلمي التاريخي، لأنها تحتوي على حوادث وشخصيات متخيَّلة تجعل من الصعب التفريق بين ما هو علمي، وما هو تاريخي.
من هنا يحق لنا أن نرى في تجربة جورجي زيدان نصًا رائدًا في توظيف التاريخ، لكنه ليس نصًا روائيًّا تاريخيًّا. فهو نص يلتزم بكل الحقائق التاريخية، وينسخ التاريخ من مصادره، ويعرض تفاصيل الحدث والمكان والزمان، دون أن يعبأ بالحقائق الفردية بخلاف الرواية التاريخية التي نظر إليها الناقد الماركسي جورج لوكاش التي تقوم على التصادم بين ما هو خاص وما هو عام. كل ما كان يهم زيدان في أعماله هو تقديم التاريخ والفن بطريقة شائقة، تكون السيطرة فيها للتاريخ؛ في طموح أن تكون رواياته مرجعًا بمنزلة المراجع التاريخية.
من الملاحظ أن هذه الروايات التي كتبها جورجي زيدان، كما يبدو حتى في كثير من عناوينها، تنهل من التاريخ موضوعاتها، وأحداثها، وشخصياتها، وتعتمد الرؤية من الخلف، أو السرد العام، والأسلوب التاريخي في تسلسل الأحداث وعرضها، إنها روايات تهتم بالتاريخ، وتتوسل أسلوب القص، وبخاصة القص الشعبي في بناء عالمها. إنها تستند إلى التاريخ والفن: التاريخ الذي يمثل بحوادثه الكبرى وشخصياته وفضاءاته الحقيقة، والفن القصصي الذي يمثل بحوادثه المتخيلة الإلهام والخلق. وعادة يختار جورجي زيدان فترات حرجة من التاريخ يقتطعها لبناء عالم كل رواية من رواياته، كتلك التي نشهد صراعًا على السلطة بين قوتين سياسيتين، أو بين مذهبين متصارعين. وتقوم الأحداث عادة على علاقة غرامية بين بطلي الرواية، وتقف المؤامرات والدسائس في طريق عشقهما.
أما أثر المرويّات الشعبية، وهي القصص التي كانت متداولة بين العامة في العصر الوسيط، مثل: "على الزيبق"، و" سيف ذي يزن"، و"الملك الظاهر"، وبني هلال" وغيرها، فواضح في معظم روايات زيدان غلبة أسلوب الاسترسال على بنائها السردي، كما يستخدم الاستطراد للانتقال بين حكاية أو حادثة إلى أخرى، وتكثر المصادفات، وصيغ المبالغة؛ لشدّ انتباه المتلقّي، وإدهاشه. لعل الاستخدام الواضح للمرويات الشعبية، وخاصة السِّيَر الشعبية جعلت من روايات زيدان كأنها إعادة إنتاج لتلك المرويّات الشعبية التي سعت هي أيضًا إلى قراءة التاريخ من خلال المنظور الشعبي.
كان جورجي زيدان يرى أن من الضرورة، بما يخص الرواية، الانفتاح على الغرب بترجمة النص الروائي ونقله، وربطه بالتسلية والتعليم، ودفع الناس للاطلاع عليه؛ ليساهم في نموهم العقلي والوجداني، وانفتاحهم على المعرفة التاريخية. من أجل ذلك لجأ إلى التاريخ العربي والإسلامي من أيام الجاهلية الى العصر الحديث، واستند إلى قراءاته في اللغة والتمدن الإسلامي، وبمطالعاته للرواية الغربية، واستطاع أن ينتج روايات كثيرة، بإدخال التاريخ في عباءة السرد الروائي، تحت شعاره الساطع" تعليم التاريخ قبل تعليم الرواية".
لقد رأى زيدان كمعاصريه من القاصين والنقاد أن العمل الأدبي يجب أن يحتوي على علم ما، أو درس في الأحلاق، ورأى في الخيال وسيلة للتشجيع على الاطلاع على المادة التاريخية في العمل الروائي الذي يغدو بوجودها مرجعًا في التاريخ. جاء في مقدمة عمله "الحجاج بن يوسف الثقفي" أن أفضل وسيلة لترغيب الناس فى مطالعة التاريخ والاستزادة منه، تقديمه بأسلوب قصصي. هكذا كان كل جهده أن يكون التاريخ حاكمًا على القصة لا هي حاكمة عليه. ويمضي شارحًا طريقته في عمله بأن يأتي بحوادث التاريخ كما هي، ويُدْمِج خلالها قصة غرامية فيتشوف القارئ إتمام قراءتها، فتغدو الحوادث التاريخية مركز الاهتمام، ويعتمد عليها من حيث الزمان والمكان والأشخاص، كما يعتمد على أي كتاب تاريخي.
من المآخذ التي يمكن تسجيلها على تجربة جورجي زيدان في رواياته التاريخية أنها حصرت اهتمامها بالتاريخ، في حين أن الرواية فن يحتوي الأجناس الأدبية واللغات والخطابات، ولا تخاطب العقل وحده. كما أن فيها تشويهًا للحقائق التاريخية؛ لاعتمادها على آراء المستشرقين والمؤرخين الغربيين، كما أنها تركز على الأحداث الكئيبة في التاريخ الإسلامي، وتربك المتلقي في تداخل ما هو تاريخي بما هو خيالي. وعوالمها الفنية متشابهة من حيث الاستهلال، والشخوص، والحبكة، ووصف الأمكنة والشخوص، والمنظور الروائي المعتمد على الراوي الكلي المعرفة.
لا غرابة أن رأينا المنفلوطي يأخذ على جورجي زيدان بأنه تناول تاريخ الإسلام في رواياته تناول العالم المحقق. مع أن الرواية التاريخية، لا تكون في دقة البحث العلمي التاريخي، لأنها تحتوي على حوادث وشخصيات متخيَّلة تجعل من الصعب التفريق بين ما هو علمي، وما هو تاريخي.
من هنا يحق لنا أن نرى في تجربة جورجي زيدان نصًا رائدًا في توظيف التاريخ، لكنه ليس نصًا روائيًّا تاريخيًّا. فهو نص يلتزم بكل الحقائق التاريخية، وينسخ التاريخ من مصادره، ويعرض تفاصيل الحدث والمكان والزمان، دون أن يعبأ بالحقائق الفردية بخلاف الرواية التاريخية التي نظر إليها الناقد الماركسي جورج لوكاش التي تقوم على التصادم بين ما هو خاص وما هو عام. كل ما كان يهم زيدان في أعماله هو تقديم التاريخ والفن بطريقة شائقة، تكون السيطرة فيها للتاريخ؛ في طموح أن تكون رواياته مرجعًا بمنزلة المراجع التاريخية.