د. محمد عباس محمد عرابي - البحر في ديوان "عناقيد الضياء" للشاعر الدكتور عبدالرحمن العشماوي

تحدث الشاعر الدكتور عبد الرحمن صالح العشماوي عن" البحر" عن ديوان عناقيد الضياء؛ فبين أن الشعر بحرا زاخرا،و أن حِراءُ شاطئ مركبٍ مازالَ يرسـمُ لوحةُ الإبحــار، وأن البحر يستطيب الكفاح والمثابرة، وتحدث عن هتاف البحار للملاح، وبين أن للزورق الجواب في البحر رجعة، كما بين أن الآلام تخوض بوجه القصائد بحرا ما له قاع، وبين أن بحرا من البشر حول موقف الرسول (صلى الله عليه وسلم) في عرفات، وأن المنفرد برأيه في بحر خيبته يعوم ، وفيما يلي بيان ما قاله في ذلك:
الشعر بحر زاخر:
بين الشاعر الدكتور عبد الرحمن صالح العشماوي أن الشعر بحر زاخر؛ حيث يقول في قصيدة يا من يلوم :
من عمق وجداني سرت كلماتي **فهي الصدى المشحون بالنبضات
يامن يلوم إذا جعلت قصيدتي ** حقـــــلاً من الإيمان و الإخـبـــات
وغرستها شجر أتظل غصونه **تهدي لكــفـك يانع الثــمـــرات
وغذوتها بمشاعري وسقيتها** من نبع إيمـــاني ونهـــــــــر عظاتي
يامن يرى أن القصيدة لوحة**فنيــــة مجــــهــــــولة القســـــمات
إن كنت تبحث عن قصيدة شاعر**يغريك بالتزويـــــق للـــــكلمات
فاقرأ سوى شعري لأن قصائدي**حر من الأشواق والزفرات
ولأن شعري روضة مخضرة ** مزروعة بالذكر والدعوات
يامن يلوم إذا ملأت قصيدتي **بسوانح الخطرات والزفرات
مهلا فإن الشعر بحر زاخر ** توحي إليك بموجه حسراتي
إن القصيدة صورة من خاطري**والوزن فيها، والخيال أداتي.
الفن عندي خادم لمبادئي **لا خير في فن بلا غايات (1)
حِراءُ شاطئ مركبٍ مازالَ يرسـمُ لوحةُ الإبحــار
بين الشاعر الدكتور عبد الرحمن العشماوي أن حِراءُ شاطىء مركبٍ مازالَ يرسـمُ لوحةُ الإبحــار
حيث يقول في قصيدة " من هنا يبدأ الطريق ":
ويريني جبال دربي سهولا **ويريني حقائق الأشباح.
طِبْ يا حـِراءُ فلليتيـم حكايـة *** نسجت ومنكَ بدايـةُ المشـوار
أوما تراهُ يجيء نـحوك عابـدًا *** متبتلاً للواحـد القهــــار
أوما ترى في الليل فيض دموعـه*** أوما ترى نـجواهُ بالأسحــار
أسمعت شيئاً يا حِـراءُ عن الفتى*** أقرأتَ عنـهُ دفاتـر الأخيــار
طِبْ يا حِراءُ فأنت أولُ بقعــةٍ *** في الأرض سوف تفيض بالأسرار
طِب يا حِراءُ فأنتَ شاطئا مركبٍ *** مازالَ يرسـمُ لوحةُ الإبحــار
ماجت بحار الكفـر حين جـرى *** على أمواجها الرعناء في إصـرار (2)
البحر يستطيب الكفاح والمثابرة:
بين الشاعر عبد الرحمن العشماوي أن البحر يستطيب الكفاح والمثابرة حيث يقول في قصيدة (من هنا يبدأ الطريق):
سابق الريح يا جواد الصباح **ودعي الطعن يا بقايا الرماح
واركضي يا قصيدتي في عروقي **وتجلى خيال سحر مباح
وامض بي يا شراع صبري فإني **أحسب البحر يستطيب كفاحي (3)
هتاف البحار للملاح:
تحدث الشاعر عبد الرحمن العشماوي عن هتاف البحار للملاح حيث يقول في قصيدة من هنا يبدأ الطريق حيث يقول:
(بعثة ٌ) للهدى، فوجه حراء **يتجلى على كل ساح
(دعوة)يا ربوع مكة تيهي **وابدئي رحلة الهدى والكفاح
(هجرة) يا رياح هبي رخاء **واهتفي يا بحار للملاح
(ثاني اثنين) يا خيول قريش **هل سيجدي فيكن كبح الجماح
(ثاني اثنين) والعدو قريب **وحفيف الأشجار صوت نُواح
(ثاني اثنين) والإله مجيب **وحمة مصطفاه غير مباح
(ثاني اثنين) أيها الغار بشرى **صرت رمز على طريق الفلاح
هذه (طيبة) فشوق فؤادي **مستفيض، وطرف ذكراي صاح
هذه (طيبة) سطور كتاب ** لم ينلها تلاعب الشراح.
وقفوا دون فهمها، وأراقوا ** حبرهم خشية من الإفصاح
أرني مسجد الرسول وقف بي ** عند محرابه وقوف ارتياح (4)
للزورق الجواب في البحر رجعة:
في قصيدة "لك الله يا صوت الضمير " بين الشاعر الدكتور عبد الرحمن العشماوي أن للزورق الجواب في البحر رجعة حيث يقول:
لك النبع في أرض الأماني فلا تخفْ**فيومك غيثي السحاب مطير
تخالط فيه الشمس ندف غمامه **فتبدو فلاعٌ فوقنا، وقصورُ
أفق أيها الشاكي فللظبي عودة **وللبدر في جنح الظلام حضور
للزورق الجواب في البحر رجعة **وللحق – رغم الجاحدين – نصيرُ
لك الله يا صوت الضمير، فإنني** سعيدٌ بما يدعو إليه ضمير. (5)
الآلام تخوض بوجه القصائد بحرا ما له قاع
بين الشاعر الدكتور عبد الرحمن العشماوي أن الآلام تخوض بوجه القصائد بحرا ما له قاع حيث يقول في قصيدة (عندم يورق غصن السعادة):
يا شهرنا الميمون وجه قصائدي **تغتال بسمة ثغرة الأحزان
خاضت بها الآلام بحرا ما له **قاع، ولا عرفت له شُطآن (6)
للتاريخ بحر من الليل:
بين الشاعر الدكتور عبد الرحمن العشماوي أن للتاريخ بحرا من الليل حيث يقول في قصيدة (من ها هنا مر تاريخي):
لهُ من الليلِ شوقُ النجمِ والقمرِ. وبسمةٌ تتغنَّى في فمِ السَّحَرِ،
ولمسة من نسيم هب فانتعشت.. به القلوب التي تشكو من الضجر
ووشوشات غصون حدثته بما.. يخفى على مثله من لهفة الشجر
له من الليل أوراق مبعثرة.. من حوله، ويراع دائم السفر
وأحرف تهبط الأقلام ساحتها.. نشوى، وتشرب فيها كأس منتظر
له من الليل بحر من تذكر.. فلا تسلني عن الشطآن والجزر
يا ساهر الليل فصل في الحديث فقد.. طال الأسى،وشكى صبري من القصر
أجابني ودموع الشوق حائرة.. في جفنه وطيور الحزن لم تطر
من هاهنا مر تاريخي، حقيبته.. مملوءة بحكايا الناس والعبر(7)
بحر من البشر حول موقف الرسول في عرفات:
بين الشاعر الدكتور عبد الرحمن العشماوي أن بحرا من البشر حول موقف الرسول (صلى الله عليه وسلم) في عرفات حيث يقول في قصيدة (من ها هنا مر تاريخي):
رأيته في مطاف البيت يسعده **دعاء مبتهل لله مُعتمر
رأيت في عرفات الله موقفه ** وقد جرى حوله بحر من البشر
رأيت طيبة والتاريخ يحملها **في راحة العز حمل الغصن للثمر (8)
المنفرد برأيه في بحر خيبته يعوم:
في قصيدة " عندما يتشامخ البدوي " بين الشاعر الدكتور عبد الرحمن العشماوي أن المنفرد برأيه في بحر خيبته يعوم، حيث يقول:
يا صاحب الحرف المسجى عند باب القافية
يا صاحب الحرف المعطر بالألم
يا من يغرد في أناملك القلم
ابذر لنا في أرض لهفتنا بذور الذكريات
اشرح لنا لغة الأماني الغاديات الرائحات
معنى اشتعال الصمت والظلماء والبيداء
...يا صاحب الحرف المرفرف فوق أهداب
القصيدة
وهج الصحراء لم يزل لغة فريدة
أو ما ترى ...؟!
الفجر حرك مقلتين
والشمس مدت راحتين
وأراك ترسم لوحتين
أو ما ترى البطحاء ترسم
حين تضحك للمدى غمازتين ؟
أو ما رأيت "حراء" يفتح للهدى
بوابتين ؟
اقرأ...!
والصوت يسري في الوجوم
والمارد الجبار يوشك أن يقوم
والمستبد برأيه في بحر خيبته يعوم
الماء ...أين الماء ...؟(9)




المراجع:
عبد الرحمن صالح العشماوي، عناقيد الضياء، الرياض، مكتبة العبيكان ،1422 هـ


(1) عبد الرحمن صالح العشماوي، عناقيد الضياء،" يا من يلوم " 118،119
(2) عبد الرحمن صالح العشماوي، عناقيد الضياء، قصيدة (ديوان عناقيد الضياء)، ص8
(3) عبد الرحمن صالح العشماوي، عناقيد الضياء، قصيدة من هنا يبدأ الطريق، ص19
(4) عبد الرحمن صالح العشماوي، عناقيد الضياء، قصيدة من هنا يبدأ الطريق، ص22-23
(5) عبد الرحمن صالح العشماوي، عناقيد الضياء، قصيدة "لك الله يا صوت الضمير " ص49
(6) عبد الرحمن صالح العشماوي، عناقيد الضياء، قصيدة من هنا يبدأ الطريق، ص19
(7) عبد الرحمن صالح العشماوي، عناقيد الضياء، قصيدة من ها هنا مر تاريخي، ص81
(8) عبد الرحمن صالح العشماوي، عناقيد الضياء، قصيدة من ها هنا مر تاريخي، ص87
(9)عبد الرحمن صالح العشماوي، عناقيد الضياء ، قصيدة (عندما يتشامخ البدوي )،ص93-94

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى