ان اهمية توظيف الرمز, من اجل اضافة مساحات واسعة للقيمة الفكرية للنص القصصي, واعطاءه رؤية ديناميكية تفجر دواخل النص الى الظاهر العام, في لجة اثارة جملة من التساؤلات, واشغال الذهن في عملية تفكيك المغزى الرمز الايحائي, الذي نسج خيوط القصة, في لغة الرمز التعبيرية, المستلة من صلب الواقع, وفي عملية مشاركة القارئ في حل معطيات ومكونات الحدث او ومضمون او عقدة القصة, يعني الغاية المرسومة, هي ان يبادر في اشغال العقل في البحث, في محاولة فهم الجوهر الاساسي والحقيقي لمعطيات الرمز المرسوم داخل القصة, لاشك ان عملية استخدام الرمز ليس عملية سهلة الانسياق والتركيب والصياغة, فهي سيف ذو حدين, اما ان تصيب, واما ان تخطئ الهدف, ففي الحالة الثانية. تقع القصة في مطبات التعتيم والغموض والابهام, وتشتيت الهدف والغاية, وبعثرت الافكار التي كونت الرمز. وفي الحالة الاولى فيكون الامر مختلفاً تماماً, بتصويب بشكل مصيب ومبدع نحو غايته المرسومة بدقة وامعان, ولتضيف الى روحية النص روح جديدة, في ناحية الجدل والاهتمام والسؤال, في محاولة استنباط واستنطاق الخفايا الكامنة والمكبوتة والمكلومة, في تشخيص علل الواقع ومعطياته وسلوكة ومساراته, كل هذه الخيوط يجمعها نسيج واحد, في تقنية فنية لنص القصصي, واسلوب الحبكة وداواتها المتفاعلة, التي تخلق روح التساؤل والسؤال, ومحاولة فهم المغزى والاشارات الدالة بالرمزية, وهي ترسم لوحة الواقع بكامل كاهله الثقيل, والداء والعلة التي اصابته ونحرته كالشاة المذبوحة, ان القيمة الجمالية للعمل الادبي, ان تشعل وتفجر نوازع التأمل لعمق مكامن العمل الابداعي ومغزاه وغايته. والاديب القدير (عبدالفتاح المطلبي) دأب على الاهتمام بهذه الجوانب الابداعية في اعماله المبدعة, سواء في لغة السرد, او لغة الشعر. وقصة (العثور على بنجامين) نص يتفجر من الداخل الى الظاهر في اشاراته الرمزية, والكاتب يستفيد من بعض الاشارات الرمزية لرواية (مزرعة الحيوان) للكاتب جورج اورويل, ولكن بروحية واطار جديد خلاق, يختلف عن بعض رموز الرواية الاصلية, اي اننا نلمس تطويع وتكييف الرواية عراقياً, من اجل استنطاق الواقع العراقي المزري, لكنه حافظ على صاحب المزرعة, بصاحبها المحتل الامريكي بعد عام 2003 ودخول بغداد. وكذلك حافظ على رمز الحمار (بنجامين - ابو صابر) للدلالة على الانسان العراقي المظلوم والمحروم والمنسي من خنازير المزرعة الجدد, ومعاناة المواطن العراقي (ابو صابر) في الامتهان والمساومة بالعهر السياسي, الذي اصبح سلوك ونهج تسير عليه الخنازير الجدد, وهم لايختلفون عن الخنازير السابقة, في ترويع المواطن العراقي في الذل والمهانة, من تشظي حرائق الحرمان والاهمال والنسيان على مدى اكثر من 12 عاما من سنوات العجاف والجفاف بعد الحريق الامريكي الذي اشعله في العراق, ليجد (ابو صابر) نفسه في حقل التجارب, في محاولة تركيب اطراف صناعية, اي محاولة التدجين, ليستمر مسلسل الخراب والقهر والحرمان, ليتكيف على الحياة الجديدة من الذل والمهانة وبحقنه بمورفين الحقن التخدير والتنويم والتهويم, حتى تخنقه وتسيطر عليه حالة الاستلاب واليأس, وان يصارع من اجل ديمومة الحياة, تحت حرائق الموت. بينما الخنازير الجدد , اصحاب مزرعة (الحيوان) يتنعمون بالرخاء والرفاه والجنة, بواسطة كلابهم المسعورة من المليشيات والبلطجية, حتى تستمر حالة قهر الانسان العراقي, وان ينقاد بخضوع وذل حسب مشيئتهم, في سيركهم السياسي, في مهرجانات المهزلة والمسخرة والعهر, في اعادة صياغة المواطن العراقي باطراف صناعية, ترميمه حسب الطلب والاهواء والاطماع الانانية الجشعة, هذه مهزلة الحقيقة لاصحاب السلطة الجديدة على مدى اكثر من 12 عاماً, من المتاجرة بالانسان العراقي في سوق المزايدات السياسية الرخيصة, هذه الاشارات العامة لقصة (العثور على بنجامين) واعتقد جازماً بانها تصلح لمقدمة لرواية متكاملة الجوانب والمقومات الكاملة, وخاصة ان الاديب (عبدالفتاح المطلبي) اثبت بجدارة عالية, بانه اديب يملك مقومات الابداع بجدارة, وبالامكانيات الفنية والتقنية لمقتضيات فن الرواية الحديثة, وهي دعوة مخلصة ليخرج عن الاطار المحلي الى مجال اوسع من التعريف بابداعاته على اوسع نطاق من القراء, وخاصة ان قلمه القدير يؤهله في الاشتراك في المسابقات العربية للرواية, الذات السمعة والمكانة والشهرة العربية والدولية, من اجل التنافس الادبي في ابداع تكوين الرواية العربية, ونتذكر رائعة رواية الروائي العراقي (احمد السعداوي) في روايته (فرانكشتاين في بغداد) حيث استلهم بشكل خلاق, وبصياغة جديدة, وبروحية جديدة ترسم معاناة المواطن العراقي, الذي اصبح صيد سهل لتفجيرات الدموية, لقد اعاد صياغة رواية (ماري شيلي) في رواية (فراكشتاين) , اعتقد هذه فرصة ثمينة, في استلهام رواية (مزرعة الحيوان) بحلة عراقية ترسم الواقع المرعب على المواطن العراقي من خنازير( مزرعة الحيوان ) الجدد
جمعة عبدالله
وهذا رابط القصة
عبد الفتاح المطلبي - العثور على بنجامين
جمعة عبدالله
وهذا رابط القصة
عبد الفتاح المطلبي - العثور على بنجامين