أما رواية "الحب تحت المطر" التي تعرّض فيها محفوظ للقضية الفلسطينية؛ فقد جاء ذلك في مشهد حواري في الصفحة الأخيرة من الرواية. ويبدأ المشهد بأن إحدى شخصيات الرواية، وهي شخصية المحامي حسن حمودة الذي يحس بالوحدة؛ فيذهب إلى صديقه صفوت، ويتعرف عنده إلى شخصية تدعى "أبو النصر الكبير" من رجال المقاومة الفلسطينية. كان الاثنان يناقشان قبل مجيئه قبول مصر المبادرة الأمريكية التي أعقبت النكسة بشأن وقف الحرب مع إسرائيل. يواصل الحديث أبو النصر عن القضية الفلسطينية، ويرى أنها مسؤولية الأجيال كلها، وأنها ستظل مرهونة في عالم الغيب، إلى أن يأتي من يضحي في سبيلها، فليس أمام الفلسطينيين غير التضحية، فإما الموت وإما العيش بكرامة.
إن ورود هذا المشهد في نهاية الرواية الذي تتركز فيه غالبّا رؤية المؤلف يعكس رؤية محفوظ لما يريد قوله عن الموضوع المطروح، وهو القضية الفلسطينية ومقاومتها. إنه في البداية يقدم شخصية "أبو النصر الكبير" بأنه من المقاومة الفلسطينية، ومن الملاحظ دلالة الاسم الظاهرة ليس على النصر الصغير أو البسيط بل على النصر الكبير. وفي هذا استهزاء واضح بهذا المقاوم وبما يمثله؛ فهو يحمل دلالة ضدية في المعنى؛ إذ يأتي في خضم هزيمة حزيران 67 التي تتحدث عنها الرواية، فلا نصر حققه العرب بل هزيمة ماحقة.
كما نلمح في تعليق الراوي على كلام أبي النصر المتفائل ببزوغ فجر المقاومة سخرية شديدة حين يصف كلامه بأنه متدفق " من فيه هادرًا كالجبل". كما نعاين السخرية في موقف شخصية المحامي حمودة حين يظهر متوترًا غير راض عن كلام أبي النصر. وكأنه يمثل محفوظ وهو يتكلم عن المقاومين ويتهمهم بأنهم مزايدون على القضية الفلسطينية. ورد مثل هذا في جريدة (القبس الكويتية، العدد السابق،7 كانون الثاني 1976) بأن كلامهم أي المقاومون عاطفي لا قيمة له ولا يصدر إلا عن مجنون، وسيضيع فلسطين وشعبها كما ضيع مجنون ليلى نفسه وليلاه بجنونه.
نعجب أن محفوظ يمتدح هذا النص الذي ورد في رواية "الحب تحت المطر"، ويرى فيه ــ كما ورد في لقاء فاروق شوشة السابق ــ نبوءته بظهور المقاومة الفلسطينية وصمودها. ونعجب أكثر من تبني منظمة التحرير الفلسطينية هذا الفهم، كما ظهر في رسالة التهنئة التي وجهتها إلى محفوظ إثر حصوله على جائزة نوبل. وربما يكون موقفها هو الذي شجع الرجل على تبني ذلك الرأي؛ بوصفها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني. كما يظهر مما كتبه الشاعر الفلسطيني أحمد دحبور، فقد كتب في صحيفة "الحياة الجديدة" مقالًا بعنوان " عمنا نجيب محفوظ " يقول فيه: إن محفوظ "في نهاية روايته "الحب تحت المطر" التي تعالج توابع زلزال هزيمة 1967، وفي الصفحة الأخيرة من الرواية، تومض شخصية الفدائي الفلسطيني أبي النصر الكبير كأمل واقتراح وسؤال متفائل" ويتابع بأنه " يوم فاز (محفوظ) بنوبل، كلفني الأخ أبو عمار بإرسال برقية تهنئة للأديب العالمي باسمه شخصيًا، وأشرت في هذه البرقية الى شخصية أبي النصر الكبير، فسعد نجيب محفوظ بذلك وقال في عدة أحاديث صحفية إن الفلسطينيين يذكرون له ذلك"
الخلاصة. إن نجيب محفوظ لا ينفصل رأيه السياسي عن رأيه الإبداعي بما يخص فلسطين؛ لقد أدار ظهره لقضيتها، ورفض أن تقوم مصر بالحرب من أجلها بل كان لا يمانع من التضحية بها أو بجزء منها في سبيل السلام الذي دعا إليه؛ لأنه سيكون حسب رؤيته في مصلحة مصر، لهذا جاء ترحيبه بما تحقق على يد الرئيس السادات الذي تجسدت فيه عبقرية الحرب والسلم على حد وصفه إياه.
إن ورود هذا المشهد في نهاية الرواية الذي تتركز فيه غالبّا رؤية المؤلف يعكس رؤية محفوظ لما يريد قوله عن الموضوع المطروح، وهو القضية الفلسطينية ومقاومتها. إنه في البداية يقدم شخصية "أبو النصر الكبير" بأنه من المقاومة الفلسطينية، ومن الملاحظ دلالة الاسم الظاهرة ليس على النصر الصغير أو البسيط بل على النصر الكبير. وفي هذا استهزاء واضح بهذا المقاوم وبما يمثله؛ فهو يحمل دلالة ضدية في المعنى؛ إذ يأتي في خضم هزيمة حزيران 67 التي تتحدث عنها الرواية، فلا نصر حققه العرب بل هزيمة ماحقة.
كما نلمح في تعليق الراوي على كلام أبي النصر المتفائل ببزوغ فجر المقاومة سخرية شديدة حين يصف كلامه بأنه متدفق " من فيه هادرًا كالجبل". كما نعاين السخرية في موقف شخصية المحامي حمودة حين يظهر متوترًا غير راض عن كلام أبي النصر. وكأنه يمثل محفوظ وهو يتكلم عن المقاومين ويتهمهم بأنهم مزايدون على القضية الفلسطينية. ورد مثل هذا في جريدة (القبس الكويتية، العدد السابق،7 كانون الثاني 1976) بأن كلامهم أي المقاومون عاطفي لا قيمة له ولا يصدر إلا عن مجنون، وسيضيع فلسطين وشعبها كما ضيع مجنون ليلى نفسه وليلاه بجنونه.
نعجب أن محفوظ يمتدح هذا النص الذي ورد في رواية "الحب تحت المطر"، ويرى فيه ــ كما ورد في لقاء فاروق شوشة السابق ــ نبوءته بظهور المقاومة الفلسطينية وصمودها. ونعجب أكثر من تبني منظمة التحرير الفلسطينية هذا الفهم، كما ظهر في رسالة التهنئة التي وجهتها إلى محفوظ إثر حصوله على جائزة نوبل. وربما يكون موقفها هو الذي شجع الرجل على تبني ذلك الرأي؛ بوصفها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني. كما يظهر مما كتبه الشاعر الفلسطيني أحمد دحبور، فقد كتب في صحيفة "الحياة الجديدة" مقالًا بعنوان " عمنا نجيب محفوظ " يقول فيه: إن محفوظ "في نهاية روايته "الحب تحت المطر" التي تعالج توابع زلزال هزيمة 1967، وفي الصفحة الأخيرة من الرواية، تومض شخصية الفدائي الفلسطيني أبي النصر الكبير كأمل واقتراح وسؤال متفائل" ويتابع بأنه " يوم فاز (محفوظ) بنوبل، كلفني الأخ أبو عمار بإرسال برقية تهنئة للأديب العالمي باسمه شخصيًا، وأشرت في هذه البرقية الى شخصية أبي النصر الكبير، فسعد نجيب محفوظ بذلك وقال في عدة أحاديث صحفية إن الفلسطينيين يذكرون له ذلك"
الخلاصة. إن نجيب محفوظ لا ينفصل رأيه السياسي عن رأيه الإبداعي بما يخص فلسطين؛ لقد أدار ظهره لقضيتها، ورفض أن تقوم مصر بالحرب من أجلها بل كان لا يمانع من التضحية بها أو بجزء منها في سبيل السلام الذي دعا إليه؛ لأنه سيكون حسب رؤيته في مصلحة مصر، لهذا جاء ترحيبه بما تحقق على يد الرئيس السادات الذي تجسدت فيه عبقرية الحرب والسلم على حد وصفه إياه.