مرت القصيدة العربية بمخاضات عديدة استدعتها حتمية التطور والحاجة الى تجريب أشكال جديدة من القول الشعري. فمن قصيدة التفعيلة الى العمودية الى الشعر الحر ثم قصيدة النثر، وجدت هذه الأشكال مقاومات صلبة بين مؤيدي التجريب والحداثة ودعاة المحافظة والإقامة في أقنوم الوزن والقافية.
اليوم وبفعل انفتاح القصيدة العربية على الثقافات وما وفرته الترجمة من إمكانات التلاقح والتفاعل، ظهرت قصيدة « الهايكو» ليس كصوت شعري جديد بل كتصاد من خلال الترجمات الفرنسية والانجليزية. قصيدة لاتزال تنازع في شعريتها بين من يدرجها ضمن شعر «الومضة» أو «الشذرة» ، وبين من يصفها بحالة حمى تستشري في جسد المشهد الثقافي، والشعري منه على الخصوص، وبين من يعتبر الهايكو مجرد تمارين لغوية، فيما يرى آخرون أنه أحدث قطيعة كاملة مع الذاكرة الجمعية التي صاغها الموروث الشعري العربي لخمسة قرون، معتبرا أن اللجوء إليه يتم من باب الهروب من اشتراطات قصيدة النثر .
وأمام هذه المقاومات، يصر المنتسبون إلى قصيدة الهايكو على وصفها بالشكل الشعري القائم الذات، قياسا على ما يمثله هذا النمط الشعري في تربته الأصل اليابانية، واعتبارا لما يشكله الأدب من مشترك إنساني.
يدعونا الجدل الحاصل اليوم حول قصيدة الهايكو الى طرح السؤال: هل يمكن لهذا النمط الشعري الجديد ، الوافد من ثقافة أخرى ومن فلسفة دينية مغايرة، أن يحيا في المشهد الشعري العربي بالنظر الى كونه لم يكن نتيجة لتطور من داخل القصيدة العربية نفسها؟
اليوم ومع المنجز الإبداعي المضطرد لشعر الهايكو المغربي المسجل في المشهد الشعري، ومبادرات رواده المغاربة كإنجاز «أنطولوجيا شعر الهايكو» الى تأسيس نادي «هايكو موروكو»، الى احتضان الدورة 11 للندوة العالمية للهايكو بالمغرب في 2021، لا يمكن إلا أن نتوقف عند هذه التجربة، لاستكناه خصوصياتها وممكنات الاستفادة والاسترفاد التي يمكن أن تفتحتها أمام الشعرية المغربية، بعيدا عن أي تماه أو انصهار لا ينتبه الى ما يمكن أن تحدثه ثنائية الأصل والصورة من ضبابية في الرؤية.
فهل نتجه الى الحديث عن تيار شعري جديد على الممارسة الشعرية المغربية بعد هذه الوفرة التي ساهمت فيها الى حد كبير وسائل التواصل الاجتماعي، بعيدا عن أية مصاحبة نقدية عدا عدد «اللايكات» التي يعتبرها البعض معيارا على شعرية ما يكتبه، أو رفض مسبق لهذا النمط الجديد في الكتابة الشعرية؟
وهل يمكن اعتبار الهايكو إفلاتا من نمطية الشعر واشتراطاته وضوابطه أم هو انبثاق لشكل شعري جديد في الشعر الحديث كما حصل مع قصيدة النثر من قبل وبالتالي اعتباره بعدا جماليا جديدا في الذائقة الشعرية؟
للإجابة عن كل هذه التساؤلات، نفتح هذا الملف الذي يزاوج بين الموقفين: موقف نقدي يروم وضع الأصبع على مكامن الخلل في هذه التجربة بغاية إغنائها، والدفع بها الى أفق أرحب يتجاوز التقليد والتماهي، وموقف يدافع عن خصوصية التجربة مغربيا وعربيا ويعتبرها إضافة وبعدا جماليا آخر يجب اكتشافه.
حفيظة الفارسي
08/11/2019
اليوم وبفعل انفتاح القصيدة العربية على الثقافات وما وفرته الترجمة من إمكانات التلاقح والتفاعل، ظهرت قصيدة « الهايكو» ليس كصوت شعري جديد بل كتصاد من خلال الترجمات الفرنسية والانجليزية. قصيدة لاتزال تنازع في شعريتها بين من يدرجها ضمن شعر «الومضة» أو «الشذرة» ، وبين من يصفها بحالة حمى تستشري في جسد المشهد الثقافي، والشعري منه على الخصوص، وبين من يعتبر الهايكو مجرد تمارين لغوية، فيما يرى آخرون أنه أحدث قطيعة كاملة مع الذاكرة الجمعية التي صاغها الموروث الشعري العربي لخمسة قرون، معتبرا أن اللجوء إليه يتم من باب الهروب من اشتراطات قصيدة النثر .
وأمام هذه المقاومات، يصر المنتسبون إلى قصيدة الهايكو على وصفها بالشكل الشعري القائم الذات، قياسا على ما يمثله هذا النمط الشعري في تربته الأصل اليابانية، واعتبارا لما يشكله الأدب من مشترك إنساني.
يدعونا الجدل الحاصل اليوم حول قصيدة الهايكو الى طرح السؤال: هل يمكن لهذا النمط الشعري الجديد ، الوافد من ثقافة أخرى ومن فلسفة دينية مغايرة، أن يحيا في المشهد الشعري العربي بالنظر الى كونه لم يكن نتيجة لتطور من داخل القصيدة العربية نفسها؟
اليوم ومع المنجز الإبداعي المضطرد لشعر الهايكو المغربي المسجل في المشهد الشعري، ومبادرات رواده المغاربة كإنجاز «أنطولوجيا شعر الهايكو» الى تأسيس نادي «هايكو موروكو»، الى احتضان الدورة 11 للندوة العالمية للهايكو بالمغرب في 2021، لا يمكن إلا أن نتوقف عند هذه التجربة، لاستكناه خصوصياتها وممكنات الاستفادة والاسترفاد التي يمكن أن تفتحتها أمام الشعرية المغربية، بعيدا عن أي تماه أو انصهار لا ينتبه الى ما يمكن أن تحدثه ثنائية الأصل والصورة من ضبابية في الرؤية.
فهل نتجه الى الحديث عن تيار شعري جديد على الممارسة الشعرية المغربية بعد هذه الوفرة التي ساهمت فيها الى حد كبير وسائل التواصل الاجتماعي، بعيدا عن أية مصاحبة نقدية عدا عدد «اللايكات» التي يعتبرها البعض معيارا على شعرية ما يكتبه، أو رفض مسبق لهذا النمط الجديد في الكتابة الشعرية؟
وهل يمكن اعتبار الهايكو إفلاتا من نمطية الشعر واشتراطاته وضوابطه أم هو انبثاق لشكل شعري جديد في الشعر الحديث كما حصل مع قصيدة النثر من قبل وبالتالي اعتباره بعدا جماليا جديدا في الذائقة الشعرية؟
للإجابة عن كل هذه التساؤلات، نفتح هذا الملف الذي يزاوج بين الموقفين: موقف نقدي يروم وضع الأصبع على مكامن الخلل في هذه التجربة بغاية إغنائها، والدفع بها الى أفق أرحب يتجاوز التقليد والتماهي، وموقف يدافع عن خصوصية التجربة مغربيا وعربيا ويعتبرها إضافة وبعدا جماليا آخر يجب اكتشافه.
حفيظة الفارسي
08/11/2019
الهايكو المغربي: هل تزهر حدائق باشو بماء اللغة وحده؟ - AL ITIHAD
مرت القصيدة العربية بمخاضات عديدة استدعتها حتمية التطور والحاجة الى تجريب أشكال جديدة من القول الشعري. فمن قصيدة التفعيلة الى
alittihad.info