أ. د. لطفي منصور - مِنَ الشِّعْرِ الْعَرِيق الْأَصيلِ

مَعَ الشّاعِرِ الْجاهِلِيِّ الْمُثَقِّبِ الْعَبْدِيِّ في شَيْءٍ مِنْ شِعْرِهِ:
اِسْمُهُ عائِذُ بْنُ مِحْصَنِ بْنِ ثَعْلَبَةَ. يَرْجِعُ نَسَبُهُ إلى قَبيلَةِ عَبْدِ الْقَيْسِ. وَمِنْ هُنا جاءَ نَسَبُهُ الْعَبْدِيُّ.
سُمِّيَّ بِالْمُثَقِّبِ بِبَيْتِ شِعْرٍ قالَهُ وَهُوَ: مِنَ الْوافِرِ
ظَهَرْنَ بِكَلَّةٍ وَسَدَلْنَ رَقْمًا
وَثَقَّبْنَ الْوَصاوِصَ لِلْعُيُونِ
يَصِفُ ظَعائِنَ في الْهَوادِجُ. الْكِلَّةُ وَجَمْعُها كِلَلٌ كِساءٌ رَقيقٌ يُغَطِّي الْهَوْدَجَ وِيَسْتُرُهُ. الرَّقْمُ: الْوَشْيُ. وَهُوَ بُرْدٌ يّمانِيٌّ مُخَطَّطٌ تُكْسَى بِهِ الْهَوادِجُ، أَسْدَلْنَ: أَرْخَيْنَ، أَيْ أَرْخَتِ الظَّعائِنُ الْأَكْسِيَةَ عَنِ الْهَوادِجِ فَانْكَشَفْنَ. الْوَصاوِصُ: الْبَراقِعُ، وَثَقَّبْنَ: جَعَلْنَ ثُقُوبًا في الْبَراقِعِ لِلْعَيْنَيْنِ .
وَوَقَعَ لَقَبُهُ في بَعْضِِ الْمَصادِرِ الْمُنَقِّبُ لِأَجْلِ بَيْتِ شِعْرٍ قالَهَ هُوَ: مِنَ الوافُرِ أَيْضًا والْمَعْنَى نَفْسُهُ
إذا عُجْنَ السَّوالِفَ مُصْغِياتٍ
وَنَقَّبْنَ الْوّصاوِصَ لِلْعُيُونِ
عُجْنَ: أَرْجَعْنَ، وَسَوالِفُ المَرْأَةِ مَعْروفَةٌ. وَالْأَغْلَب أَنّ الْمُنَقِّبَ تَصْحِيفٌ.
اِخْتَرْتُ لَكُمْ قَصِيدَةً قَصِيرَةً مِنْ شِعْرِ الْغَزَلِ يُعاتِبُ بِها صاحِبَتَهُ فاطِمَةَ: مِنَ الْوافِرِ
- أَفاطِمُ قَبْلَ بَيْنِكِ مَتِّعُيني
وَمَنْعُكِ ما سَأَلْتُكِ أَنْ تَبِيني
(الْهَمْزَةُ لِلنِّداءِ الْقَرِيبِ، فاطَمُ تّرْخِيمُ فاطِمِةَ، وَهُوَ لِلتَّحَبُّبِ، الْبَيْنُ: الْفِراقُ، مَتِّعُينِي: تُحَدِّثُهُ أَوْ تُسَلِّمُ عَلَيْهِ. وَالدَّلِيلُ عَلى هذا قَوْلُهُ في مَطْلَعِ قَصِيدَةٍ أُخْرَى مِنَ الطَّوِيلِ
أَلا إنَّ هِنْدًا أَمْسِ رَثَّ جَدِيدُها
وَضَنَّتْ، وَما كانَ الْمَتاعُ يَؤودُها
الْمَتاعُ هُنا: الْوَداعُ أَوِ التَّسْليمُ، يَؤُودُها: يُتْعِبُها. أنْ تَبينِي: أيْ مَنْعُكِ طَلَبي كَفِراقِكِ)
- فَلا تَعِدِي مّواعِدَ كاذِباتٍ
تَمُرُّ بِها رِياحُ الصَّيْفِ دُونِي
(خَصَّ رِياحَ الصَّيْفِ لِأَنَّها جافَّةٌ حارَّةٌ لا فائِدَةَ فيها، وَهَكَذا مَواعِدُها).
- فَإنِّي لَوْ تُخالِفُنِي شِمالِي
خِلافَكِ ما وَصَلْتُ بِها يَمِينِي
(خِلافَكِ: مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ. الْخِلافُ: الِامْتِناعُ وَالْمُعارَضَةُ)
- إذًا لَقَطَعْتُها وَلَقُلْتُ بِينِي
كَذَلِكَ أَجْتَوِي مَنْ يَجْتَوِينِي
(بِيِينِي: فِعْلُ أَمْرٍ مِنْ بانَ، أَيْ فارَقَ، أَجْتَوِي: أَكْرَهُ)
- لِمَنْ ظُعُنٌ تَطَلَُعُ مِنْ صُبَيْبٍ
فَما خَرَجَتَ مِنَ الْوادي لِحِينِ
(صُبَيْبٌ: اسْمُ مَوْضِعٍ ، لِحِين: لِهَذا الزَّمَنْ)
- تَبَصّرْ هَلْ تَرَى ظُعُنًا عِجالًا
بِجَنْبِ الصَّحْصَحانِ إلَى الْوَجِينِ
(تَبَصَّرْ: اُنْظُرْ بِتِمَعُّنٍ ، يُخاطِبُ صَدِيقًا مَعَهُ. الصَّحْصَحان وَالْوَجِينُ مَوْضِانِ، عِجالًا: مُسْرِعَةً)
- يُشْبِهْنَ السَّفِينَ وَهُنَّ بُخّتُ
عُراضاتُ الْأَباهِرِ وَالشُّؤُونِ
(السَّفِينُ: السُّفُنُ، الْبُخْتُ: الْإبِلْ الضَّخْمَةُ، عُراضات: عَرِيضَةٌ، الشُّؤون الرُّؤُوس. شَبَّهَ الْإبِلَ الَّتي تَحْمِلُ الْهَوادِجَ بالسُّفُنِ )

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى