أ. د. لطفي مَنْصور - مَوْضُوعُ نَقْدِ الشِّعْرِ:

هِيَ مَواضُيعُ لا بُدَّ لِناقِدِ الشِّعْرِ الْمُحْتَرِفِ إلّا أَنْ يَتَناوَلَها وّمَنْ لَهُ عِنايَةٌ بُالشِّعْرِ وَقَرْضِهِ. وَقَدْ عَرَّفَنا بُها وَبِمَنْهَجٍ عِلْمِيٍّ واضِحٍ الْعَلّامَةُ الْمَعْروفُ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الْخَوارِزْمِيُّ (ت ٣٨٧ هج)في كِتابِهِ الرّائِعِ مَفاتِيحِ الْعُلُوم، (ص:١١٥).
لَقَدْ أَرَدْتُ أَنْ أُقَرِّبَها وَأُبَسِّطَها لَكُم أصْدِقائِيَ الْأَعُزّاءَ، لِتُفِيدوا مِنٌها ما أمٌكَنَكُمُ ذَلِكَ:
- التَّشْبِيهُ: وَهُوَ تَمْثِيلُ الشَّيْءِ بِالشَّيْءِ، وَهُوَ أنواعٌ أَشْهَرُها تَشْبيهُ التّمْثيلِ وَهُوَ الَّذي يَكُونُ فيهِ وَجْهُ الشَّبَهِ صُورَةً مُنْتَزَعَةً مِنْ مُتَعَدِّدٍ. وَهُوَ عِمادُ الْوَصْفِ وَرَأْسُ جَمالِهِ. كَقَوْلِ اِمُرِئِ الْقَيْسِ: مِنَ الطَّوِيلِ
كَأَنَّ قُلُوبَ الطَّيْرِ رَطْبًا وَيابِسًا
لَدَى وَكْرِها الْعُنّابُ وُالْخَشَفُ الُبالِي
يَصِفْ لِقْوَةً وَهِيَ مِنَ الْعُقْبانِ الْقَوِيَّةِ لَها فِراخٌ تَصْطادُ لَهُنّ طُيورًا كَثِيرّةً، تَنْتَزِعُ قُلُوبَها، وَهِيَ لِكَثْرَتِها لا يَزالُ بّعْضُها رَطْبًا كَالْعُنّابِ، وَجافًّا يابِسًا كَالتَّمْرِ الرَّديءِ.
- الِاسْتِعارَةُ: وَهِيَ مُتَنَوِّعَةٌ أيْضًا، مِنْها التَّصْرُيحِيَّةُ وَالْمَكْنِيَّةُ وَالتَّمْثِيلِيَّةُ كَقَوْلِ امْرئِ الْقَيْسِ: مِنَ الطَّوِيلِ
فَقُلْتُ لَهُ لَمّا تََمَطَّى بِصُلْبِهِ
وَأَرْدَفِ أَعْجازًا وَناءَ بِكَلْكَلِ
اسْتَعارَ لِلِّيْلِ صُلْبًا وَهُوَ الظَّهْرُ، وَأَرْدافًا وَأَعْجازًا وَكَلْكَلًا وَهُوَ الصَّدْرُ،وَحَذَفَ الْمُشَبَّهَ وَهُوَ اللَّيْلُ عَلى سَبيلِ الِاسْتِعارَةِ التَّصْرِيحِيَّةِ.
- الْمُجانَسَةُ: وَذَلِكَ أنْ تَجِيءَ بِكَلِمَتّيْنِ أوْ أَكْثَرَ مُتَشابِهَةِ الْأَلْفاظِ مُخْتَلِفَةِ الْمَعاني، كَقَوْلِهِ تَعالَى: (وَيَوْمَ تَقُومُ السّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ ما لَبِثُوا غَيْرَ ساعَةٍ) السّاعَةُ الْأُولَى الْقِيامَةُ، وَالثّانِيَةُ الْمُدَّةُ الزَّمَنِيَّةُ.
الطِّباقُ أَوِ الْمُطابَقَةُ أَوِ الْمُقابِلَةُ: اُشْتُقَّتِ الْمُطابَقَةُ مِنْ طابَقَتِ النّاقَةُ، إذا وَضَعَتْ رِجْلَها في مَوْطِئِ يَدِها في الْمَشْيِ. فَالطِّباقُ الشَّيْءُ وَضِدُّهُ كَقَوْلِ الشّاعِرِ: مِنَ الْكامِلِ
وَمِنَ الْعَجائِبِ أَنَّ بِيضَ سُيُوفِنا
تَلِدُ الْمَنايا السُّودَ وَهْيَ ذُكُورُ
فَالطِّباقُ في الْبَيْتِ: بِيضٌ وَسُودُ، وَكَذَلِكَ الْوِلادَةُ وَالذُّكُورُ.
- الِالْتِفاتُ: وَهُوَ الِانْصِرافُ عَنِ الْمُخاطَبَةِ إلى الْغِيابِ كما جاءَ في القُرآنِ: (حَتَّى إذا كُنْتُمْ في الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ)
- التَّوْرِيَةُ: وَهُوَ أنْ يَذْكُرَ الْمُتَكَلِّمُ لَفْظًا مُفْرَدًا لَهُ مَعْنَيانِ ، قَرِيبٌ ظاهِرٌ غَيْرُ مُرادٍ، وَبَعِيدٌ خَفِيٌّ هُوَ الْمُرادُ، كَقَوْلِ الشّاعِرِ: مِنَ الْوافِرِ
أَصُونُ أَدِيمَ الْوَجْهِ عَنْ أُناسٍ
لِقاءُ الْمَوْتِ عِنْدَهُمُ الْأَدِيبُ
وَرَبُّ الشِّعْرِ عِنْدَهُمُ بَغِيضٌ
وَلَوْ وافَى بِهِ لَهُمُ (حَبِيبُ)
يَقْصِدُ أَبا تَمّامٍ حَبيبَ بنَ أَوْسٍ الطّائِيَّ.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى