اولا: المراجعات والنقد الذاتي: المراجعة لغة الرَدُّ مرة أخرى إلى الأصل. أما اصطلاحا فهي عملية نقد ذاتي ، يقوم بها فرد أو جماعه ، لمفاهيمه " النظرية " ومواقفه " العملية " . فهي تتصل بالشكل الذاتي للنقد . ومضمون النقد - منهجيا - تجاوز موقفي الرفض والقبول المطلقين، إلى موقف " تقويمي" قائم على بيان ايجابيات وسلبيات مفهوم" نظري "أو موقف "عملي " انسانى معين، بهدف قبول الايجابيات ورفض السلبيات.
التمييز بين النقد والنقض: ولكن يجب التمييز بين النقد والنقض، لان هدف النقد ايجابي هو التقويم والتصحيح وبالتالي البناء ، أما هدف النقض فهو سلبي هو الهدم ، فهو ليس شكل من أشكال نقد ، ولكن شكل من أشكال الرفض المطلق.
الموقف النقدي من خصائص التفكير العقلاني: والموقف النقدي- بشكليه الذاتي"النقد الذاتي" و الموضوعي"النقد الموضوعي"- من خصائص التفكير العقلاني،خلافا لموقفي الرفض والقبول المطلقين، واللذان يعبران عن نمط التفكير الاسطورى،القائم على الانفعال "العاطفي" غير المقيد بالعقل،وقبول الأفكار بدون دليل عقلي- منطقي.
الموقف النقدي يتسق مع الموقف الاسلامى الصحيح من المفاهيم والتجارب الانسانيه: كما أن الموقف النقدي - بشكليه الذاتي"النقد الذاتي" و الموضوعي"النقد الموضوعي"- هو الموقف الذي يتسق مع الموقف الاسلامى الصحيح من المفاهيم والتجارب الانسانيه،وقد أشارت إليه الكثير من النصوص : قال تعالى(الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ﴾ (الزمر:17-18) ، وقال تعالى( لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ ..)(النساء :114)، وعن حذيفة بن اليمان "رضي الله عنه "أن النبي "صلى الله عليه وسلم" قال : (لَا تَكُونُوا إِمَّعَةً ... وَلَكِنْ وَطِّنُوا أَنْفُسَكُمْ ، إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَنْ تُحْسِنُوا ، وَإِنْ أَسَاءُوا فَلَا تَظْلِمُوا) (رواه الترمذي "2007" بإسناد ضعيف / ضعفه الألباني ولكن صححه من قول عبد الله بن مسعود). وهو الموقف الحقيقي لعلماء الإسلام من كثير من المفاهيم والمجالات المعرفية ، كموقف الإمام ابن تيمية الذي يقول في تقييم التصوف على سبيل المثال (لأجل ما وقع في كثير من الاجتهاد والتنازع فيه، تنازع الناس في طريقهم فطائفة ذمت “الصوفية والتصوف” … وطائفة غلو فيهم ... وكلا طرفي هذه الأمور ذميم. ..) .اتساقا مع ما سبق أشارت بعض النصوص إلى النقد الذاتي - الشكل الذاتي للموقف النقدي - على سبيل الحث عليه كقيمه ايجابيه ، كما في قوله تعالى(وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي إن ربي غفور رحيم) (يوسف:53)، واتساقا مع هذا التزم السلف الصالح – مع أفضليتهم على سائر المسلمين المنصوص عليها – النقد الذاتي، قال أنس بن مالك " رضي الله عنه": (دخل عمر بن الخطاب “رضي الله عنه” حائطاً فسمعته يقول- وبيني وبينه جدار- ” عمر بن الخطاب أمير المؤمنين بخ! والله لتتقينَّ الله يا ابن الخطاب أو ليعذبنّك”(.
قراءه نقديه للفكر القومى العربى: هذه الموقف النقدي - بشكليه الذاتي"النقد الذاتي" و الموضوعي"النقد الموضوعي"- من الفكر القومى العربى، يتحقق من خلال قراءه نقدية للفكر القومي ، والمقصود بالقراءة النقدية أنها تتجاوز موقفي الرفض المطلق والقبول المطلق من الفكر القومى العربى " لانهما من خصائص التفكير الاسطورى" ،إلى موقف نقدي منه، قائم على بيان أوجه الصواب والخطأ ،فى الحلول التي قدمها هذا الفكر ، للمشاكل الاساسيه التي طرحها الواقع العربي الحديث و المعاصر.
ضروره التمييز بين القومية كعلاقة انتماء وكحركات –مذاهب- سياسيه: هذه القراءة تقوم اولا على وجوب التمييز بين القومية كعلاقة انتماء إلى أمه، والقومية كحركات- مذاهب - سياسيه، فالأولى سابقه في الوجود على الاخيره، وبالتالي غير متوقفة عليها(وجودا أو عدما)، بينما الاخيره”الحركة السياسية القومية بمذاهبها المتعددة” يتوقف وجودها على الأولى ” القومية كعلاقة انتماء إلى أمه” ، اى أن وجود اى حركة- مذهب- سياسي قومي، يتوقف على مدى نجاحه أو فشله في التعبير عن القومية كعلاقة انتماء إلى أمه ، ومدى نجاحه أو فشله في تحقيق أهداف ومصالح الامه.وهذا التمييز يترتب عليه: اولا: انه لا يجوز اتخاذ فشل اى حركه – مذهب سياسى قومى فى تحقيق مصالح واهداف الامه، كحجه لانكار علاقه انتماء الى الامه.ثانيا:ان هدف وحده الامه لا ينفرد بالسعى لتحقيقه حركه –او مذهب – سياسى معين- قومى او غير قومى- دون غيره ، بل هو هدف تسعى لتحقيقه كل الامه بجميع حركاتها – مذاهبها - السياسيه. فالحركات - المذاهب – السيايه القوميه تفترق هنا عن غيرها فقط فى تركزها على هذا الهدف .
ضروره الانتقال من مرحله رد الفعل العاطفى الى الى الفعل العقلانى:كما ان هذه القراءه تقوم ثانيا على ضروره انتقال الفكر القومى العربى من مرحله رد الفعل العاطفى –التى ميزت نشاته وظل لاحقا اسيرها فى اغلب الاحيان - الى مرحله الفعل العقلانى . فقد كانت بدايه الحركة القومية العربية” في المشرق العربي أولا في مطلع القرن العشرين، لأنها ظهرت كرد فعل على حركه التتريك التي حاولت سلب العرب خصائصهم القومية ، يقول د. عصمت سيف الدولة (…ولم تلبث الحركة القومية التركية " الطورانيه " ممثله في قيادتها" جمعيه الاتحاد والترقي" أن ألغت فعليا دوله الخلافة من حيث هي دوله مشتركه بين أمتين العربية والتركية، وحولوها إلى دوله تركية تحكم العرب وتحاول سلب خصائصهم القومية بتتريكهم ،وحيث بدأ الهجوم بدأت المقاومة، وبدا الدفاع عن القومية العربية حيث بدأ الهجوم على القومية العربية)( عن العروبة والإسلام، ص131).
الحريه وضروره الربط بين مشكلتى بين التبعيه "الخارجيه" والاستبداد"الداخلى ": اعتبرت قطاعات واسعه من الفكر القومى الحريه احد اهداف المشروع القومى(بالاضافه الى الوحده والعداله الاجتماعيه " الاشتراكيه")،والحريه تقتضى التحرر من كل قيد داخلى " كالاستبداد"، او خارجى " كالاستعمار"، غير ان قطاعات واسعه من الفكر القومى ركزت على مشكله الاستعمار الخارجي، وتجاهلت – او قللت من أهميه- مشكله الاستبداد الداخلي، فاعطت الاولويه للتحرر من الاستعمار على مقاومه الاستبداد .هذا الموقف جاء كرد فعل" متطرف" على موقف اخر" تمثله بعض القوى الليبراليه"، قائم على التركيز على مشكله الاستبداد الداخلي ، وتجاهل – او التقليل من أهميه-مشكله الاستعمار الخارجي ، اى اولويه مقاومه الاستبداد على من التبعيه.غير ان كلا الموقفين خاطىْ ، لانهما يقومان على ذات الاساس الخاطىْ ،وهوالتركيز على احد المشكلتين وتجاهل الأخرى، وبينما الموقف الصحيح هو الربط بين مشكلتي الاستبداد الداخلي والاستعمار الخارجي،باعتبار ان الاول هو قيد داخلي على حرية الشعوب ، بينما الثاني هو قيد خارجي عليها. فالاستبداد هو قيد داخلي على حرية الشعوب لأنه انفراد اقليه (فرد او فئة) بالسلطة دون الشعب .والاستعمار هو قيد خارجي على حرية الشعوب لأنه استيلاء شعب على إمكانيات شعب أخر وتسخيرها لخدمة مصالحه.
اسلوب التغييروضروه الالتزام اساليب التغيير الجماهيرى السلمى : اعتمدت كثير من مذاهب الفكر القومى الانقلابات العسكريه كاسلوب للتغيير،غير انها لا تنفرد بذلك، ذلك ان الانقلابات العسكريه كظاهره تكاد تكون المرحلة التالية لمرحلة التحرر من الاستعمار على مستوى العالم الثالث كله. وهذه الظاهره هى حصيله فشل تطبيق الديمقراطية فى العالم الثالث نتيجة للتخلف الديمقراطي : انعدام أو ضعف التقاليد الديمقراطية بفعل الاستعمار وما صاحبه من تخلف ثقافي ومادي، إضافة إلى تطبيق المفهوم الليبرالي القائم على سلبية الدولة بالنسبة للممارسة الديمقراطية. إذا الانقلابات العسكريه تعبر عن مرحله تاريخيه انقضت او تكاد تنقضي، ولابد من استحداث أساليب تغييراخرى ،أهمها اسلوب التغييرالجماهيري السلمي بالياته المختلفة.
علاقات الانتماء المتعدده وضروره الانتقال من الوحده المطلقه الى الجمع بين الوحده والتعدد: اذا كان الفكر القومى قائم اساسا على اثبات علاقه الانتماء القوميه للشخصيه العربيه ، فان تحديد علاقتها بعلاقات الانتماء الاخرى للشخصيه العربيه( الوطنيه ، الدينيه، التاريخيه، القاريه، العرقيه، الانسانيه...) تتصل بمشكله الوحدة والتعدد كقضية فلسفيه لها تطبيقاتها الثقافية،السياسية،الاقتصادية...: اى هل نقول بوحدة مطلقه تلغى اى شكل من أشكال التعدد أم نقول بتعدد مطلق يلغى اى شكل من أشكال الوحدة أم نجمع بين الوحدة التعدد اى نقول بوحدة نسبيه وتعدد نسبى. والفكر القومى العربى مدعو الى تجاوزمذهب الوحدة المطلقة ،الذى يرى أن العلاقة بين علاقات الانتماء المتعددة للشخصيه الحضاريه المعينه" هى هنا الشخصيه العربيه" هي علاقة تناقض، وبالتالي فان استناده إلى علاقة الانتماء المعينة" هى هنا علاقه الانتماء القوميه" يقتضى إلغاء علاقات الانتماء الأخرى.. هذه الوحدة المطلقة في مجال الهوية تلزم منها وحدة مطلقه في المجال السياسي الاقتصادي القانوني... مضمونها وجوب انفراد جماعات قبلية معينه (هى هنا الجماعات العربيه باعتبارها ممثلا لعلاقة الانتماء القوميه) بالسلطة و الثروة ... دون باقي الجماعات القبلية أو الشعوبية الاخرى.
هذا التجاوز لمذهب الوحده المطلقه يتحقق سلبا من خلال وجوب التمييز بين الفكر القومى و مذهب العصبية القبلية العربية – الذى سنقوم بنقده ادناه - والذى يفهم العروبة على أساس عرقي وليس اساس لغوي حضاري. كما ان هذا التجاوز لمذهب الوحده المطلقه يتحقق ايجابا من خلال تبنى الفكر القومى لمذهب العلاقة الجدلية بين الوحدة والتعدد القائم على اعتبار أن الشخصية العربيهه ذات علاقات انتماء متعددة،وان العلاقة بينها علاقة تكامل لا تناقض ،و إن العلاقة الجدلية بين الوحدة والتعدد في مجال الهوية ترتبط بالعلاقة الجدلية بين الوحدة و التعدد في المجال السياسي الاقتصادي القانوني...متمثله في التأكيد على الوحدة (بتقرير المساواة بين الجماعات القبلية والشعوبية المكونة للامه العربيه)، وفى ذات الوقت التأكيد على التعددية (بتقرير حرية هذه الجماعات القبلية والشعوبية).
تحقيق الوحده وضروره الانتقال من التصور غير العلمى -غير الواقعى"القفز" الى التصور العلمى – الواقعى "التدرج" : اذا كانت الوحده هى الهدف المشترك لكل مذاهب الفكر القومى فان هذه المذاهب تختلف فى كيفيه تحقيق الوحده، حيث يشيع عن بعض هذا المذاهب تصور مثالى لكيفيه تحقيق الوحده مضمونه القفز مما هو كائن " التجزئه" الى ما ينبغى ان يكون" الوحده" .بينما الفكر القومى مدعو الى الالتزام بالتصور العلمى القائم على احترام سنه التدرج اى الانتقال ما هو كائن " التجزئة والتفتيت"، إلى ما ينبغي أن يكون" الوحده" من خلال الممكن ، ومضمونه اتخاذ كل الخطوات الممكنة في اتجاه الوحدة عبر مراحل، اى ان العمل على توحيد الامه يجب ان يتم بشكل تدريجي سلمى مؤسساتي ،عن طريق إيجاد وتفعيل مؤسسات العمل المشترك،كإنشاء السوق المشتركة،اتفاق الدفاع المشترك، البرلمان المشترك ، إلغاء أو تخفيف القيود على حركه العمالة والتجارة ...
ثانيا: المراجعات والتاصيل:
[HEADING=2]ضروره تجاوز القراءه العلمانيه الى قراءه اسلاميه مستنيره:[/HEADING]
[HEADING=2]اولا: القراءة العلمانية للعروبه:الاستناد الى المذهب الليبرالي فى القوميه : تستند هذه القراءة إلى المذهب الليبرالى " العلمانى – الغربى" فى القوميه ،والمستند الى المنهج الليبرالي القائم على فكرة “ القانون الطبيعي ” الخالد المستقر في ضمير الناس ، وبالتالي فان الأمة طبقاً له هي المجتمع الطبيعي، ويترتب على ذلك أنها خالدة خلود لطبيعة ذاتها(د. عصمت سيف الدولة، نظرية الثورة العربية، ج2 ، ص 266..)[/HEADING]
[HEADING=2]نقد القراءة العلمانية : [/HEADING]
[HEADING=2]تحويل وجود الأمة الى مطلق والاستكبار القومى: يترتب على هذا المذهب تحويل الأمة من وجود "وحدة تكوين اجتماعي" محدود زمانا ومكانا ،إلى وجود مطلق من قيود الزمان والمكان . وهو ما يلزم منه تحويل القومية من علاقة انتماء إلى أمه معينه، إلى شكل من أشكال الاستكبار" القومي " الذي يأخذ أشكالا عدة منها:[/HEADING]
[HEADING=2]أولا: فرض عبودية الأمم الضعيفة للأمم القوية ، كما حدث في أوربا عندما اكتمل تكوين أممها " الاستعمار".
ثانيا: جعل معيار انتماء إلى الأمة الجنس "العنصر" - بدلا من المعيار اللغوي / الحضارى- وهو من مخلفات الأطوار القبلية "النازية والفاشية كامثله"[/HEADING]
[HEADING=2]مناهضه الاسلام بالعروبه : وهذا المذهب يلزم منه موضوعيا – بصرف النظر عن النوايا الذاتية لأصحابه - مناهضة الإسلام بالعروبة ، لانه يجعل العلاقه بينهما علاقه تناقض والغاء.
تجاهل ان الاسلام هو الهيكل الحضارى للامه العربيه: فهو يتبنى الحل الليبرالي لمشكلة العلاقة بين الدين والدولة وهو العلمانية كمذهب يقوم على فصل الدين عن الدوله،وهو حل يتجاهل حقيقة ان الإسلام كدين يشكل الهيكل الحضاري للأمة العربيه، لأنه هو الذي أوجدها كامه واحده ، بعد ان كانت قبله شعوب وقبائل متفرقة.[/HEADING]
[HEADING=2]شكل من اشكال التغريب: وهذا الحل الذي يتبناه هذا المذهب هو شكل من أشكال التغريب،لانه يلزم منه محاولة استبدال المفاهيم والقيم والقواعد الإسلامية بمفاهيم وقيم وقواعد غربيه.
ثانيا: القراءة الإسلامية المستنيرة: ولهذه القراءة مستويين:[/HEADING]
[HEADING=2]مستوى نافى: ويتضمن نقد المذاهب التى تجعل العلاقه بين العروبه والاسلام علاقة تناقض وإلغاء.[/HEADING]
[HEADING=2]ا/ نقد مذهب العصبية القبلية العربية(الخلط بين العرب والاعراب): وهو المذهب الذي يفترض افتراض خاطئ مضمونه أن العرب الحاليين- اى العرب فى طور الأمة أو الطور القومى - هم سلاله عرقية لعرب الجاهلية، واوجه الخطأ في هذا الافتراض هى:[/HEADING]
[HEADING=2]فهم العروبه على اساس عرقى: انه يفهم العروبة – على المستوى القومي اى كعلاقة انتماء إلى امه - على أساس عرقي وليس لغوي حضاري .[/HEADING]
[HEADING=2]الخلط بين العرب والاعراب:ومرجع ذلك انه يخلط بين العرب في الطور القبلي( ما يقابل الأعراب في القرآن)، والعرب في طور الامه، حيث أن مناط الانتماء في الطور الأول النسب، بينما مناط الانتماء في الطور الثاني اللسان.كما أنه يخلط بين معيار الانتماء الأسري والعشائري والقبلي (العنصر) معيار الانتماء القومي(اللسان).[/HEADING]
[HEADING=2]تجاهل التطور الاجتماعى: فهو يتجاهل التطور خلال الزمان.[/HEADING]
[HEADING=2]ادعاء النقاء العرقى: ويترتب على هذا الافتراض الخاطئ إنكار هذا المذهب إنكار لحقيقة اختلاط أغلب الجماعات القبلية ذات الأصول العربية بالجماعات القبلية والشعوبية ذات الأصول غير العربية، وهو ما يعنى استناده لاسطوره النقاء العرقي، التي تتعارض مع حقيقة ان اى امه تكونت نتيجه اختلاط العديد من الشعوب والقبائل ذات الأصول العرقية المتعددة.[/HEADING]
[HEADING=2]التعارض مع الاسلام: وهذا المذهب يتعارض مع تقرير الإسلام أن العروبة لسان وليس عرق ، قال الرسول(صلى الله عليه وسلم) (إنَّ الرب واحد، والأبُ واحد، والدَين واحد، وإنَّ العربيةَ ليست لأحدكم بأبٍ ولا أمّ، إنما هي لسانَّ، فمنْ تكلَّمَ بالعربيةِ فهو عربي)، وإذا كان بعض العلماء قد قال أن هذا الحديث ضعيف، فان الإمام ابن تيميه يقرر أن ذلك لا ينفى أن معناه صحيح من بعض الوجوه، حيث يقول ( ... وهذا الحديث ضعيف، لكنَّ معناه ليس ببعيد. بل هوَ صحيح من بعض الوجوه. ولهذا كان المسلمون المتقدموَن لما سكنوَا أرض الشام ومصر ولغة أهله رومية وقبطيةْ وَأرض العِرَاق وخُرُاسان ولغَة أهلها فارسية. وأرض المغرب ولغة أهلها بربرية، عَودوا أهلَ هذه البلاد العربيةَ حتى غلبت على أهل هذه الأمصار مسلمهم وكافرهم)(اقتضاء الصراط المستقيم).فضلا عن نهى الإسلام عن العصبية بأشكالها المختلفة.[/HEADING]
[HEADING=2]ب/ مذهب إنكار وحدات وأطوار التكوين الاجتماعي : وهو مذهب يقوم على إنكار وجود وحدات وأطوار التكوين اجتماعي” وهي ذات وحدات التكوين الاجتماعي وهي نامية خلال الزمان”: كوحدة أو طور: الاسره، العشيرة، القبيلة ،الشعب، الامه..”، و هذا المذهب يستند إلى فلسفات أجنبية متعددة ، اما في صيغته المطروحة كجزء من الفكر السياسي الإسلامي الحديث والمعاصر، فيستند الى افتراض مضمونه أن الإسلام كدين ينفى وجود وحدات وأطوار التكوين الاجتماعي متعددة ، كما أن الإسلام كعلاقة انتماء دينيه يلغى علاقات الانتماء إلى هذه الوحدات والأطوار، وهو افتراض خاطئ لان الإسلام كدين اقر وحدات وأطوار التكوين الاجتماعي، كما اقر علاقات الانتماء إلى هذه الوحدات والأطوار كما سنوضح أدناه عند الحديث عن مذهب التحديد والتكامل..[/HEADING]
[HEADING=2]2 - مستوى مثبت: ويتضمن الاخذ بالمذهب الذي يجعل العلاقة بين العروبه والاسلام علاقة تحديد وتكامل.
مذهب التحديد والتكامل بين العروبة والاسلام: وهو المذهب الذي يجعل العلاقة بين العروبة والإسلام علاقة تحديد وتكامل - وليست علاقة تناقض وإلغاء- أى ان الإسلام (كدين و علاقة انتماء دينى الى أمه التكليف " الامه الإسلامية" ذات المضمون الديني – الحضاري) يحدد العروبه( كعلاقة انتماء قومي الى امه التكوين "الأمة العربيه" ذات المضمون اللسانى – الحضارى) كما يحد الكل الجزء فيكمله ويغنيه ولكن لا يلغيه . ويأخذ هذا التحديد – التكاملى- اشكال متعددة أهمها ان الإسلام يشكل الهيكل الحضاري للأمة العربيه .كما يترتب عليه أن العلاقة بين العروبة والإسلام هي علاقة تلازم وارتباط ، قال عمر بن الخطاب (رضي الله عنه)( نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فلا نطلب بغير الله بديلاً. )( البداية والنهاية). وهذا المذهب –الذى تأخذ به القراءة الاسلاميه المستنيره يستند الى:
ولا: إقرار الإسلام وحدات وأطوار التكوين الاجتماعي: أقر الإسلام كدين وحدات وأطوار التكوين الاجتماعي المتعددة وهى :[/HEADING]
[HEADING=2]ا/ الأسرة كما في قوله تعالى ﴿وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة﴾، وقوله تعالى ﴿ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة﴾.[/HEADING]
[HEADING=2]ب/ العشيرة كما فى قوله تعالى ﴿وانذر عشيرتك الأقربين﴾ .[/HEADING]
[HEADING=2]ج- د/ القبيلة والشعب كما فى قوله تعالى (وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا ).[/HEADING]
[HEADING=2]ه / امه"التكوين"- او الطور القومي - التي مناط الانتماء إليها هو اللسان وليس النسب لقول الرسول (صلى لله عليه وسلم)(ليست العربية بأحد من أب ولا أم إنما هي اللسان فمن تكلم العربية فهو عربي)، كما تتميز باستقرار الجماعات في الأرض، فتكون ديارها، قال تعالى ﴿أنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون﴾ (الممتحنة : 9).
إقرار الإسلام علاقات الانتماء إلى وحدات وأطوار التكوين الاجتماعي :كما اقرالإسلام كدين علاقات الانتماء إلى وحدات وأطوار التكوين الاجتماعي ( ومنها علاقة الانتماء القومية …) ومن أدله ذلك : قال تعالى (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ )(الزخرف : 44)، وفى السنة النبوية ورد في الحديث سأل واثلة قال: (يا رسول الله أمن العصبية أن يحب الرجل قومه) قال (لا ولكن من العصبية أن ينصر الرجل قومه على الظلم) (رواه أبن ماجه والإمام أحمد)
العلاقه بين الوحدة الإسلامية والوحدة العربية تكاملية وليست تناقضيه : كما ان هذا المذهب الذى يجعل العلاقة بين الإسلام والعروبة علاقة تحديد وتكامل – وليس تناقض وإلغاء - يجعل العلاقة بين الوحدة الإسلامية والوحدة العربيه ايضا علاقه تحديد وتكامل وليس تناقض والغاء ، اى ان الوحدة الاسلامية تحدد الوحدة العربيه كما يحدد الكل الجزء فيكمله ويغنيه ولكن لا يلغيه ، ويأخذ هذا التحديد أشكال متعددة منها: ان الوحده العربيه هى خطوة الى الوحدة الاسلامية ،وان النظام القانوني للدولة التى تجسد الوحدة العربيه ينبغي ان يكون نظاما قانونيا اسلاميا... وهذه العلاقة التكاملية تتحقق من خلال الالتزام بالقواعد التالية :
التمييز بين الوحدة التكوينية والوحدة ألتكليفيه : التمييز –وليس الفصل –بين : اولا الوحدة ألتكليفيه” الدينية ” : والتي تتحقق بالاتفاق على أصول الدين اليقينية الورود القطعية الدلالة ، مع اباحه الاختلاف في فروعه الظنية الورود والدلالة . ثانيا: الوحدة التكوينية” السياسية ” : والتي تتحقق بالوحدة السياسية لأمة معينة اكتمل تكوينها . ويستند هذا التميز الى تمييز القران الكريم بين أمه التكليف التي تتميز عن غيرها بالمضمون العقدي كما في قوله تعالى﴿ إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون﴾(الأنبياء:92) ، وأمه التكوين التي تتميز عن غيرها بالمضمون العقدي كما في قوله تعالى﴿ أن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون﴾(الأنبياء:92).
الوحده الاسلاميه التكوينية مرتبطه باطوار التكوبن الاجتماعى: ان الوحدة الاسلاميه التكوينية وكيفيه تحقيقها ، غير منفصلة عن أطوار التكوين الاجتماعي التي بلغتها المجتمعات المسلمة خاصة والبشرية عامه. فالوحدة الإسلامية وشكل الدولة التي جسدتها في مرحلة الأمم في طور التكوين أخذت الشكل التالي :أولا:الأرض غير ثابتة الحدود،ثانيا : وهى تضم مئات من القبائل والشعوب والأمم ، ثالثا: وكانت السلطة فيها مركزية ممثلة في الخليفة الذي له حق تعيين الولاة في الأقاليم .أما في واقعنا القائم على اكتمال تكوين الأمم وشكل الدولة القائم على أولا: الدولة ذات الحدود الثابتة ، ثانيا :الشعب الواحد ثالثا:السلطة البسيطة أو الاتحادية، وانتهى حق الفتح وحل محله حق الأمم في تقرير مصيرها ، وبالتالي فان الوحدة الإسلامية وشكل الدولة التي تجسدها في واقعنا لابد أن يتسق مع هذه الخصائص.
العلاقه التكامليه بين الوحدة الدينية واوحدة القومية والوطنية: ان الوحدة الدينية”الاسلاميه “بالنسبة للوحدة القومية والوطنية بمثابة الكل للجزء يحده فيكمله ويغنيه ولكن لا يلغيه ، فالعلاقة بينهم علاقة تحديد وتكامل وليست علاقة تناقض وإلغاء, فالوحدة الوطنية هي خطوة باتجاه الوحدة العربية والوحدة العربية هي خطوة اتجاه الوحدة الاسلاميه.[/HEADING]
[HEADING=2]اقرار سنه التدرج : ان الانتقال مما هو كائن( التقسيم والتجزئة والتفتيت) إلى ما ينبغي أن يكون(الوحدة) لا يتم إلا من خلال الممكن والأخذ بسنة التدرج، والممكن هو اتخاذ كل الخطوات الممكنة ،التي تقود إلى الوحدة الإسلامية التكوينية ومن هذه الخطوات:
أولا: السعي لتحقيق الوحدة الإسلامية التكليفية (الدينية) ،وذلك بالعمل على التقاء المسلمين على أصول الدين مع اباحه اختلافهم في فروعه، باعتبار أن الوحدة التكليفيه شرط للوحدة التكوينية( السياسية(
ثانيا: لما كانت الوحدة الإسلامية هي وحده بين أمم مسلمة ، فان الخطوة الأولى لها هي توحيد كل أمه من هذه الأمم – ومنها الامه العربية المسلمة – في شكل دولة بسيطة أو إتحاديه ( فيدرالية)، بشكل تدريجي سلمى مؤسساتي(عن طريق إيجاد وتفعيل مؤسسات العمل المشترك،كإنشاء السوق المشتركة،اتفاق الدفاع المشترك، البرلمان المشترك ،إلغاء أو تخفيف القيود على حركة العمالة والتجارة …). فوحده كل أمة مسلمة هي خطوة تجاه الوحدة الإسلامية .
ثالثا: والوحدة الإسلامية الممكنة تأخذ شكل إنشاء هيئات مشتركة بين الأمم والشعوب المسلمة ، تنوب عنها في ممارسة بعض السلطات الداخلية والخارجية ، وهذا الشكل يسمح أن يصل الاتفاق إلى حد أن يكون للهيئات حق التمثيل الدبلوماسي و إعلان الحرب وإبرام الصلح ، وهو ما عبر عنه في الفكر .السياسي الحديث بالدولة التعاهدية "الكونفدرالية"
العلاقة بين الدين والدولة وضروره تجاوز موقفى الفصل "العلمانية" والخلط "الكهنوت والثيوقراطيه: اما فيما يتعلق بمشكله العلاقه بين الدين والدوله فاننا نجد ان بعض المذاهب القوميه تبنت العلمانيه ، وهو مذهب يتبنى موقف الفصل بين الدين عن الدولة، وقد كانت العلمانيه فى الأصل جزء من الديانة المسيحية ،تحول إلي تيار فكرى معين، ظهر في مرحله معينه من مراحل التاريخ الاوربى ، تحول إلي ثوره ضد تدخل الكنيسة في الحكم، انتهى إلي أقامه نظام متكامل للحياة، هو النظام الليبرالي التي تشكل العلمانية احد أركانه، كان محصله عوامل ثقافية ونفسيه وتاريخية وحضارية سادت أوربا نحو سبعه قرون. بناءا على ما سبق فان جوهر الدعوة إلى العلمانية في مجتمع اسلامى – كالمجتمع العربى-هو أن تستبدل المفاهيم والقيم والقواعد القيم الاسلاميه "التي تشكل الهيكل الحضاري لهذا المجتمع" بالمفاهيم والقيم والقواعد الغربية، لتحقيق قدر من الشعور المستقر بالانتماء إلى الحضارة الغربية اى التغريب. لذا فان مذاهب الفكر القومى التى تتبنى العلمانيه مدعوه الى مراجعه موقفها ، اقتداءا بموقف مفكرين قوميين كبار كالدكتور عصمت سيف الدوله (رحمه الله) الذى اتخذ موقفا قاطعا فى رفض العلمانيه ، حيث يقول( ان العلمانية اخطر أشكال مناهضه الإسلام بالعروبة نفاقا وأكثرها اتقانا)( عن العروبة والإسلام ، ص186) وان ( للعلمانية نظاما وللإسلام نظاما وهما لا يلتقيان في أكثر من وجه) (عن العروبة والإسلام‘ص240) وان( جوهر الدعوة العلمانية في مجتمع من المسلمين هو ان تستبدل بالشرائع والقواعد والآداب التي جاء بها الإسلام شرائع وقواعد وآداب وضعيه) (عن العروبة والإسلام،ص423). غير ان رفض العلمانية لا يعنى قبول مذاهب الكهنوت والثيوقراطيه - التى ظهرت فى سياق الفكر السياسى الاوربى الغربى - التى تتبنى موقف الخلط بين الدين والدولة، لانه موقف مرفوض اسلاميا لاسباب عديده اهمها انه يتعارض مع تمييز الاسلام بين التشريع كوضع الالهى ثابت ، والاجتهاد ككسب بشرى متغير- كما سنشير ادناه -
الموقف الصحيح "وحده - ارتباط" لا خلط" وتمييز " لا فصل"(مدنيه السلطه ودينيه اصول التشريع): والفكر القومى مدعو الى تبنى الموقف الصحيح من العلاقه بين الدين والدوله، الذى يقوم على اعتبار أن علاقة الدين بالدولة هي:
اولا: علاقة وحدة وارتباط " وليست علاقه خلط كما فى الثيوقراطيه "، لان الاسلام ميز بين التشريع كوضع الالهى ثابت ، والاجتهاد ككسب بشرى متغير . فهو موقف يقوم على دينيه اصول التشريع النصيه الثابته - وليس السلطة كما فى الثيوقراطيه- .
ثانيا: علاقه تمييز " وليس علاقه فصل كما فى العلمانيه"، لان السلطه فى الفكر السياسى الاسلامى مقيده بمفاهيم وقيم وقواعد كليه مصدرها الوحى كالحريه والعدل والمساواه والشورى...". فهو موقف يقوم على مدنيه السلطة وفروع التشريع الاجتهاديه المتغيره - وليس كل التشريع دون التمييز بين اصوله وفروعه كما في العلمانية - .
د. صبرى محمد خليل/ استاذ فلسفه القيم الاسلاميه فى جامعه الخرطوم
.................................................................
1/ الموقع الرسمي للدكتور/ صبري محمد خليل خيري | دراسات ومقالات الموقع الرسمي للدكتور صبري محمد خليل خيري
2/ د. صبري محمد خليل ( Google Sites )
[/HEADING]
التمييز بين النقد والنقض: ولكن يجب التمييز بين النقد والنقض، لان هدف النقد ايجابي هو التقويم والتصحيح وبالتالي البناء ، أما هدف النقض فهو سلبي هو الهدم ، فهو ليس شكل من أشكال نقد ، ولكن شكل من أشكال الرفض المطلق.
الموقف النقدي من خصائص التفكير العقلاني: والموقف النقدي- بشكليه الذاتي"النقد الذاتي" و الموضوعي"النقد الموضوعي"- من خصائص التفكير العقلاني،خلافا لموقفي الرفض والقبول المطلقين، واللذان يعبران عن نمط التفكير الاسطورى،القائم على الانفعال "العاطفي" غير المقيد بالعقل،وقبول الأفكار بدون دليل عقلي- منطقي.
الموقف النقدي يتسق مع الموقف الاسلامى الصحيح من المفاهيم والتجارب الانسانيه: كما أن الموقف النقدي - بشكليه الذاتي"النقد الذاتي" و الموضوعي"النقد الموضوعي"- هو الموقف الذي يتسق مع الموقف الاسلامى الصحيح من المفاهيم والتجارب الانسانيه،وقد أشارت إليه الكثير من النصوص : قال تعالى(الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ﴾ (الزمر:17-18) ، وقال تعالى( لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ ..)(النساء :114)، وعن حذيفة بن اليمان "رضي الله عنه "أن النبي "صلى الله عليه وسلم" قال : (لَا تَكُونُوا إِمَّعَةً ... وَلَكِنْ وَطِّنُوا أَنْفُسَكُمْ ، إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَنْ تُحْسِنُوا ، وَإِنْ أَسَاءُوا فَلَا تَظْلِمُوا) (رواه الترمذي "2007" بإسناد ضعيف / ضعفه الألباني ولكن صححه من قول عبد الله بن مسعود). وهو الموقف الحقيقي لعلماء الإسلام من كثير من المفاهيم والمجالات المعرفية ، كموقف الإمام ابن تيمية الذي يقول في تقييم التصوف على سبيل المثال (لأجل ما وقع في كثير من الاجتهاد والتنازع فيه، تنازع الناس في طريقهم فطائفة ذمت “الصوفية والتصوف” … وطائفة غلو فيهم ... وكلا طرفي هذه الأمور ذميم. ..) .اتساقا مع ما سبق أشارت بعض النصوص إلى النقد الذاتي - الشكل الذاتي للموقف النقدي - على سبيل الحث عليه كقيمه ايجابيه ، كما في قوله تعالى(وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي إن ربي غفور رحيم) (يوسف:53)، واتساقا مع هذا التزم السلف الصالح – مع أفضليتهم على سائر المسلمين المنصوص عليها – النقد الذاتي، قال أنس بن مالك " رضي الله عنه": (دخل عمر بن الخطاب “رضي الله عنه” حائطاً فسمعته يقول- وبيني وبينه جدار- ” عمر بن الخطاب أمير المؤمنين بخ! والله لتتقينَّ الله يا ابن الخطاب أو ليعذبنّك”(.
قراءه نقديه للفكر القومى العربى: هذه الموقف النقدي - بشكليه الذاتي"النقد الذاتي" و الموضوعي"النقد الموضوعي"- من الفكر القومى العربى، يتحقق من خلال قراءه نقدية للفكر القومي ، والمقصود بالقراءة النقدية أنها تتجاوز موقفي الرفض المطلق والقبول المطلق من الفكر القومى العربى " لانهما من خصائص التفكير الاسطورى" ،إلى موقف نقدي منه، قائم على بيان أوجه الصواب والخطأ ،فى الحلول التي قدمها هذا الفكر ، للمشاكل الاساسيه التي طرحها الواقع العربي الحديث و المعاصر.
ضروره التمييز بين القومية كعلاقة انتماء وكحركات –مذاهب- سياسيه: هذه القراءة تقوم اولا على وجوب التمييز بين القومية كعلاقة انتماء إلى أمه، والقومية كحركات- مذاهب - سياسيه، فالأولى سابقه في الوجود على الاخيره، وبالتالي غير متوقفة عليها(وجودا أو عدما)، بينما الاخيره”الحركة السياسية القومية بمذاهبها المتعددة” يتوقف وجودها على الأولى ” القومية كعلاقة انتماء إلى أمه” ، اى أن وجود اى حركة- مذهب- سياسي قومي، يتوقف على مدى نجاحه أو فشله في التعبير عن القومية كعلاقة انتماء إلى أمه ، ومدى نجاحه أو فشله في تحقيق أهداف ومصالح الامه.وهذا التمييز يترتب عليه: اولا: انه لا يجوز اتخاذ فشل اى حركه – مذهب سياسى قومى فى تحقيق مصالح واهداف الامه، كحجه لانكار علاقه انتماء الى الامه.ثانيا:ان هدف وحده الامه لا ينفرد بالسعى لتحقيقه حركه –او مذهب – سياسى معين- قومى او غير قومى- دون غيره ، بل هو هدف تسعى لتحقيقه كل الامه بجميع حركاتها – مذاهبها - السياسيه. فالحركات - المذاهب – السيايه القوميه تفترق هنا عن غيرها فقط فى تركزها على هذا الهدف .
ضروره الانتقال من مرحله رد الفعل العاطفى الى الى الفعل العقلانى:كما ان هذه القراءه تقوم ثانيا على ضروره انتقال الفكر القومى العربى من مرحله رد الفعل العاطفى –التى ميزت نشاته وظل لاحقا اسيرها فى اغلب الاحيان - الى مرحله الفعل العقلانى . فقد كانت بدايه الحركة القومية العربية” في المشرق العربي أولا في مطلع القرن العشرين، لأنها ظهرت كرد فعل على حركه التتريك التي حاولت سلب العرب خصائصهم القومية ، يقول د. عصمت سيف الدولة (…ولم تلبث الحركة القومية التركية " الطورانيه " ممثله في قيادتها" جمعيه الاتحاد والترقي" أن ألغت فعليا دوله الخلافة من حيث هي دوله مشتركه بين أمتين العربية والتركية، وحولوها إلى دوله تركية تحكم العرب وتحاول سلب خصائصهم القومية بتتريكهم ،وحيث بدأ الهجوم بدأت المقاومة، وبدا الدفاع عن القومية العربية حيث بدأ الهجوم على القومية العربية)( عن العروبة والإسلام، ص131).
الحريه وضروره الربط بين مشكلتى بين التبعيه "الخارجيه" والاستبداد"الداخلى ": اعتبرت قطاعات واسعه من الفكر القومى الحريه احد اهداف المشروع القومى(بالاضافه الى الوحده والعداله الاجتماعيه " الاشتراكيه")،والحريه تقتضى التحرر من كل قيد داخلى " كالاستبداد"، او خارجى " كالاستعمار"، غير ان قطاعات واسعه من الفكر القومى ركزت على مشكله الاستعمار الخارجي، وتجاهلت – او قللت من أهميه- مشكله الاستبداد الداخلي، فاعطت الاولويه للتحرر من الاستعمار على مقاومه الاستبداد .هذا الموقف جاء كرد فعل" متطرف" على موقف اخر" تمثله بعض القوى الليبراليه"، قائم على التركيز على مشكله الاستبداد الداخلي ، وتجاهل – او التقليل من أهميه-مشكله الاستعمار الخارجي ، اى اولويه مقاومه الاستبداد على من التبعيه.غير ان كلا الموقفين خاطىْ ، لانهما يقومان على ذات الاساس الخاطىْ ،وهوالتركيز على احد المشكلتين وتجاهل الأخرى، وبينما الموقف الصحيح هو الربط بين مشكلتي الاستبداد الداخلي والاستعمار الخارجي،باعتبار ان الاول هو قيد داخلي على حرية الشعوب ، بينما الثاني هو قيد خارجي عليها. فالاستبداد هو قيد داخلي على حرية الشعوب لأنه انفراد اقليه (فرد او فئة) بالسلطة دون الشعب .والاستعمار هو قيد خارجي على حرية الشعوب لأنه استيلاء شعب على إمكانيات شعب أخر وتسخيرها لخدمة مصالحه.
اسلوب التغييروضروه الالتزام اساليب التغيير الجماهيرى السلمى : اعتمدت كثير من مذاهب الفكر القومى الانقلابات العسكريه كاسلوب للتغيير،غير انها لا تنفرد بذلك، ذلك ان الانقلابات العسكريه كظاهره تكاد تكون المرحلة التالية لمرحلة التحرر من الاستعمار على مستوى العالم الثالث كله. وهذه الظاهره هى حصيله فشل تطبيق الديمقراطية فى العالم الثالث نتيجة للتخلف الديمقراطي : انعدام أو ضعف التقاليد الديمقراطية بفعل الاستعمار وما صاحبه من تخلف ثقافي ومادي، إضافة إلى تطبيق المفهوم الليبرالي القائم على سلبية الدولة بالنسبة للممارسة الديمقراطية. إذا الانقلابات العسكريه تعبر عن مرحله تاريخيه انقضت او تكاد تنقضي، ولابد من استحداث أساليب تغييراخرى ،أهمها اسلوب التغييرالجماهيري السلمي بالياته المختلفة.
علاقات الانتماء المتعدده وضروره الانتقال من الوحده المطلقه الى الجمع بين الوحده والتعدد: اذا كان الفكر القومى قائم اساسا على اثبات علاقه الانتماء القوميه للشخصيه العربيه ، فان تحديد علاقتها بعلاقات الانتماء الاخرى للشخصيه العربيه( الوطنيه ، الدينيه، التاريخيه، القاريه، العرقيه، الانسانيه...) تتصل بمشكله الوحدة والتعدد كقضية فلسفيه لها تطبيقاتها الثقافية،السياسية،الاقتصادية...: اى هل نقول بوحدة مطلقه تلغى اى شكل من أشكال التعدد أم نقول بتعدد مطلق يلغى اى شكل من أشكال الوحدة أم نجمع بين الوحدة التعدد اى نقول بوحدة نسبيه وتعدد نسبى. والفكر القومى العربى مدعو الى تجاوزمذهب الوحدة المطلقة ،الذى يرى أن العلاقة بين علاقات الانتماء المتعددة للشخصيه الحضاريه المعينه" هى هنا الشخصيه العربيه" هي علاقة تناقض، وبالتالي فان استناده إلى علاقة الانتماء المعينة" هى هنا علاقه الانتماء القوميه" يقتضى إلغاء علاقات الانتماء الأخرى.. هذه الوحدة المطلقة في مجال الهوية تلزم منها وحدة مطلقه في المجال السياسي الاقتصادي القانوني... مضمونها وجوب انفراد جماعات قبلية معينه (هى هنا الجماعات العربيه باعتبارها ممثلا لعلاقة الانتماء القوميه) بالسلطة و الثروة ... دون باقي الجماعات القبلية أو الشعوبية الاخرى.
هذا التجاوز لمذهب الوحده المطلقه يتحقق سلبا من خلال وجوب التمييز بين الفكر القومى و مذهب العصبية القبلية العربية – الذى سنقوم بنقده ادناه - والذى يفهم العروبة على أساس عرقي وليس اساس لغوي حضاري. كما ان هذا التجاوز لمذهب الوحده المطلقه يتحقق ايجابا من خلال تبنى الفكر القومى لمذهب العلاقة الجدلية بين الوحدة والتعدد القائم على اعتبار أن الشخصية العربيهه ذات علاقات انتماء متعددة،وان العلاقة بينها علاقة تكامل لا تناقض ،و إن العلاقة الجدلية بين الوحدة والتعدد في مجال الهوية ترتبط بالعلاقة الجدلية بين الوحدة و التعدد في المجال السياسي الاقتصادي القانوني...متمثله في التأكيد على الوحدة (بتقرير المساواة بين الجماعات القبلية والشعوبية المكونة للامه العربيه)، وفى ذات الوقت التأكيد على التعددية (بتقرير حرية هذه الجماعات القبلية والشعوبية).
تحقيق الوحده وضروره الانتقال من التصور غير العلمى -غير الواقعى"القفز" الى التصور العلمى – الواقعى "التدرج" : اذا كانت الوحده هى الهدف المشترك لكل مذاهب الفكر القومى فان هذه المذاهب تختلف فى كيفيه تحقيق الوحده، حيث يشيع عن بعض هذا المذاهب تصور مثالى لكيفيه تحقيق الوحده مضمونه القفز مما هو كائن " التجزئه" الى ما ينبغى ان يكون" الوحده" .بينما الفكر القومى مدعو الى الالتزام بالتصور العلمى القائم على احترام سنه التدرج اى الانتقال ما هو كائن " التجزئة والتفتيت"، إلى ما ينبغي أن يكون" الوحده" من خلال الممكن ، ومضمونه اتخاذ كل الخطوات الممكنة في اتجاه الوحدة عبر مراحل، اى ان العمل على توحيد الامه يجب ان يتم بشكل تدريجي سلمى مؤسساتي ،عن طريق إيجاد وتفعيل مؤسسات العمل المشترك،كإنشاء السوق المشتركة،اتفاق الدفاع المشترك، البرلمان المشترك ، إلغاء أو تخفيف القيود على حركه العمالة والتجارة ...
ثانيا: المراجعات والتاصيل:
[HEADING=2]ضروره تجاوز القراءه العلمانيه الى قراءه اسلاميه مستنيره:[/HEADING]
[HEADING=2]اولا: القراءة العلمانية للعروبه:الاستناد الى المذهب الليبرالي فى القوميه : تستند هذه القراءة إلى المذهب الليبرالى " العلمانى – الغربى" فى القوميه ،والمستند الى المنهج الليبرالي القائم على فكرة “ القانون الطبيعي ” الخالد المستقر في ضمير الناس ، وبالتالي فان الأمة طبقاً له هي المجتمع الطبيعي، ويترتب على ذلك أنها خالدة خلود لطبيعة ذاتها(د. عصمت سيف الدولة، نظرية الثورة العربية، ج2 ، ص 266..)[/HEADING]
[HEADING=2]نقد القراءة العلمانية : [/HEADING]
[HEADING=2]تحويل وجود الأمة الى مطلق والاستكبار القومى: يترتب على هذا المذهب تحويل الأمة من وجود "وحدة تكوين اجتماعي" محدود زمانا ومكانا ،إلى وجود مطلق من قيود الزمان والمكان . وهو ما يلزم منه تحويل القومية من علاقة انتماء إلى أمه معينه، إلى شكل من أشكال الاستكبار" القومي " الذي يأخذ أشكالا عدة منها:[/HEADING]
[HEADING=2]أولا: فرض عبودية الأمم الضعيفة للأمم القوية ، كما حدث في أوربا عندما اكتمل تكوين أممها " الاستعمار".
ثانيا: جعل معيار انتماء إلى الأمة الجنس "العنصر" - بدلا من المعيار اللغوي / الحضارى- وهو من مخلفات الأطوار القبلية "النازية والفاشية كامثله"[/HEADING]
[HEADING=2]مناهضه الاسلام بالعروبه : وهذا المذهب يلزم منه موضوعيا – بصرف النظر عن النوايا الذاتية لأصحابه - مناهضة الإسلام بالعروبة ، لانه يجعل العلاقه بينهما علاقه تناقض والغاء.
تجاهل ان الاسلام هو الهيكل الحضارى للامه العربيه: فهو يتبنى الحل الليبرالي لمشكلة العلاقة بين الدين والدولة وهو العلمانية كمذهب يقوم على فصل الدين عن الدوله،وهو حل يتجاهل حقيقة ان الإسلام كدين يشكل الهيكل الحضاري للأمة العربيه، لأنه هو الذي أوجدها كامه واحده ، بعد ان كانت قبله شعوب وقبائل متفرقة.[/HEADING]
[HEADING=2]شكل من اشكال التغريب: وهذا الحل الذي يتبناه هذا المذهب هو شكل من أشكال التغريب،لانه يلزم منه محاولة استبدال المفاهيم والقيم والقواعد الإسلامية بمفاهيم وقيم وقواعد غربيه.
ثانيا: القراءة الإسلامية المستنيرة: ولهذه القراءة مستويين:[/HEADING]
[HEADING=2]مستوى نافى: ويتضمن نقد المذاهب التى تجعل العلاقه بين العروبه والاسلام علاقة تناقض وإلغاء.[/HEADING]
[HEADING=2]ا/ نقد مذهب العصبية القبلية العربية(الخلط بين العرب والاعراب): وهو المذهب الذي يفترض افتراض خاطئ مضمونه أن العرب الحاليين- اى العرب فى طور الأمة أو الطور القومى - هم سلاله عرقية لعرب الجاهلية، واوجه الخطأ في هذا الافتراض هى:[/HEADING]
[HEADING=2]فهم العروبه على اساس عرقى: انه يفهم العروبة – على المستوى القومي اى كعلاقة انتماء إلى امه - على أساس عرقي وليس لغوي حضاري .[/HEADING]
[HEADING=2]الخلط بين العرب والاعراب:ومرجع ذلك انه يخلط بين العرب في الطور القبلي( ما يقابل الأعراب في القرآن)، والعرب في طور الامه، حيث أن مناط الانتماء في الطور الأول النسب، بينما مناط الانتماء في الطور الثاني اللسان.كما أنه يخلط بين معيار الانتماء الأسري والعشائري والقبلي (العنصر) معيار الانتماء القومي(اللسان).[/HEADING]
[HEADING=2]تجاهل التطور الاجتماعى: فهو يتجاهل التطور خلال الزمان.[/HEADING]
[HEADING=2]ادعاء النقاء العرقى: ويترتب على هذا الافتراض الخاطئ إنكار هذا المذهب إنكار لحقيقة اختلاط أغلب الجماعات القبلية ذات الأصول العربية بالجماعات القبلية والشعوبية ذات الأصول غير العربية، وهو ما يعنى استناده لاسطوره النقاء العرقي، التي تتعارض مع حقيقة ان اى امه تكونت نتيجه اختلاط العديد من الشعوب والقبائل ذات الأصول العرقية المتعددة.[/HEADING]
[HEADING=2]التعارض مع الاسلام: وهذا المذهب يتعارض مع تقرير الإسلام أن العروبة لسان وليس عرق ، قال الرسول(صلى الله عليه وسلم) (إنَّ الرب واحد، والأبُ واحد، والدَين واحد، وإنَّ العربيةَ ليست لأحدكم بأبٍ ولا أمّ، إنما هي لسانَّ، فمنْ تكلَّمَ بالعربيةِ فهو عربي)، وإذا كان بعض العلماء قد قال أن هذا الحديث ضعيف، فان الإمام ابن تيميه يقرر أن ذلك لا ينفى أن معناه صحيح من بعض الوجوه، حيث يقول ( ... وهذا الحديث ضعيف، لكنَّ معناه ليس ببعيد. بل هوَ صحيح من بعض الوجوه. ولهذا كان المسلمون المتقدموَن لما سكنوَا أرض الشام ومصر ولغة أهله رومية وقبطيةْ وَأرض العِرَاق وخُرُاسان ولغَة أهلها فارسية. وأرض المغرب ولغة أهلها بربرية، عَودوا أهلَ هذه البلاد العربيةَ حتى غلبت على أهل هذه الأمصار مسلمهم وكافرهم)(اقتضاء الصراط المستقيم).فضلا عن نهى الإسلام عن العصبية بأشكالها المختلفة.[/HEADING]
[HEADING=2]ب/ مذهب إنكار وحدات وأطوار التكوين الاجتماعي : وهو مذهب يقوم على إنكار وجود وحدات وأطوار التكوين اجتماعي” وهي ذات وحدات التكوين الاجتماعي وهي نامية خلال الزمان”: كوحدة أو طور: الاسره، العشيرة، القبيلة ،الشعب، الامه..”، و هذا المذهب يستند إلى فلسفات أجنبية متعددة ، اما في صيغته المطروحة كجزء من الفكر السياسي الإسلامي الحديث والمعاصر، فيستند الى افتراض مضمونه أن الإسلام كدين ينفى وجود وحدات وأطوار التكوين الاجتماعي متعددة ، كما أن الإسلام كعلاقة انتماء دينيه يلغى علاقات الانتماء إلى هذه الوحدات والأطوار، وهو افتراض خاطئ لان الإسلام كدين اقر وحدات وأطوار التكوين الاجتماعي، كما اقر علاقات الانتماء إلى هذه الوحدات والأطوار كما سنوضح أدناه عند الحديث عن مذهب التحديد والتكامل..[/HEADING]
[HEADING=2]2 - مستوى مثبت: ويتضمن الاخذ بالمذهب الذي يجعل العلاقة بين العروبه والاسلام علاقة تحديد وتكامل.
مذهب التحديد والتكامل بين العروبة والاسلام: وهو المذهب الذي يجعل العلاقة بين العروبة والإسلام علاقة تحديد وتكامل - وليست علاقة تناقض وإلغاء- أى ان الإسلام (كدين و علاقة انتماء دينى الى أمه التكليف " الامه الإسلامية" ذات المضمون الديني – الحضاري) يحدد العروبه( كعلاقة انتماء قومي الى امه التكوين "الأمة العربيه" ذات المضمون اللسانى – الحضارى) كما يحد الكل الجزء فيكمله ويغنيه ولكن لا يلغيه . ويأخذ هذا التحديد – التكاملى- اشكال متعددة أهمها ان الإسلام يشكل الهيكل الحضاري للأمة العربيه .كما يترتب عليه أن العلاقة بين العروبة والإسلام هي علاقة تلازم وارتباط ، قال عمر بن الخطاب (رضي الله عنه)( نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فلا نطلب بغير الله بديلاً. )( البداية والنهاية). وهذا المذهب –الذى تأخذ به القراءة الاسلاميه المستنيره يستند الى:
ولا: إقرار الإسلام وحدات وأطوار التكوين الاجتماعي: أقر الإسلام كدين وحدات وأطوار التكوين الاجتماعي المتعددة وهى :[/HEADING]
[HEADING=2]ا/ الأسرة كما في قوله تعالى ﴿وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة﴾، وقوله تعالى ﴿ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة﴾.[/HEADING]
[HEADING=2]ب/ العشيرة كما فى قوله تعالى ﴿وانذر عشيرتك الأقربين﴾ .[/HEADING]
[HEADING=2]ج- د/ القبيلة والشعب كما فى قوله تعالى (وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا ).[/HEADING]
[HEADING=2]ه / امه"التكوين"- او الطور القومي - التي مناط الانتماء إليها هو اللسان وليس النسب لقول الرسول (صلى لله عليه وسلم)(ليست العربية بأحد من أب ولا أم إنما هي اللسان فمن تكلم العربية فهو عربي)، كما تتميز باستقرار الجماعات في الأرض، فتكون ديارها، قال تعالى ﴿أنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون﴾ (الممتحنة : 9).
إقرار الإسلام علاقات الانتماء إلى وحدات وأطوار التكوين الاجتماعي :كما اقرالإسلام كدين علاقات الانتماء إلى وحدات وأطوار التكوين الاجتماعي ( ومنها علاقة الانتماء القومية …) ومن أدله ذلك : قال تعالى (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ )(الزخرف : 44)، وفى السنة النبوية ورد في الحديث سأل واثلة قال: (يا رسول الله أمن العصبية أن يحب الرجل قومه) قال (لا ولكن من العصبية أن ينصر الرجل قومه على الظلم) (رواه أبن ماجه والإمام أحمد)
العلاقه بين الوحدة الإسلامية والوحدة العربية تكاملية وليست تناقضيه : كما ان هذا المذهب الذى يجعل العلاقة بين الإسلام والعروبة علاقة تحديد وتكامل – وليس تناقض وإلغاء - يجعل العلاقة بين الوحدة الإسلامية والوحدة العربيه ايضا علاقه تحديد وتكامل وليس تناقض والغاء ، اى ان الوحدة الاسلامية تحدد الوحدة العربيه كما يحدد الكل الجزء فيكمله ويغنيه ولكن لا يلغيه ، ويأخذ هذا التحديد أشكال متعددة منها: ان الوحده العربيه هى خطوة الى الوحدة الاسلامية ،وان النظام القانوني للدولة التى تجسد الوحدة العربيه ينبغي ان يكون نظاما قانونيا اسلاميا... وهذه العلاقة التكاملية تتحقق من خلال الالتزام بالقواعد التالية :
التمييز بين الوحدة التكوينية والوحدة ألتكليفيه : التمييز –وليس الفصل –بين : اولا الوحدة ألتكليفيه” الدينية ” : والتي تتحقق بالاتفاق على أصول الدين اليقينية الورود القطعية الدلالة ، مع اباحه الاختلاف في فروعه الظنية الورود والدلالة . ثانيا: الوحدة التكوينية” السياسية ” : والتي تتحقق بالوحدة السياسية لأمة معينة اكتمل تكوينها . ويستند هذا التميز الى تمييز القران الكريم بين أمه التكليف التي تتميز عن غيرها بالمضمون العقدي كما في قوله تعالى﴿ إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون﴾(الأنبياء:92) ، وأمه التكوين التي تتميز عن غيرها بالمضمون العقدي كما في قوله تعالى﴿ أن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون﴾(الأنبياء:92).
الوحده الاسلاميه التكوينية مرتبطه باطوار التكوبن الاجتماعى: ان الوحدة الاسلاميه التكوينية وكيفيه تحقيقها ، غير منفصلة عن أطوار التكوين الاجتماعي التي بلغتها المجتمعات المسلمة خاصة والبشرية عامه. فالوحدة الإسلامية وشكل الدولة التي جسدتها في مرحلة الأمم في طور التكوين أخذت الشكل التالي :أولا:الأرض غير ثابتة الحدود،ثانيا : وهى تضم مئات من القبائل والشعوب والأمم ، ثالثا: وكانت السلطة فيها مركزية ممثلة في الخليفة الذي له حق تعيين الولاة في الأقاليم .أما في واقعنا القائم على اكتمال تكوين الأمم وشكل الدولة القائم على أولا: الدولة ذات الحدود الثابتة ، ثانيا :الشعب الواحد ثالثا:السلطة البسيطة أو الاتحادية، وانتهى حق الفتح وحل محله حق الأمم في تقرير مصيرها ، وبالتالي فان الوحدة الإسلامية وشكل الدولة التي تجسدها في واقعنا لابد أن يتسق مع هذه الخصائص.
العلاقه التكامليه بين الوحدة الدينية واوحدة القومية والوطنية: ان الوحدة الدينية”الاسلاميه “بالنسبة للوحدة القومية والوطنية بمثابة الكل للجزء يحده فيكمله ويغنيه ولكن لا يلغيه ، فالعلاقة بينهم علاقة تحديد وتكامل وليست علاقة تناقض وإلغاء, فالوحدة الوطنية هي خطوة باتجاه الوحدة العربية والوحدة العربية هي خطوة اتجاه الوحدة الاسلاميه.[/HEADING]
[HEADING=2]اقرار سنه التدرج : ان الانتقال مما هو كائن( التقسيم والتجزئة والتفتيت) إلى ما ينبغي أن يكون(الوحدة) لا يتم إلا من خلال الممكن والأخذ بسنة التدرج، والممكن هو اتخاذ كل الخطوات الممكنة ،التي تقود إلى الوحدة الإسلامية التكوينية ومن هذه الخطوات:
أولا: السعي لتحقيق الوحدة الإسلامية التكليفية (الدينية) ،وذلك بالعمل على التقاء المسلمين على أصول الدين مع اباحه اختلافهم في فروعه، باعتبار أن الوحدة التكليفيه شرط للوحدة التكوينية( السياسية(
ثانيا: لما كانت الوحدة الإسلامية هي وحده بين أمم مسلمة ، فان الخطوة الأولى لها هي توحيد كل أمه من هذه الأمم – ومنها الامه العربية المسلمة – في شكل دولة بسيطة أو إتحاديه ( فيدرالية)، بشكل تدريجي سلمى مؤسساتي(عن طريق إيجاد وتفعيل مؤسسات العمل المشترك،كإنشاء السوق المشتركة،اتفاق الدفاع المشترك، البرلمان المشترك ،إلغاء أو تخفيف القيود على حركة العمالة والتجارة …). فوحده كل أمة مسلمة هي خطوة تجاه الوحدة الإسلامية .
ثالثا: والوحدة الإسلامية الممكنة تأخذ شكل إنشاء هيئات مشتركة بين الأمم والشعوب المسلمة ، تنوب عنها في ممارسة بعض السلطات الداخلية والخارجية ، وهذا الشكل يسمح أن يصل الاتفاق إلى حد أن يكون للهيئات حق التمثيل الدبلوماسي و إعلان الحرب وإبرام الصلح ، وهو ما عبر عنه في الفكر .السياسي الحديث بالدولة التعاهدية "الكونفدرالية"
العلاقة بين الدين والدولة وضروره تجاوز موقفى الفصل "العلمانية" والخلط "الكهنوت والثيوقراطيه: اما فيما يتعلق بمشكله العلاقه بين الدين والدوله فاننا نجد ان بعض المذاهب القوميه تبنت العلمانيه ، وهو مذهب يتبنى موقف الفصل بين الدين عن الدولة، وقد كانت العلمانيه فى الأصل جزء من الديانة المسيحية ،تحول إلي تيار فكرى معين، ظهر في مرحله معينه من مراحل التاريخ الاوربى ، تحول إلي ثوره ضد تدخل الكنيسة في الحكم، انتهى إلي أقامه نظام متكامل للحياة، هو النظام الليبرالي التي تشكل العلمانية احد أركانه، كان محصله عوامل ثقافية ونفسيه وتاريخية وحضارية سادت أوربا نحو سبعه قرون. بناءا على ما سبق فان جوهر الدعوة إلى العلمانية في مجتمع اسلامى – كالمجتمع العربى-هو أن تستبدل المفاهيم والقيم والقواعد القيم الاسلاميه "التي تشكل الهيكل الحضاري لهذا المجتمع" بالمفاهيم والقيم والقواعد الغربية، لتحقيق قدر من الشعور المستقر بالانتماء إلى الحضارة الغربية اى التغريب. لذا فان مذاهب الفكر القومى التى تتبنى العلمانيه مدعوه الى مراجعه موقفها ، اقتداءا بموقف مفكرين قوميين كبار كالدكتور عصمت سيف الدوله (رحمه الله) الذى اتخذ موقفا قاطعا فى رفض العلمانيه ، حيث يقول( ان العلمانية اخطر أشكال مناهضه الإسلام بالعروبة نفاقا وأكثرها اتقانا)( عن العروبة والإسلام ، ص186) وان ( للعلمانية نظاما وللإسلام نظاما وهما لا يلتقيان في أكثر من وجه) (عن العروبة والإسلام‘ص240) وان( جوهر الدعوة العلمانية في مجتمع من المسلمين هو ان تستبدل بالشرائع والقواعد والآداب التي جاء بها الإسلام شرائع وقواعد وآداب وضعيه) (عن العروبة والإسلام،ص423). غير ان رفض العلمانية لا يعنى قبول مذاهب الكهنوت والثيوقراطيه - التى ظهرت فى سياق الفكر السياسى الاوربى الغربى - التى تتبنى موقف الخلط بين الدين والدولة، لانه موقف مرفوض اسلاميا لاسباب عديده اهمها انه يتعارض مع تمييز الاسلام بين التشريع كوضع الالهى ثابت ، والاجتهاد ككسب بشرى متغير- كما سنشير ادناه -
الموقف الصحيح "وحده - ارتباط" لا خلط" وتمييز " لا فصل"(مدنيه السلطه ودينيه اصول التشريع): والفكر القومى مدعو الى تبنى الموقف الصحيح من العلاقه بين الدين والدوله، الذى يقوم على اعتبار أن علاقة الدين بالدولة هي:
اولا: علاقة وحدة وارتباط " وليست علاقه خلط كما فى الثيوقراطيه "، لان الاسلام ميز بين التشريع كوضع الالهى ثابت ، والاجتهاد ككسب بشرى متغير . فهو موقف يقوم على دينيه اصول التشريع النصيه الثابته - وليس السلطة كما فى الثيوقراطيه- .
ثانيا: علاقه تمييز " وليس علاقه فصل كما فى العلمانيه"، لان السلطه فى الفكر السياسى الاسلامى مقيده بمفاهيم وقيم وقواعد كليه مصدرها الوحى كالحريه والعدل والمساواه والشورى...". فهو موقف يقوم على مدنيه السلطة وفروع التشريع الاجتهاديه المتغيره - وليس كل التشريع دون التمييز بين اصوله وفروعه كما في العلمانية - .
د. صبرى محمد خليل/ استاذ فلسفه القيم الاسلاميه فى جامعه الخرطوم
.................................................................
1/ الموقع الرسمي للدكتور/ صبري محمد خليل خيري | دراسات ومقالات الموقع الرسمي للدكتور صبري محمد خليل خيري
2/ د. صبري محمد خليل ( Google Sites )
د صبري محمد خليل
sites.google.com