موسى بن حسين الحسيني الكيذاوي - مَشارِبُ كَأْسِ الحُبِّ أَحْلى المَشارِبِ

مَــشـاربُ كـأسِ الحـبّ أَحـلى المـشـارب
وَأَعــذب دهــر المـرءِ دهـر الشـبـائبِ
وَأَهــدى ضــيــاءً لِلنــواظــرِ إِن رَنــت
ضــيــاء شــمــوسٍ فــي الخـدورِ غـواربِ
دَعـانـي الهَـوى شـرخ الشبابِ فَقادَني
إِلى البـهـكـنـاتِ الناعِمات الكواعبِ
أَلا هَـل دَرَت سُـعـدى بـأنّـي بِهـجـرهـا
ظــللتُ أَسـيـراً فـي قـيـود المـعـاطـبِ
فَـيـا حـبَّهـا يـوم العـتـاب وقَـد أَتت
بـنـطـقٍ بـهِ يـشـفـي غـليـل المـعـاتـبِ
غَـدتـه إِذ لا يـكـتـم السـرّ بَـيـنـنـا
وَلَم يـكُ فـيـمـا بـيـنـنـا مِـن مـراقبِ
وَقَـد سَـفـرت والدمـعُ يَـمـحـي خـطـوطـهُ
عَــلى وردِ خــدّيــهـا خـطـوطَ الرواحـبِ
شــمــوعٌ كــأنّ الخَــيــزرانــة قــدّهــا
إِذا خــطَـرت فـي خـطـوِهـا المـتـقـاربِ
فَــفـي كَـبـدي سـحـرٌ قَـضَـتـه بِـسـحـرِهـا
عَــقــاربُ صـدغـيـهـا كَـلسـعِ العـقـاربِ
أَتـوبُ عـنِ السـلوانِ عـنـهـا ولا أنا
وَإِن طــالتِ الأيّــام عــنـهـا بـتـائبِ
وَيــشـعـل صَـحـبـي فـي هـواهـا تـغـزّلي
فَهُـم فـيـه أضـحَـوا بـيـنَ قـارٍ وكاتبِ
أَرى الدهـرَ يـجـري فـي تـقـلّبِ حـكـمهِ
بِــعــيـنـي مَـدى أَوقـاتـه بـالعـجـائبِ
صَــحــى لي عَــن غـيـمِ الغـيـاهـبِ جـوّهُ
وَأَوضــحَ لي مـا كـان خـلف الغـيـاهـبِ
فَــكــدّرَ عَــيــشــي كــشـفـه لي وصـدقـه
لِعــلمــيَ أَنّ العــيــشَ كــســوة ســالبِ
وَقَـد كـان عَـيـشـي صـافـيـاً حيث أنّني
أُعــلّل نَــفــســي بـالظـنـون الكـواذبِ
حَـنـانـيـكَ يـا دهـر إلى كَـم تـنوبُني
وَتــقــرعــنــي بِـالحـادثـاتِ النـوائبِ
وَلي فــيــك مــمّــا أَصــطــفــيـه مـآربٌ
فَــدَعــنــي حــتّــى مــنـك أقـضـي مـآربِ
فَـيـا ليتَ لا ينفكّ في الناس طالباً
صَـديـقـاً بـه تَـقـضـي نـجـاح المـطالبِ
وَإِن خـانَـنـي فـي مـدّةِ الدهـرِ صـاحـبٌ
تَــعــوّضــتُ مـنـه فـي زمـانـي بـصـاحـبِ
فـإنّـي رأيـتُ الزاخـرَ البحرَ لم تجز
بــهِ فُــلكــه المــشـحـون إلّا بـقـاربِ
صَــديـقـي صَـديـقـي لا صـديـق أوامـلي
ومـــاليَ مـــالٌ ليــسَ مــال الأقــاربِ
وَمــبــتــســمٌ بـالحـقّ يـضـحـكُ بـاكـيـاً
أَجــمّ الحــواســي بـالبـكـا مـتـجـاوبِ
إِذا اِفترّ مِن تحتِ السما باسماً بكى
بِــدمــعٍ عَـلى وجـهِ البـسـيـطـةِ سـاكـبِ
يَــســلّ حــســامـاً راقـصـاً فـي عـراصـهِ
رَقــيــصَ ســفـيـهٍ فـي عـراصِ المـلاعـبِ
يَـــشـــقُّ صــدورَ المــزنِ شَــقّــاً كــأنّه
حــســامُ فــلاحٍ فــي صــدور الكـتـائبِ
فَــتــىً تـهـربُ الأبـطـالُ خـوفَ نـزالهِ
كَـمـا يَهـربُ الشـيـطـانُ خوف الكواكبِ
مَـتـى تَـنـتَـصِـر يـومـاً بهِ أنت تنتصر
بِــأغــلب قــرنٍ فــي الثــعـالب غـالبِ
وَإن تـسـتـمـحـه فـي السـمـاحةِ تَستَمح
أبــــرّ جــــوادٍ للمَــــواهــــبِ غــــالبِ
يــفــكّــر فـي أَمـرِ العـواقـبِ نـاظـراً
بِعينِ الحِجا وَالقلب ما في العواقبِ
أمــدّ ظــلالَ العــدلِ فـي مـلكـهِ عـلى
مَــشــارق أَقــصــى مــلكــه والمـغـاربِ
وَلا يـــوم إِلّا وهـــو أهــلٌ لعــصــره
شــبــيـه بـنـعـمـاه بـيـوم السـبـايـبِ
وَأَفــضــلُ حــافٍ فــي البــلادِ ونـاعـلٍ
وَأفــخــرُ مــاشٍ فــي البــلادِ وراكــبِ
أَقـمـتَ حـدودَ الحـقِّ في الملك عادلاً
وَقــارعـتَ عـنـه بـالقـنـا والقـواضـبِ
وَكَــم مَــعــشــرٍ للبـغـيِ رُدتَ دِيـارَهـم
لِبـعـد المَـدى بِـالصـاهـلات الشواذبِ
فَـمـا شَـعـروا إلّا وَأَنـت عـلى القضا
أَحـطـتَ بـهـمِ بِـالأسـدِ مِـن كـلّ جـانـبِ
وَلا نعل منهم من ثَرى الأرضِ لاثماً
تُــرابــاً سِـوى هـامـاتـهـم والتـرائبِ
سَــقَــيــتــهــم كـأسَ الردى فـأَرَحـتَهـم
وَلا راحَـة فـي المـوتِ يـومـاً لشـاربِ
فَـجـدتَ عـلى الدُّنـيـا بـكـون زوالهـم
وَجــدتَ عَــلى طُــلسِ الفــلا بـالمـآدبِ
فَهــذا جــزاءُ البــغــيِ واللّه نـاصـرٌ
لكـــلِّ مـــوالٍ فـــي الإله مـــغــاضــبِ
أعلى