يعد مصطلحا (الفابيولا Fabula) و(السوجيه Suyzhet) ضمن الإجتراحات العظيمة للشكلانيين الروس، حيث قام منظرو هذه المدرسة النقدية الكبيرة خلال القرن المنصرم بحياكة هذين المصطلحين في مقابل مصطلحين أخرين كانا قد لقيا رواجاً واسعاً في الأوساط العلمية والبحثية في العالم الأنجلوفوني وهما مصطلحا(السرد Narrative/الخطاب السردي (Narrative discourse
/ وقد دأب الباحثون الغربيون علي تكريسِ هيمنة هذين المصطلحين الأخريين علي قاموس الدراسات السردية لردحٍ من الزمان حتي سيطرا بدرجة كبيرة علي التفكير النقدي في الوقت الذي غدت فيه مفردتا الفابيولا والسوجيه تقبعان في هوامش لغة البحث العلمي رغم حداثتهما النسبية .
تذكر الناقدة والباحثة الأكاديمية المعروفة الكسندرا جيوركاوبيلو (في هذا الصدد أن ناقداً كبيراً مثل (جاتمان) كان قد قام بنقل هاتين المفردتينِ إلي حقل الدراسات السردية في العالم الغربي ودشن إستعمالها في إحدي مؤلفاتهِ التي صدرت في العام 1990 للتدليل بصورةٍ مباشرة علي هيكلية النص السردي والذي تمثل الحكاية محتواه الرئيس وذلك بإزاءِ أمرٍ أخر يتعلق بالطرائق الخاصة التي تُعرض من خِلالها الحكاية ، وبعبارةٍ أخري فإن مفردة (السوجييه) وبحسب منظري السرديات في أوربا الشرقية ترتبط في الغالب بمفهوم الحكاية المراد التعبير عنها وهي تستخدم بشكل محدد للإشارة إلي مجمل الأحداث السردية بوصفها بناءاً معمارياً مترابطاً تتم هندسته وفق ديناميات نصية متعددة، بينما يشير المصطلح الأخر وهو الفابيولا من جهةٍ اخري إلي الطريقة التي يتم من خلالها التعبير عن الحكاية أو الأحدوثة داخل النص. وحتي لانقع في فوضي مفاهيمية تتعلق بفخ المصطلحات التي من شأنها أن تقودنا في نهاية الأمر إلي عملية إرتباك منهجي ،فسنحاول هُنا ولأغراض هذه الدراسة أن نبتعد عن التعريفات الشائكة التي قدمت في مقام التعريف بهذين المصطلحين من قبل كثيرٍ من الباحثين في هذا المجال فرأينا أن نقتصر علي بعض التعريفات المعيارية الأكثر إنضباطاً ومن بينها تعريف الباحثة (الكسندرا جيوركاوبيلو) والذي يتوافق إلي حدٍ بعيد مع تعريف أخر قدمه الناقد والباحث الأكاديمي (جيمس فيلان) وهو أحد كِبار منظري علم السرديات في الولايات المتحدة والذي يشير بوضوح تام إلي أن مفهوم (الفابيولا) يتعلق بالدرجةِ الأولي بموضوع التسلسل الزماني للأحداث والطريقة التي تتقدم بها داخل النص السردي وهذا هو نفس المفهوم الذي تم التعبير عنه في معظم كلاسيكيات النقد الأنجلو-أميركي بما يعرف بالحبكة plot،فيما يشير المصطلح الأخر وهو السوجييه حسب تصور (فيلان) إلي مجمل النص القصصي،وبهذا المعني فإن المصطلحين يماثلان بدرجةٍ كبيرةٍ ما أتفق علي تسميته في أدبيات المدرسة الغربية بالسرد Narratives في مقابل الخطاب السردي Narrative discourse كما سبقت الإشارة إلي ذلك آنِفاً. (2)
(1/Georgeakopoulos, Alexandra (2016). Narratives, Language &Creativity. The Open University press-London-p.202/ فيلان،جيمس (2020) نظريات السرد-مفاهيم أساسية ومناظرات نقدية-دار جامعة الملك سعود)
وتأسيساً علي ما سبق،فإنه يمكن النظر بشكل عام إلي النص السردي وبحسب منطق علم سرد الخطاب discourse narratology علي أساس أنه بنية سيمائية تتكون من دال ومدلول،فالدال هنا هو طريقة العرض أما المدلول فهو القصة أو الحكاية (تتابع الأفعال) وذلك علي ضوء ماذهب إليه عالم السرديات المعروف مانفريد وهو بلا أدني شك يستند في هذا المنحي إلي الإرث النقدي للسرديات الذي أُستوحي من تنظيرات فرديناند دي سوسير منشيء النظرية البنيوية في علم اللغة(4)إن القضية الجوهرية التي نرمي إلي معالجتها خلال هذه الدراسة تتعلق بكيفية توظيف المفاهيم النقدية المرتبطة بكلا المصطلحين المشار إليهما والإفادة منهما بشكل عملي وتطبيقي في دراسة وتشريح نص (كشاكش علي ثوب الشفق) للكاتب شاذلي شقاق وهو النص الذي تتسمي بإسمه مجموعته الحائزة علي جائزة الطيب صالح للإبداع الكتابي في العام 2020 وذلك من خلال تركيزنا علي مستويين أساسيين في عملية التواصل السردي وهما مستوي بناء الوقائع والأحداث القائم علي أساس وحدة الفعل السردي Narreme وهو المستوي الذي سنقوم من خلاله بفحص قضية التسلسل الزماني للأحداث في مجموعة الكاتب القصصية ومحاولة ربطها بمبدأ أخر ذي صلة وهو قابلية القصة نفسها للإخبار tellability ،أما علي صعيد المستوي الأخر فإننا سوف نُعني بالدرجة الأولي بمسألةٍ الترابط السببي للأحداث أو مايُعرف بعملية البناء المنطقي للقصة،وهكذا فبينما يركز الجانب الأول في الدراسة المتعلق بأسس بناء السوجيييه علي الإجابة عن سؤال (ماالذي يجري وماذا حدث بعد ذلك؟) يهتم الجانب الأخر المتعلق بتركيبة الفابيولا بطرح سؤال لايقل أهميةً عن سابقهِ وهو (لماذا يحدث كل ذلك وكيف يحدث؟).في مقام الحكاية/الرؤية الجمالية للواقعإذا إستصحبنا الرؤية الجمالية لكاتب عظيم مثل مارسيل بروست في حديثه حول دور الحكاية في العمل الأدبي والتي تقوم علي محاولة الربط بين الكتابة والذاكرة بإعتبار أن فعل الحكي يتغذي بصورة مباشرة من فعل التذكر وإذا سلمنا بأن مهمة الفنان تتمثل بصورة أساسية في الكشف عن جوهر الكائنات والموجودات إنطلاقاً من تشكلاتها وتمثلاتها في الذاكرة،فإننا نستطيع أن ندرك وبسهولة أن عملية بناء العالم السردي تعتمد بصورة أساسية علي مسألة إنتاج الصور التخييلية المرتبطة بالواقع المعاش،ولكن ليكن واضحاً هنا أيضاً ووفقا لتصور بروست نفسه الذي ورد علي لسان جيرار جينيت أن مهمة العمل الفني في جميع الأحوال ليست هي مجرد عرض لواقع معطي أو التعبير عن أفكار مسبقة،بل إنها تعني إعادة خلق الواقع عبر نقله إلي حيزِ اخر هو حيز الخيال والتصورات والتعبيرات والمجازات والأساليب التي تسهم بالدفع بهذا الواقع نحو فضاء جمالي أكثر رحابةً. (5)إننا خلال هذه الدراسة نستند إلي هذا المفهوم حول الحكاية كمدخل لدراسة الأسس البنائية في نص (كشاكش علي ثوب الشفق) حيث نحاول فحص التخييل عبر هذه الرؤية التي تجعل من الحكاية داخل النص السردي بناءاً تخيلييا لاينقل الواقع كصورة فوتغرافية ولكنه يمنح هذا الواقع حيوية ودينمايكية تسهم في قراءته قراءةً جماليةً أكثر نضجاً.4-يان مانفريد-علم السرد-مدخل الي نظرية علم السرد، ترجمة أماني ابورحمة،دار نينوي للطباعة والنشر-2011 –ص.575-جيرار،جينيه-خطاب الحكاية-بحث في المنهج-ترجمة محمد معتصم وأخرون-الهيئة العامة للمطابع الأميرية-ص.8ولعله من المفيد هنا ومع تبنينا لرأي مارسيل بروست حول مفهوم الحكاية،أن ننزع خلال محاولتنا لتحليل البنية السردية لنصوص هذه المجموعة القصصية إلي جملة أليآت بعينها من بينها علي سبيل المثال فحص خطاب السارد Narrator’s Discourse في مقابل وصف خطابات الشخصيات characters’ discourse فهذه المسألة من شأنها أن تلعب دوراً كبيراً إلي جانب عوامل أخري في إلقاء الضوء علي بناء الأحداث والمواقف السردية وإستكشاف الطريقة التي قام الكاتب من خلالها بتحبيك الاحداث ولكننا لن نغفل بالطبع دور عوامل أخري مثل الصيغ السردية للزمن ،وعليه فإننا سوف نقوم في المحور التالي بمحاولة دراسة وتحليل الحدث وأليآت بنائه في القصة التي نحن بصددها قبل أن نتحول إلي إستعراض مختلف الصيغ الزمنية للحدث السردي التي إستخدمها المؤلف في (كشاكش علي ثوب الشفق) لنري كيف ساهمت هذه الصيغ في تخليق (الفابيولا) وتماسك النسيج السردي. حول بناء الحدث:يمكن النظر إلي الحدث السردي علي ضوء ما ذهب إليه ناقد كبير مثل (يان مانفريد) وذلك علي أساس أنه يمثل سلسلةً من الوقائع التي تمثل خط القصة السردي بينما يشير مفهوم أخر لايقل أهمية وهو وحدة الفعل Narreme الي الوحدة السردية التي تقوم بمثابة الجذر الرئيسي أو النواة الأساسية في مجمل البنية السردية. (6)في مجموعة (كشاكش علي ثوب الشفق) يمكن ملاحظة أن القصص تنهض بدرجة متفاوتة وفق التصور التقليدي القائم علي البنية الهيكلية المعروفة للحدث والتي تسمي بالحلقة أو الواقعة episode وهي التي تتناسل عبرها الاحداث وتتابع عبر وحدات فعلية تتكون من ثلاثة أجزاء رئيسية هي:العرض أو الإيضاح والتعقيد ثم الإنحلال ويتطلب البناء خلال هذه المراحل الثلاث وجود مايعرف بالحدث الصاعد rising action الذي يأخذ الأحداث بإتجاه الذروة climax والحدث الساقط أو المنحدر Falling action وهو الذي يأخذ القصة بإتجاه مرحلتها النهائية المعروفة بالإنحلال. وبالرغم من أن القاص (شاذلي شقاق) يلتزم بهذه الهيكلة في غالب نصوص المجموعة إلا أننا نراه أيضا يحاول أن يحدث بعض الإختراقات التجريبية فيما يتعلق بتراتبية الحدث في عدد من النصوص فحينما ننظر مثلاً في النص الذي تتسمي المجموعة بإسمه وهو (كشاكش علي ثوب الشفق) نراه يقوم خلال مرحلة الإيضاح أو العرض بالكشف عن الحدث الإبتدائي وهو يتعلق بظهور شخصية البطل الرئيسي (فروقات) علي مسرح الحدث ملقياً الضوء عليها كشخصية متشظية دفعت بها ظروف الحرب الأهلية نحو مكان تخييلي أسماه الكاتب (سوق جهنم) ونحن لانعرف شيئاً عن هوية البطل الممزقة إلا حينما ينتقل الكاتب من مشاهد العرض الأولية ليجعل الشخصية نفسها تتداعي قائلةً:(الفريق كلو حرقوه..عدموه طافي النار..الحلة جت ماتت..في ناس كتلوهم بالذخيرة وناس ضبحوهم متل الخرفان.)(7) هنا ينتقل الكاتب من مشاهد العرض الإبتدائية لينقل حدثاً أولياً في القصة يتعلق بالكيفية التي ظهر فيها البطل علي مسرح الأحداث فنعرف أنه وافد من مناطق النزاعات وأنه منغمس في هيجاناته ضد المصير الذي أسلمته إليه الحرب.7- شقاق ،شاذلي(كشاكش علي ثوب الشفق) –الشركة السودانية للهاتف السيار -2020 وإذا كان بناء الحدث لاينفك عن الشخصية ولايمكن تصور وجود حدث سردي في غياب الشخصية التي تقوم بالفعل وتحرك الأحداث،فإننا مضطرون بالطبع خلال محاولتنا فحص بناء الأحداث إلي أن نتلمس بناء الشخصية أيضا لنري كيف ساهمت في تخليق الوقائع داخل النص فعنصري الحدث والشخصية متداخلان interrelated ولا إنفصام لعراهما الوثيقة.إن خط القصة الإبتدائي تجترحه شخصية (فروقات) وهي تظهر كذات متشظية،ممزقة،حانقة،مندفعة نحو الإنتقام بدرجة كبيرة وهي تعاني فوضي الإضطرابات النفسية حيث نري البطل متخندقاً في غالب الوقت خلف مدفعه الزائف الذي يوجه فوهته نحو الجميع حتي لايقتحموا أسوار مملكته البائسة وهذه الحالة من الخوف المرضي أو مايعرف بالفوبيا لاتتعلق إلا بالصدمة النفسية العميقة التي تعرض لها (فروقات) أو(عبد الكافي) إبان الإبادة الجماعية التي وقعت لبلدته قبل أن ينجو بجلده فاراً نحو العاصمة وهكذا يمكن بصورة عامة إعتبار اللحظة التي برز فيها البطل وهو يتبوأ مكانه في سوق(جهنم) وسط حشود اللاجئين والمهمشين والنازحين هي اللحظة التأسيسية الأولي لسوجييه النص ثم تأخذ الأحداث بالتصاعد عبر مشاهد تمثيليية يصور فيها السارد رفيقة للبطل إسمها(جلكسات) تعمل في بيع الشاي ويرتبط هذا المشهد التمثيلي نفسه بدرجة كبيرة بأحد زبائن (جلكسات) ولايمنحه الكاتب إسماً لكنه يصفه بأنه ولد ناحل ذو شعر مسترسل وأنه كان يفرغ حمولة من جوالات الفحم بالقرب من هيكل ناقلة مقلوبة ويدس وسطها جوالا من الخيش معباءاً بالحشيش وهكذا نتعرف إلي بيئة المكان الذي تجري فيه الأحداث فهو مكان تروج فيه الممنوعات ويغوص في ظلام الجريمةِ الحالك.وإذا إعتبرنا أن الحدث الإبتدائي في القصة تمثله تلك اللحظة التي شرّف فيها (فروقات) سوق جهنم مجاوراً لشخصياتٍ أخري من بينها شخصية(جلكسات)، فإنه يمكن إعتبار الواقعة التمثيلية التي ظهرت فيها شخصية الولد الناحل وهو يخبيء واردات الكيف الحرام تحت هيكل السيارة المهمل علي أساس أنها تمثل المرحلة الثانية في بناء الحدث وهي مرحلة التعقيد التي يعقبها مباشرةً مرحلة الذروة وتمثله اللحظة التي داهمت فيها الشرطة المكان كي تلقي القبض بتاجر المخدرات وصولاً لما يعرف بالمرحلة النهائية التي يلقي فيها البطل مصرعه بطريقة درامية متأثراً بقصف النيران المتبادل بين الولد الناحل مروج المخدرات وبين ورجال الشرطة حينما يقتحم الولد مسكن (فروقات ) البائس ويتحصن به وهو يطلق النيران بإتجاه رجال المباحث.يقول السارد في المشهد الختامي للقصة واصفا (فروقات) المضرج بدمائه:(هاهو ينكفيء علي مدفعه الخشبي،خارج الخندق جاحظ العينين في وضعية الإشتباك ميمماً وجهه شطر القمر ويموت بجانب كلبتهِ الرؤوم)(8)أجاد الكاتب وصف الوقائع التي أفضت نحو الخاتمة Denouement بطريقة عرض مسرحي متقن ظهرت من خلاله الواقعة الرئيسية المختارة لبدء خط الحدث الرئيسي أو ما يعرف بنقطة الهجوم point of attack وهي محتشدة بلقطات تعبيرية إستباقية رائعة قادت بسلاسة نحو خاتمة النص فرأينا كيف أن صراع البطل الأساسي الموجه ضد الحياة لاينحل إلا بالموت و التخلص من الحياة نفسها.8/ مصدر سابق الصيغ السردية للزمن:إن عملية تحديد الصيغ الزمانية للسرد تعتمد بشكل أساسي كما أشار إلي ذلك يآن مانفريد وأخرين علي تحديد لحظة الخطاب الأنية في القصة(الخطاب-الان او اللحظة الأنية التي يتحدث فيها السارد) بإعتبارها المنطلق الذي تتحدد عبره إتجاهات الزمن سواء كان ماضيا ام حاضرا وبالتالي فان بوصلة الأحداث في أي خطاب سردي لايمكن أن ترتبط إلا بالزمن الداخلي للقصة.تتراوح الصيغ السردية الدالة علي زمن الفعل في (كشاكش علي ثوب الشفق) بصورة عامة بين صيغتين أساسيتين تؤشران نحو زمن الفعل وهما السرد الماضي والسرد الحاضر وقد أظهر الكاتب بشكل عام براعة هائلة في إستخدام هاتين الصيغتين ويمكن إلتماس هذا الأمر ليس فقط في هذا النص المشار إليه هنا وإنما في غالب نصوص المجموعة القصصية ويجب أن نشير هنا أيضا إلي أننا نري السارد في بعض الأحيان وهو ينتقل من صيغة زمانية إلي صيغة زمانية أخري حسب مقتضي السياق السردي.سنحاول هنا إلقاء الضوء وبشكل أساسي علي تناوب صيغتي الماضي والحاضر كما إستخدمهما الكاتب في النص وذلك من أجل الوقوف علي الدور الذي لعبته كلتا الصيغتين لخدمة أغراض وظيفية متعددة خاصة بالفابيولا و بدرجة تماسكها ويمكن أن نشير هنا علي وجه التحديد إلي هاتين الصيغتين بتعبيرين مستلفين من أدبيات علم السرد وهما العمليات السردية الإستعادية retrospective narration وهذه هي العمليات التي تنتج نصا سرديا في صيغة الماضي في إزاء العمليات السردية التزامنية concurrent narrationالتي ينجم عنها خطابا سرديا في لحظة الراهن أو الحاضر.العمليات السردية الإستعادية Retrospective narration تجري غالب الأحداث في نص (كشاكش علي ثوب الشفق) علي نسق الفعل الماضي وتتلاحم هذه الاحداث عبر سلسلة من أدوات الربط البنائية التي تنقل الحدث من مستوي التاريخ إلي مستوي الحاضر فالأفعال تستمد حيويتها من خلال الإحالة إلي واقعة سبقت لحظة القص نفسها وتركت أثراً في مجريات الوقائع التزامنية التي تدور في فضاء الواقع الراهن بالنسبة للقصة.لاحاجة بنا هنا إلي تقرير حقيقة مفادها أن زمن الفعل الماضي هو الزمن الطبيعي لسرد أي حكاية فمنذ أن إنخرط البشر في بناء السرديات كانوا ينسجون قصصهم علي شاكلة حدث سابق علي زمن الخطاب (كان ياما كان....) ولكن التركيز علي صيغة الماضي وحدها يجعل القصة تجري علي سبيل الإخبار فقط telling دون أن تضفي ديناميكية كبيرة علي الحكاية حين يلتفت السارد الي الزمن الحاضر فيجعل القاريء يتلمس فضاء النص ويري الشخصيات تتحرك فيه ببراعة وهي تضجُ بالحركة وتذخرُ بالحياة.إن إستخدام صيغة الفعل الماضي في نص (كشاكش ..) يبدو علي درجة عالية من مستوي الاحترافية اللغوية للكاتب فقد بدت هذه الأفعال متسقة وعلي درجة عالية من الإنسجام فيما بينها من حيث الخصائص التعبيرية وإحالاتها الدلالية حيث يؤشر كل فعل سابق بإتجاه الفعل اللاحق فلايقع نشاز كبير ترابط المعاني ويمكننا هنا إيراد بعض الشواهد حيث يستخدم الكاتب الأفعال التالية لوصف المشهد الإفتتاحي للقصة :(إختبر مسنده...نظف خندقه جيداً..يمم وجهه شطر الشمال..أنبطح علي بطنهِ..أنام قدميه المتشققتين علي جنبيهما مثل زعانف سمكة سابحة ..توأمت أسماله البالية مع شعره الأشعث مع فراشه ....)إن الأفعال المستخدمة هنا وهي كلها علي صيغة بناء الفعل الماضي (إختبر..نظف..يمم..إنبطح..أنام) تأتي في سياق الوصف الظاهري للشخصية وللحدث وهي منتقاة بطريقة تجعلها تؤشر بشكل عميق نحو حالة الشخصية في تلك اللحظة التي ظهر فيها وهو يهيء مخدعه في مكانٍ رزيء ومنعزل لايصلح لسكن الآدميين فجملة مثل (أنام قدميه) تختزل معني المعاناة في مقابل (أراح قدميه) وتوحي بأن البطل كان يحاول أن (يتناوم) لا أن(ينوم) أي أنه كان يحاول أن يصطنع النوم بشكل ما لأن الظروف التي يوجد فيها والبيئة التي تحيط بالمكان لايمكن علي الإطلاق أن تجعل النوم عمليةً طبيعية تجري بكل سهولةٍ ويسر مثلما هو الحال حينما يضجع الإنسان العادي علي سريرهِ.توظف هذه الصيغة الزمانية لخدمة مايعرف باللازمية المنطقية للأحداث حيث يقوم المنطق الداخلي للنص علي محاولة عرض الأحداث من خلال كرونولجية (ترتيب تاريخاني متتابع) تمسك فيه الوقائع برقاب بعضها البعض في رحلتها من الماضي إلي الحاضر فتجعل كل شيء داخل النص عبارة عن سبب ومسبب –حدث ونتيجة cause and effect فلاشيء ينهض منبتاً عن مجموع الأحداث التي تترابط في وحدة دياليكتية يكون فيها الشيء سبباً في وقوع شيء أخر وهو نفسه عرض لسببٍ أخر.العمليات السردية التزامية Concurrent Narrationإذا كانت العمليات الاستباقية تقوم ببناء الأحداث في خط بياني يبدأ من لحظةٍ صفرية إفتراضية معينة،فإن الأحداث التزامنية من جهة أخري تأتي داخل سياق اللحظة الزمنية الحاضرة للقص لتضفي بعداً أخر يتعلق بإشراك المتلقي في العملية السردية فتوقعه في غواية العرض الدرامي وتستبقيه في الإطار الزماني الحالي للأحداث فيلج عالم الشخصيات كأنما يشاهد عرضاً سينامائياً لايشير إلي الماضي إلا كعلامة دالة نحو الحاضر وبهذه الطريقة يستطيع للكاتب أن يكرس عملية الحضورpresence كسمة تخييلية لعمله السردي من خلال تركيزه علي هذا النمط الفعال للعمليات السردية والمعروف بالعمليات التزامنية. في نص (كشاكش علي ثوب الشفق) لايبدو الحاضر منبتاً عن الماضي ولايلتفت الصوت السردي من الماضي إلي فضاء الراهن بصورة عشوائية غير متزنة فعملية الإنتقال تتأسس بناءاً علي منطقية الحدث نفسها وعلي درجة ملاءمة صيغة الزمن الحاضر لأغراض خطاب السارد وخطاب الشخصيات، فلننظر مثلاً إلي النموذج التالي لنري كيف أبدع المؤلف في رسم المشهد التالي لخطاب الشخصية في مقدمة النص وقد سبق إيراده هنا وهو خطاب يضيء ويكشف تاريخ البطل القادم من مناطق النزوح،وفي المشهد التالي مباشرة ينتقل الصوت السردي من صيغة الماضي الي صيغة الحاضر فيقول:(ثم يلقي جسده النحيل داخل الخندق وهو يرسل بغضب ماحق عبوات ناسفة من المدفع 41 تجاه الأعداء أبناء الزواني الخائبين أو كما يقول وسط نيرانه وقعقعة المدفع حتي يبح صوته وتسيل عيناه وأنفه.)إن عملية الإلتفات أو التحول من زمن سردي إلي أخر tense switch تجري هنا عندما يتولي الراوي كلي المعرفة الحديث عن البطل(فروقات) والذي كان يتحدث في المقطع الذي سبقت الإشارة إليه مستخدماً صيغة الماضي (الفريق كلو حرقوه..عدموه طافي النار..) فعندما يتوقف البطل عن الحديث وينقطع سيل تداعياتهِ يأتي السارد لينقل لنا وصفه لحال الشخصية ولكن من خلال زمن الحاضر ويستخدم لهذا الغرض الفعل المضارع (يلقي..يرسل..يقول...إلخ) وهي أفعال وإن كانت ذات قيمة تقريرية وإخبارية عالية،إلا أنها تجعل المتلقي يستمتع بسينمائية المشهد من خلال الحركة الحرة للشخصية داخل فضاء النص وتلقي الضوء علي الجوانب المعتمة في حياة البطل وتسهم في عملية البناء النفسي للشخصية إلي حد بعيد.وتظل الأحداث هكذا تتأرجح بين نزعة ماضوية يستدعي فيها السارد تاريخ الشخصية وبين إلتفاتة نحو الحاضر يحاول فيها أن يكسر رتابة الحكاية ويقيم جسراً من التواصل الحميم مع المتلقي ليوقعه أيضا في ورطة صناعة الأحداث والمشاهد وكأنما الزمن الحاضر في القصة يعفي الكاتب عن جزء كبير من مسؤوليته تجاه الشخصية الورقية التي قام بنسجها من الخيال المحض فهو يتحول من مهمة الإخبار الذي يحتمل الصدق أو الكذب إلي تقرير وعرض الحال الماثل فكأنما يريد أن يقول لنا كمتلقين للحكاية أنظروا لستُ أنا من ينقلُ لكم شيئاً منتحلاً عن هذا الكائن ولكنه هكذا يسلك أمامكم وهكذا يتصرف وهكذا يشعر دون زيادةٍ أو نقصان.!خاتمة:لعلنا بحاجة إلي مزيد من البحث والإستقصاء لفحص البنائيات الخاصة بتكوين السرد –السوجييه والخطاب السردي –الفابيولا في نص (كشاكش علي ثوب الشفق) فماتزال هناك كثير من المناطق المعتمة التي ينبغي التصدي لها مثل إستكشاف مختلف اشكال الصيغ السردية التي لم تتم الإشارة إليها هنا بالاضافة الي المقاربة بين عمليتي الوصف description والتعليق comment حيث تتضمن العملية الأولي وصف الظروف الزمكانية التي تتابع فيها الأحداث بينما يتعلق المفهوم الذي تشير إليه العملية الثانية بمسألة تعليق السارد علي الشخصية والحدث وعلي فعل التسريد بشكل عام.لقد إخترنا تناول قصة (كشاكش علي ثوب الشفق) كنموذج تطبيقي لأنها تمثل نصا مركزيا بالنسبة لباقي نصوص المجموعة ولكن ثمة نصوص أخريات ينحو فيها الكاتب بإتجاه خلق أشكال وأساليب مغايرة للخطاب السردي تشكل فتحاً عظيماً في البنية السردية للقصة القصيرة المعاصرة ونري أن ينبري لدراستها وفحصها نقادنا وباحثينا في دراساتهم اللاحقة. هوامشGeorgeakopoulos, Alexandra (2016). Narratives, Language &Creativity. The Open University press-London-فيلان،جيمس نظريات السرد-مفاهيم أساسية ومناظرات نقدية- ترجمة د.أحمد نضال منصور-دار جامعة الملك سعود للنشر-2020 يان مانفريد-علم السرد-مدخل الي نظرية علم السرد، ترجمة أماني ابورحمة،دار نينوي للطباعة والنشر-2011 –- جيرار،جينيه-خطاب الحكاية-بحث في المنهج-ترجمة محمد معتصم وأخرون-الهيئة العامة للمطابع الأميرية-شقاق ،شاذلي(كشاكش علي ثوب الشفق) –الشركة السودانية للهاتف السيار -2020(مجموعة قصصية حائزة علي جائزة الطيب صالح الع
/ وقد دأب الباحثون الغربيون علي تكريسِ هيمنة هذين المصطلحين الأخريين علي قاموس الدراسات السردية لردحٍ من الزمان حتي سيطرا بدرجة كبيرة علي التفكير النقدي في الوقت الذي غدت فيه مفردتا الفابيولا والسوجيه تقبعان في هوامش لغة البحث العلمي رغم حداثتهما النسبية .
تذكر الناقدة والباحثة الأكاديمية المعروفة الكسندرا جيوركاوبيلو (في هذا الصدد أن ناقداً كبيراً مثل (جاتمان) كان قد قام بنقل هاتين المفردتينِ إلي حقل الدراسات السردية في العالم الغربي ودشن إستعمالها في إحدي مؤلفاتهِ التي صدرت في العام 1990 للتدليل بصورةٍ مباشرة علي هيكلية النص السردي والذي تمثل الحكاية محتواه الرئيس وذلك بإزاءِ أمرٍ أخر يتعلق بالطرائق الخاصة التي تُعرض من خِلالها الحكاية ، وبعبارةٍ أخري فإن مفردة (السوجييه) وبحسب منظري السرديات في أوربا الشرقية ترتبط في الغالب بمفهوم الحكاية المراد التعبير عنها وهي تستخدم بشكل محدد للإشارة إلي مجمل الأحداث السردية بوصفها بناءاً معمارياً مترابطاً تتم هندسته وفق ديناميات نصية متعددة، بينما يشير المصطلح الأخر وهو الفابيولا من جهةٍ اخري إلي الطريقة التي يتم من خلالها التعبير عن الحكاية أو الأحدوثة داخل النص. وحتي لانقع في فوضي مفاهيمية تتعلق بفخ المصطلحات التي من شأنها أن تقودنا في نهاية الأمر إلي عملية إرتباك منهجي ،فسنحاول هُنا ولأغراض هذه الدراسة أن نبتعد عن التعريفات الشائكة التي قدمت في مقام التعريف بهذين المصطلحين من قبل كثيرٍ من الباحثين في هذا المجال فرأينا أن نقتصر علي بعض التعريفات المعيارية الأكثر إنضباطاً ومن بينها تعريف الباحثة (الكسندرا جيوركاوبيلو) والذي يتوافق إلي حدٍ بعيد مع تعريف أخر قدمه الناقد والباحث الأكاديمي (جيمس فيلان) وهو أحد كِبار منظري علم السرديات في الولايات المتحدة والذي يشير بوضوح تام إلي أن مفهوم (الفابيولا) يتعلق بالدرجةِ الأولي بموضوع التسلسل الزماني للأحداث والطريقة التي تتقدم بها داخل النص السردي وهذا هو نفس المفهوم الذي تم التعبير عنه في معظم كلاسيكيات النقد الأنجلو-أميركي بما يعرف بالحبكة plot،فيما يشير المصطلح الأخر وهو السوجييه حسب تصور (فيلان) إلي مجمل النص القصصي،وبهذا المعني فإن المصطلحين يماثلان بدرجةٍ كبيرةٍ ما أتفق علي تسميته في أدبيات المدرسة الغربية بالسرد Narratives في مقابل الخطاب السردي Narrative discourse كما سبقت الإشارة إلي ذلك آنِفاً. (2)
(1/Georgeakopoulos, Alexandra (2016). Narratives, Language &Creativity. The Open University press-London-p.202/ فيلان،جيمس (2020) نظريات السرد-مفاهيم أساسية ومناظرات نقدية-دار جامعة الملك سعود)
وتأسيساً علي ما سبق،فإنه يمكن النظر بشكل عام إلي النص السردي وبحسب منطق علم سرد الخطاب discourse narratology علي أساس أنه بنية سيمائية تتكون من دال ومدلول،فالدال هنا هو طريقة العرض أما المدلول فهو القصة أو الحكاية (تتابع الأفعال) وذلك علي ضوء ماذهب إليه عالم السرديات المعروف مانفريد وهو بلا أدني شك يستند في هذا المنحي إلي الإرث النقدي للسرديات الذي أُستوحي من تنظيرات فرديناند دي سوسير منشيء النظرية البنيوية في علم اللغة(4)إن القضية الجوهرية التي نرمي إلي معالجتها خلال هذه الدراسة تتعلق بكيفية توظيف المفاهيم النقدية المرتبطة بكلا المصطلحين المشار إليهما والإفادة منهما بشكل عملي وتطبيقي في دراسة وتشريح نص (كشاكش علي ثوب الشفق) للكاتب شاذلي شقاق وهو النص الذي تتسمي بإسمه مجموعته الحائزة علي جائزة الطيب صالح للإبداع الكتابي في العام 2020 وذلك من خلال تركيزنا علي مستويين أساسيين في عملية التواصل السردي وهما مستوي بناء الوقائع والأحداث القائم علي أساس وحدة الفعل السردي Narreme وهو المستوي الذي سنقوم من خلاله بفحص قضية التسلسل الزماني للأحداث في مجموعة الكاتب القصصية ومحاولة ربطها بمبدأ أخر ذي صلة وهو قابلية القصة نفسها للإخبار tellability ،أما علي صعيد المستوي الأخر فإننا سوف نُعني بالدرجة الأولي بمسألةٍ الترابط السببي للأحداث أو مايُعرف بعملية البناء المنطقي للقصة،وهكذا فبينما يركز الجانب الأول في الدراسة المتعلق بأسس بناء السوجيييه علي الإجابة عن سؤال (ماالذي يجري وماذا حدث بعد ذلك؟) يهتم الجانب الأخر المتعلق بتركيبة الفابيولا بطرح سؤال لايقل أهميةً عن سابقهِ وهو (لماذا يحدث كل ذلك وكيف يحدث؟).في مقام الحكاية/الرؤية الجمالية للواقعإذا إستصحبنا الرؤية الجمالية لكاتب عظيم مثل مارسيل بروست في حديثه حول دور الحكاية في العمل الأدبي والتي تقوم علي محاولة الربط بين الكتابة والذاكرة بإعتبار أن فعل الحكي يتغذي بصورة مباشرة من فعل التذكر وإذا سلمنا بأن مهمة الفنان تتمثل بصورة أساسية في الكشف عن جوهر الكائنات والموجودات إنطلاقاً من تشكلاتها وتمثلاتها في الذاكرة،فإننا نستطيع أن ندرك وبسهولة أن عملية بناء العالم السردي تعتمد بصورة أساسية علي مسألة إنتاج الصور التخييلية المرتبطة بالواقع المعاش،ولكن ليكن واضحاً هنا أيضاً ووفقا لتصور بروست نفسه الذي ورد علي لسان جيرار جينيت أن مهمة العمل الفني في جميع الأحوال ليست هي مجرد عرض لواقع معطي أو التعبير عن أفكار مسبقة،بل إنها تعني إعادة خلق الواقع عبر نقله إلي حيزِ اخر هو حيز الخيال والتصورات والتعبيرات والمجازات والأساليب التي تسهم بالدفع بهذا الواقع نحو فضاء جمالي أكثر رحابةً. (5)إننا خلال هذه الدراسة نستند إلي هذا المفهوم حول الحكاية كمدخل لدراسة الأسس البنائية في نص (كشاكش علي ثوب الشفق) حيث نحاول فحص التخييل عبر هذه الرؤية التي تجعل من الحكاية داخل النص السردي بناءاً تخيلييا لاينقل الواقع كصورة فوتغرافية ولكنه يمنح هذا الواقع حيوية ودينمايكية تسهم في قراءته قراءةً جماليةً أكثر نضجاً.4-يان مانفريد-علم السرد-مدخل الي نظرية علم السرد، ترجمة أماني ابورحمة،دار نينوي للطباعة والنشر-2011 –ص.575-جيرار،جينيه-خطاب الحكاية-بحث في المنهج-ترجمة محمد معتصم وأخرون-الهيئة العامة للمطابع الأميرية-ص.8ولعله من المفيد هنا ومع تبنينا لرأي مارسيل بروست حول مفهوم الحكاية،أن ننزع خلال محاولتنا لتحليل البنية السردية لنصوص هذه المجموعة القصصية إلي جملة أليآت بعينها من بينها علي سبيل المثال فحص خطاب السارد Narrator’s Discourse في مقابل وصف خطابات الشخصيات characters’ discourse فهذه المسألة من شأنها أن تلعب دوراً كبيراً إلي جانب عوامل أخري في إلقاء الضوء علي بناء الأحداث والمواقف السردية وإستكشاف الطريقة التي قام الكاتب من خلالها بتحبيك الاحداث ولكننا لن نغفل بالطبع دور عوامل أخري مثل الصيغ السردية للزمن ،وعليه فإننا سوف نقوم في المحور التالي بمحاولة دراسة وتحليل الحدث وأليآت بنائه في القصة التي نحن بصددها قبل أن نتحول إلي إستعراض مختلف الصيغ الزمنية للحدث السردي التي إستخدمها المؤلف في (كشاكش علي ثوب الشفق) لنري كيف ساهمت هذه الصيغ في تخليق (الفابيولا) وتماسك النسيج السردي. حول بناء الحدث:يمكن النظر إلي الحدث السردي علي ضوء ما ذهب إليه ناقد كبير مثل (يان مانفريد) وذلك علي أساس أنه يمثل سلسلةً من الوقائع التي تمثل خط القصة السردي بينما يشير مفهوم أخر لايقل أهمية وهو وحدة الفعل Narreme الي الوحدة السردية التي تقوم بمثابة الجذر الرئيسي أو النواة الأساسية في مجمل البنية السردية. (6)في مجموعة (كشاكش علي ثوب الشفق) يمكن ملاحظة أن القصص تنهض بدرجة متفاوتة وفق التصور التقليدي القائم علي البنية الهيكلية المعروفة للحدث والتي تسمي بالحلقة أو الواقعة episode وهي التي تتناسل عبرها الاحداث وتتابع عبر وحدات فعلية تتكون من ثلاثة أجزاء رئيسية هي:العرض أو الإيضاح والتعقيد ثم الإنحلال ويتطلب البناء خلال هذه المراحل الثلاث وجود مايعرف بالحدث الصاعد rising action الذي يأخذ الأحداث بإتجاه الذروة climax والحدث الساقط أو المنحدر Falling action وهو الذي يأخذ القصة بإتجاه مرحلتها النهائية المعروفة بالإنحلال. وبالرغم من أن القاص (شاذلي شقاق) يلتزم بهذه الهيكلة في غالب نصوص المجموعة إلا أننا نراه أيضا يحاول أن يحدث بعض الإختراقات التجريبية فيما يتعلق بتراتبية الحدث في عدد من النصوص فحينما ننظر مثلاً في النص الذي تتسمي المجموعة بإسمه وهو (كشاكش علي ثوب الشفق) نراه يقوم خلال مرحلة الإيضاح أو العرض بالكشف عن الحدث الإبتدائي وهو يتعلق بظهور شخصية البطل الرئيسي (فروقات) علي مسرح الحدث ملقياً الضوء عليها كشخصية متشظية دفعت بها ظروف الحرب الأهلية نحو مكان تخييلي أسماه الكاتب (سوق جهنم) ونحن لانعرف شيئاً عن هوية البطل الممزقة إلا حينما ينتقل الكاتب من مشاهد العرض الأولية ليجعل الشخصية نفسها تتداعي قائلةً:(الفريق كلو حرقوه..عدموه طافي النار..الحلة جت ماتت..في ناس كتلوهم بالذخيرة وناس ضبحوهم متل الخرفان.)(7) هنا ينتقل الكاتب من مشاهد العرض الإبتدائية لينقل حدثاً أولياً في القصة يتعلق بالكيفية التي ظهر فيها البطل علي مسرح الأحداث فنعرف أنه وافد من مناطق النزاعات وأنه منغمس في هيجاناته ضد المصير الذي أسلمته إليه الحرب.7- شقاق ،شاذلي(كشاكش علي ثوب الشفق) –الشركة السودانية للهاتف السيار -2020 وإذا كان بناء الحدث لاينفك عن الشخصية ولايمكن تصور وجود حدث سردي في غياب الشخصية التي تقوم بالفعل وتحرك الأحداث،فإننا مضطرون بالطبع خلال محاولتنا فحص بناء الأحداث إلي أن نتلمس بناء الشخصية أيضا لنري كيف ساهمت في تخليق الوقائع داخل النص فعنصري الحدث والشخصية متداخلان interrelated ولا إنفصام لعراهما الوثيقة.إن خط القصة الإبتدائي تجترحه شخصية (فروقات) وهي تظهر كذات متشظية،ممزقة،حانقة،مندفعة نحو الإنتقام بدرجة كبيرة وهي تعاني فوضي الإضطرابات النفسية حيث نري البطل متخندقاً في غالب الوقت خلف مدفعه الزائف الذي يوجه فوهته نحو الجميع حتي لايقتحموا أسوار مملكته البائسة وهذه الحالة من الخوف المرضي أو مايعرف بالفوبيا لاتتعلق إلا بالصدمة النفسية العميقة التي تعرض لها (فروقات) أو(عبد الكافي) إبان الإبادة الجماعية التي وقعت لبلدته قبل أن ينجو بجلده فاراً نحو العاصمة وهكذا يمكن بصورة عامة إعتبار اللحظة التي برز فيها البطل وهو يتبوأ مكانه في سوق(جهنم) وسط حشود اللاجئين والمهمشين والنازحين هي اللحظة التأسيسية الأولي لسوجييه النص ثم تأخذ الأحداث بالتصاعد عبر مشاهد تمثيليية يصور فيها السارد رفيقة للبطل إسمها(جلكسات) تعمل في بيع الشاي ويرتبط هذا المشهد التمثيلي نفسه بدرجة كبيرة بأحد زبائن (جلكسات) ولايمنحه الكاتب إسماً لكنه يصفه بأنه ولد ناحل ذو شعر مسترسل وأنه كان يفرغ حمولة من جوالات الفحم بالقرب من هيكل ناقلة مقلوبة ويدس وسطها جوالا من الخيش معباءاً بالحشيش وهكذا نتعرف إلي بيئة المكان الذي تجري فيه الأحداث فهو مكان تروج فيه الممنوعات ويغوص في ظلام الجريمةِ الحالك.وإذا إعتبرنا أن الحدث الإبتدائي في القصة تمثله تلك اللحظة التي شرّف فيها (فروقات) سوق جهنم مجاوراً لشخصياتٍ أخري من بينها شخصية(جلكسات)، فإنه يمكن إعتبار الواقعة التمثيلية التي ظهرت فيها شخصية الولد الناحل وهو يخبيء واردات الكيف الحرام تحت هيكل السيارة المهمل علي أساس أنها تمثل المرحلة الثانية في بناء الحدث وهي مرحلة التعقيد التي يعقبها مباشرةً مرحلة الذروة وتمثله اللحظة التي داهمت فيها الشرطة المكان كي تلقي القبض بتاجر المخدرات وصولاً لما يعرف بالمرحلة النهائية التي يلقي فيها البطل مصرعه بطريقة درامية متأثراً بقصف النيران المتبادل بين الولد الناحل مروج المخدرات وبين ورجال الشرطة حينما يقتحم الولد مسكن (فروقات ) البائس ويتحصن به وهو يطلق النيران بإتجاه رجال المباحث.يقول السارد في المشهد الختامي للقصة واصفا (فروقات) المضرج بدمائه:(هاهو ينكفيء علي مدفعه الخشبي،خارج الخندق جاحظ العينين في وضعية الإشتباك ميمماً وجهه شطر القمر ويموت بجانب كلبتهِ الرؤوم)(8)أجاد الكاتب وصف الوقائع التي أفضت نحو الخاتمة Denouement بطريقة عرض مسرحي متقن ظهرت من خلاله الواقعة الرئيسية المختارة لبدء خط الحدث الرئيسي أو ما يعرف بنقطة الهجوم point of attack وهي محتشدة بلقطات تعبيرية إستباقية رائعة قادت بسلاسة نحو خاتمة النص فرأينا كيف أن صراع البطل الأساسي الموجه ضد الحياة لاينحل إلا بالموت و التخلص من الحياة نفسها.8/ مصدر سابق الصيغ السردية للزمن:إن عملية تحديد الصيغ الزمانية للسرد تعتمد بشكل أساسي كما أشار إلي ذلك يآن مانفريد وأخرين علي تحديد لحظة الخطاب الأنية في القصة(الخطاب-الان او اللحظة الأنية التي يتحدث فيها السارد) بإعتبارها المنطلق الذي تتحدد عبره إتجاهات الزمن سواء كان ماضيا ام حاضرا وبالتالي فان بوصلة الأحداث في أي خطاب سردي لايمكن أن ترتبط إلا بالزمن الداخلي للقصة.تتراوح الصيغ السردية الدالة علي زمن الفعل في (كشاكش علي ثوب الشفق) بصورة عامة بين صيغتين أساسيتين تؤشران نحو زمن الفعل وهما السرد الماضي والسرد الحاضر وقد أظهر الكاتب بشكل عام براعة هائلة في إستخدام هاتين الصيغتين ويمكن إلتماس هذا الأمر ليس فقط في هذا النص المشار إليه هنا وإنما في غالب نصوص المجموعة القصصية ويجب أن نشير هنا أيضا إلي أننا نري السارد في بعض الأحيان وهو ينتقل من صيغة زمانية إلي صيغة زمانية أخري حسب مقتضي السياق السردي.سنحاول هنا إلقاء الضوء وبشكل أساسي علي تناوب صيغتي الماضي والحاضر كما إستخدمهما الكاتب في النص وذلك من أجل الوقوف علي الدور الذي لعبته كلتا الصيغتين لخدمة أغراض وظيفية متعددة خاصة بالفابيولا و بدرجة تماسكها ويمكن أن نشير هنا علي وجه التحديد إلي هاتين الصيغتين بتعبيرين مستلفين من أدبيات علم السرد وهما العمليات السردية الإستعادية retrospective narration وهذه هي العمليات التي تنتج نصا سرديا في صيغة الماضي في إزاء العمليات السردية التزامنية concurrent narrationالتي ينجم عنها خطابا سرديا في لحظة الراهن أو الحاضر.العمليات السردية الإستعادية Retrospective narration تجري غالب الأحداث في نص (كشاكش علي ثوب الشفق) علي نسق الفعل الماضي وتتلاحم هذه الاحداث عبر سلسلة من أدوات الربط البنائية التي تنقل الحدث من مستوي التاريخ إلي مستوي الحاضر فالأفعال تستمد حيويتها من خلال الإحالة إلي واقعة سبقت لحظة القص نفسها وتركت أثراً في مجريات الوقائع التزامنية التي تدور في فضاء الواقع الراهن بالنسبة للقصة.لاحاجة بنا هنا إلي تقرير حقيقة مفادها أن زمن الفعل الماضي هو الزمن الطبيعي لسرد أي حكاية فمنذ أن إنخرط البشر في بناء السرديات كانوا ينسجون قصصهم علي شاكلة حدث سابق علي زمن الخطاب (كان ياما كان....) ولكن التركيز علي صيغة الماضي وحدها يجعل القصة تجري علي سبيل الإخبار فقط telling دون أن تضفي ديناميكية كبيرة علي الحكاية حين يلتفت السارد الي الزمن الحاضر فيجعل القاريء يتلمس فضاء النص ويري الشخصيات تتحرك فيه ببراعة وهي تضجُ بالحركة وتذخرُ بالحياة.إن إستخدام صيغة الفعل الماضي في نص (كشاكش ..) يبدو علي درجة عالية من مستوي الاحترافية اللغوية للكاتب فقد بدت هذه الأفعال متسقة وعلي درجة عالية من الإنسجام فيما بينها من حيث الخصائص التعبيرية وإحالاتها الدلالية حيث يؤشر كل فعل سابق بإتجاه الفعل اللاحق فلايقع نشاز كبير ترابط المعاني ويمكننا هنا إيراد بعض الشواهد حيث يستخدم الكاتب الأفعال التالية لوصف المشهد الإفتتاحي للقصة :(إختبر مسنده...نظف خندقه جيداً..يمم وجهه شطر الشمال..أنبطح علي بطنهِ..أنام قدميه المتشققتين علي جنبيهما مثل زعانف سمكة سابحة ..توأمت أسماله البالية مع شعره الأشعث مع فراشه ....)إن الأفعال المستخدمة هنا وهي كلها علي صيغة بناء الفعل الماضي (إختبر..نظف..يمم..إنبطح..أنام) تأتي في سياق الوصف الظاهري للشخصية وللحدث وهي منتقاة بطريقة تجعلها تؤشر بشكل عميق نحو حالة الشخصية في تلك اللحظة التي ظهر فيها وهو يهيء مخدعه في مكانٍ رزيء ومنعزل لايصلح لسكن الآدميين فجملة مثل (أنام قدميه) تختزل معني المعاناة في مقابل (أراح قدميه) وتوحي بأن البطل كان يحاول أن (يتناوم) لا أن(ينوم) أي أنه كان يحاول أن يصطنع النوم بشكل ما لأن الظروف التي يوجد فيها والبيئة التي تحيط بالمكان لايمكن علي الإطلاق أن تجعل النوم عمليةً طبيعية تجري بكل سهولةٍ ويسر مثلما هو الحال حينما يضجع الإنسان العادي علي سريرهِ.توظف هذه الصيغة الزمانية لخدمة مايعرف باللازمية المنطقية للأحداث حيث يقوم المنطق الداخلي للنص علي محاولة عرض الأحداث من خلال كرونولجية (ترتيب تاريخاني متتابع) تمسك فيه الوقائع برقاب بعضها البعض في رحلتها من الماضي إلي الحاضر فتجعل كل شيء داخل النص عبارة عن سبب ومسبب –حدث ونتيجة cause and effect فلاشيء ينهض منبتاً عن مجموع الأحداث التي تترابط في وحدة دياليكتية يكون فيها الشيء سبباً في وقوع شيء أخر وهو نفسه عرض لسببٍ أخر.العمليات السردية التزامية Concurrent Narrationإذا كانت العمليات الاستباقية تقوم ببناء الأحداث في خط بياني يبدأ من لحظةٍ صفرية إفتراضية معينة،فإن الأحداث التزامنية من جهة أخري تأتي داخل سياق اللحظة الزمنية الحاضرة للقص لتضفي بعداً أخر يتعلق بإشراك المتلقي في العملية السردية فتوقعه في غواية العرض الدرامي وتستبقيه في الإطار الزماني الحالي للأحداث فيلج عالم الشخصيات كأنما يشاهد عرضاً سينامائياً لايشير إلي الماضي إلا كعلامة دالة نحو الحاضر وبهذه الطريقة يستطيع للكاتب أن يكرس عملية الحضورpresence كسمة تخييلية لعمله السردي من خلال تركيزه علي هذا النمط الفعال للعمليات السردية والمعروف بالعمليات التزامنية. في نص (كشاكش علي ثوب الشفق) لايبدو الحاضر منبتاً عن الماضي ولايلتفت الصوت السردي من الماضي إلي فضاء الراهن بصورة عشوائية غير متزنة فعملية الإنتقال تتأسس بناءاً علي منطقية الحدث نفسها وعلي درجة ملاءمة صيغة الزمن الحاضر لأغراض خطاب السارد وخطاب الشخصيات، فلننظر مثلاً إلي النموذج التالي لنري كيف أبدع المؤلف في رسم المشهد التالي لخطاب الشخصية في مقدمة النص وقد سبق إيراده هنا وهو خطاب يضيء ويكشف تاريخ البطل القادم من مناطق النزوح،وفي المشهد التالي مباشرة ينتقل الصوت السردي من صيغة الماضي الي صيغة الحاضر فيقول:(ثم يلقي جسده النحيل داخل الخندق وهو يرسل بغضب ماحق عبوات ناسفة من المدفع 41 تجاه الأعداء أبناء الزواني الخائبين أو كما يقول وسط نيرانه وقعقعة المدفع حتي يبح صوته وتسيل عيناه وأنفه.)إن عملية الإلتفات أو التحول من زمن سردي إلي أخر tense switch تجري هنا عندما يتولي الراوي كلي المعرفة الحديث عن البطل(فروقات) والذي كان يتحدث في المقطع الذي سبقت الإشارة إليه مستخدماً صيغة الماضي (الفريق كلو حرقوه..عدموه طافي النار..) فعندما يتوقف البطل عن الحديث وينقطع سيل تداعياتهِ يأتي السارد لينقل لنا وصفه لحال الشخصية ولكن من خلال زمن الحاضر ويستخدم لهذا الغرض الفعل المضارع (يلقي..يرسل..يقول...إلخ) وهي أفعال وإن كانت ذات قيمة تقريرية وإخبارية عالية،إلا أنها تجعل المتلقي يستمتع بسينمائية المشهد من خلال الحركة الحرة للشخصية داخل فضاء النص وتلقي الضوء علي الجوانب المعتمة في حياة البطل وتسهم في عملية البناء النفسي للشخصية إلي حد بعيد.وتظل الأحداث هكذا تتأرجح بين نزعة ماضوية يستدعي فيها السارد تاريخ الشخصية وبين إلتفاتة نحو الحاضر يحاول فيها أن يكسر رتابة الحكاية ويقيم جسراً من التواصل الحميم مع المتلقي ليوقعه أيضا في ورطة صناعة الأحداث والمشاهد وكأنما الزمن الحاضر في القصة يعفي الكاتب عن جزء كبير من مسؤوليته تجاه الشخصية الورقية التي قام بنسجها من الخيال المحض فهو يتحول من مهمة الإخبار الذي يحتمل الصدق أو الكذب إلي تقرير وعرض الحال الماثل فكأنما يريد أن يقول لنا كمتلقين للحكاية أنظروا لستُ أنا من ينقلُ لكم شيئاً منتحلاً عن هذا الكائن ولكنه هكذا يسلك أمامكم وهكذا يتصرف وهكذا يشعر دون زيادةٍ أو نقصان.!خاتمة:لعلنا بحاجة إلي مزيد من البحث والإستقصاء لفحص البنائيات الخاصة بتكوين السرد –السوجييه والخطاب السردي –الفابيولا في نص (كشاكش علي ثوب الشفق) فماتزال هناك كثير من المناطق المعتمة التي ينبغي التصدي لها مثل إستكشاف مختلف اشكال الصيغ السردية التي لم تتم الإشارة إليها هنا بالاضافة الي المقاربة بين عمليتي الوصف description والتعليق comment حيث تتضمن العملية الأولي وصف الظروف الزمكانية التي تتابع فيها الأحداث بينما يتعلق المفهوم الذي تشير إليه العملية الثانية بمسألة تعليق السارد علي الشخصية والحدث وعلي فعل التسريد بشكل عام.لقد إخترنا تناول قصة (كشاكش علي ثوب الشفق) كنموذج تطبيقي لأنها تمثل نصا مركزيا بالنسبة لباقي نصوص المجموعة ولكن ثمة نصوص أخريات ينحو فيها الكاتب بإتجاه خلق أشكال وأساليب مغايرة للخطاب السردي تشكل فتحاً عظيماً في البنية السردية للقصة القصيرة المعاصرة ونري أن ينبري لدراستها وفحصها نقادنا وباحثينا في دراساتهم اللاحقة. هوامشGeorgeakopoulos, Alexandra (2016). Narratives, Language &Creativity. The Open University press-London-فيلان،جيمس نظريات السرد-مفاهيم أساسية ومناظرات نقدية- ترجمة د.أحمد نضال منصور-دار جامعة الملك سعود للنشر-2020 يان مانفريد-علم السرد-مدخل الي نظرية علم السرد، ترجمة أماني ابورحمة،دار نينوي للطباعة والنشر-2011 –- جيرار،جينيه-خطاب الحكاية-بحث في المنهج-ترجمة محمد معتصم وأخرون-الهيئة العامة للمطابع الأميرية-شقاق ،شاذلي(كشاكش علي ثوب الشفق) –الشركة السودانية للهاتف السيار -2020(مجموعة قصصية حائزة علي جائزة الطيب صالح الع