كبر سني يسمح لي بتذكر التماثيل المشهورة في الإسكندرية، فقد عاصرت تمثال الخديو إسماعيل بميدان المنشية، وهو يقف في شموخ قريبا من المارة الذين يسيرون أمامه،وأسعد – الآن – عندما أرى هذا التمثال في الأفلام المصرية القديمة، ففي فيلم لحسين صدقي يسير أمام هذا التمثال في طريقة لسراي الحقانية، فأصيح سعيدا من شدة الوجد. واتمنى أن يتوقف المشهد للحظات لأتأمل تفاصيل التمثال وقاعدته البيضاء الجميلة. نحت التمثال المثال الإيطالي بييترو كانونيكا، وأزاح الستار عنه الملك فاروق في 4 ديسمبر 1938 في مكانه الأصلي بميدان المنشية.
وأذكر تمثال نوبار باشا وهو جالس غلى كرسيه في حدائق الشلالات، وكنا - وأحنا صغار - نجلس على ركبتيه، ونصفعه على وجهه وعلى قفاه ساخرين.
وازدادت حدة العداء للملكية السابقة، فكانوا يحفرون على صورة الملك السابق التي عادة ما تظهر في الأفلام المصرية القديمة، خاصة فوق منصة القضاء في المحاكم.
واقترح البعض إزالة تماثيل رموز العصر الملكي السابق، وبالفعل رفعوا تمثال الخديو إسماعيل ونوبار باشا وأودعوهما في متحف الفنون الجميلة بشارع منشا، وكنت أنظر من نافذة مكتبة البلدية فأجدهما ملقين على وجهيهما في إهمال شديد. وفكروا في رفع تمثال محمد علي باشا أيضا، لكن البعض ذكرهم بأنه باني مصر الحديثة، فاكتفوا بتغطية التمثال بقطعة قماش بالية وقت احتفال الإسكندرية بالثورة يوم 26 يوليو ( العيد القومي للإسكندرية – يوم جلاء الملك فاروق عن مصر)، وأرسل صديق لي بفكرة بأن يتم صهر هذه التماثيل وتحويلها لنقود معدنية، واستجابوا لفكرته، لكن مصلحة صك النقود ردت بأن المعدن المصنوع منه التماثيل لا يصلح لصناعة النقود.
ودارت الأيام، فهدأت حدة العداء للملكية، وطالب الكثير برد الاعتبار للخديو إسماعيل، فقد أكمل ما بدأه – جده محمد علي – في بناء مصر الحديثة. كما أن نوبار كان رئيسا للوزراء لعدة مرات، وشارك حكام أسرة محمد علي في بناء مصر.
لكن المكانين السابقين للتمثالين صعب استردادهما، فالقاعدة التي كانت أمام تمثال إسماعيل، شغلها الآن الجندي المجهول التابع للقوات البحرية، علما بأن التمثال والقاعدة كانا هدية من الجالية الإيطالية بالإسكندرية تقديرًا لاستضافة مصر للملك فيكتور عمانويل الثالث آخر ملوك إيطاليا بعد عزله عن عرشه والاطاحة به.
وقاعدة تمثال نوبار باشا وضعوا فوقها تمثال كاتمة الأسرار لمحمود مختار.
وحدثت محاولات عديدة لاعادة التمثالين للعرض ورد اعتبارهما، ففكر فاروق حسني - وزير الثقافة وقتذاك - في شراء أرض كوتة في الشاطبي ووضع التمثالين فيهما، لكن هذا لم يتم، ووجدوا أخيرا مكانا للخديو إسماعيل أمام المسرح الروماني، ونقل تمثال نوبار باشا بمقعده في مدخل سينما رويال ومسرح سيد درويش الذي تحول لاوبرا الإسكندرية.
تمثال محمد علي باشا
وكنت أسعد لمشاهدة ميدان المنشية الذي كان يسمى – قبل قيام ثورة يوليو 52، ميدان القناصل، خاصة في أفلام اليهودي السكندري توجو مزراحي، عندما يتقابل علي الكسار مع بعض الرجال قريبا من تمثال محمد علي باشا.
فكر الخديو إسماعيل في إقامة تمثال لجده محمد علي، في عام 1865، وبلغت تكلفته حوالى ٢٠٠ ألف فرانك تم دفعها إلى صانع التمثال المسيو ألفريد جاكمار- أحد أشهر المثالين الفرنسيين فى القرن التاسع عشر- والذى تلقى تعليمه فى مدرسة الفنون الجميلة فى باريس وأخذت شهرته فى الازدياد حتى أصبح عضوا فى مجلس العلوم فى باريس، ويرجع إليه الفضل فى إقامة عدد من التماثيل فى مصر، منها تمثال لاظوغلى القائم الآن فى ميدان لاظوغلى، فضلا عن تماثيل الأسود الأربعة القائمة على كوبرى قصر النيل.
وفى ١٧ مايو ١٨٦٩ تم تخصيص ٨ آلاف جنيه للبدء فى تنفيذ تمثال محمد علي باشا وانتهى «جاكمار» من صنع التمثال فى ١٨٧٢، وعرض لمدة شهر فى شارع الشانزليزيه، وفى ١٩ ديسمبر ١٨٧٢ كان الاحتفال الرسمى بإقامته وسط ميدان محمد على الذى كان يتجلى فيه كفارس مهيب يمتطى صهوة جواده، وكأن النصر بات طوع بنانه وبدا واثقا من قوته، أما الفرس فقد مثله جاكمار يخطو فى ثقة وزهو، رافعا قدمه اليمنى عن الأرض، كما نجح الفنان فى تمثيل شعر ورأس الفرس وذيله بواقعية شديدة، فيما صمم المعمارى امبرواز بودرى قاعدة التمثال وعلى جانبيها كتفان صغيرتان من الرخام بينهما وحدة زخرفيه من المعدن على هيئة هلال ونجمة.
وقد كانت قاعدة التمثال دائرية وحولها الأسود الأربعة كأنها تحمي الفارس المعلق في أعلاه. فيضطر المارة والمركبات للطواف حوله، فاعترض أحد مشايخ حي بحري وأثار الناس، فأمر الخديو إسماعيل بنقل الأسود الأربعة إلى القاهرة ويقفون الآن أمام وخلف كوبري قصر النيل.
الصراع بين تمثالي سعد زغلول والملك فؤاد
العداء بين الملك فؤاد، وحزب الوفد عداءً قديما وصعبا. فسعد زغلول كان يمثل لاحمد فؤاد – الملك – مشكلة وأزمة حادة، ويقال إن الملك فؤاد اشترك في مؤامرة قذرة أدت لقتل السير لي ستاك – سردار الجيش الإنجليزي – وقت حكم سعد زغلول لمصر- لكي يتخلص من سعد ومن حزب الوفد، وبالفعل ما أن قُتل السير لي ستاك، وأرسلت بريطانيا تهديدها لمصر حتى استقال سعد وارتاح الملك فؤاد لبعض الوقت، لكن الشعب لم يدعه يرتاح، فظل يردد في كل وقت وبدون مناسبة " يحيا سعد" ومات سعد زغلول عام 1927، وتنفس الملك الصعداء، لكن الشعب المتعب لم يدعه يرتاح، وطالب بإقامة تمثال لسعد، وأسسوا لجنة لتلقي التبرعات، وكان المبلغ كبيرا، فاتفقت اللجنة مع المثال محمود مختار بإقامة تمثالين لسعد أحدهما في القاهرة والآخر في الإسكندرية، لكن حقد أحمد فؤاد من سعد جعله يعارض في رفع التمثالين في ميادين القاهرة والإسكندرية، وظل هذا الوضع حتى مات الملك، ووافق ابنه فاروق على إقامة تمثال سعد في محطة الرمل في الإسكندرية. وتم الاحتفال بإقامته في 27 أغسطس 1938.
وقرر الملك فاروق أن يقيم تمثالين لوالده في بور فؤاد التي تحمل اسم والده وفي الإسكندرية، وفي نوفمبر 1951 أعلنت الصحف المصرية عن زيارة الملك فاروق الأول (1920 – 1965) لمدينة بور فؤاد على اليخت الملكي ” فخر البحار” احتفالاً باليوبيل الفضي لنشأة المدينة، وليزيح الستار عن تمثال والده – الملك فؤاد الأول – الذي اعتلى قاعدته في واجهة المدينة انتظاراً لحضور نجله، وتكفلت شركة – قنال السويس – تحت إدارتها الفرنسية بسبك التمثال وتنصيبه، ولم تتم زيارة الملك حينها بسبب معارك القناة الدائرة بين الفدائيين المصريين والقوات البريطانية المرابطة هناك، إلى أن حدث حريق القاهرة الشهير في يناير عام 1952، وتأزّمت الحياة السياسية واندلعت ثورة يوليو التي قرر ضباطها الأحرار رفع التمثال عن قاعدته وإلقائه مهملاً في ظلام أحد مخازن هيئة قناة السويس باعتباره أحد رموز العهد الملكي البائد.
ومنذ طفولتي وأنا مرتبط بقاعدة تمثال في محطة مصر القريبة من بيتي والتي كنت أمر عليها في طريقي للمدرسة الإعدادية ثم الثانوية. وظللنا لسنوات طويلة نقضي أيام العيد في حدائق محطة مصر، وحول قاعدة التمثال الذي لم نره طوال حياتنا. فقد كلف الملك فاروق المثال مصطفى نجيب بعمل قاعدة لتمثال والده، وكلف المثال فتحي محمود بإقامة التمثال، وسوف يقام في احتفال رسمي وكبير عام 1952، لكن قيام ثورة يوليو 52، أجهضت حلم الملك فاروق، وظلت القاعدة الشامخة والجميلة دون تمثال، وبعد موت جمال عبد الناصر المفاجئ، أعلنوا من أنهم سيضعوا فوق هذه القاعدة تمثال لعبد الناصر، لكن من جاءوا بعده، كانوا يكرهونه، فلم يفعلوا هذا. وظلت القاعدة عارية. ثم أسندت الدولة إلى الفنان أحمد عثمان في بداية عام 1967 إعادة تجميل ميدان محطة مصر واستغلال القاعدة الرصينة الجميلة الموجودة حاليا، فوضع الفنان أحمد عثمان على القاعدة نسرا وشعلة نار أضاءت في منتصف عام النكسة 67، وسرعان ما أطفئت لإجراءات الأمان، وسمي الميدان فيما بعد بميدان الشهداء، وفي المناسبات القومية يقام احتفال عسكري للجندي المجهول في الحديقة.
وأذكر تمثال نوبار باشا وهو جالس غلى كرسيه في حدائق الشلالات، وكنا - وأحنا صغار - نجلس على ركبتيه، ونصفعه على وجهه وعلى قفاه ساخرين.
وازدادت حدة العداء للملكية السابقة، فكانوا يحفرون على صورة الملك السابق التي عادة ما تظهر في الأفلام المصرية القديمة، خاصة فوق منصة القضاء في المحاكم.
واقترح البعض إزالة تماثيل رموز العصر الملكي السابق، وبالفعل رفعوا تمثال الخديو إسماعيل ونوبار باشا وأودعوهما في متحف الفنون الجميلة بشارع منشا، وكنت أنظر من نافذة مكتبة البلدية فأجدهما ملقين على وجهيهما في إهمال شديد. وفكروا في رفع تمثال محمد علي باشا أيضا، لكن البعض ذكرهم بأنه باني مصر الحديثة، فاكتفوا بتغطية التمثال بقطعة قماش بالية وقت احتفال الإسكندرية بالثورة يوم 26 يوليو ( العيد القومي للإسكندرية – يوم جلاء الملك فاروق عن مصر)، وأرسل صديق لي بفكرة بأن يتم صهر هذه التماثيل وتحويلها لنقود معدنية، واستجابوا لفكرته، لكن مصلحة صك النقود ردت بأن المعدن المصنوع منه التماثيل لا يصلح لصناعة النقود.
ودارت الأيام، فهدأت حدة العداء للملكية، وطالب الكثير برد الاعتبار للخديو إسماعيل، فقد أكمل ما بدأه – جده محمد علي – في بناء مصر الحديثة. كما أن نوبار كان رئيسا للوزراء لعدة مرات، وشارك حكام أسرة محمد علي في بناء مصر.
لكن المكانين السابقين للتمثالين صعب استردادهما، فالقاعدة التي كانت أمام تمثال إسماعيل، شغلها الآن الجندي المجهول التابع للقوات البحرية، علما بأن التمثال والقاعدة كانا هدية من الجالية الإيطالية بالإسكندرية تقديرًا لاستضافة مصر للملك فيكتور عمانويل الثالث آخر ملوك إيطاليا بعد عزله عن عرشه والاطاحة به.
وقاعدة تمثال نوبار باشا وضعوا فوقها تمثال كاتمة الأسرار لمحمود مختار.
وحدثت محاولات عديدة لاعادة التمثالين للعرض ورد اعتبارهما، ففكر فاروق حسني - وزير الثقافة وقتذاك - في شراء أرض كوتة في الشاطبي ووضع التمثالين فيهما، لكن هذا لم يتم، ووجدوا أخيرا مكانا للخديو إسماعيل أمام المسرح الروماني، ونقل تمثال نوبار باشا بمقعده في مدخل سينما رويال ومسرح سيد درويش الذي تحول لاوبرا الإسكندرية.
تمثال محمد علي باشا
وكنت أسعد لمشاهدة ميدان المنشية الذي كان يسمى – قبل قيام ثورة يوليو 52، ميدان القناصل، خاصة في أفلام اليهودي السكندري توجو مزراحي، عندما يتقابل علي الكسار مع بعض الرجال قريبا من تمثال محمد علي باشا.
فكر الخديو إسماعيل في إقامة تمثال لجده محمد علي، في عام 1865، وبلغت تكلفته حوالى ٢٠٠ ألف فرانك تم دفعها إلى صانع التمثال المسيو ألفريد جاكمار- أحد أشهر المثالين الفرنسيين فى القرن التاسع عشر- والذى تلقى تعليمه فى مدرسة الفنون الجميلة فى باريس وأخذت شهرته فى الازدياد حتى أصبح عضوا فى مجلس العلوم فى باريس، ويرجع إليه الفضل فى إقامة عدد من التماثيل فى مصر، منها تمثال لاظوغلى القائم الآن فى ميدان لاظوغلى، فضلا عن تماثيل الأسود الأربعة القائمة على كوبرى قصر النيل.
وفى ١٧ مايو ١٨٦٩ تم تخصيص ٨ آلاف جنيه للبدء فى تنفيذ تمثال محمد علي باشا وانتهى «جاكمار» من صنع التمثال فى ١٨٧٢، وعرض لمدة شهر فى شارع الشانزليزيه، وفى ١٩ ديسمبر ١٨٧٢ كان الاحتفال الرسمى بإقامته وسط ميدان محمد على الذى كان يتجلى فيه كفارس مهيب يمتطى صهوة جواده، وكأن النصر بات طوع بنانه وبدا واثقا من قوته، أما الفرس فقد مثله جاكمار يخطو فى ثقة وزهو، رافعا قدمه اليمنى عن الأرض، كما نجح الفنان فى تمثيل شعر ورأس الفرس وذيله بواقعية شديدة، فيما صمم المعمارى امبرواز بودرى قاعدة التمثال وعلى جانبيها كتفان صغيرتان من الرخام بينهما وحدة زخرفيه من المعدن على هيئة هلال ونجمة.
وقد كانت قاعدة التمثال دائرية وحولها الأسود الأربعة كأنها تحمي الفارس المعلق في أعلاه. فيضطر المارة والمركبات للطواف حوله، فاعترض أحد مشايخ حي بحري وأثار الناس، فأمر الخديو إسماعيل بنقل الأسود الأربعة إلى القاهرة ويقفون الآن أمام وخلف كوبري قصر النيل.
الصراع بين تمثالي سعد زغلول والملك فؤاد
العداء بين الملك فؤاد، وحزب الوفد عداءً قديما وصعبا. فسعد زغلول كان يمثل لاحمد فؤاد – الملك – مشكلة وأزمة حادة، ويقال إن الملك فؤاد اشترك في مؤامرة قذرة أدت لقتل السير لي ستاك – سردار الجيش الإنجليزي – وقت حكم سعد زغلول لمصر- لكي يتخلص من سعد ومن حزب الوفد، وبالفعل ما أن قُتل السير لي ستاك، وأرسلت بريطانيا تهديدها لمصر حتى استقال سعد وارتاح الملك فؤاد لبعض الوقت، لكن الشعب لم يدعه يرتاح، فظل يردد في كل وقت وبدون مناسبة " يحيا سعد" ومات سعد زغلول عام 1927، وتنفس الملك الصعداء، لكن الشعب المتعب لم يدعه يرتاح، وطالب بإقامة تمثال لسعد، وأسسوا لجنة لتلقي التبرعات، وكان المبلغ كبيرا، فاتفقت اللجنة مع المثال محمود مختار بإقامة تمثالين لسعد أحدهما في القاهرة والآخر في الإسكندرية، لكن حقد أحمد فؤاد من سعد جعله يعارض في رفع التمثالين في ميادين القاهرة والإسكندرية، وظل هذا الوضع حتى مات الملك، ووافق ابنه فاروق على إقامة تمثال سعد في محطة الرمل في الإسكندرية. وتم الاحتفال بإقامته في 27 أغسطس 1938.
وقرر الملك فاروق أن يقيم تمثالين لوالده في بور فؤاد التي تحمل اسم والده وفي الإسكندرية، وفي نوفمبر 1951 أعلنت الصحف المصرية عن زيارة الملك فاروق الأول (1920 – 1965) لمدينة بور فؤاد على اليخت الملكي ” فخر البحار” احتفالاً باليوبيل الفضي لنشأة المدينة، وليزيح الستار عن تمثال والده – الملك فؤاد الأول – الذي اعتلى قاعدته في واجهة المدينة انتظاراً لحضور نجله، وتكفلت شركة – قنال السويس – تحت إدارتها الفرنسية بسبك التمثال وتنصيبه، ولم تتم زيارة الملك حينها بسبب معارك القناة الدائرة بين الفدائيين المصريين والقوات البريطانية المرابطة هناك، إلى أن حدث حريق القاهرة الشهير في يناير عام 1952، وتأزّمت الحياة السياسية واندلعت ثورة يوليو التي قرر ضباطها الأحرار رفع التمثال عن قاعدته وإلقائه مهملاً في ظلام أحد مخازن هيئة قناة السويس باعتباره أحد رموز العهد الملكي البائد.
ومنذ طفولتي وأنا مرتبط بقاعدة تمثال في محطة مصر القريبة من بيتي والتي كنت أمر عليها في طريقي للمدرسة الإعدادية ثم الثانوية. وظللنا لسنوات طويلة نقضي أيام العيد في حدائق محطة مصر، وحول قاعدة التمثال الذي لم نره طوال حياتنا. فقد كلف الملك فاروق المثال مصطفى نجيب بعمل قاعدة لتمثال والده، وكلف المثال فتحي محمود بإقامة التمثال، وسوف يقام في احتفال رسمي وكبير عام 1952، لكن قيام ثورة يوليو 52، أجهضت حلم الملك فاروق، وظلت القاعدة الشامخة والجميلة دون تمثال، وبعد موت جمال عبد الناصر المفاجئ، أعلنوا من أنهم سيضعوا فوق هذه القاعدة تمثال لعبد الناصر، لكن من جاءوا بعده، كانوا يكرهونه، فلم يفعلوا هذا. وظلت القاعدة عارية. ثم أسندت الدولة إلى الفنان أحمد عثمان في بداية عام 1967 إعادة تجميل ميدان محطة مصر واستغلال القاعدة الرصينة الجميلة الموجودة حاليا، فوضع الفنان أحمد عثمان على القاعدة نسرا وشعلة نار أضاءت في منتصف عام النكسة 67، وسرعان ما أطفئت لإجراءات الأمان، وسمي الميدان فيما بعد بميدان الشهداء، وفي المناسبات القومية يقام احتفال عسكري للجندي المجهول في الحديقة.