عصري فياض - رام الله المتوحشة...!!!

الو..؟؟ مين معي ؟؟
اهلا اهلا ... والله مشتاقلك
أنا مستعد وجاهز ومن زمان بستنى هذه ألفرصة... شكرا إلك صديقي..
اقفل الجوَّال،وفرك يده مغتبطا،لقد أحيا صديقه فيه الحلم،عاد الى البيت ليحتضن الحاسوب،وينقش حروف الفكرة التي ستحييها الكمرات...
طار الانتظار،وبقي الوعد يتدرج أمامه حتى حان يوم السبت،حمل حلمه وإنطلق،وصل المأرب،نظر الى سيارات رام الله،أدرك أن السائق الذي سيقود السيارة هو نفسه الذي حُكِمَتْ قسمات وجهه بالتصحر،وأن الوقت الذي يقلقه سيرمي به في أسوء مقعد في السيارة.... وأن حبيبات المطر التي انهمرت وكأنها تبكي الرحلة،ارغمت الجميع على اغلاق النوافذ رغم دفء الجو....كانت رحلة شاقة،...قطعة من العذاب،عرقه المتصبب يشعره بالاختناق،وكعادته أصبح يقسم المسافة التي عهدها كنسب مأوية... حاول الهروب من الوضع الصعب بالتظاهر بالنوم.....وبعد نحو مئة دقيقة وصلت السيارة،فترجل،وتدرج بقدميه المتعبتين الى مسجد جمال عبد الناصر ليرتاح،وينتظر صلاة العصر...
*
التقاهم في شارع ركب،صافحهم،وسار يحدوه الامل في تتريخ هذا اليوم كنجاح في كومة فشله المتراكمة، دخلوا جميعا المقهى الشعبي،وأخذ خمستهم يتحدثون،شعر بدفء يسري في بدنه المنكمش من الاحباط،حان وقت اللقاء...فانطلقوا الى باب مطعم الوجبات السريعة الشهير في عاصمة الحركة ألفلسطينية،كان صديقنا يخرج الجوال كل عشرة دقائق ويتصل ويسأل :- وين صرت؟؟
:- أنا هنا في الازمة،لكني قريب منكم..
يا صديقي... أسرع من فضلك... نحن من أماكن بعيدة .. نريد العودة لمدننا قبل إنقطاع السير...
كرر الاتصال اكثر من عشر مرات حتى مرت ساعة ونصف من الانتظار،اثنان منا اعتذروا وغادروا،وبقيَ ثلاثتنا حتى جاء المنتظر الموعود راجلا يعتذر من عدم تمكنه من الخروج بسيارته من الازمة،فكان اللقاء على قارعة الطريق... والحديث عن الحلم هنا يكون في البرد...
لا ضرر إذا كانت هذه ضريبة الحلم....لكن، وعندما بدأنا نحاوره،ونستفسر منه عن مراسيم انبعاث حلمنا المنتظر،ظهر وكأنه يريدنا أن نحمله هو ومن معه الى تحقيق هدفه تطوعا وبرضى وتفاني وإخلاص...
قال :- نجاحنا سيقود لنجاحكم... وكثيرون مثلكم يخسرون من أجل فعل شيء في ظل نجاح الاخرين.........
صدم صاحب الحلم مما يسمع،وإنتباته القشعريرة،فحبس غضبه واستأذن،فتبعه الاخران... وراح يخرج من جوفه ما لا يُحب أن يُسمعْ...
لقد ولد الحلم ميتا،فهذه رام الله التي نما فيها صاحب تلك المجموعة التي تحول كل شيء حتى تعب ومشاعر الناس وواجب الناس الى وقود لصعوده للعلا في معرض سباقه الجشع الى المادة والمال والشهرة...
إنها رام الله المتوحشة التي لم تسمح لابنها المتربي في حجرها أن يكرم زواره حتى بفنجان قهوة من كشك ملاصق لقارعة الطريق التي شهدت الحدث...

عصري فياض

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى