يعتقد الكثيرون أن قطر انتصرت للإسلام، ما أراه عكس ذلك تماماً، إن مونديال قطر أنهى الإسلام السياسي وأتى بالإسلام الثقافي. في الإسلام السياسي، سيكون الموقف الديني أكثر صرامة، ليس فقط من حيث عدم إتاحة الخمور إلا في أوقات محددة، وإنما برفض قاطع للفكرة برمتها، حتى لو ترتب على ذلك إعلاناً حاسماً عن التخلي عن تنظيم المونديال. والذي كان سيعبر عن (صدام بين حضارتين). أما المواءمة فهي التي نقلت التكييف إلى جدال بين ثقافتين. تقديم القليل من التنازلات من الطرفين هو تعبير عن ثقافة لا عقيدة، لأن العقيدة ليست محل تنازلات. وهو تعبير أيضاً عن إمكانية التشارك العولمي في ظل حدود دنيا من التقارب. وهذا هو الإسلام الثقافي. والمسألة ليست كطبيعة المعاهدين في الحقب الإسلامية الأولى، فالمعاهدون أنفسهم كانوا حالة مؤقتة وغير عولمية. لكن الآن، وفي مونديال قطر الوضع مختلف. إذ تمكن الغرب من أن يضع العالم الإسلامي موضع الدفاع لا الهجوم. أصبحت هناك إمكانية للتداول الديالكتيكي في مسائل ما كان لها أن تخضع يوماً لهذا الاحتمال. فمثلاً كانت فكرة المثلية محل هجوم ديني حتى من اليهود الذين احتكموا للتراث الموسوي، وقصص سدوم وعمورة، أما الآن فالحديث تحول إلى مدى قبول اليهود والمسلمين لحقوق المثليين. وأصبح الدينيون يدافعون عن رفضهم، ولا يهاجمون قبول الآخر، وكذلك في مسائل حقوقية أخرى كحقوق الإنسان وخاصة المتعلقة بالعقوبات كالرجم والجلد والقطع. أصبح هناك دفاع بدلاً عن الهجوم، ومحاولات مواءمة بدلاً عن التطبيق المجرد.
وشيئاً فشيئاً ستتحول جميع الأديان من طبيعتها العقائدية المحضة لطبيعة ثقافية أكثر مرونة لتفقد تموقعها السياسي. ليس هذا فقط بسبب الضغوط الغربية، ولكن بسبب التطور التكنولوجي الكبير، والذي جعل الأجيال الشابة أكثر انفتاحاً على الحضارات والثقافات الأخرى.
نعم؛ ستظل هناك قوى تملك مزايا من خلال الإبقاء على الإسلام (دين ودولة)، ولكنها موعودة بالخسارة. لقد رأينا ما حدث في السعودية من الأمير الشاب محمد بن سلمان، والذي استطاع خلال بضع سنوات أن يقلب الواقع السعودي رأساً على عقب، والذي لم يكن أحد يملك الخيال الكافي ليتصور ذلك. لكن هذه هي الحقيقة وهذه هي استحقاقات العالم الذي يتشارك التنوع الديني والمنافع الحياتية، عبر شبكة عالمية، من التجارة والصناعة والخدمات والنقود والتسلية. لا سبيل إلى الوقوف ضد كل ذلك، إلا عبر المواءمة أو الصدام الدموي. وأعتقد أن قلة ستحبذ ذلك الصدام.
د.أمل الكردفاني
مؤسس حركة الإسلام المعاصر
وشيئاً فشيئاً ستتحول جميع الأديان من طبيعتها العقائدية المحضة لطبيعة ثقافية أكثر مرونة لتفقد تموقعها السياسي. ليس هذا فقط بسبب الضغوط الغربية، ولكن بسبب التطور التكنولوجي الكبير، والذي جعل الأجيال الشابة أكثر انفتاحاً على الحضارات والثقافات الأخرى.
نعم؛ ستظل هناك قوى تملك مزايا من خلال الإبقاء على الإسلام (دين ودولة)، ولكنها موعودة بالخسارة. لقد رأينا ما حدث في السعودية من الأمير الشاب محمد بن سلمان، والذي استطاع خلال بضع سنوات أن يقلب الواقع السعودي رأساً على عقب، والذي لم يكن أحد يملك الخيال الكافي ليتصور ذلك. لكن هذه هي الحقيقة وهذه هي استحقاقات العالم الذي يتشارك التنوع الديني والمنافع الحياتية، عبر شبكة عالمية، من التجارة والصناعة والخدمات والنقود والتسلية. لا سبيل إلى الوقوف ضد كل ذلك، إلا عبر المواءمة أو الصدام الدموي. وأعتقد أن قلة ستحبذ ذلك الصدام.
د.أمل الكردفاني
مؤسس حركة الإسلام المعاصر