د. محمد عباس محمد عرابي - قيمة تألف القلوب وإصلاحها في كتابات الأستاذ الدكتور محمد عيسى

إِذْ جَاء رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الصافات:84]
, ويقول الله تعالى في سورة: (يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) الشعراء /88-89
فنجاة المرء في الآخرة مرهونة بصلاح قلبه وفيما يلي ما قاله التربويون حول القلوب صلاحها وتألفها، فقد تحدث الأستاذ الدكتور محمد عيسى في كتاباته عن قيمة تألف القلوب وإصلاحها وفي هذا المقال عرض لما قاله (حفظه الله) من خلال محورين:
المحور الأول: قيمة تألف القلوب
يقول الأستاذ الدكتور محمد عيسى عن قيمة تألف القلوب:
"لعل من أقرب السبل وأيسرها لتأليف القلوب، واستجلاب الخير والمودة، وكمال الإيمان، وصلاح الحال، والفوز بدخول الجنة: (إلقاء التحية وإفشاء السلام)؛ ففي الحديث عنه ﷺ: "لا تدخلون الجنةَ حتى تُؤمنوا، ولا تُؤمنوا حتى تحابّوا، ألا أدلّكم على شيءٍ إذا فعلتُموه تحاببتم؟ أفشوا السلامَ بينكم".
وقد ذكر البخاري -رحمه الله -في صحيحه عن عمار بن ياسر: "ثلاث من جمعهن فقد جمع الإيمان: الإنصاف من نفسك، وبذل السلام للعالم، والإنفاق من الاقتار".
لكن "إفشاء السلام" في حقيقته، ليس لفظةً تُنطق، أو عبارة مجاملة؛ وإنما هو سلوك يُتّبع، يخلق الوئام وينبذ الكراهية، يجمع ولا يفرق، ويبني ولا يهدم، ويُوقد مشاعر الأمل والوفاق، بدلًا من إضرام نيران اليأس والتقاطع والشحناء.
وإذا حيانا أحد بتحية فواجبنا أحد أمرين:
الأول-رد التحية بمثلها؛ أي بالألفاظ نفسها التي قيلت لنا، فإذا قيل: السلام عليكم، قلنا: وعليكم السلام، وإذا قيل: صباح الخير، قلنا: صباح الخير.
الآخر- رد التحية بأحسن منها؛ فنزيد فى الألفاظ؛ فإذا قيل: السلام عليكم، قلنا: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وإذا قيل: أهلًا، قلنا أهلًا وسهلًا، وفى هذا جاء قوله تعالى: “وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا"
ونلاحظ أن كلمة (بِتَحِيَّةٍ) جاءت نكرة، والنكرة هنا تفيد العموم، وتقدير الكلام - والله أعلم- وإذا حييتم بأي تحيةٍ حسنةٍ فردوها، مثل: السلام عليكم ورحمة الله، أو صباح الخير، أو مساء الخير، وغير ذلك من عبارات التحايا الحسنة، فكلها يستفاد منها السلام الذي هو ضد العدوان، وهو المقصود من إفشاء السلام.
حياكم الله تعالى، وبارك يومكم، وأسعد قلوبكم بكل جميل تتمنونه منه سبحانه"
المحور الثاني
*قيمة إصلاح القلب :
يقول الأستاذ الدكتور محمد عيسى عن قيمة إصلاح القلوب:
من أراد أن ينعم الله عليه ويجعله من المقبولين الفائزين برضاه والنجاة من النار بإذنه سبحانه وتعالى، فليصلح قلبه، فلا يحمل في نفسه غِشًا لأحدٍ، وليكن صادقًا في كل أموره: في المعاملة، وفي البيع، وفي الشراء، وفي المشورة، وفي النصيحة؛ ففي الحديثِ: «من حمل علينا السلاح فليس منا، ومن غشنا فليس منا». رواه مسلم.
ولا يحسد أحدًا على خير أعطاه الله إياه؛ فشرُّ ما مُلِئ به القلبُ بعد الشِرك بالله هو الحسد، والحسد أول ذنبٍ عُصيَ الله به في السماء، فما حمل إبليس على كره آدم عليه السلام ثم عدم الامتثال لأمر الله سبحانه بالسجود إلا الحسد، وفي الحديث «إياكم والحسد؛ فإن الحسد يأكل الحسناتِ كما تأكل النارُ الحطب"»
أسألُ الله تعالى أن يصلح قلوبنا وأن يطهرها من الذنوب والمعايب، وأن يرزقنا العفو والعافية والمعافاة.
اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عنّا"
فلنحرص إن على تألف القلوب وإصلاحها من خلال التحلي بمكارم الأخلاق، والإخلاص والإيمان الصادق، وحب الخير للآخرين.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى