لم تقم الحياة يوماً على وجهة نظرٍ واحدة، ولم تبنى الحضارة الإنسانية أو تتطور على أساس تبعيتها لحضارة واحدة، كما أن الطبيعة لا تتكون فقط من عنصر واحد ولا يمكننا اختصار الألوان في لونٍ واحد..
تلك حقائق يعرفها الجميع صغاراً وكباراً حول العالم ولكن على ما يبدو فإن هناك لبساً أو نوعاً من الرفض لها ولأخذ الطبيعة مجراها في الكثير من الأماكن والعقول حول العالم، حيث لا تزال هناك من يؤمن بتفوق عرق أو شعب أو جنسية على الأخرى مع أن هذا الأمر معاكس للفطرة والمنطق والعدل ومضاد لحركة التاريخ الذي لا زلنا كل يوم نكتشف الجديد فيه ونجد نظريات تنفي نظرياتٍ أخرى آمن بها البشر لسنوات، وهو ما ليس حكراً على الفكر الإنساني بل يمتد ليشمل العلوم والطب حيث تبنى على الأبحاث العلمية المستمرة اكتشافات تظهر أن العديد من الأدوية والعلاجات (الموصى بها) لم تعد كذلك بعد اتضاح أضرار لها على المدى البعيد..
وبرغم أننا كشعوب نبحث عن متنفس من خلال الثقافة والترفيه الذي يجمعنا رغم اختلافاتنا لنتعرف على بعضنا إلا أن ما حدث مؤخراً على الصعيد الرياضي والسياسي في مباريات كأس العالم الحالية أثبت عدم وجود (روح رياضية)، كما أكد استمرار النزعة الفوقية والإستعلائية الإستعمارية للدول الأوروبية وحتى دون أدنى مبرر حيث لم يتوقف الموضوع عند حدٍ معين، كما بدأ بالحديث العاصف عن اختلاف القيم بين الشرق والغرب (والذي قد يشهد تغيرات جذرية لاحقاً في بلدانه تبعاً للتحولات الإقتصادية والإجتماعية المتسارعة)، بل انتقلنا للحديث عن مبدأ احترام الآخر وثقافة الآخر وقيمه والتي يفترض أنها خارج النقاش، ولكن الجديد هو أن يملى علينا من الخارج كيف ندير شؤوننا الخاصة في بلادنا على اعتبار أننا أقل منهم ولازلنا ننتظر توجيهاتهم، وتعود بي الذاكرة إلى دولة لها ثقافتها كالصين وهي كما تعلمون دولة غير عربية أو إسلامية عندما فرضت على الكثير من الفنانات الغربيات مثل (بريتني سبيرز، شاكيرا، جينيفر لوبيز، بيونسيه) الحشمة في الملبس وفي الأداء على المسرح وتم الأمر بمنتهى الهدوء حيث امتثلوا جميعاً للشروط الصينية عند تأدية عروضهم، ووسط هذا الهجوم والجدل لاحظنا صمت أقلام من كانوا يدافعون عن الحريات ويطالبون العرب والمسلمين بتطبيق الوصايا الغربية عند الذهاب إلى الخارج (وهو حقهم لأننا من ذهب إلى هناك) مع أنه ينافي أبسط مبادىء الحرية الشخصية، وظلت مقالاتهم على الحياد الذي لم نعتده منهم حيث كان كل ما ينتمي لثقافتنا محل انتقاد وهجوم واستهزاء وغمز ولمز من قبلهم على الدوام، ومع شيوع استخدام المصطلحات الرياضية (التي لا أعرفها) نستطيع أن نقول أن هذا (الصمت الكاذب) هو هدف جديد يسجله المواطن العادي البسيط في مرمى أدعياء الثقافة والحرية والتطور وأصحاب التوجهات الإنتهازية ويكشف أنهم ليسوا معه كما يدعون..
ولا شك أن تراثنا جميعاً هو جزء من هويتنا وإن لم نمارسه لكن ممارسات كالسخرية من الثوب الأبيض وهو الزي التراثي في قطر وأغلب الدول العربية مع تعديلات وإضافات تبعاً لموروث كل بلد هو أمر غير مقبول حتى بعد الإعتذار السخيف الذي قدمه مذيع في إحدى القنوات الألمانية، وهو ما لا ينفصل عن التحريض المستمر الذي أشعل الجدل في وسائل الإعلام الغربية خاصةً في ألمانيا وفرنسا، والذي امتد ليشمل التخوين والتشكيك في كل من يشجع المنتخب المغربي أو حتى يعلق بكلمة عربية حيث نصبت المحاكمات التي تستوجب الإعتذار عند استخدام أحد النواب الفرنسيين من أصول مغاربية كلمة (ماشاء الله)، كما هاجم الإعلام والصحف في كل من فرنسا وألمانيا رفع العلم الفلسطيني إلى جانب المغربي بعد انتصار فريقه واعتبر (معاداة للسامية) وسلوكاً غير مقبول يستوجب اعتذاراً رسمياً، وبشكل خاص عبر صحيفة (تاز) الألمانية و قناتي(C news) و(BFM) الفرنسيتين ومحطة (Europe 1) الإذاعية عدا عن القنوات الرسمية الأخرى، فمن أنتم لتملوا على شبابنا مواقفه وهو يقف على أرض عربية خاصةً بعد المقاطعة الكبرى لوسائل الإعلام الصهيونية من مختلف شعوب العالم وليس فقط العرب..
المنتخب المغربي إلى جانب كافة المنتخبات العربية التي نعتز بها جميعاً (مع أنني لا أتابع كرة القدم) هو منتخب وطني عكس ثقافة شعبه، عكس أن الهوية الوطنية المغربية تتسع للعرب والأمازيغ وتتكامل مع هويته الإفريقية كالكثير من الدول العربية وغير العربية التي تحمل هوية متعددة القوميات، وعكس أن هذا المنتخب من مختلف شرائح المجتمع المغربي لا زال محتفظ بقيمه وأصالته فاكتسحت صور الأمهات المغربيات التلقائية العفوية والطبيعية جداً مختلف وسائل الإعلام، هؤلاء السيدات الجميلات ببساطتهن كن أجمل نساء العالم بدون الحاجة إلى ثياب باهظة أو أي نوع من أنواع الزينة حيث كانت العيون تلاحقهن طوال الوقت وكأننا وقعنا على كنزٍ ثمين لم نجد له مثيلاً منذ زمن، نساء من زمن الحب يحتفلن ويرقصن بعفوية ويبكين فرحاً بنجاح أبنائهن، وهذه السيدات هن من قام بتربية هؤلاء الرجال الذين اختاروا بإرادتهم إلى جانب الجماهير المغربية والعربية رفع علم فلسطين في أبلغ رد على كل ما يراد لنا، ولذلك كانت الحملة المسعورة عليهم وحاولت بعض وسائل الإعلام الغربية السخرية من أصول ومهن بعض أهالي اللاعبين حيث كانت الوالدة مدبرة منزل وكان الوالد بائعاً متجولاً..
وقد أعطت هذه المناسبة الشعوب حول العالم الفرصة للتعارف بغض النظر عن تحريض الإعلام وتوجيهه وأثبتت أننا كبشر لا نعرف الكثير عن بعضنا، فالغرب ليس ذلك المكان الحافل بالتطور والرفاهية والحرية ولا يشبه الصورة المثالية الخارقة التي تصدر لنا في الأفلام الأميريكية، كما أن الشرق ليس نسخةً عن حكايات (ألف ليلة وليلة) والجواري والنساء اللواتي يرتدين النقاب فوق بدلة للرقص الشرقي وليس مصدراً للإرهاب كما يريد اعلام الغرب اظهارنا، ولربما تكون الدروس المستفادة من هذا الحدث هو أن سكان العالم رغم امتلاكهم لشتى مصادر البحث والمعرفة لازالوا يجهلون بعضهم ولازال الكثيرون مصرين على رؤية ما يريدون رؤيته بغض النظر عن صدقه، وقد آن الأوان أن نقدر أنفسنا ونحترمها وننسى شعورنا بالنقص تجاه الغرب من خلال تقدير ثقافتنا وتعاملنا مع الآخرين بناءاً على هذا الشعور، حيث كلنا بشر قيمتنا في عطائنا مهما كان بسيطاً، ونستطيع أن ننجح وأن نصل إلى أعلى المراتب دون أن نتنازل عن هويتنا، حيث لا يمنعنا التعامل بمنتهى الود أن نقف بعزة نداً لند، فلكل منا دوره ومكانه وقيمته وستشرق الشمس من بلادنا ثانيةً كما أشرقت من المغرب..
خالد جهاد..
تلك حقائق يعرفها الجميع صغاراً وكباراً حول العالم ولكن على ما يبدو فإن هناك لبساً أو نوعاً من الرفض لها ولأخذ الطبيعة مجراها في الكثير من الأماكن والعقول حول العالم، حيث لا تزال هناك من يؤمن بتفوق عرق أو شعب أو جنسية على الأخرى مع أن هذا الأمر معاكس للفطرة والمنطق والعدل ومضاد لحركة التاريخ الذي لا زلنا كل يوم نكتشف الجديد فيه ونجد نظريات تنفي نظرياتٍ أخرى آمن بها البشر لسنوات، وهو ما ليس حكراً على الفكر الإنساني بل يمتد ليشمل العلوم والطب حيث تبنى على الأبحاث العلمية المستمرة اكتشافات تظهر أن العديد من الأدوية والعلاجات (الموصى بها) لم تعد كذلك بعد اتضاح أضرار لها على المدى البعيد..
وبرغم أننا كشعوب نبحث عن متنفس من خلال الثقافة والترفيه الذي يجمعنا رغم اختلافاتنا لنتعرف على بعضنا إلا أن ما حدث مؤخراً على الصعيد الرياضي والسياسي في مباريات كأس العالم الحالية أثبت عدم وجود (روح رياضية)، كما أكد استمرار النزعة الفوقية والإستعلائية الإستعمارية للدول الأوروبية وحتى دون أدنى مبرر حيث لم يتوقف الموضوع عند حدٍ معين، كما بدأ بالحديث العاصف عن اختلاف القيم بين الشرق والغرب (والذي قد يشهد تغيرات جذرية لاحقاً في بلدانه تبعاً للتحولات الإقتصادية والإجتماعية المتسارعة)، بل انتقلنا للحديث عن مبدأ احترام الآخر وثقافة الآخر وقيمه والتي يفترض أنها خارج النقاش، ولكن الجديد هو أن يملى علينا من الخارج كيف ندير شؤوننا الخاصة في بلادنا على اعتبار أننا أقل منهم ولازلنا ننتظر توجيهاتهم، وتعود بي الذاكرة إلى دولة لها ثقافتها كالصين وهي كما تعلمون دولة غير عربية أو إسلامية عندما فرضت على الكثير من الفنانات الغربيات مثل (بريتني سبيرز، شاكيرا، جينيفر لوبيز، بيونسيه) الحشمة في الملبس وفي الأداء على المسرح وتم الأمر بمنتهى الهدوء حيث امتثلوا جميعاً للشروط الصينية عند تأدية عروضهم، ووسط هذا الهجوم والجدل لاحظنا صمت أقلام من كانوا يدافعون عن الحريات ويطالبون العرب والمسلمين بتطبيق الوصايا الغربية عند الذهاب إلى الخارج (وهو حقهم لأننا من ذهب إلى هناك) مع أنه ينافي أبسط مبادىء الحرية الشخصية، وظلت مقالاتهم على الحياد الذي لم نعتده منهم حيث كان كل ما ينتمي لثقافتنا محل انتقاد وهجوم واستهزاء وغمز ولمز من قبلهم على الدوام، ومع شيوع استخدام المصطلحات الرياضية (التي لا أعرفها) نستطيع أن نقول أن هذا (الصمت الكاذب) هو هدف جديد يسجله المواطن العادي البسيط في مرمى أدعياء الثقافة والحرية والتطور وأصحاب التوجهات الإنتهازية ويكشف أنهم ليسوا معه كما يدعون..
ولا شك أن تراثنا جميعاً هو جزء من هويتنا وإن لم نمارسه لكن ممارسات كالسخرية من الثوب الأبيض وهو الزي التراثي في قطر وأغلب الدول العربية مع تعديلات وإضافات تبعاً لموروث كل بلد هو أمر غير مقبول حتى بعد الإعتذار السخيف الذي قدمه مذيع في إحدى القنوات الألمانية، وهو ما لا ينفصل عن التحريض المستمر الذي أشعل الجدل في وسائل الإعلام الغربية خاصةً في ألمانيا وفرنسا، والذي امتد ليشمل التخوين والتشكيك في كل من يشجع المنتخب المغربي أو حتى يعلق بكلمة عربية حيث نصبت المحاكمات التي تستوجب الإعتذار عند استخدام أحد النواب الفرنسيين من أصول مغاربية كلمة (ماشاء الله)، كما هاجم الإعلام والصحف في كل من فرنسا وألمانيا رفع العلم الفلسطيني إلى جانب المغربي بعد انتصار فريقه واعتبر (معاداة للسامية) وسلوكاً غير مقبول يستوجب اعتذاراً رسمياً، وبشكل خاص عبر صحيفة (تاز) الألمانية و قناتي(C news) و(BFM) الفرنسيتين ومحطة (Europe 1) الإذاعية عدا عن القنوات الرسمية الأخرى، فمن أنتم لتملوا على شبابنا مواقفه وهو يقف على أرض عربية خاصةً بعد المقاطعة الكبرى لوسائل الإعلام الصهيونية من مختلف شعوب العالم وليس فقط العرب..
المنتخب المغربي إلى جانب كافة المنتخبات العربية التي نعتز بها جميعاً (مع أنني لا أتابع كرة القدم) هو منتخب وطني عكس ثقافة شعبه، عكس أن الهوية الوطنية المغربية تتسع للعرب والأمازيغ وتتكامل مع هويته الإفريقية كالكثير من الدول العربية وغير العربية التي تحمل هوية متعددة القوميات، وعكس أن هذا المنتخب من مختلف شرائح المجتمع المغربي لا زال محتفظ بقيمه وأصالته فاكتسحت صور الأمهات المغربيات التلقائية العفوية والطبيعية جداً مختلف وسائل الإعلام، هؤلاء السيدات الجميلات ببساطتهن كن أجمل نساء العالم بدون الحاجة إلى ثياب باهظة أو أي نوع من أنواع الزينة حيث كانت العيون تلاحقهن طوال الوقت وكأننا وقعنا على كنزٍ ثمين لم نجد له مثيلاً منذ زمن، نساء من زمن الحب يحتفلن ويرقصن بعفوية ويبكين فرحاً بنجاح أبنائهن، وهذه السيدات هن من قام بتربية هؤلاء الرجال الذين اختاروا بإرادتهم إلى جانب الجماهير المغربية والعربية رفع علم فلسطين في أبلغ رد على كل ما يراد لنا، ولذلك كانت الحملة المسعورة عليهم وحاولت بعض وسائل الإعلام الغربية السخرية من أصول ومهن بعض أهالي اللاعبين حيث كانت الوالدة مدبرة منزل وكان الوالد بائعاً متجولاً..
وقد أعطت هذه المناسبة الشعوب حول العالم الفرصة للتعارف بغض النظر عن تحريض الإعلام وتوجيهه وأثبتت أننا كبشر لا نعرف الكثير عن بعضنا، فالغرب ليس ذلك المكان الحافل بالتطور والرفاهية والحرية ولا يشبه الصورة المثالية الخارقة التي تصدر لنا في الأفلام الأميريكية، كما أن الشرق ليس نسخةً عن حكايات (ألف ليلة وليلة) والجواري والنساء اللواتي يرتدين النقاب فوق بدلة للرقص الشرقي وليس مصدراً للإرهاب كما يريد اعلام الغرب اظهارنا، ولربما تكون الدروس المستفادة من هذا الحدث هو أن سكان العالم رغم امتلاكهم لشتى مصادر البحث والمعرفة لازالوا يجهلون بعضهم ولازال الكثيرون مصرين على رؤية ما يريدون رؤيته بغض النظر عن صدقه، وقد آن الأوان أن نقدر أنفسنا ونحترمها وننسى شعورنا بالنقص تجاه الغرب من خلال تقدير ثقافتنا وتعاملنا مع الآخرين بناءاً على هذا الشعور، حيث كلنا بشر قيمتنا في عطائنا مهما كان بسيطاً، ونستطيع أن ننجح وأن نصل إلى أعلى المراتب دون أن نتنازل عن هويتنا، حيث لا يمنعنا التعامل بمنتهى الود أن نقف بعزة نداً لند، فلكل منا دوره ومكانه وقيمته وستشرق الشمس من بلادنا ثانيةً كما أشرقت من المغرب..
خالد جهاد..