عبيد العياشي - شيخوخة

مثلمَا كنّا سنبْقى فقراءْ
نحن ناضلنا معًا حتّى هرمْنا
ثمَّ ها نحنُ التقينا مرّة أخرى
شيوخًا غرباءْ .
فلندعْ تلك المسيرَهْ،
لم نعد نقوى على السير طويلا
ولنُقمْ في هذه المقهى
لديّ اليوم ما يكفي
لشايٍ وفطيرهْ.
آه يا غاليتي ..
مرّتِ الأعوامُ تجري
وأنا أعمى البصيرَهْ
لا أرى ما فيكِ من دفءٍ شفيفٍ
وانعتاقٍ وبهاءْ،
لا أرى الوجهَ المُوشّى نمشاً،
لا أرى السُّحنةَ تزهو.. كبرياءْ .
لا أرى حتّى لماذا
كنتِ تبكين كثيراً
ولماذا كنتِ تخفين علاماتِ البكاءْ
لا أرى تلك التّفاصيلَ الصّغيرهْ .
مِرفقٌ في مِرفقٍ كنّا معا
نذرعُ الشّارعَ
والسّاحاتِ صيفا وشتاءْ،
نتخطّى حاجزَ البوليسِ
لا نخشى النّداءْ،
نرفعُ الأعلامِ والرّاياتِ، نعدو
بين هاتيك الجماهير الغفيرهْ.
أجملَ الأيّام كانت
يا أميرهْ !
فتيةً كنّا.. وها نحن:
شيوخٌ ضعفاءْ .
ما الذي يحزنُك اليوم معي ،
رِعشةٌ في شفتي السّفلى، ترى
أم بياضُ الشَّعر في تلك الضّفيرهْ ؟
آهِ.. يا غاليتي
أنتِ تبكين لأمرٍ واحدٍ
وأنا أبكي لأسبابٍ كثيرهْ !!.

ــــــــــــــ شعر: عبيد العياشي/ تونس
.
أعلى