د. محمد عباس محمد عرابي - إنفاق وعطاء.. قراءة في الثواب والمفهوم

يدور هذا المقال عن الإنفاق والعطاء (قراءة في الثواب والمفهوم .)من خلال محورين :

المحور الأول: ثواب الصدقة:

ثواب الصدقة عظيم في الدنيا والآخرة ؛لذا نجد أن الموتى يتمنون العودة للدنيا مرة أخرى حتى يتصدقون لعظم ما رأوا من ثواب وأجر الصدقة الذي أعده الله للمتصدقين ؛ يقول تعالى:" وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ(المنافقين /آية 10)

فثواب وفضل الصدقة عظيم :

يقول اللَّهُ تَبارَكَ وتَعالَى في الحديث القدسي الذي رواه أبو هريرة(رضي الله عنه ): أَنه سمع رسولَ اللَّه ﷺ يَقُولُ .يقول الله تعالى : يا ابْنَ آدَمَ أنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ وقالَ يَمِينُ اللهِ مَلأَى، وقالَ ابنُ نُمَيْرٍ مَلآنُ، سَحّاءُ لا يَغِيضُها شيءٌ اللَّيْلَ والنَّهارَ."أخرجه البخاري (4684، 7411)، ومسلم (993).

ويقول تعالى: {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ} [البقرة: 272] ويقول سبحانه :"{مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ } [البقرة: 261]،

وفي الأحاديث النبوية: عن أَبي كَبْشَةَ عمرو بن سَعدٍ الأَنْمَاريِّ (رضي الله عنه ): أَنه سمع رسولَ اللَّه ﷺ يَقُولُ: "ثَلاثَةٌ أُقْسِمُ عَلَيهِنَّ، وَأُحَدِّثُكُم حَدِيثًا فَاحْفَظُوهُ: مَا نَقَصَ مَالُ عَبدٍ مِن صَدَقَةٍ، وَلا ظُلِمَ عَبْدٌ مَظْلَمَةً صَبَرَ عَلَيهَا إِلَّا زَادَهُ اللَّهُ عِزًّا، وَلا فَتَحَ عَبْدٌ بَابَ مَسأَلَةٍ إِلَّا فَتَحَ اللَّه عَلَيْهِ بَابَ فَقْرٍ -أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا- وَأُحَدِّثُكُم حَدِيثًا فَاحْفَظُوهُ"

وعن أبي هُريرة (رضي الله عنه ): أَنَّ رسولَ اللَّه ﷺ قَالَ: مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ، وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلَّا عِزًّا، وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ للَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ . رواه مسلم.

كما أن المُنفقين كـالشهداء .. "لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ".

فقد جاء في القرآن الكريم " لا خوف عليهم ولا هم يحزنون " فعلا في حق الشهداء والمُنفقين ..٠

يقول تعالى في حق المُنفقين

"الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ". البقرة / آية 274 ..

وجاءت أيضًا في حق الشهداء في

وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ

يَلْحَقُوا بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ" آل عمران/169

كما أن الصدقة زكاة وطهرة للمتصدق يقول تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا } [التوبة: 103].

*المحور الثاني :قراءة في مفهوم العطاء :
عن مفهوم العطاء يقول فضيلة الشيخ عبدالباري بن عواض الثبيتي:" العطاءُ فكرةٌ نافعةٌ تُهدِيها في عملِك ولمُجتمعِك، عطاءُ مالٍ وعطاءُ علمٍ ومعرفةٍ ومعلوماتٍ وخبرةٍ، عطاءُ نفسٍ من جاهٍ، عطاءٌ من وقتٍ وسُمعةٍ وشفاعةٍ، عطاءُ جسَدٍ من خدمةٍ وإماطةِ أذى ومشيٍ في مصالِحِ الناس، وعطاءُ تضحيةٍ ببذلِ النفسِ في سبيلِ الله.

بابُ العطاء واسعٌ؛ بالعفو عمَّن ظلمَك، والتجاوُز لمن أساء إليك، صِلَة من قطعَك، بدعوة المُسلمين ودعوةِ غير المُسلمين، وقَبولِ عُذر المُعتذِرين، وعثرَة العاثِرين، والتنازُلُ عن بعض حقوقِك عطاءٌ.

العطاءُ بابٌ مُشرَعٌ لكل فئاتِ وطبقاتِ الناس، وهو سهلٌ يسيرٌ؛ ابتسامةٌ، زيارةٌ، كلمةٌ طيبةٌ، دعاءٌ، نفقةٌ، دواءُ طبيبٍ. فلِمَ لا نلِجُ بابَ العطاء؟! لِمَ لا نتعلَّمُ العطاء ونسقِي منه مُجتمعَنا ووطنَنا وأُمَّتَنا؟!

وتبين الأستاذة /آية زقزوق في مقال لها بعنوان أثر العطاء وقيمته في الدين الاسلامي:" العطاء مفهوم واسع فقد يتبادر للأذهان عند سماعهم كلمه عطاء هو المال فقط، بينما العطاء هو منح شيء مما يملكه الإنسان يدل على كرمه وجوده وحسن خلقه، ولا يشترط أبداً أن يكون مال أو أمر مادي، فأنواع العطاء كثيرة ومتعددة، يشترك بينها النية الطيبة وحسن الخلق في تقديم ما يعطى. كما تبين أن العطاء يطهر النفس وهي من أهم الأمور، فالشعر الذي يعطي من حوله لا يكون أناني ولا لديه مشاعر خبيثة ولا يفضل نفسه دائماً، فالعطاء يذكي النفوس."

و صدق القائل عن العطاء :"ﺇﻥ ﻓﻘﺪﺕ ﻣﻜﺎﻥ ﺑﺬﻭﺭﻙ ﺍﻟﺘﻲ ﺑﺬﺭﺗﻬﺎ ﻳﻮﻣﺎ

ﺳﻴﺨﺒﺮﻙ ﺍﻟﻤﻄﺮ ﺃﻳﻦزﺭﻋﺘﻬﺎ

ﻟﺬﺍ ﺇﺑﺬﺭ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﻓﻮﻕ ﺃﻱ ﺃﺭﺽ ﻭﺗﺤﺖ ﺃﻱ ﺳﻤﺎﺀ ﻭﻣﻊ ﺃﻱ ﺃﺣﺪ.

ﻓﺄﻧﺖ ﻻ ﺗﻌﻠﻢ ﺃﻳﻦ ﺗﺠﺪﻩ ﻭﻣﺘﻰ ﺗﺠﺪﻩ؟

ﺇﺯﺭﻉ ﺟﻤﻴﻼ ﻭﻟﻮ ﻓﻲ ﻏﻴﺮ ﻣﻮﺿﻌﻪ

ﻓﻼ ﻳﻀﻴﻊ ﺟﻤﻴﻼ ﺃﻳﻨﻤﺎ ﺯﺭﻋﺎ.

ﻓﻤﺎ ﺃﺟﻤﻞ ﺍﻟﻌﻄﺎﺀ.

ﻓﻘﺪ ﺗﺠﺪ ﺟﺰﺍﺀﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺃﻭ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻚ ﺫﺧﺮﺍ ﻓﻲ ﺍﻵﺧﺮﺓ.

ﻻ ﺗﺴﺮﻕ ﻓﺮﺣﺔ ﺃﺣﺪ ﻭﻻ تقهر ﻗﻠﺐ ﺃﺣﺪ

ﺃﻋﻤﺎﺭﻧﺎ ﻗﺼﻴﺮﺓ ﻭﻓﻲ ﻗﺒﻮﺭﻧﺎ ﻧﺤﺘﺎﺝ ﻣﻦ ﻳﺪﻋﻲ ﻟﻨﺎ ﻻ علينا

ﻋﻮﺩﻭﺍ ﺃﻧﻔﺴﻜﻢ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺃﻳﺎﻣﻜﻢ ﺍﺣﺘﺮﺍﻡ، ﺇﻧﺴﺎﻧﻴﺔ، ﺇﺣﺴﺎﻥ، حياة

ﻓﺎﻟﺒﺼﻤﺔ ﺍﻟﺠﻤﻴﻠﺔ ﺗﺒﻘﻰ ﻭﺇﻥ ﻏﺎﺏ ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ"منقول للفائدة

وختامًا ندعو الله تعالى أن يوفقنا للعطاء والإنفاق .آمين .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى