مقدمة:
في شأن بعض المستجدات التي أتي بها القانون رقم 15 38
المتعلق بالتنظيم القضائي للمملكة
أتى هذا القانون بالعديد من المستجدات من بينها :
أولا : عصرنة وتحديث الإجراءات القضائية . ويتجلى ذلك في ما نصت عليه المادة 25 من أن المحاكم تعتمد الإدارة الإلكترونية للإجراءات والمساطر القضائية وفق برامج تحديث الإدارة القضائية التي تضعها وتنفذها الوزارة المكلفة بالعدل . وذلك بتنسيق وثيق مع المجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة . كل في ما يخصه .
ثانيا : إحداث لجنة على صعيد كل محكمة لبحث صعوبات سير العمل بها وإيجاد الحلول المناسبة لذلك ( الفقرة الثانية من المادة 18 ) . وتعمل تحت إشراف :
1) بالنسبة لمحاكم الدرجة الأولى : رئيس المحكمة ، وعضوية وكيل الملك لديها ورئيس كتابة الضبط ورئيس كتابة النيابة العامة ونقيب هيئة المحامين في دائرة نفوذ المحكمة أو من يمثله ،
2) بالنسبة لمحاكم الدرجة الثانية : الرئيس الأول للمحكمة ، وعضوية الوكيل العام للملك لديها ورئيس كتابة الضبط ورئيس كتابة النيابة العامة ونقيب هيئة المحامين في دائرة نفوذ المحكمة أو من يمثله ،
والملاحظ أن هذه اللجنة التي كانت ثلاثية فقط ( تتألف من رئيس المحكمة ووكيل الملك والنقيب بالنسبة لمحاكم الدرجة الأولى ، ومن الرئيس الأول والوكيل العام للملك والنقيب بالنسبة لمحاكم الدرجة الثانية ) وتمارس مهامها بصفة عرفية قبل أن تصير لها طبيعة قانونية ، هي غير لجان التنسيق المنصوص عليها في المادة 24 منه التي تتألف فقط من الرؤساء الأولين لمحاكم الاستئناف ورؤساء المحاكم الابتدائية والوكلاء العامين والوكلاء بها .
ثالثا : حدد في المادة 19 منه المقصود من جهاز كتابة الضبط في مدلوله . فبين أن موظفي كتابة الضبط الذين يمارسون مهامهم بالمحكمة إما بكتابة الضبط وإما بكتابة النيابة العامة ، يتشكلون من موظفي كتابة الضبط وباقي الموظفين النظاميين العاملين بالمحكمة .
وميز في المهام التي يقوم بها موظفو كتابة الضبط وموظفو كتابة النيابة العامة بين مهامهم ذات الطبيعة القضائية التي جعل ممارستهم لها تحت سلطة ومراقبة المسؤولين القضائيين كل في مجال اختصاصه . ومهامهم الإدارية والمالية التي جعلهم خاضعين بالنسبة إليها لسلطة ومراقبة الوزير المكلف بالعدل ، ولإشراف المسؤولين القضائيين والإداريين بالمحكمة ، كل في مجال اختصاصه ( المادة 19 بالنسبة لكتاب الضبط وكتاب النيابة العامة والمادة 23 بالنسبة لرؤساء كتابة الضبط ورؤساء كتابة النيابة العامة ) .
وهذا الازدواج في المهام بالرغم مما يظهر لأول وهلة من أنه لا يمكن أن يثير أي إشكال من الناحية النظرية ، إلا أن عددا من المشاكل يمكن أن تنتج عنه في العمل :
أولا : في ما يخص المعيار الدقيق الذي ينبغي اتباعه للتمييز في الإجراءات التي يقوم بها كتاب الضبط وكتاب النيابة العامة بين ما هو قضائي وما هو إداري ( المجلس الأعلى للسلطة القضائية يعتبر عملا قضائيا كل عمل يقوم به كاتب الضبط أو كاتب النيابة العامة من وقت تسجيل المقال أو الشكاية إلى حيا انتهاء أي إجراء في الدعوى أو الشكاية ) .
وثانيا : في تحديد الجهة التي تكون مختصة في تفتيش هؤلاء الكتاب عندما تكون المخالفات متصلة بمهامهم ذات الطبيعة القضائية أو الإدارية ، التي جاءت مقتضيات المادتين 98 و 99 منه توضحان أنها هي المفتشية العامة للشؤون القضائية والمفتشية العامة للوزارة المكلفة بالعدل ، كل في حدود اختصاصاته المحددة طبقا للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل . وهو ما يفهم منه أن هذه الجهة هي المفتشية العامة للشؤون القضائية التابعة للمجلس الأعلى للسلطة القضائية بالنسبة لما يتعلق بمهامهم القضائية ، والمفتشية العامة للوزارة المكلفة بالعدل في ما يتصل بالمهام ذات الطبيعة الإدارية .
رابعا : النص على وجوب أن تحرر الأحكام كاملة قبل النطق بها مع مراعاة ما تقتضيه المساطر بشأن تحرير أحكام بعض القضايا الزجرية ( المادة 15 منه ) .
ولكنه لم ينص على الجزاء المترتب عن عدم احترام ذلك . علما بأن بعض القوانين المسطرية في بعض الدول ( مصر مثلا ) ، أوقعت جزاء البطلان إذا لم يحرر الحكم الجنائي داخل أجل 8 أيام من تاريخ النطق به . مستندة في ذلك إلى أن التأخر في التحرير قرينة على عدم استيعاب الهيئة القضية التي أصدرت فيها هذا الحكم غير المحرر .
خامسا : النص في الفقرة 4 من المادة 15 منه على أن الأحكام النهائية وكذا الأحكام القابلة للتنفيذ الصادرة عن القضاء ملزمة للجميع . وهي عيارة استوحاها من نص الفقرة الأولى من الفصل 126 من الدستور التي جاءت تنص على ما يأتي : " الأحكام النهائية الصادرة عن القضاء ملزمة للجميع . رغم الانتقادات التي كانت توجه إليها :
من جهة أولى ، بسبب عدم وضوح الفرق عند العديد من المشتغلين بالقانون بين الحكم الانتهائي والحكم النهائي . وذلك بالرغم من أن أغلبية الفقه تطلق الصفة النهائية على الأحكام الباتة التي لا تقبل أي طعن من طرق الطعن ، والصفة الانتهائية على الأحكام غير القابلة للاستئناف الصادرة عن المحاكم الابتدائية وعلى الأحكام غير الغيابية الصادرة عن محاكم الاستئناف .
ومن جهة ثانية ، بسبب تعارض هذا النص مع المبدأ الشهير المستقر في القانون والاجتهاد والفقه . وهو مبدأ الأثر النسبي للأحكام ، الذي يجعل أثرها قاصرا فقط على من كان طرفا فيها بشخصه أو بممثل عنه وعلى خلفه سواء كان هذا الخلف عاما كالوارث أو خاصا كالمشتري . مع بعض الاستثناءات التي كان العمل جاريا بها في القضايا الجنائية أو في بعض القضايا ذات الطبيعة العينية غير الشخصية كالأحكام الصادرة في الطعون الانتخابية ونحوها ، التي كان القضاء يطبق بشأنها مبدأ الأثر المطلق للحكم الذي يجعله ساريا على الكافة .
ومن جهة ثالثة ، بسبب تعارضه البين الواضح مع بعض المساطر التي يخولها القانون للغير المتضرر من هذه الأحكام من أجل التظلم منها أو محاولة رفع أو درء ضررها عنه . كالطعن بطريق الخارج عن الخصومة ومساطر الصعوبات في التنفيذ .
سادسا : النص في المادة 17 منه على عدم حضور قضاة النيابة العامة مداولة قضاة الأحكام . وهو سلوك كان المشتغلون بالقانون ينتقدونه أولا ، بسبب ما كان ينتج عنه من حرج بالنسبة لقضاة الحكم . وثانيا ، بسبب ما كانوا يعتبرونه مسا بمبدأ المساواة بين أطراف الخصومة باعتبار أن النيابة العامة مدافع عن الحق العام تكون أحيانا طرفا أصيلا أو منضما في الدعوى وخاصة في القضايا التأديبية على سبيل المثال ، ومع ذلك تحضر إلى مداولات قضاة الحكم في غيبة من اطراف الدعوى الآخرين والمدافعين عن الحق الخاص . في إخلال خطير بمبدأ مساواة المتقاضين أمام القضاء .
سابعا : النص في الفقرة الأولى من المادة 18 منه على أنه من الواجب على السلطات العمومية تقديم المساعدة اللازمة أثناء المحكمة إذا صدر إليها الأمر بذلك من قبل الجهات القضائية المختصة . كما يجب عليها المساعدة على تنفيذ الأحكام . وهي فقرة منقولة حرفيا من نص الفقرة الثانية من الفصل 126 من الدستور .
وهذا المقتضى بالرغم من أهميته العملية التي تحل العديد من الإشكالات والعراقيل وخاصة أثناء عمليات تنفيذ الأحكام ، إلا أن الملاحظ أن نص هذه المادة لم يوضح هذه السلطات العمومية الواجب عليها تسخير القوة العمومية عند الاقتضاء لمساعدة مأموري الإجراء أثناء مباشرتهم لعمليات تنفيذ الأحكام . خاصة وأن البعض كان يعتبر استنادا إلى القرارات الصادرة في السبعينات عن الغرفة الإدارية لدى المجلس الأعلى التي كانت تبث في صحة القرارات الصريحة والضمنية الصادرة عن السادة العمال بالامتناع عن تسخير القوة العمومية لتنفيذ أحكام القضاء ، أن مهمة تسخير القوة العامة لحفظ النظام العام ، من صميم الصلاحيات التي خولها القانون لولاة الجهات وعمال الأقاليم والعمالات وحدهم .
ثامنا : النص في الفقرة الأولى من المادة 45 منه على طبيعة الولاية العامة للمحاكم الابتدائية في ما لم يرد بشأنه نص خاص يعطي الاختصاص بالنظر إلى جهات قضائية أخرى .
والملاحظ على هذا النص أنه جاء يحل معضلة قانونية كبرى كثيرا ما كانت تعترض وتؤرق القضاة عندنا في المغرب في مختلف درجات التقاضي ومراحله . وهي ما إذا كان قانون المسطرة المدنية يعتبر هو القانون الإجرائي الأم والأصل الذي ينبغي للمحاكم الرجوع إليه وتطبيق مقتضياته بالنسبة إلى الأحوال والمسائل المسطرية التي لم يرد بشأنها نص في القوانين الإجرائية الأخرى أم لا ؟ .ليضع حدا بذلك للجدل الذي كان وما يزال يعرفه القضاء في هذا المجال .
وجدير بالذكر ، أن هذا المنحى هو الذي كان نحته النسخة من مشروع تعديل قانون المسطرة المدنية المعد في سنة 2018 الذي شاركنا في وضعه . وذلك عندما حسم الأمر بهذا الخصوص ونص في المادة 669 منه على أن أحكام هذا القانون تطبق على كافة الإجراءات التي لم يرد بشأنها نص خاص .
نعم كان هنالك نص قبل ذلك ، في قانون المسطرة الجنائية الحالية وهو المادة 752 منه ينص على ما يأتي : " تطبق أحكام قانون المسطرة المدنية المصادق عليه بالظهير الشريف رقم 474-74-1 الصادر في 11 من رمضان 1394 ( 28 شتنبر 1974 ) على الدعاوى المدنية المقامة أمام القضاء الزجري ، كلما كانت غير متناقضة مع المقتضيات الخاصة لهذا القانون والمتعلقة بنفس الموضوع " . ولكن هذا النص كان مقتصرا على المسطرة الجنائية دون غيرها من المساطر الأخرى .
في المبادئ الأساسية للتنظيم القضائي
يرتكز كل تنظيم قضائي على مجموعة من المبادئ والمرتكزات التي تعتمد عليها المحاكم والقضاة في تسيير دواليبها من أجل توزيع العدل بين الناس . ومن هذه المبادئ :
أولا : مبدأ استقلال القضاء
ويجد هذا المبدأ سنده القانوني أولا في المادة 10 من الإعلان العالمي لحقوق الانسان والفصول من 107 إلى 112 ومن 113 إلى 116 من الدستور ، وكذا في المادة 4 من القانون رقم 15 38 المتعلق بالتنظيم القضائي للمملكة .
ومؤدى هذا المبدأ على المستوى المؤسساتي . أن تتمتع السلطة القضائية بالاستقلال التام عن كل من السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية . بحيث لا تتدخل أي واحدة من هاتين السلطتين التشريعية والتنفيذية في مهام السلطة القضائية ، وألا تتدخل السلطة القضائية بدورها وفي المقابل في مهام هاتين السلطتين .
ويعني على المستوى الفردي ، أن يكون القاضي في منأى من كل التأثيرات والضغوطات المادية والمعنوية التي يكون من شأنها أن تؤثر على قيامه بمهمته بحرية وتجرد واستقلال ( المادة 109 من الدستور ) . وأن توفر له كافة الضمانات ضد العزل والنقل إلا بمقتضى القانون ( المادة 108 من الدستور ) .وأن يكون له الحرية في التعبير بما يتلاءم مع واجب التحفظ والأخلاقيات القضائية وفي الانخراط في جمعيات أو إنشاء جمعيات مهنية مع احترام واجبات التجرد واستقلال القضاء وطبقا للشروط المنصوص عليها في القانون ( المادة 111 من الدستور ) .
ثانيا : مبدأ حياد القضاء
وليس يقصد من هذا المبدأ معناه الأخلاقي الذي تفرضه المواثيق الدولية ، وتستوجبه مقتضيات المادة 109 من الدستور وكذا المقتضيات الواردة بالقانون التظيمي رقم 13 106 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة ، التي تحث على وجوب تحلي القاضي بالاستقلال والتجرد والترفع عن الأخلاقيات التي تتنافي مع مزاولة مهنة القضاء . وإنما يقصد منه معناه القانوني الضيق . الذي يتمحور في ما إذا كان من حق القاضي أن يطبق من تلقاء نفسه النص القانون الواجب التطبيق ولو لم يطلب منه أطراف الخصومة المعروضة عليه ذلك ، وأن يتدخل في سير الدعوى بإصدار إنذارات وإعذارات إلى طرفيها من أجل توضيح أو تصحيح أو تكملة ما قد يكون شاب إجراءاتها من خطأ أو نقص أو غموض . وهو ما يطلق عليه الحياد الإيجابي . أو ما إذا كان ذلك ممتنعا عليه ، وأن دوره يقتصر فقط على الحكم في القضية المعروضة عليه مع الالتزام إلى أقصى الحدود بحدود الطلبات المعروضة عليه وما تضمنته من وقائع ووصف وتكييف قانوني إلزامي لهذه الوقائع ، دون أن يتدخل فيها أو يضيف إليها من عنديته . أو يعطي لهذه الوقائع التكييف القانوني الملائم من تلقاء نفسه . وهو ما يطلق عليه الحياد السلبي أو " نظرية القاضي النمساوي ".
وجدير بالملاحظة أنه بين هذين المبدأين ؛ وهما مبدأ الحياد السلبي الذي يحد من سلطات القاضي ، ومبدأ الحياد الإيجابي الذي يطلق له سلطة واسعة في تسير الدعوى وتجهيزها ، اختار المشرع المغربي مبدأ وسطا بينهما سمح له بهجر نظرية " الوقائع المحيثة " واتباع نظرية الوقائع غير المحيثة ، أو نظرية " الوقائع ملك للمدعي والقانون ملك للقاضي " الشهيرة بنظرية تقول على لسان المحكمة " أعطني وقائع أعطيك قانونا " . ويظهر ذلك بجلاء في إعادة تأكيد مشروع تعديل هذا القانون لسنة 2018 نفس المبدأ الذي كان يتضمنه الفصل 3 من قانون المسطرة المدنية الحالي في نص المادة 5 منه التي جاءت تنص على ما يأتي : " يتعين على المحكمة أن تبت في حدود طلبات الأطراف وفق التكييف القانوني السليم للوقائع المعروضة عليها . وطبقا للقوانين المطبقة على النازلة ولو لم يطلب الأطراف ذلك بصفة صريحة . غير أنه لا يمكن لها أن تغير تلقائيا موضوع هذه الطلبات أو سببها " . وفي نصه على ذلك في الفصل 1 من قانون المسطرة المدنية الذي جاء ينص على أن التقاضي لا يصح إلا ممن له الصفة ، والأهلية ، والمصلحة ، لإثبات حقوقه . وأن المحكمة تثير انعدام الصفة أو الأهلية أو الإذن بالتقاضي إن كان ضروريا وتنذر الطرف بتصحيح المسطرة داخل أجل تحدده تحت طائلة التصريح بعدم قبول دعواه . وهو ما أورد بعض تطبيقات له في المادة 83 من المشروع الذي منح فيها للقاضي المكلف بالقضية أو القاضي المقرر أو المحكمة في الحالة التي يكون فيها مستند للإثبات بحوزة طرف في الدعوى ، إمكانية أن يأمر بناء على طلب الطرف الآخر وشريطة ألا يوجد هنالك مانع قانوني ـ بإلزامه بالإدلاء به في أجل معقول تحت طائلة غرامة تهديدية " ( الفقرة 3 منها ) . وهو ما سمح به للقضاء حتى بالنسبة إلى الحالة التي يكون فيها هذا المستند بحوزة الغير ( الفقرة 3 منها ) . و في المادة 123 من المشروع المتعلقة بمسطرة الزور الفرعي عندما أعطى واضع المشروع للقاضي المكلف او القاضي المقرر أو المحكمة ، عندما يكون أصل السند المطعون فيه بالزور محفوظا في مستودع ، الصلاحية في أن يصدر أمرا لأمين هذا المستودع بتسليمه إلى كتابة الضبط .
ثالثا : مبدأ انعقاد الجلسات بمقار المحاكم
من المبادئ التي أصبحت من البدهيات في التنظيمات القضائية ، أن جلسات المناقشة وجلسات البحوث تجري بقاعات جلسات المحاكم المختصة المعينة بمرسوم أو بأحد مكاتبها . إلا في حالات استثنائية ، كما هو الحال بالنسبة للمعاينات والبحوث مع الشهود التي تتم خارجها ، حيث إنها تجري هنالك بعين المكان خارج قاعات ومكاتب المحاكم . ولكن هذا المبدأ الذي أصبح الآن مستقرا ومن المسلمات لم يكن العمل يجري به قديما ، وخاصة بالنسبة للقضايا الشرعية ، حيث كان مسموحا للقاضي أن يعقد جلساته في أي مكان يروق له ، إلا إذا كانت هذه الجلسات بالمدن حيث كان يستحب أن تعقد بالمساجد . وفي ذلك يقول ابن عاصم الغرناطي في تحفته :
وحيث راق للقضاء يقعد وفي البلاد يستحب المسجد
وتجدر الإشارة إلى أن هذه الجلسات على هذا النحو كانت تعقد في شكل حلقات يحضرها أطراف الخصومة . وكان المدعون منهم يقومون أمام القاضي ويعرضون عليه خصومتهم . ولذلك كان يطلق على المدعي " القائم " وعلى المدعى عليه " المقام عليه " . وكان الأصل في عرض هذه الخصومة أن يتم شفويا ، إلا إذا كانت القضية المعروضة متشعبة أو ذات قيمة كبيرة فكانوا يعرضونها على القاضي كتابة . وفي ذلك يقول ابن عاصم الغرناطي في تحفته :
ويوجب التقييد للمقال تشعب الدعوى وعظم المال
ولذلك كان مقبولا منهم في ذلك الوقت ، أن يطلقوا لفظ " المقال " على طلباتهم ، لأنها كانت تتم شفويا عن طريق القول ، ولم تكن تعرض بالكتابة إلا نادرا . ولذلك لم يبق هنالك من مبرر في نظرنا لأن يبقى قانون المسطرة المدنية يطلق لفظ المقال على صحيفة الدعوى بعد أن أصبحت المسطرة الكتابية هي الأصل بل وحتى المسطرة الشفوية تقدم إلى المحاكم بمقالات مكتوبة . وهذا ما جعل بعض التشريعات المسطرية في بعض البلدان العربية تستعيض عن لفظ " المقال " ب " صحيفة الدعوى " ترجمة دقيقة وصحيحة منها للفظة " requête التي جاء بها نص قانون المسطرة المدنية في صيغته الفرنسية مقابلا للفظة " مقال " .
ثالثا : مبدأ وحدة أو ازدواجية القضاء
جاءت المادة 5 من القانون رقم 38.15 تنص على أن التنظيم القضائي يعتمد مبدأ وحدة القضاء . وأن محكمة النقض تعتبر أعلى هيئة قضائية بالمملكة . وبذلك يكون المشرع قد وضع حدا لأي جدل بشأن أي مبدأ من مبدأي وحدة القضاء أو ازدواجيته يعتنقه المشرع المغربي ويأخذ به . وإن كان ذلك في الواقع مسألة واضحة لا تحتاج إلى بيان . وذلك لأن مبدأ ازدواجية القضاء يفترض أن تكون هنالك جهتان قضائيتان مختلفتان ، إحداهما عادية تكون على رأسها محكمة النقض تبت في القضايا العادية ، وأخرى إدارية ، تتكون من محاكم إدارية ابتدائية وأخرى استئنافية ويكون على رأسها محكمة إدارية عليا تطلق عليها بعض التشريعات كما هو الحال في مصر وفرنسا " مجلس الدولة " . تختص بالبت في القضايا التي تكون الدولة طرفا فيها .
وهذا الموقف من قبل المشرع المغربي رغم ما يحققه من مساواة بين مرتفقي القضاء أيا كانت مراكزهم ، ومن توحيد للقواعد القانونية المطبقة عليهم ، إلا أنه منتقد من بعض الجهات التي ترى أن اعتناق مبدأ وحدة القضاء من شأنه أن يؤدي إلى حصول بعض المفارقات . ومن ذلك على سبيل المثال عندما يطعن أحد القضاة في قرار تأديبي صادر عليه من المجلس الأعلى للسلطة القضائية الذي يتكون من الرئيس المنتدب له بصفته رئيسا له ، ويعاد البت في طعنه من قبل غرفة إدارية تابعة لمحكمة النقض التي يكون على رأسها هذا الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية .
رابعا : مبدأ مجانية القضاء
جاءت المادة 5 من القانون رقم 38.15 تنص صراحة على ما يأتي : " طبقا لأحكام الفصل 121 من الدستور ، يكون التقاضي مجانيا في الحالات المنصوص عليها لمن لا يتوفر على موارد كافية للتقاضي " .ومن نص هذه المادة يتجلى أن واضع هذا القانون أخذ هذا المبدأ حرفيا ونقله من الفصل 121 من الدستور . واقعا بذلك في نفس الخطأ الذي وقع فيه الدستور الذي لم يميز بين مجانية القضاء التي تعني أن القاضي لا يأخذ مقابلا من أطراف الخصومة عن قضائه بينهم ، مثلما العمل ما يزال جاريا به لحد الآن بالنسبة إلى الحكام الذين تعينهم لجنة اتحكيم لإدارة مباريات كرة القدم ، و الإعفاء الكلي أو المؤقت من أداء الرسوم القضائية الذي يقرره قانون الرسوم القضائية لبعض القضايا أو بعض النصوص الخاصة بالنسبة لبعض الطعون ، كما هو الشأن مثلا بالنسبة للطعون بإلإلغاء ضد القرارات الإدارية أمام القضاء الإداري أو الطعون الانتخابية أمام نفس الجهة ، أو طلبات الاستئناف المرفوعة إلى محاكم الاستئناف الإدارية ( المادة 10 من القانون رقم 80.03 المحدثة هذه المحاكم بموجبه ) ضد القرارات الصادرة عن المحاكم الإدارية .
وإن كان الملاحظ على هذا النوع من الإعفاءات الأخيرة المتعلقة فقط بالطعون الإدارية بالاستئناف أنه لم يكن دقيقا . ولم يشمل كافة المساطر التي تجري أمام محاكم الاستئناف الإدارية . وهو ما أفرغه من محتواه ، عندما أصبحت كتابة ضبط هذه المحاكم تعتبر أن هذا الإعفاء وهو استثناء من الأصل العام ، إنما يهم طلبات الاستئناف وحدها بمعناها الضيق ، ولا يهم ما يمكن أن يجب على المساطر الأخرى المتفرعة عن هذه الطعون أمامها من أداءات ، مستدلة على ذلك بأن النص جاء يتعلق فقط بالطعون ، وأن توسيع مداه ليشمل غيرها غير ممكن ومتناف مع المبدأ القائل بأن الاستثناءات لا يتوسع فيها ولا يقاس عليها وينبغي أن يعطاها المعنى الذي يضيق ما أمكن من مداها . وكذلك يصدق الأمر على الطعون بالاستئناف في الأحكام الباتة في الاختصاص النوعي على إثر الدفع بالطبيعة الإدارية للنزاع . فإن العقل يقف إزاءها حائرا لا يعرف ما إذا كان يجب عنها أداء الرسم الواجب عن الطعون بالاستئناف للاختصاص وهو 150 درهما ( الفصل 32 من الملحق 1 للظهير الشريف رقم 1.84.54 بتاريخ 27/04/1984 بمثابة قانون المالية لسنة 1984 المتضمن أحكاما تطبق على المصاريف القضائية في القضايا المدنية والتجارية والإدارية وعلى الإجراءات القضائية وغير القضائية) أم لا . وخاصة إذا كان الدفع بعدم الاختصاص للطبيعة الإدارية للنزاع أثير أمام القضاء العادي أو أمام القضاء التجاري .
خامسا : مبدأ القضاء الفردي والقضاء الجماعي
الفرق بينهما هو أن القضاء الفردي يقع فيه البت في القضايا المعروضة على المحاكم بقاض منفرد . وهذا النوع من القضاء متبع في التنظيمات القضائية الأنكلوساكسونية ، بينما يكون البت فيها في القضاء الجماعي من طرف هيئة جماعية تتشكل من عدة قضاة ( 3 أو خمسة في الغالب ) . وهذا انوع من القضاء متبع في التنظيمات القضائية الفرنسية والجرمانية .
ولكل من هذين القضائين مزاياه وعيوبه . وهكذا فمما كان يحسب للقضاء الفردي سرعة البت وقلة التكاليف والشعور بالمسؤولية الفردية عن قضائه ، ومما كان يؤخذ عليه افتقار القاضي المنفرد إلى الرأي والمشورة مع غيره ، و سهولة التأثير عليه . كما أنه مما كان يحسب للقضاء الجماعي الصعوبة في التأثير على كافة أفراده الهيئة القضائية ، وصدور أحكامه بعد التداول والتشاور بين فئات عمرية وتجارب مختلفة . ومما كان يحسب عليه ما يتسبب فيه من بطء في إصدار الأحكام ، وما يكبده من تكاليف ، وما يتسبب فيه من اتكال بعض أعضاء الهيئة على الأعضاء اللآخرين ، وما قد ينشأ عنه من تواطئ البعض منهم ضد البعض الآخر . وما قد يتسبب ذلك في إلحاق الضرر بالقاضي ضحية هذا التواطىء إذا ما كانت الهيئة محل مساءلة تأديبية . وهو ما جعل القانون 38.15 يحدث ضمانة لهذا القاضي ضحية القضاء الجماعي تحميه من تواطئ باقي أعضاء الهيئة معه . وذلك بمقتضى الفقرة الخامسة من المادة 16 التي جاءت تنص على ما يأتي : تصدر أحكام القضاء الجماعي بالإجماع أو بالأغلبية ، بعد دراسة القضية والتداول فيها سرا .وتضمن وجهة نظر القاضي المخالف معللة بمبادرة منه في محضر سري خاص موقع عليه من قبل أعضاء الهيئة يضعونه في غلاف مختوم . ويحتفظ به لدى رئيس المحكمة المعنية بعد أن يسجله في سجل خاص يحدث لهذه الغاية .ولا يمكن الاطلاع عليه من قبل الغير إلا بناء على قرار من المجلس الأعلى للسلطة القضائية .
يحتفظ بالمحضر المذكور لمدة عشر سنوات من تاريخ إنجازه . ويعتبر الكشف عن مضمونه بأي شكل كان ، خطأ جسيما " .
وبين هذين النوعين من القضاء ( الفردي والجماعي ) ، اختار واضع القانون 38.15 القضاء الفردي بالنسبة لقضاء القرب على الإطلاق و كأصل عام في القضايا الأخرى المعروضة على المحاكم الابتدائية المصنفة منها ( المادة 48 ) وغير المصنفة ، عدا عند وجود نص قانوني خاص أو في الحالات التي يبت فيها بهيئة مؤلفة من ثلاثة قضاة بمن فيهم الرئيس . وهي القضايا التي حددها في المادة 51 منه . وهي كالتالي :
- القضايا العينية العقارية والمختلطة ،
- قضايا الأحوال الشخصية بما فيها قضايا الأسرة ، باستثناء قضايا الطلاق الاتفاقي والنفقة وأجرة الحضانة وباقي الالتزامات المادية للزوج أو الملزم بالنفقة والحق في زيارة المحضون والرجوع إلى بيت الزوجية وإعداد بيت الزوجية وقضايا الحالة المدنية .
- القضايا الجنحية التي تقرر فيها متابعة شخص في حالة اعتقال ولو توبع معه أشخاص في حالة سراح ، وتبقى الهيئة الجماعية مختصة بالبت في القضية في حالة منح المحكمة السراح المؤقت للشخص المتابع ،
- القضايا التجارية المسندة إلى القسم المتخصص في القضاء التجاري ،
- القضايا التجارية المسندة إلى القسم المتخصص في القضاء الإداري ،
بينما اختار القضاء الجماعي بالنسبة للقضايا المذكورة أعلاه المستثناة بنص المادة سالفة الذكر ، من الأصل العام وهو القضاء الفردي ، وبالنسبة لكافة الجهات القضائية المتخصصة ( الإدارية والتجارية ) ومحاكم ثاني درجة بمختلف أنواعها ، ومحكمة النقض .
خامسا : مبدأ الشفوية وعلنية الجلسات
بالنسبة لمبدأ شفوية المرافعات .كان هذا المبدأ– كما سبق القول - هو الأصل المعمول به في القضايا الشرعية قبل صدور قانون المسطرة المدنية في سنة 1913 ، إلا بالنسبة للنوع منها الذي كان متشعبا أو كان ذا قيمة كبيرة . واستمر هذا الوضع حتى أمام المحاكم الشرعية وبعدها أمام محاكم السدد ، وحتى بعد صدور ظهير 14 يوليوز 1974 المتعلق بالمسطرة المدنية ، إلا أن العمل بهذا المبدأ وخاصة بعد التعديلات التي أدخلت على هذا القانون في سنة 1993 أخذ يضيق وينحصر لفائدة المسطرة الكتابية التي أصبحت هي الطاغية ، وهي الأصل ، وبقي مجال المسطرة الشفوية منحصرا فقط في قضايا القرب والقضايا الاجتماعية وقضايا النفقة والطلاق والتطليق والحالة المدنية والقضايا الجنحية بطبيعة الحال .
أما بالنسبة لمبدأ العلنية ، فإنه يجد سنده القانوني في المادة 123 من الدستور التي نصت على ما يأتي : " تكون الجلسات علنية ما عدا في الحالات التي يقرر فيها القانون خلاف ذلك " وفي المادة 43 من قانون المسطرة المدنية التي نصت على أن الجلسات تكون علنية إلا إذا قرر القانون خلاف ذلك . وفي الفقرة الأولى من المادة 50 من نفس القانون التي نصت على أن الأحكام تصدر في جلسة علنية والفقرة التاسعة من نفس المادة التي أوجبت أن تنص الأحكام على أن المناقشات قد وقعت في جلسة علنية أو سرية وأن الحكم قد صدر في جلسة علنية .وهو نفس المقتضى الذي أعاد قانون المسطرة المدنية التأكيد والتشديد عليها في المادة 345 بالنسبة لقرارات محاكم الاستئناف ، وفي المادة 375 بالنسبة لقرارات محكمة النقض .
ومن ذلك يتبين أن الأصل هو علنية الجلسات بسبب ما يتيحه من رقابة شعبية على الجلسات والأحكام . وأن الاستثناء هو السرية . وأن مجال هذه السرية منحصر في قضايا غرف المشورة وفي الحالات التي تصدر فيها أوامر عن القضاء بجعلها سرية إما بسبب تعلقها بحفظ النظام العام أو بهدف حماية الأخلاق والآداب العامة ، أو في الحالات التي ينص فيها القانون على التزام السرية كما هو الحال مثلا بالنسبة لقضايا الأحداث ( الفصل 478 من قانون المسطرة الجنائية ) .
سادسا : مبدأ التقاضي على درجتين
هذا المبدأ له وشيج الصلة ومتين العلاقة بحق الدفاع لما يتيحه للمتضررين من حكم صادر عن محكمة أدنى درجة ، من إعادة طرح قضاياهم على جهات قضائية أعلى درجة بواسطة طعون ، وذلك لمناقشتها من جديد وإعمال النظر فيها ، إما لفائدة الطاعن وحده أو ضده إذا كان الطعن مرفوعا من الغير في مواجهته .
ورغم ما وجه إلى هذا امبدأ من انتقادات من قبيل أنه يتسبب في تأخير حصول المتقاضين على حقوقهم في أقرب الأوقات ، وما يتسبب فيه من إهدار للزمن القضائي ، وما يكبد طرف الخصومة من نفقات وتكاليف ، إلا أنه مما لا شك فيه أنه يتيح للمتضرر فرصة عرض نزاعه من جديد على محكمة أعلى درجة تكون في الغالب متركبة من قضاة أكبر سنا من قضاة أول درجة ، راكموا خلال سني عملهم الكثير من الخبرات والتجارب في إصدار الأحكام .قد تساعدهم على تصحيح ما قد يكون شاب أحكام قضاة أول درجة من أخطاء مفترضة بالنسبة للتعرضات ، او محتملة بالنسبة للاستئنافات ، أو أخطاء في الواقع بالنسبة لإعادة النظر ، أو أخطاء في القانون بالنسبة للنقض ( 1).
سادسا : مبدأ مغربة وتعريب القضاء
مبدأ مغربة القضاء يجد أساسه القانوني أولا في القانون المتعلق بمغربة وتوحيد وتعريب القضاء الصادر في سنة 1965 ، وكذلك في اشتراط المشرع في المادة 7 من القانون التنظيمي 106.13 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة في المترشح لولوج السلك القضائي.أن يكون من جنسية مغربية .
أما بالنسبة لمبدأ تعريب القضاء ، فيجد مرتكزه القانوني أولا في قانون تعريب القضاء وفي قرار وزير العدل رقم : 65 – 414 بتاريخ : 29 يونيه 1965 باستعمال اللغة العربية لدى محاكم المغرب ( 2 )، وثانيا في المادة 14 من القانون رقم 38.15 التي جاءت تنص على ما يأتي : " تظل اللغة العربية لغة التقاضي والمرافعات وصياغة الأحكام القضائية أمام المحاكم ..
... تقدم الوثائق والمستندات للمحكمة باللغة العربية ، وفي حالة الإدلاء بها بلغة أجنبية ، يمكن للمحكمة تلقائيا أو بناء على طلب الأطراف والدفاع ، أن تطلب تقديم ترجمة لها إلى اللغة العربية مصادق على صحتها من قبل ترجمان محلف . كما يمكن للمحكمة وأطراف النزاع أو الشهود الاستعانة أثناء الجلسات بترجمان محلف تعينه المحكمة أو تكلف شخصا بالترجمة بعد أن يؤدي اليمين أمامها .
على أن الذي ينبغي التنبيه إليه بالمناسبة ، هو أن هذه الترجمة إنما تكون منحصرة فقط في الوثائق والمستندات المقدمة إلى المحكمة بلغة أجنبية ، ولا تهم غيرها من الوثائق والأوراق القضائية ، أو غير القضائية الأخرى فإنها لا تترجم . ولكن رسالة التبليغ هي التي يجب أن تحرر بلغة الدولة المطلوب إليها التبليغ . ويجب أن تتضمن البيانات التالية :
- السلطة الصادر عنها الرسم ،
- نوع الوثيقة المطلوب تبليغها ،
- إسم وصفة كل من الطرفين ،
- إسم وعنوان الشخص المطلوب تبليغه ،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 1 ) أنظر تفصيل هذه الفلسفة في كتاب " شائبة الخطأ في الحكم الجنائي " للأستاذ محمد زكي أبو عامر - طبع دار المطبوعات الجامعية - طبعة 1977 - بالصفحة 75 وما بعدها بالنسبة للتعرض - وبالصفحة 141 وما بعدها بالنسبة للاستئناف - وبالصفحة 205 وما بعدها بالنسبة للنقض - وبالصفحة 413 وما بعدها بالنسبة لإعادة النظر .
( 2 ) ينص هذا الفصل على ما يأتي : « يجب أن يحرر باللغة العربية ابتداء من فاتح يوليوز جميع المقالات و العرائض و المذكرات وبصفة عامة جميع الوثائق المقدمة إلى مختلف المحاكم » .
كما جاءت توضح ذلك الاتفاقيات القضائية الثنائية التي أبرمها المغرب مع دول أجنبية . ومنها ما تضمنته مقتضيات الفصل 2 من اتفاقية التعاون القضائي المتبادل و تنفيذ الأحكام وتسليم المجرمين بين المغرب وفرنسا الموقعة في 5 أكتوبر 1957 ، والفصل 4 من اتفاقية التعاون القضائي المتبادل و تنفيذ الأحكام وتسليم المجرمين بين المغرب وإيطاليا الموقعة بروما يوم : 12 فبراير 1971 التي صدر الأمر بنشرها بمقتضى الظهير الشريف رقم : 1.75.242 بتاريخ 12 أبريل 1976 .
الأستاذ محمد فجار
نقيب أسبق لهيئة المحامين جديدة
الجديدة ، صبيحة يوم : 29/12/2022
في شأن بعض المستجدات التي أتي بها القانون رقم 15 38
المتعلق بالتنظيم القضائي للمملكة
أتى هذا القانون بالعديد من المستجدات من بينها :
أولا : عصرنة وتحديث الإجراءات القضائية . ويتجلى ذلك في ما نصت عليه المادة 25 من أن المحاكم تعتمد الإدارة الإلكترونية للإجراءات والمساطر القضائية وفق برامج تحديث الإدارة القضائية التي تضعها وتنفذها الوزارة المكلفة بالعدل . وذلك بتنسيق وثيق مع المجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة . كل في ما يخصه .
ثانيا : إحداث لجنة على صعيد كل محكمة لبحث صعوبات سير العمل بها وإيجاد الحلول المناسبة لذلك ( الفقرة الثانية من المادة 18 ) . وتعمل تحت إشراف :
1) بالنسبة لمحاكم الدرجة الأولى : رئيس المحكمة ، وعضوية وكيل الملك لديها ورئيس كتابة الضبط ورئيس كتابة النيابة العامة ونقيب هيئة المحامين في دائرة نفوذ المحكمة أو من يمثله ،
2) بالنسبة لمحاكم الدرجة الثانية : الرئيس الأول للمحكمة ، وعضوية الوكيل العام للملك لديها ورئيس كتابة الضبط ورئيس كتابة النيابة العامة ونقيب هيئة المحامين في دائرة نفوذ المحكمة أو من يمثله ،
والملاحظ أن هذه اللجنة التي كانت ثلاثية فقط ( تتألف من رئيس المحكمة ووكيل الملك والنقيب بالنسبة لمحاكم الدرجة الأولى ، ومن الرئيس الأول والوكيل العام للملك والنقيب بالنسبة لمحاكم الدرجة الثانية ) وتمارس مهامها بصفة عرفية قبل أن تصير لها طبيعة قانونية ، هي غير لجان التنسيق المنصوص عليها في المادة 24 منه التي تتألف فقط من الرؤساء الأولين لمحاكم الاستئناف ورؤساء المحاكم الابتدائية والوكلاء العامين والوكلاء بها .
ثالثا : حدد في المادة 19 منه المقصود من جهاز كتابة الضبط في مدلوله . فبين أن موظفي كتابة الضبط الذين يمارسون مهامهم بالمحكمة إما بكتابة الضبط وإما بكتابة النيابة العامة ، يتشكلون من موظفي كتابة الضبط وباقي الموظفين النظاميين العاملين بالمحكمة .
وميز في المهام التي يقوم بها موظفو كتابة الضبط وموظفو كتابة النيابة العامة بين مهامهم ذات الطبيعة القضائية التي جعل ممارستهم لها تحت سلطة ومراقبة المسؤولين القضائيين كل في مجال اختصاصه . ومهامهم الإدارية والمالية التي جعلهم خاضعين بالنسبة إليها لسلطة ومراقبة الوزير المكلف بالعدل ، ولإشراف المسؤولين القضائيين والإداريين بالمحكمة ، كل في مجال اختصاصه ( المادة 19 بالنسبة لكتاب الضبط وكتاب النيابة العامة والمادة 23 بالنسبة لرؤساء كتابة الضبط ورؤساء كتابة النيابة العامة ) .
وهذا الازدواج في المهام بالرغم مما يظهر لأول وهلة من أنه لا يمكن أن يثير أي إشكال من الناحية النظرية ، إلا أن عددا من المشاكل يمكن أن تنتج عنه في العمل :
أولا : في ما يخص المعيار الدقيق الذي ينبغي اتباعه للتمييز في الإجراءات التي يقوم بها كتاب الضبط وكتاب النيابة العامة بين ما هو قضائي وما هو إداري ( المجلس الأعلى للسلطة القضائية يعتبر عملا قضائيا كل عمل يقوم به كاتب الضبط أو كاتب النيابة العامة من وقت تسجيل المقال أو الشكاية إلى حيا انتهاء أي إجراء في الدعوى أو الشكاية ) .
وثانيا : في تحديد الجهة التي تكون مختصة في تفتيش هؤلاء الكتاب عندما تكون المخالفات متصلة بمهامهم ذات الطبيعة القضائية أو الإدارية ، التي جاءت مقتضيات المادتين 98 و 99 منه توضحان أنها هي المفتشية العامة للشؤون القضائية والمفتشية العامة للوزارة المكلفة بالعدل ، كل في حدود اختصاصاته المحددة طبقا للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل . وهو ما يفهم منه أن هذه الجهة هي المفتشية العامة للشؤون القضائية التابعة للمجلس الأعلى للسلطة القضائية بالنسبة لما يتعلق بمهامهم القضائية ، والمفتشية العامة للوزارة المكلفة بالعدل في ما يتصل بالمهام ذات الطبيعة الإدارية .
رابعا : النص على وجوب أن تحرر الأحكام كاملة قبل النطق بها مع مراعاة ما تقتضيه المساطر بشأن تحرير أحكام بعض القضايا الزجرية ( المادة 15 منه ) .
ولكنه لم ينص على الجزاء المترتب عن عدم احترام ذلك . علما بأن بعض القوانين المسطرية في بعض الدول ( مصر مثلا ) ، أوقعت جزاء البطلان إذا لم يحرر الحكم الجنائي داخل أجل 8 أيام من تاريخ النطق به . مستندة في ذلك إلى أن التأخر في التحرير قرينة على عدم استيعاب الهيئة القضية التي أصدرت فيها هذا الحكم غير المحرر .
خامسا : النص في الفقرة 4 من المادة 15 منه على أن الأحكام النهائية وكذا الأحكام القابلة للتنفيذ الصادرة عن القضاء ملزمة للجميع . وهي عيارة استوحاها من نص الفقرة الأولى من الفصل 126 من الدستور التي جاءت تنص على ما يأتي : " الأحكام النهائية الصادرة عن القضاء ملزمة للجميع . رغم الانتقادات التي كانت توجه إليها :
من جهة أولى ، بسبب عدم وضوح الفرق عند العديد من المشتغلين بالقانون بين الحكم الانتهائي والحكم النهائي . وذلك بالرغم من أن أغلبية الفقه تطلق الصفة النهائية على الأحكام الباتة التي لا تقبل أي طعن من طرق الطعن ، والصفة الانتهائية على الأحكام غير القابلة للاستئناف الصادرة عن المحاكم الابتدائية وعلى الأحكام غير الغيابية الصادرة عن محاكم الاستئناف .
ومن جهة ثانية ، بسبب تعارض هذا النص مع المبدأ الشهير المستقر في القانون والاجتهاد والفقه . وهو مبدأ الأثر النسبي للأحكام ، الذي يجعل أثرها قاصرا فقط على من كان طرفا فيها بشخصه أو بممثل عنه وعلى خلفه سواء كان هذا الخلف عاما كالوارث أو خاصا كالمشتري . مع بعض الاستثناءات التي كان العمل جاريا بها في القضايا الجنائية أو في بعض القضايا ذات الطبيعة العينية غير الشخصية كالأحكام الصادرة في الطعون الانتخابية ونحوها ، التي كان القضاء يطبق بشأنها مبدأ الأثر المطلق للحكم الذي يجعله ساريا على الكافة .
ومن جهة ثالثة ، بسبب تعارضه البين الواضح مع بعض المساطر التي يخولها القانون للغير المتضرر من هذه الأحكام من أجل التظلم منها أو محاولة رفع أو درء ضررها عنه . كالطعن بطريق الخارج عن الخصومة ومساطر الصعوبات في التنفيذ .
سادسا : النص في المادة 17 منه على عدم حضور قضاة النيابة العامة مداولة قضاة الأحكام . وهو سلوك كان المشتغلون بالقانون ينتقدونه أولا ، بسبب ما كان ينتج عنه من حرج بالنسبة لقضاة الحكم . وثانيا ، بسبب ما كانوا يعتبرونه مسا بمبدأ المساواة بين أطراف الخصومة باعتبار أن النيابة العامة مدافع عن الحق العام تكون أحيانا طرفا أصيلا أو منضما في الدعوى وخاصة في القضايا التأديبية على سبيل المثال ، ومع ذلك تحضر إلى مداولات قضاة الحكم في غيبة من اطراف الدعوى الآخرين والمدافعين عن الحق الخاص . في إخلال خطير بمبدأ مساواة المتقاضين أمام القضاء .
سابعا : النص في الفقرة الأولى من المادة 18 منه على أنه من الواجب على السلطات العمومية تقديم المساعدة اللازمة أثناء المحكمة إذا صدر إليها الأمر بذلك من قبل الجهات القضائية المختصة . كما يجب عليها المساعدة على تنفيذ الأحكام . وهي فقرة منقولة حرفيا من نص الفقرة الثانية من الفصل 126 من الدستور .
وهذا المقتضى بالرغم من أهميته العملية التي تحل العديد من الإشكالات والعراقيل وخاصة أثناء عمليات تنفيذ الأحكام ، إلا أن الملاحظ أن نص هذه المادة لم يوضح هذه السلطات العمومية الواجب عليها تسخير القوة العمومية عند الاقتضاء لمساعدة مأموري الإجراء أثناء مباشرتهم لعمليات تنفيذ الأحكام . خاصة وأن البعض كان يعتبر استنادا إلى القرارات الصادرة في السبعينات عن الغرفة الإدارية لدى المجلس الأعلى التي كانت تبث في صحة القرارات الصريحة والضمنية الصادرة عن السادة العمال بالامتناع عن تسخير القوة العمومية لتنفيذ أحكام القضاء ، أن مهمة تسخير القوة العامة لحفظ النظام العام ، من صميم الصلاحيات التي خولها القانون لولاة الجهات وعمال الأقاليم والعمالات وحدهم .
ثامنا : النص في الفقرة الأولى من المادة 45 منه على طبيعة الولاية العامة للمحاكم الابتدائية في ما لم يرد بشأنه نص خاص يعطي الاختصاص بالنظر إلى جهات قضائية أخرى .
والملاحظ على هذا النص أنه جاء يحل معضلة قانونية كبرى كثيرا ما كانت تعترض وتؤرق القضاة عندنا في المغرب في مختلف درجات التقاضي ومراحله . وهي ما إذا كان قانون المسطرة المدنية يعتبر هو القانون الإجرائي الأم والأصل الذي ينبغي للمحاكم الرجوع إليه وتطبيق مقتضياته بالنسبة إلى الأحوال والمسائل المسطرية التي لم يرد بشأنها نص في القوانين الإجرائية الأخرى أم لا ؟ .ليضع حدا بذلك للجدل الذي كان وما يزال يعرفه القضاء في هذا المجال .
وجدير بالذكر ، أن هذا المنحى هو الذي كان نحته النسخة من مشروع تعديل قانون المسطرة المدنية المعد في سنة 2018 الذي شاركنا في وضعه . وذلك عندما حسم الأمر بهذا الخصوص ونص في المادة 669 منه على أن أحكام هذا القانون تطبق على كافة الإجراءات التي لم يرد بشأنها نص خاص .
نعم كان هنالك نص قبل ذلك ، في قانون المسطرة الجنائية الحالية وهو المادة 752 منه ينص على ما يأتي : " تطبق أحكام قانون المسطرة المدنية المصادق عليه بالظهير الشريف رقم 474-74-1 الصادر في 11 من رمضان 1394 ( 28 شتنبر 1974 ) على الدعاوى المدنية المقامة أمام القضاء الزجري ، كلما كانت غير متناقضة مع المقتضيات الخاصة لهذا القانون والمتعلقة بنفس الموضوع " . ولكن هذا النص كان مقتصرا على المسطرة الجنائية دون غيرها من المساطر الأخرى .
في المبادئ الأساسية للتنظيم القضائي
يرتكز كل تنظيم قضائي على مجموعة من المبادئ والمرتكزات التي تعتمد عليها المحاكم والقضاة في تسيير دواليبها من أجل توزيع العدل بين الناس . ومن هذه المبادئ :
أولا : مبدأ استقلال القضاء
ويجد هذا المبدأ سنده القانوني أولا في المادة 10 من الإعلان العالمي لحقوق الانسان والفصول من 107 إلى 112 ومن 113 إلى 116 من الدستور ، وكذا في المادة 4 من القانون رقم 15 38 المتعلق بالتنظيم القضائي للمملكة .
ومؤدى هذا المبدأ على المستوى المؤسساتي . أن تتمتع السلطة القضائية بالاستقلال التام عن كل من السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية . بحيث لا تتدخل أي واحدة من هاتين السلطتين التشريعية والتنفيذية في مهام السلطة القضائية ، وألا تتدخل السلطة القضائية بدورها وفي المقابل في مهام هاتين السلطتين .
ويعني على المستوى الفردي ، أن يكون القاضي في منأى من كل التأثيرات والضغوطات المادية والمعنوية التي يكون من شأنها أن تؤثر على قيامه بمهمته بحرية وتجرد واستقلال ( المادة 109 من الدستور ) . وأن توفر له كافة الضمانات ضد العزل والنقل إلا بمقتضى القانون ( المادة 108 من الدستور ) .وأن يكون له الحرية في التعبير بما يتلاءم مع واجب التحفظ والأخلاقيات القضائية وفي الانخراط في جمعيات أو إنشاء جمعيات مهنية مع احترام واجبات التجرد واستقلال القضاء وطبقا للشروط المنصوص عليها في القانون ( المادة 111 من الدستور ) .
ثانيا : مبدأ حياد القضاء
وليس يقصد من هذا المبدأ معناه الأخلاقي الذي تفرضه المواثيق الدولية ، وتستوجبه مقتضيات المادة 109 من الدستور وكذا المقتضيات الواردة بالقانون التظيمي رقم 13 106 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة ، التي تحث على وجوب تحلي القاضي بالاستقلال والتجرد والترفع عن الأخلاقيات التي تتنافي مع مزاولة مهنة القضاء . وإنما يقصد منه معناه القانوني الضيق . الذي يتمحور في ما إذا كان من حق القاضي أن يطبق من تلقاء نفسه النص القانون الواجب التطبيق ولو لم يطلب منه أطراف الخصومة المعروضة عليه ذلك ، وأن يتدخل في سير الدعوى بإصدار إنذارات وإعذارات إلى طرفيها من أجل توضيح أو تصحيح أو تكملة ما قد يكون شاب إجراءاتها من خطأ أو نقص أو غموض . وهو ما يطلق عليه الحياد الإيجابي . أو ما إذا كان ذلك ممتنعا عليه ، وأن دوره يقتصر فقط على الحكم في القضية المعروضة عليه مع الالتزام إلى أقصى الحدود بحدود الطلبات المعروضة عليه وما تضمنته من وقائع ووصف وتكييف قانوني إلزامي لهذه الوقائع ، دون أن يتدخل فيها أو يضيف إليها من عنديته . أو يعطي لهذه الوقائع التكييف القانوني الملائم من تلقاء نفسه . وهو ما يطلق عليه الحياد السلبي أو " نظرية القاضي النمساوي ".
وجدير بالملاحظة أنه بين هذين المبدأين ؛ وهما مبدأ الحياد السلبي الذي يحد من سلطات القاضي ، ومبدأ الحياد الإيجابي الذي يطلق له سلطة واسعة في تسير الدعوى وتجهيزها ، اختار المشرع المغربي مبدأ وسطا بينهما سمح له بهجر نظرية " الوقائع المحيثة " واتباع نظرية الوقائع غير المحيثة ، أو نظرية " الوقائع ملك للمدعي والقانون ملك للقاضي " الشهيرة بنظرية تقول على لسان المحكمة " أعطني وقائع أعطيك قانونا " . ويظهر ذلك بجلاء في إعادة تأكيد مشروع تعديل هذا القانون لسنة 2018 نفس المبدأ الذي كان يتضمنه الفصل 3 من قانون المسطرة المدنية الحالي في نص المادة 5 منه التي جاءت تنص على ما يأتي : " يتعين على المحكمة أن تبت في حدود طلبات الأطراف وفق التكييف القانوني السليم للوقائع المعروضة عليها . وطبقا للقوانين المطبقة على النازلة ولو لم يطلب الأطراف ذلك بصفة صريحة . غير أنه لا يمكن لها أن تغير تلقائيا موضوع هذه الطلبات أو سببها " . وفي نصه على ذلك في الفصل 1 من قانون المسطرة المدنية الذي جاء ينص على أن التقاضي لا يصح إلا ممن له الصفة ، والأهلية ، والمصلحة ، لإثبات حقوقه . وأن المحكمة تثير انعدام الصفة أو الأهلية أو الإذن بالتقاضي إن كان ضروريا وتنذر الطرف بتصحيح المسطرة داخل أجل تحدده تحت طائلة التصريح بعدم قبول دعواه . وهو ما أورد بعض تطبيقات له في المادة 83 من المشروع الذي منح فيها للقاضي المكلف بالقضية أو القاضي المقرر أو المحكمة في الحالة التي يكون فيها مستند للإثبات بحوزة طرف في الدعوى ، إمكانية أن يأمر بناء على طلب الطرف الآخر وشريطة ألا يوجد هنالك مانع قانوني ـ بإلزامه بالإدلاء به في أجل معقول تحت طائلة غرامة تهديدية " ( الفقرة 3 منها ) . وهو ما سمح به للقضاء حتى بالنسبة إلى الحالة التي يكون فيها هذا المستند بحوزة الغير ( الفقرة 3 منها ) . و في المادة 123 من المشروع المتعلقة بمسطرة الزور الفرعي عندما أعطى واضع المشروع للقاضي المكلف او القاضي المقرر أو المحكمة ، عندما يكون أصل السند المطعون فيه بالزور محفوظا في مستودع ، الصلاحية في أن يصدر أمرا لأمين هذا المستودع بتسليمه إلى كتابة الضبط .
ثالثا : مبدأ انعقاد الجلسات بمقار المحاكم
من المبادئ التي أصبحت من البدهيات في التنظيمات القضائية ، أن جلسات المناقشة وجلسات البحوث تجري بقاعات جلسات المحاكم المختصة المعينة بمرسوم أو بأحد مكاتبها . إلا في حالات استثنائية ، كما هو الحال بالنسبة للمعاينات والبحوث مع الشهود التي تتم خارجها ، حيث إنها تجري هنالك بعين المكان خارج قاعات ومكاتب المحاكم . ولكن هذا المبدأ الذي أصبح الآن مستقرا ومن المسلمات لم يكن العمل يجري به قديما ، وخاصة بالنسبة للقضايا الشرعية ، حيث كان مسموحا للقاضي أن يعقد جلساته في أي مكان يروق له ، إلا إذا كانت هذه الجلسات بالمدن حيث كان يستحب أن تعقد بالمساجد . وفي ذلك يقول ابن عاصم الغرناطي في تحفته :
وحيث راق للقضاء يقعد وفي البلاد يستحب المسجد
وتجدر الإشارة إلى أن هذه الجلسات على هذا النحو كانت تعقد في شكل حلقات يحضرها أطراف الخصومة . وكان المدعون منهم يقومون أمام القاضي ويعرضون عليه خصومتهم . ولذلك كان يطلق على المدعي " القائم " وعلى المدعى عليه " المقام عليه " . وكان الأصل في عرض هذه الخصومة أن يتم شفويا ، إلا إذا كانت القضية المعروضة متشعبة أو ذات قيمة كبيرة فكانوا يعرضونها على القاضي كتابة . وفي ذلك يقول ابن عاصم الغرناطي في تحفته :
ويوجب التقييد للمقال تشعب الدعوى وعظم المال
ولذلك كان مقبولا منهم في ذلك الوقت ، أن يطلقوا لفظ " المقال " على طلباتهم ، لأنها كانت تتم شفويا عن طريق القول ، ولم تكن تعرض بالكتابة إلا نادرا . ولذلك لم يبق هنالك من مبرر في نظرنا لأن يبقى قانون المسطرة المدنية يطلق لفظ المقال على صحيفة الدعوى بعد أن أصبحت المسطرة الكتابية هي الأصل بل وحتى المسطرة الشفوية تقدم إلى المحاكم بمقالات مكتوبة . وهذا ما جعل بعض التشريعات المسطرية في بعض البلدان العربية تستعيض عن لفظ " المقال " ب " صحيفة الدعوى " ترجمة دقيقة وصحيحة منها للفظة " requête التي جاء بها نص قانون المسطرة المدنية في صيغته الفرنسية مقابلا للفظة " مقال " .
ثالثا : مبدأ وحدة أو ازدواجية القضاء
جاءت المادة 5 من القانون رقم 38.15 تنص على أن التنظيم القضائي يعتمد مبدأ وحدة القضاء . وأن محكمة النقض تعتبر أعلى هيئة قضائية بالمملكة . وبذلك يكون المشرع قد وضع حدا لأي جدل بشأن أي مبدأ من مبدأي وحدة القضاء أو ازدواجيته يعتنقه المشرع المغربي ويأخذ به . وإن كان ذلك في الواقع مسألة واضحة لا تحتاج إلى بيان . وذلك لأن مبدأ ازدواجية القضاء يفترض أن تكون هنالك جهتان قضائيتان مختلفتان ، إحداهما عادية تكون على رأسها محكمة النقض تبت في القضايا العادية ، وأخرى إدارية ، تتكون من محاكم إدارية ابتدائية وأخرى استئنافية ويكون على رأسها محكمة إدارية عليا تطلق عليها بعض التشريعات كما هو الحال في مصر وفرنسا " مجلس الدولة " . تختص بالبت في القضايا التي تكون الدولة طرفا فيها .
وهذا الموقف من قبل المشرع المغربي رغم ما يحققه من مساواة بين مرتفقي القضاء أيا كانت مراكزهم ، ومن توحيد للقواعد القانونية المطبقة عليهم ، إلا أنه منتقد من بعض الجهات التي ترى أن اعتناق مبدأ وحدة القضاء من شأنه أن يؤدي إلى حصول بعض المفارقات . ومن ذلك على سبيل المثال عندما يطعن أحد القضاة في قرار تأديبي صادر عليه من المجلس الأعلى للسلطة القضائية الذي يتكون من الرئيس المنتدب له بصفته رئيسا له ، ويعاد البت في طعنه من قبل غرفة إدارية تابعة لمحكمة النقض التي يكون على رأسها هذا الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية .
رابعا : مبدأ مجانية القضاء
جاءت المادة 5 من القانون رقم 38.15 تنص صراحة على ما يأتي : " طبقا لأحكام الفصل 121 من الدستور ، يكون التقاضي مجانيا في الحالات المنصوص عليها لمن لا يتوفر على موارد كافية للتقاضي " .ومن نص هذه المادة يتجلى أن واضع هذا القانون أخذ هذا المبدأ حرفيا ونقله من الفصل 121 من الدستور . واقعا بذلك في نفس الخطأ الذي وقع فيه الدستور الذي لم يميز بين مجانية القضاء التي تعني أن القاضي لا يأخذ مقابلا من أطراف الخصومة عن قضائه بينهم ، مثلما العمل ما يزال جاريا به لحد الآن بالنسبة إلى الحكام الذين تعينهم لجنة اتحكيم لإدارة مباريات كرة القدم ، و الإعفاء الكلي أو المؤقت من أداء الرسوم القضائية الذي يقرره قانون الرسوم القضائية لبعض القضايا أو بعض النصوص الخاصة بالنسبة لبعض الطعون ، كما هو الشأن مثلا بالنسبة للطعون بإلإلغاء ضد القرارات الإدارية أمام القضاء الإداري أو الطعون الانتخابية أمام نفس الجهة ، أو طلبات الاستئناف المرفوعة إلى محاكم الاستئناف الإدارية ( المادة 10 من القانون رقم 80.03 المحدثة هذه المحاكم بموجبه ) ضد القرارات الصادرة عن المحاكم الإدارية .
وإن كان الملاحظ على هذا النوع من الإعفاءات الأخيرة المتعلقة فقط بالطعون الإدارية بالاستئناف أنه لم يكن دقيقا . ولم يشمل كافة المساطر التي تجري أمام محاكم الاستئناف الإدارية . وهو ما أفرغه من محتواه ، عندما أصبحت كتابة ضبط هذه المحاكم تعتبر أن هذا الإعفاء وهو استثناء من الأصل العام ، إنما يهم طلبات الاستئناف وحدها بمعناها الضيق ، ولا يهم ما يمكن أن يجب على المساطر الأخرى المتفرعة عن هذه الطعون أمامها من أداءات ، مستدلة على ذلك بأن النص جاء يتعلق فقط بالطعون ، وأن توسيع مداه ليشمل غيرها غير ممكن ومتناف مع المبدأ القائل بأن الاستثناءات لا يتوسع فيها ولا يقاس عليها وينبغي أن يعطاها المعنى الذي يضيق ما أمكن من مداها . وكذلك يصدق الأمر على الطعون بالاستئناف في الأحكام الباتة في الاختصاص النوعي على إثر الدفع بالطبيعة الإدارية للنزاع . فإن العقل يقف إزاءها حائرا لا يعرف ما إذا كان يجب عنها أداء الرسم الواجب عن الطعون بالاستئناف للاختصاص وهو 150 درهما ( الفصل 32 من الملحق 1 للظهير الشريف رقم 1.84.54 بتاريخ 27/04/1984 بمثابة قانون المالية لسنة 1984 المتضمن أحكاما تطبق على المصاريف القضائية في القضايا المدنية والتجارية والإدارية وعلى الإجراءات القضائية وغير القضائية) أم لا . وخاصة إذا كان الدفع بعدم الاختصاص للطبيعة الإدارية للنزاع أثير أمام القضاء العادي أو أمام القضاء التجاري .
خامسا : مبدأ القضاء الفردي والقضاء الجماعي
الفرق بينهما هو أن القضاء الفردي يقع فيه البت في القضايا المعروضة على المحاكم بقاض منفرد . وهذا النوع من القضاء متبع في التنظيمات القضائية الأنكلوساكسونية ، بينما يكون البت فيها في القضاء الجماعي من طرف هيئة جماعية تتشكل من عدة قضاة ( 3 أو خمسة في الغالب ) . وهذا انوع من القضاء متبع في التنظيمات القضائية الفرنسية والجرمانية .
ولكل من هذين القضائين مزاياه وعيوبه . وهكذا فمما كان يحسب للقضاء الفردي سرعة البت وقلة التكاليف والشعور بالمسؤولية الفردية عن قضائه ، ومما كان يؤخذ عليه افتقار القاضي المنفرد إلى الرأي والمشورة مع غيره ، و سهولة التأثير عليه . كما أنه مما كان يحسب للقضاء الجماعي الصعوبة في التأثير على كافة أفراده الهيئة القضائية ، وصدور أحكامه بعد التداول والتشاور بين فئات عمرية وتجارب مختلفة . ومما كان يحسب عليه ما يتسبب فيه من بطء في إصدار الأحكام ، وما يكبده من تكاليف ، وما يتسبب فيه من اتكال بعض أعضاء الهيئة على الأعضاء اللآخرين ، وما قد ينشأ عنه من تواطئ البعض منهم ضد البعض الآخر . وما قد يتسبب ذلك في إلحاق الضرر بالقاضي ضحية هذا التواطىء إذا ما كانت الهيئة محل مساءلة تأديبية . وهو ما جعل القانون 38.15 يحدث ضمانة لهذا القاضي ضحية القضاء الجماعي تحميه من تواطئ باقي أعضاء الهيئة معه . وذلك بمقتضى الفقرة الخامسة من المادة 16 التي جاءت تنص على ما يأتي : تصدر أحكام القضاء الجماعي بالإجماع أو بالأغلبية ، بعد دراسة القضية والتداول فيها سرا .وتضمن وجهة نظر القاضي المخالف معللة بمبادرة منه في محضر سري خاص موقع عليه من قبل أعضاء الهيئة يضعونه في غلاف مختوم . ويحتفظ به لدى رئيس المحكمة المعنية بعد أن يسجله في سجل خاص يحدث لهذه الغاية .ولا يمكن الاطلاع عليه من قبل الغير إلا بناء على قرار من المجلس الأعلى للسلطة القضائية .
يحتفظ بالمحضر المذكور لمدة عشر سنوات من تاريخ إنجازه . ويعتبر الكشف عن مضمونه بأي شكل كان ، خطأ جسيما " .
وبين هذين النوعين من القضاء ( الفردي والجماعي ) ، اختار واضع القانون 38.15 القضاء الفردي بالنسبة لقضاء القرب على الإطلاق و كأصل عام في القضايا الأخرى المعروضة على المحاكم الابتدائية المصنفة منها ( المادة 48 ) وغير المصنفة ، عدا عند وجود نص قانوني خاص أو في الحالات التي يبت فيها بهيئة مؤلفة من ثلاثة قضاة بمن فيهم الرئيس . وهي القضايا التي حددها في المادة 51 منه . وهي كالتالي :
- القضايا العينية العقارية والمختلطة ،
- قضايا الأحوال الشخصية بما فيها قضايا الأسرة ، باستثناء قضايا الطلاق الاتفاقي والنفقة وأجرة الحضانة وباقي الالتزامات المادية للزوج أو الملزم بالنفقة والحق في زيارة المحضون والرجوع إلى بيت الزوجية وإعداد بيت الزوجية وقضايا الحالة المدنية .
- القضايا الجنحية التي تقرر فيها متابعة شخص في حالة اعتقال ولو توبع معه أشخاص في حالة سراح ، وتبقى الهيئة الجماعية مختصة بالبت في القضية في حالة منح المحكمة السراح المؤقت للشخص المتابع ،
- القضايا التجارية المسندة إلى القسم المتخصص في القضاء التجاري ،
- القضايا التجارية المسندة إلى القسم المتخصص في القضاء الإداري ،
بينما اختار القضاء الجماعي بالنسبة للقضايا المذكورة أعلاه المستثناة بنص المادة سالفة الذكر ، من الأصل العام وهو القضاء الفردي ، وبالنسبة لكافة الجهات القضائية المتخصصة ( الإدارية والتجارية ) ومحاكم ثاني درجة بمختلف أنواعها ، ومحكمة النقض .
خامسا : مبدأ الشفوية وعلنية الجلسات
بالنسبة لمبدأ شفوية المرافعات .كان هذا المبدأ– كما سبق القول - هو الأصل المعمول به في القضايا الشرعية قبل صدور قانون المسطرة المدنية في سنة 1913 ، إلا بالنسبة للنوع منها الذي كان متشعبا أو كان ذا قيمة كبيرة . واستمر هذا الوضع حتى أمام المحاكم الشرعية وبعدها أمام محاكم السدد ، وحتى بعد صدور ظهير 14 يوليوز 1974 المتعلق بالمسطرة المدنية ، إلا أن العمل بهذا المبدأ وخاصة بعد التعديلات التي أدخلت على هذا القانون في سنة 1993 أخذ يضيق وينحصر لفائدة المسطرة الكتابية التي أصبحت هي الطاغية ، وهي الأصل ، وبقي مجال المسطرة الشفوية منحصرا فقط في قضايا القرب والقضايا الاجتماعية وقضايا النفقة والطلاق والتطليق والحالة المدنية والقضايا الجنحية بطبيعة الحال .
أما بالنسبة لمبدأ العلنية ، فإنه يجد سنده القانوني في المادة 123 من الدستور التي نصت على ما يأتي : " تكون الجلسات علنية ما عدا في الحالات التي يقرر فيها القانون خلاف ذلك " وفي المادة 43 من قانون المسطرة المدنية التي نصت على أن الجلسات تكون علنية إلا إذا قرر القانون خلاف ذلك . وفي الفقرة الأولى من المادة 50 من نفس القانون التي نصت على أن الأحكام تصدر في جلسة علنية والفقرة التاسعة من نفس المادة التي أوجبت أن تنص الأحكام على أن المناقشات قد وقعت في جلسة علنية أو سرية وأن الحكم قد صدر في جلسة علنية .وهو نفس المقتضى الذي أعاد قانون المسطرة المدنية التأكيد والتشديد عليها في المادة 345 بالنسبة لقرارات محاكم الاستئناف ، وفي المادة 375 بالنسبة لقرارات محكمة النقض .
ومن ذلك يتبين أن الأصل هو علنية الجلسات بسبب ما يتيحه من رقابة شعبية على الجلسات والأحكام . وأن الاستثناء هو السرية . وأن مجال هذه السرية منحصر في قضايا غرف المشورة وفي الحالات التي تصدر فيها أوامر عن القضاء بجعلها سرية إما بسبب تعلقها بحفظ النظام العام أو بهدف حماية الأخلاق والآداب العامة ، أو في الحالات التي ينص فيها القانون على التزام السرية كما هو الحال مثلا بالنسبة لقضايا الأحداث ( الفصل 478 من قانون المسطرة الجنائية ) .
سادسا : مبدأ التقاضي على درجتين
هذا المبدأ له وشيج الصلة ومتين العلاقة بحق الدفاع لما يتيحه للمتضررين من حكم صادر عن محكمة أدنى درجة ، من إعادة طرح قضاياهم على جهات قضائية أعلى درجة بواسطة طعون ، وذلك لمناقشتها من جديد وإعمال النظر فيها ، إما لفائدة الطاعن وحده أو ضده إذا كان الطعن مرفوعا من الغير في مواجهته .
ورغم ما وجه إلى هذا امبدأ من انتقادات من قبيل أنه يتسبب في تأخير حصول المتقاضين على حقوقهم في أقرب الأوقات ، وما يتسبب فيه من إهدار للزمن القضائي ، وما يكبد طرف الخصومة من نفقات وتكاليف ، إلا أنه مما لا شك فيه أنه يتيح للمتضرر فرصة عرض نزاعه من جديد على محكمة أعلى درجة تكون في الغالب متركبة من قضاة أكبر سنا من قضاة أول درجة ، راكموا خلال سني عملهم الكثير من الخبرات والتجارب في إصدار الأحكام .قد تساعدهم على تصحيح ما قد يكون شاب أحكام قضاة أول درجة من أخطاء مفترضة بالنسبة للتعرضات ، او محتملة بالنسبة للاستئنافات ، أو أخطاء في الواقع بالنسبة لإعادة النظر ، أو أخطاء في القانون بالنسبة للنقض ( 1).
سادسا : مبدأ مغربة وتعريب القضاء
مبدأ مغربة القضاء يجد أساسه القانوني أولا في القانون المتعلق بمغربة وتوحيد وتعريب القضاء الصادر في سنة 1965 ، وكذلك في اشتراط المشرع في المادة 7 من القانون التنظيمي 106.13 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة في المترشح لولوج السلك القضائي.أن يكون من جنسية مغربية .
أما بالنسبة لمبدأ تعريب القضاء ، فيجد مرتكزه القانوني أولا في قانون تعريب القضاء وفي قرار وزير العدل رقم : 65 – 414 بتاريخ : 29 يونيه 1965 باستعمال اللغة العربية لدى محاكم المغرب ( 2 )، وثانيا في المادة 14 من القانون رقم 38.15 التي جاءت تنص على ما يأتي : " تظل اللغة العربية لغة التقاضي والمرافعات وصياغة الأحكام القضائية أمام المحاكم ..
... تقدم الوثائق والمستندات للمحكمة باللغة العربية ، وفي حالة الإدلاء بها بلغة أجنبية ، يمكن للمحكمة تلقائيا أو بناء على طلب الأطراف والدفاع ، أن تطلب تقديم ترجمة لها إلى اللغة العربية مصادق على صحتها من قبل ترجمان محلف . كما يمكن للمحكمة وأطراف النزاع أو الشهود الاستعانة أثناء الجلسات بترجمان محلف تعينه المحكمة أو تكلف شخصا بالترجمة بعد أن يؤدي اليمين أمامها .
على أن الذي ينبغي التنبيه إليه بالمناسبة ، هو أن هذه الترجمة إنما تكون منحصرة فقط في الوثائق والمستندات المقدمة إلى المحكمة بلغة أجنبية ، ولا تهم غيرها من الوثائق والأوراق القضائية ، أو غير القضائية الأخرى فإنها لا تترجم . ولكن رسالة التبليغ هي التي يجب أن تحرر بلغة الدولة المطلوب إليها التبليغ . ويجب أن تتضمن البيانات التالية :
- السلطة الصادر عنها الرسم ،
- نوع الوثيقة المطلوب تبليغها ،
- إسم وصفة كل من الطرفين ،
- إسم وعنوان الشخص المطلوب تبليغه ،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 1 ) أنظر تفصيل هذه الفلسفة في كتاب " شائبة الخطأ في الحكم الجنائي " للأستاذ محمد زكي أبو عامر - طبع دار المطبوعات الجامعية - طبعة 1977 - بالصفحة 75 وما بعدها بالنسبة للتعرض - وبالصفحة 141 وما بعدها بالنسبة للاستئناف - وبالصفحة 205 وما بعدها بالنسبة للنقض - وبالصفحة 413 وما بعدها بالنسبة لإعادة النظر .
( 2 ) ينص هذا الفصل على ما يأتي : « يجب أن يحرر باللغة العربية ابتداء من فاتح يوليوز جميع المقالات و العرائض و المذكرات وبصفة عامة جميع الوثائق المقدمة إلى مختلف المحاكم » .
كما جاءت توضح ذلك الاتفاقيات القضائية الثنائية التي أبرمها المغرب مع دول أجنبية . ومنها ما تضمنته مقتضيات الفصل 2 من اتفاقية التعاون القضائي المتبادل و تنفيذ الأحكام وتسليم المجرمين بين المغرب وفرنسا الموقعة في 5 أكتوبر 1957 ، والفصل 4 من اتفاقية التعاون القضائي المتبادل و تنفيذ الأحكام وتسليم المجرمين بين المغرب وإيطاليا الموقعة بروما يوم : 12 فبراير 1971 التي صدر الأمر بنشرها بمقتضى الظهير الشريف رقم : 1.75.242 بتاريخ 12 أبريل 1976 .
الأستاذ محمد فجار
نقيب أسبق لهيئة المحامين جديدة
الجديدة ، صبيحة يوم : 29/12/2022