يتعلم الإنسان من تجاربه ما لا تعلمه إياه أهم الجامعات والنظريات، خاصةً عندما يكون درب هذه التجارب معمداً بالألم، مغتسلاً بالدموع، متشبعاً بالحسرة على رحيل أجمل أيام العمر ولحظاتها الدافئة ومشاعرها التي لا تقدر بثمن ولا يمكن أن تعود أو يعوضها شيء، فمع كل ما نعيشه من ظروف في زمننا الحالي أصبح إقدامنا كبشر على إصطفاء شخصٍ ما كأخٍ وصديق ليكون جزءاً منا ومن أسرتنا وكياننا بعيداً عن صلة الدم مجازفةً لا يعرف أغلبنا عواقبها مهما بلغت حكمته وحصافته، لا لعيبٍ فيه بقدر ما أصبحت الصداقة بمعناها الحقيقي الذي يضم الأخوة والوفاء نوعاً من الرفاهية أو الشاعرية أو (الدراما) بحسب توصيفات البعض في هذا الزمن..
وهو ما بات ينعكس على فكرة استمرارية أي علاقةٍ بين الناس كونها أصبحت محل خلط وتشويش، فالعلاقات تعني بشكلٍ أو بآخر نوعاً من الإلتزام تجاه الطرف الآخر وبين أي طرفين، الإلتزام بالوقوف إلى جانبه ومساندته واحترامه واحترام عائلته والحفاظ على سمعته ومشاعره وأسراره وتقديم التضحيات لأجله إن اقتضى الأمر ذلك، كما تتطلب فهم وتقدير معنى أن يأتمنك شخصٌ ما على خصوصياته التي لم يبح بها لأحد، وتقدير معنى أن تدخل بيته وتحافظ على حرمته وكرامته وكتمان ما يدور بداخله لأنه وكما يفترض بينكما نوع من (وحدة الحال) التي جعلتكما مقربين من بعضكما البعض، تتقاسمان كل شيء بين فرح وحزن وسعادةٍ وترح وصحةٍ ومرض بحيث يكون كل شخص ملجأ صديقه (الآمن) في هذا العالم الموحش القائم على المادة والمصلحة والمتعة، فلا يخاف غدره أو خيانته أو يشك في صدق نواياه تجاهه أو يخاف من أن يكون على سجيته أمامه..
وفي ظل غياب أو (تغييب) هذه المفاهيم عمداً والتسويق لها على أنها نوعٌ من الرجعية والسذاجة لإفساح المجال أمام تمجيد التفكير الفردي و(العملي) الذي يحيد المفاهيم الإنسانية والعاطفية والأخلاقية باتت المجتمعات قاب قوسين أو أدنى من الإنهيار وأصبحت على حافة الهاوية، فالأعمدة التي تقوم عليها آخذةٌ في التآكل والسقوط تباعاً، كما أصبح من لا يؤمن بهذه الأنماط الحديثة من التفكير مبتعداً بنفسه، خوفاً من الطوفان الذي تحمله وستحمله هذه المبادىء للناس وسط انتشار حالةٍ من الإضطراب بينهم والشعور بعدم الثقة في بعضهم البعض، والتي عززها تداعي الكثير من الصداقات والعلاقات من حولهم بعد أن كانت مضرب الأمثال، ولأسبابٍ قد لا يستطيع بعضنا تصديقها إذا ما قورنت بحجم وعمق الصداقة التي يفترض أنها أقوى من الأحداث العابرة، لذلك لا نستطيع أن نقول أننا نعيش في ظروفٍ صحية ومجتمعاتٍ سليمة طالما أن العلاقات بين أفرادها هشة وسطحية وخالية من الثقة والعاطفة والشعور بالأمان ولا توجد فيها ضمانات أو حدود أو تقدير لمعنى الصداقة التي تعكس في تشوهها حالة المجتمع وصورته..
خالد جهاد..
وهو ما بات ينعكس على فكرة استمرارية أي علاقةٍ بين الناس كونها أصبحت محل خلط وتشويش، فالعلاقات تعني بشكلٍ أو بآخر نوعاً من الإلتزام تجاه الطرف الآخر وبين أي طرفين، الإلتزام بالوقوف إلى جانبه ومساندته واحترامه واحترام عائلته والحفاظ على سمعته ومشاعره وأسراره وتقديم التضحيات لأجله إن اقتضى الأمر ذلك، كما تتطلب فهم وتقدير معنى أن يأتمنك شخصٌ ما على خصوصياته التي لم يبح بها لأحد، وتقدير معنى أن تدخل بيته وتحافظ على حرمته وكرامته وكتمان ما يدور بداخله لأنه وكما يفترض بينكما نوع من (وحدة الحال) التي جعلتكما مقربين من بعضكما البعض، تتقاسمان كل شيء بين فرح وحزن وسعادةٍ وترح وصحةٍ ومرض بحيث يكون كل شخص ملجأ صديقه (الآمن) في هذا العالم الموحش القائم على المادة والمصلحة والمتعة، فلا يخاف غدره أو خيانته أو يشك في صدق نواياه تجاهه أو يخاف من أن يكون على سجيته أمامه..
وفي ظل غياب أو (تغييب) هذه المفاهيم عمداً والتسويق لها على أنها نوعٌ من الرجعية والسذاجة لإفساح المجال أمام تمجيد التفكير الفردي و(العملي) الذي يحيد المفاهيم الإنسانية والعاطفية والأخلاقية باتت المجتمعات قاب قوسين أو أدنى من الإنهيار وأصبحت على حافة الهاوية، فالأعمدة التي تقوم عليها آخذةٌ في التآكل والسقوط تباعاً، كما أصبح من لا يؤمن بهذه الأنماط الحديثة من التفكير مبتعداً بنفسه، خوفاً من الطوفان الذي تحمله وستحمله هذه المبادىء للناس وسط انتشار حالةٍ من الإضطراب بينهم والشعور بعدم الثقة في بعضهم البعض، والتي عززها تداعي الكثير من الصداقات والعلاقات من حولهم بعد أن كانت مضرب الأمثال، ولأسبابٍ قد لا يستطيع بعضنا تصديقها إذا ما قورنت بحجم وعمق الصداقة التي يفترض أنها أقوى من الأحداث العابرة، لذلك لا نستطيع أن نقول أننا نعيش في ظروفٍ صحية ومجتمعاتٍ سليمة طالما أن العلاقات بين أفرادها هشة وسطحية وخالية من الثقة والعاطفة والشعور بالأمان ولا توجد فيها ضمانات أو حدود أو تقدير لمعنى الصداقة التي تعكس في تشوهها حالة المجتمع وصورته..
خالد جهاد..