Si la pièce jointe contient des images, elles ne s'afficheront pas. Télécharger la pièce jointe d'origine
الموت في شعر عنترة والمتنبي
إعداد /محمد عباس محمد عرابي
تناول الشعراء في كل عصور الأدب الموت في شعرهم بالحديث ، وكل واحد تناوله من منظور خاص، وقام الباحثون والنقاد بدراسة وتحليل هذه الأشعار، ومن الدراسات التي قاموا بها على سبيل المثال :" دراسة تجليات الموت في شعر نزار قباني "وهي دراسة من إعداد فوز سهيل نزال، ودراسة صورة الموت في الشعر العربي القديم..." وهي دراسة من إعداد الأستاذة هالة مهدي/ جامعة صفاقس، ودراسة :"رؤية الموت في شعر محمد القيسي" ،ودراسة "الموت في الشعر العباسي" وهي رسالة ماجستير للباحثة حنان الجمل، ودراسة :"فكرة الموت في الشعر العربي" للدكتور كفايت الله همداني ،ودراسة" تحولات خطاب الموت في الشعر العربي " للدكتورة هيلة المنيع .
و هذا المقال يتناول: الموت في شعر عنترة والمتنبي من خلال محورين: المحور الأول الموت في شعر عنترة، والمحور الثاني: الموت في شعر المتنبي
وفيما يلي عرض للمحورين على النحو التالي:
*المحور الأول الموت في شعر عنترة
وفيه بين أنه شجاع ولا يخاف الموت
شجاعة عنتر وعدم خوفه من الموت:
شجاعة عنتر وعدم خوفه من الموت حيث يقول:
وَما زالَ باعُ الشَرقِ عَنِّيَ يُقصَرُ
أَنا المَوتُ إِلّا أَنَّني غَيرُ صابِرٍ
عَلى أَنفُسِ الأَبطالِ وَالمَوتُ يَصبُرُ
أَنا الأَسَدُ الحامي حِمى مَن يَلوذُ بي
وَفِعلي لَهُ وَصفٌ إِلى الدَهرِ يُذكَرُ
إِذا ما لَقيتُ المَوتَ عَمَّمتُ رَأسَهُ
بِسَيفٍ عَلى شُربِ الدِما يَتَجَوهَرُ
سَوادي بَياضٌ حينَ تَبدو شَمائِلي
وَفِعلي عَلى الأَنسابِ يَزهو وَيَفخَرُ
أَلا فَليَعِش جاري عَزيزاً وَيَنثَني
عَدُوّي ذَليلاً نادِماً يَتَحَسَّرُ(1)
الدعاء بالموت على من حال بين عنتر وعبلة
دعاء عنترة على عمه بالموت؛ لأنه حال بينه وبين عبلة، وفي هذا يقول عنترة في قصيدة " جُفونُ العَذارَى مِنْ خِلالِ البَراقِعِ"،وهي من بحر ( من الطويل)
جُفونُ العَذارَى مِنْ خِلالِ البَراقِعِ
أَحَدُّ مِنَ البيضِ الرِّقاقِ القَواطِعِ
إِذا جُرِّدَت ذَلَّ الشُجاعُ وَأَصبَحَت
مَحاجِرُهُ قَرحى بِفَيضِ المَدامِعِ
سَقى اللَهُ عَمّي مِن يَدِ المَوتِ جَرعَةً
وَشُلَّت يَداهُ بَعدَ قَطعِ الأَصابِعِ
كَما قادَ مِثلي بِالمُحالِ إِلى الرَدى
وَعَلَّقَ آمالي بِذَيلِ المَطامِعِ
لَقَد وَدَّعَتني عَبلَةٌ يَومَ بَينِها
وَداعَ يَقينٍ أَنَّني غَيرُ راجِعِ
وَناحَت وَقالَت كَيفَ تُصبِحُ بَعدَنا
إِذا غِبتَ عَنّا في القِفارِ الشَواسِعِ(2)
يَرُدُّ المَوتَ ما قاسى النِزاعا:
يبين عنترة أن الموت يَرُدُّ ما قاسى النِزاعا:
وفيها يقول عنترة بن شداد: (3)
إِذا كَشَفَ الزَمانُ لَكَ القِناعا
وَمَدَّ إِلَيكَ صَرفُ الدَهرِ باعا
فَلا تَخشَ المَنيَّةَ وَاِلقَيَنها
وَدافِع ما اِستَطَعتَ لَها دِفاعا
وَلا تَختَر فِراشاً مِن حَريرٍ
وَلا تَبكِ المَنازِلَ وَالبِقاعا
وَحَولَكَ نِسوَةٌ يَندُبنَ حُزناً
وَيَهتِكنَ البَراقِعَ وَاللِفاعا
يَقولُ لَكَ الطَبيبُ دَواكَ عِندي
إِذا ما جَسَّ كَفَّكَ وَالذِراعا
وَلَو عَرَفَ الطَبيبُ دَواءَ داءٍ
يَرُدُّ المَوتَ ما قاسى النِزاعا
وَفي يَومِ المَصانِعِ قَد تَرَكنا
لَنا بِفِعالِنا خَبَراً مُشاعا
أَقَمنا بِالذَوابِلِ سوقَ حَربٍ
وَصَيَّرنا النُفوسَ لَهَ مَتاعا
حِصاني كانَ دَلّالَ المَنايا
فَخاضَ غُبارَها وَشَرى وَباعَ
وَسَيفي كانَ في الهَيجا طَبيباً
يُداوي رَأسَ مَن يَشكو الصُداعا
أَنا العَبدُ الَّذي خُبِّرتَ عَنهُ
وَقَد عايَنتَني فَدَعِ السَماعا
وَلَو أَرسَلتُ رُمحي مَع جَبانٍ
لَكانَ بِهَيبَتي يَلقى السِباعا
مَلَأتُ الأَرضَ خَوفاً مِن حُسامي
وَخَصمي لَم يَجِد فيها اِتِّساعا
إِذا الأَبطالُ فَرَّت خَوفَ بَأسي
تَرى الأَقطارَ باعاً أَو ذِراعا
ورود المَوت أَعظَمَ مَورِدٍ
يبين عنترة أنه يرد المَوت أَعظَمَ مَورِدٍ حيث يقول :
كَم فارِسٍ غادَرتُ يَأكُلُ لَحمَهُ
ضاري الذِئابِ وَكاسِراتُ الأَنسُرِ
أَفري الصُدورَ بِكُلِّ طَعنٍ هائِلٍ
وَالسابِغاتِ بِكُلِّ ضَربٍ مُنكَرِ
وَإِذا رَكِبتُ تَرى الجِبالَ تَضِجُّ مِن
رَكضِ الخُيولِ وَكُلَّ قُطرٍ موعِرِ
وَإِذا غَزَوتُ تَحومُ عِقبانُ الفَلا
حَولي فَتَطعُمُ كَبدَ كُلِّ غَضَنفَرِ
وَلَكَم خَطِفتُ مُدَرَّعاً مِن سَرجِهِ
في الحَربِ وَهوَ بِنَفسِهِ لَم يَشعُرِ
وَلَكَم وَرَدتُ المَوتُ أَعظَمَ مَورِدٍ
وَصَدَرتُ عَنهُ فَكانَ أَعظَمَ مَصدَرِ
المحور الثاني : الموت في شعر المتنبي
تناول المتنبي الموت في شعره حيث تحدث عن بسالته فهو يضرب وموجُ الموتِ يَلتَطِمُ ،وفي هذا ما يدل على بطولته وفروسيته :
بسالة المتنبي فهو يضرب وموجُ الموتِ يَلتَطِمُ
فها هو المتنبي يبين شجاعته وبسالته ،وهو يضرب وموجُ الموتِ يَلتَطِمُ حيث يقول في قصيدة واحر قلباه:
إذا رأيتَ نيوبَ الليث بارزةً
فَلا تَظُنَّنَّ أنَّ اللَيثَ يبتَسِمُ
وَمُهجةٍ مُهجتي مِن هَمّ صاحبها
أدركْتُها بجَوادٍ ظهرهُ حَرَمُ
رِجلاه في الرَّكضِ رجلٌ واليدانِ يدٌ
وفعلُه ما تريدُ الكفُّ وَالقَدَمُ
ومُرهَفٍ سِرتُ بين الجَحْفَلينِ بهِ
حتى ضَربتُ وموجُ الموتِ يَلتَطِمُ
الخيلُ والليلُ والبيداءُ تَعْرِفُني
والسيفُ والرمحُ والقرطاسُ والقَلمُ
صَحِبتُ في الفلواتِ الوحشَ مُنفرِداً
حتى تعجَّبَ مني القُورُ والأكَمُ
يا مَن يَعِزُّ علينا أن نُفارقهم
وِجْدانُنا كل شيءٍ بعْدَكُم عَدَمُ ِ(4)
قبض الموت للنفوس:
حيث يقول المتنبي عن قبض الموت للنفوس، وإن كنا نختلف معه فيما ذهب إليه من رأي يختلف مع يسر ديننا وسماحته:
(لا تَشْتَرِ العَبْدَ إِلّا وَالعَصا مَعَهُ
إِنَّ العَبيدَ لَأَنجْاسٌ مَناكيدُ
ما يَقْبِضُ المَوْتُ نَفْسًا مِنْ نُفوسِهِمُ
إِلّا وَفي يَدِهِ مِنْ نَتْنِها عودُ)
َما في المَوتِ شَكٌّ لِواقِفٍ :
يبين الشاعر المتنبي أنه َما في المَوتِ شَكٌّ لِواقِفٍ حيث يقول :
عَلى قَدرِ أَهلِ العَزمِ تَأتي العَزائِمُ
وَتَأتي عَلى قَدرِ الكِرامِ المَكارِمُ
وَتَعظُمُ في عَينِ الصَغيرِ صِغارُها
وَتَصغُرُ في عَينِ العَظيمِ العَظائِمُ
إلى أن يقول:
وَقَفتَ وَما في المَوتِ شَكٌّ لِواقِفٍ
كَأَنَّكَ في جَفنِ الرَدى وَهوَ نائِمُ
تَمُرُّ بِكَ الأَبطالُ كَلمى هَزيمَةً
وَوَجهُكَ وَضّاحٌ وَثَغرُكَ باسِمُ
تَجاوَزتَ مِقدارَ الشَجاعَةِ وَالنُهى
إِلى قَولِ قَومٍ أَنتَ بِالغَيبِ عالِمُ(5)
المَوتُ آتٍ وَالنُفوسُ نَفائِسٌ:
بين الشاعر أن المَوتُ آتٍ وَالنُفوسُ نَفائِسٌ حيث يقول قصيدة : أَرَقٌ عَلَى أَرَقٍ وَمِثْلِيَ يَأْرَقُ(6)
كَنَزوا الكُنوزَ فَما بَقينَ وَلا بَقوا
مِن كُلِّ مَن ضاقَ الفَضاءُ بِجَيشِهِ
حَتّى ثَوى فَحَواهُ لَحدٌ ضَيِّقُ
خُرسٌ إِذا نودوا كَأَن لَم يَعلَموا
أَنَّ الكَلامَ لَهُم حَلالٌ مُطلَقُ
وَالمَوتُ آتٍ وَالنُفوسُ نَفائِسٌ
وَالمُستَغِرُّ بِما لَدَيهِ الأَحمَقُ
وَالمَرءُ يَأمُلُ وَالحَياةُ شَهِيَّةٌ
وَالشَيبُ أَوقَرُ وَالشَبيبَةُ أَنزَقُ
وَلَقَد بَكَيتُ عَلى الشَبابِ وَلِمَّتي
مُسوَدَّةٌ وَلِماءِ وَجهِيَ رَونَقُ
حَذَراً عَلَيهِ قَبلَ يَومِ فِراقِهِ
حَتّى لَكِدتُ بِماءِ جَفنِيَ أَشرَقُ
أَمّا بَنو أَوسِ اِبنِ مَعنِ اِبنِ الرِضا
فَأَعَزُّ مَن تُحدى إِلَيهِ الأَينُقُ
كَبَّرتُ حَولَ دِيارِهِم لَمّا بَدَت
مِنها الشُموسُ وَلَيسَ فيها المَشرِقُ
وجميع الأبيات الذي ذكر فيها الموت كلها تؤكد على شجاعة وبسالة كل من عنترة والمتنبي، وعدم هيبة الموت أو الخوف منه.
(1) ينظر :
(2) ينظر :
(3) ينظر :
(4) ينظر :
وينظر
(5) يمكن الاستماع للقصيدة من خلال الرابط : على قدر أهل العزم تأتي العزائم، للمتنبي، قصيدة المتنبي أهل العزم، بصوت الشاعر وائل العبابسة
(6) يمكن الاستماع للقصيدة من خلال الرابط : أرقٌ على أرقٍ ومثلي يأرقُ | أبي الطيب المتنبي
الموت في شعر عنترة والمتنبي
إعداد /محمد عباس محمد عرابي
تناول الشعراء في كل عصور الأدب الموت في شعرهم بالحديث ، وكل واحد تناوله من منظور خاص، وقام الباحثون والنقاد بدراسة وتحليل هذه الأشعار، ومن الدراسات التي قاموا بها على سبيل المثال :" دراسة تجليات الموت في شعر نزار قباني "وهي دراسة من إعداد فوز سهيل نزال، ودراسة صورة الموت في الشعر العربي القديم..." وهي دراسة من إعداد الأستاذة هالة مهدي/ جامعة صفاقس، ودراسة :"رؤية الموت في شعر محمد القيسي" ،ودراسة "الموت في الشعر العباسي" وهي رسالة ماجستير للباحثة حنان الجمل، ودراسة :"فكرة الموت في الشعر العربي" للدكتور كفايت الله همداني ،ودراسة" تحولات خطاب الموت في الشعر العربي " للدكتورة هيلة المنيع .
و هذا المقال يتناول: الموت في شعر عنترة والمتنبي من خلال محورين: المحور الأول الموت في شعر عنترة، والمحور الثاني: الموت في شعر المتنبي
وفيما يلي عرض للمحورين على النحو التالي:
*المحور الأول الموت في شعر عنترة
وفيه بين أنه شجاع ولا يخاف الموت
شجاعة عنتر وعدم خوفه من الموت:
شجاعة عنتر وعدم خوفه من الموت حيث يقول:
وَما زالَ باعُ الشَرقِ عَنِّيَ يُقصَرُ
أَنا المَوتُ إِلّا أَنَّني غَيرُ صابِرٍ
عَلى أَنفُسِ الأَبطالِ وَالمَوتُ يَصبُرُ
أَنا الأَسَدُ الحامي حِمى مَن يَلوذُ بي
وَفِعلي لَهُ وَصفٌ إِلى الدَهرِ يُذكَرُ
إِذا ما لَقيتُ المَوتَ عَمَّمتُ رَأسَهُ
بِسَيفٍ عَلى شُربِ الدِما يَتَجَوهَرُ
سَوادي بَياضٌ حينَ تَبدو شَمائِلي
وَفِعلي عَلى الأَنسابِ يَزهو وَيَفخَرُ
أَلا فَليَعِش جاري عَزيزاً وَيَنثَني
عَدُوّي ذَليلاً نادِماً يَتَحَسَّرُ(1)
الدعاء بالموت على من حال بين عنتر وعبلة
دعاء عنترة على عمه بالموت؛ لأنه حال بينه وبين عبلة، وفي هذا يقول عنترة في قصيدة " جُفونُ العَذارَى مِنْ خِلالِ البَراقِعِ"،وهي من بحر ( من الطويل)
جُفونُ العَذارَى مِنْ خِلالِ البَراقِعِ
أَحَدُّ مِنَ البيضِ الرِّقاقِ القَواطِعِ
إِذا جُرِّدَت ذَلَّ الشُجاعُ وَأَصبَحَت
مَحاجِرُهُ قَرحى بِفَيضِ المَدامِعِ
سَقى اللَهُ عَمّي مِن يَدِ المَوتِ جَرعَةً
وَشُلَّت يَداهُ بَعدَ قَطعِ الأَصابِعِ
كَما قادَ مِثلي بِالمُحالِ إِلى الرَدى
وَعَلَّقَ آمالي بِذَيلِ المَطامِعِ
لَقَد وَدَّعَتني عَبلَةٌ يَومَ بَينِها
وَداعَ يَقينٍ أَنَّني غَيرُ راجِعِ
وَناحَت وَقالَت كَيفَ تُصبِحُ بَعدَنا
إِذا غِبتَ عَنّا في القِفارِ الشَواسِعِ(2)
يَرُدُّ المَوتَ ما قاسى النِزاعا:
يبين عنترة أن الموت يَرُدُّ ما قاسى النِزاعا:
وفيها يقول عنترة بن شداد: (3)
إِذا كَشَفَ الزَمانُ لَكَ القِناعا
وَمَدَّ إِلَيكَ صَرفُ الدَهرِ باعا
فَلا تَخشَ المَنيَّةَ وَاِلقَيَنها
وَدافِع ما اِستَطَعتَ لَها دِفاعا
وَلا تَختَر فِراشاً مِن حَريرٍ
وَلا تَبكِ المَنازِلَ وَالبِقاعا
وَحَولَكَ نِسوَةٌ يَندُبنَ حُزناً
وَيَهتِكنَ البَراقِعَ وَاللِفاعا
يَقولُ لَكَ الطَبيبُ دَواكَ عِندي
إِذا ما جَسَّ كَفَّكَ وَالذِراعا
وَلَو عَرَفَ الطَبيبُ دَواءَ داءٍ
يَرُدُّ المَوتَ ما قاسى النِزاعا
وَفي يَومِ المَصانِعِ قَد تَرَكنا
لَنا بِفِعالِنا خَبَراً مُشاعا
أَقَمنا بِالذَوابِلِ سوقَ حَربٍ
وَصَيَّرنا النُفوسَ لَهَ مَتاعا
حِصاني كانَ دَلّالَ المَنايا
فَخاضَ غُبارَها وَشَرى وَباعَ
وَسَيفي كانَ في الهَيجا طَبيباً
يُداوي رَأسَ مَن يَشكو الصُداعا
أَنا العَبدُ الَّذي خُبِّرتَ عَنهُ
وَقَد عايَنتَني فَدَعِ السَماعا
وَلَو أَرسَلتُ رُمحي مَع جَبانٍ
لَكانَ بِهَيبَتي يَلقى السِباعا
مَلَأتُ الأَرضَ خَوفاً مِن حُسامي
وَخَصمي لَم يَجِد فيها اِتِّساعا
إِذا الأَبطالُ فَرَّت خَوفَ بَأسي
تَرى الأَقطارَ باعاً أَو ذِراعا
ورود المَوت أَعظَمَ مَورِدٍ
يبين عنترة أنه يرد المَوت أَعظَمَ مَورِدٍ حيث يقول :
كَم فارِسٍ غادَرتُ يَأكُلُ لَحمَهُ
ضاري الذِئابِ وَكاسِراتُ الأَنسُرِ
أَفري الصُدورَ بِكُلِّ طَعنٍ هائِلٍ
وَالسابِغاتِ بِكُلِّ ضَربٍ مُنكَرِ
وَإِذا رَكِبتُ تَرى الجِبالَ تَضِجُّ مِن
رَكضِ الخُيولِ وَكُلَّ قُطرٍ موعِرِ
وَإِذا غَزَوتُ تَحومُ عِقبانُ الفَلا
حَولي فَتَطعُمُ كَبدَ كُلِّ غَضَنفَرِ
وَلَكَم خَطِفتُ مُدَرَّعاً مِن سَرجِهِ
في الحَربِ وَهوَ بِنَفسِهِ لَم يَشعُرِ
وَلَكَم وَرَدتُ المَوتُ أَعظَمَ مَورِدٍ
وَصَدَرتُ عَنهُ فَكانَ أَعظَمَ مَصدَرِ
المحور الثاني : الموت في شعر المتنبي
تناول المتنبي الموت في شعره حيث تحدث عن بسالته فهو يضرب وموجُ الموتِ يَلتَطِمُ ،وفي هذا ما يدل على بطولته وفروسيته :
بسالة المتنبي فهو يضرب وموجُ الموتِ يَلتَطِمُ
فها هو المتنبي يبين شجاعته وبسالته ،وهو يضرب وموجُ الموتِ يَلتَطِمُ حيث يقول في قصيدة واحر قلباه:
إذا رأيتَ نيوبَ الليث بارزةً
فَلا تَظُنَّنَّ أنَّ اللَيثَ يبتَسِمُ
وَمُهجةٍ مُهجتي مِن هَمّ صاحبها
أدركْتُها بجَوادٍ ظهرهُ حَرَمُ
رِجلاه في الرَّكضِ رجلٌ واليدانِ يدٌ
وفعلُه ما تريدُ الكفُّ وَالقَدَمُ
ومُرهَفٍ سِرتُ بين الجَحْفَلينِ بهِ
حتى ضَربتُ وموجُ الموتِ يَلتَطِمُ
الخيلُ والليلُ والبيداءُ تَعْرِفُني
والسيفُ والرمحُ والقرطاسُ والقَلمُ
صَحِبتُ في الفلواتِ الوحشَ مُنفرِداً
حتى تعجَّبَ مني القُورُ والأكَمُ
يا مَن يَعِزُّ علينا أن نُفارقهم
وِجْدانُنا كل شيءٍ بعْدَكُم عَدَمُ ِ(4)
قبض الموت للنفوس:
حيث يقول المتنبي عن قبض الموت للنفوس، وإن كنا نختلف معه فيما ذهب إليه من رأي يختلف مع يسر ديننا وسماحته:
(لا تَشْتَرِ العَبْدَ إِلّا وَالعَصا مَعَهُ
إِنَّ العَبيدَ لَأَنجْاسٌ مَناكيدُ
ما يَقْبِضُ المَوْتُ نَفْسًا مِنْ نُفوسِهِمُ
إِلّا وَفي يَدِهِ مِنْ نَتْنِها عودُ)
َما في المَوتِ شَكٌّ لِواقِفٍ :
يبين الشاعر المتنبي أنه َما في المَوتِ شَكٌّ لِواقِفٍ حيث يقول :
عَلى قَدرِ أَهلِ العَزمِ تَأتي العَزائِمُ
وَتَأتي عَلى قَدرِ الكِرامِ المَكارِمُ
وَتَعظُمُ في عَينِ الصَغيرِ صِغارُها
وَتَصغُرُ في عَينِ العَظيمِ العَظائِمُ
إلى أن يقول:
وَقَفتَ وَما في المَوتِ شَكٌّ لِواقِفٍ
كَأَنَّكَ في جَفنِ الرَدى وَهوَ نائِمُ
تَمُرُّ بِكَ الأَبطالُ كَلمى هَزيمَةً
وَوَجهُكَ وَضّاحٌ وَثَغرُكَ باسِمُ
تَجاوَزتَ مِقدارَ الشَجاعَةِ وَالنُهى
إِلى قَولِ قَومٍ أَنتَ بِالغَيبِ عالِمُ(5)
المَوتُ آتٍ وَالنُفوسُ نَفائِسٌ:
بين الشاعر أن المَوتُ آتٍ وَالنُفوسُ نَفائِسٌ حيث يقول قصيدة : أَرَقٌ عَلَى أَرَقٍ وَمِثْلِيَ يَأْرَقُ(6)
كَنَزوا الكُنوزَ فَما بَقينَ وَلا بَقوا
مِن كُلِّ مَن ضاقَ الفَضاءُ بِجَيشِهِ
حَتّى ثَوى فَحَواهُ لَحدٌ ضَيِّقُ
خُرسٌ إِذا نودوا كَأَن لَم يَعلَموا
أَنَّ الكَلامَ لَهُم حَلالٌ مُطلَقُ
وَالمَوتُ آتٍ وَالنُفوسُ نَفائِسٌ
وَالمُستَغِرُّ بِما لَدَيهِ الأَحمَقُ
وَالمَرءُ يَأمُلُ وَالحَياةُ شَهِيَّةٌ
وَالشَيبُ أَوقَرُ وَالشَبيبَةُ أَنزَقُ
وَلَقَد بَكَيتُ عَلى الشَبابِ وَلِمَّتي
مُسوَدَّةٌ وَلِماءِ وَجهِيَ رَونَقُ
حَذَراً عَلَيهِ قَبلَ يَومِ فِراقِهِ
حَتّى لَكِدتُ بِماءِ جَفنِيَ أَشرَقُ
أَمّا بَنو أَوسِ اِبنِ مَعنِ اِبنِ الرِضا
فَأَعَزُّ مَن تُحدى إِلَيهِ الأَينُقُ
كَبَّرتُ حَولَ دِيارِهِم لَمّا بَدَت
مِنها الشُموسُ وَلَيسَ فيها المَشرِقُ
وجميع الأبيات الذي ذكر فيها الموت كلها تؤكد على شجاعة وبسالة كل من عنترة والمتنبي، وعدم هيبة الموت أو الخوف منه.
(1) ينظر :
(6) يمكن الاستماع للقصيدة من خلال الرابط : أرقٌ على أرقٍ ومثلي يأرقُ | أبي الطيب المتنبي