عاد إلى البيت فلم يجدها جُن جنونه بحث عنها في كل مكان من الممكن أن يجدها فيه لكنه فشل فشلاً ذريعاً في العثور عليها, دارت الأفكار برأسه , وحين تعب من التفكير والدوران في البيت
جلس يفكر, سأل نفسه :
ــ ماذا حدث , وأين تكون قد ذهبت ..؟!
يرن الهاتف , يسرع إليه , جاء الصوت عبر الهاتف , مستفسراً , غاضباً ,
ــ هل وجدتها
ــ لا ...!!
ــ إذاً أين ذهبت ..؟!
ــ لا أدري ,
ــ ابحث عنها مرة ثانية , وسوف تجدها إن شاء الله تعالى ,
قالها له صديقه , وانقطع الاتصال , جلس مكانه حزيناً , شارد البال , وهو يحاول أن يعصر ذهنه , ويتذكر ماذا حدث لها, يسترجع في ذاكرته كل شيء , محاولاً أن يفكر ما الذي حدث معه منذ الصباح , وحتى عاد إلى البيت ......
تذكر , بأنها كانت بالليل نائمة معه على السرير , تسوَد الدنيا في عينيه , فهو لا يستطع أن يستغني عنها , فقد أصبحت كل حياته , بل هي كل حياته بالفعل , اتصل بحماته لعله يجدها عندها , فانزعجت جداً , وأخبرته بأنها لم ترها من فترة طويلة , وتحديداً منذ أخر مرة رأتها معه وهو عندها , فطمئنها, وأغلق الهاتف سريعاً , وجلس مكانه يفكر, ويفكر ...
وقد تملكه التوتر والقلق , وهو يحاول ان يعصر ذهنه مرة أخرى , ويتوقع أين ذهبت , وأين يجدها , وأين تكون , وراح يسرح في شرود طويل ,
فكر أن يخرج ليبحث عنها في الشارع , أو في أحدى المتنزهات , ربما يجدها , أو يبحث
عنها على البحر مثلا , فهو كثيراً ما يصحبها معه إلى هناك , لكن تراجع عن الفكرة , فالوقت متأخر جداً , وأخيراً أقنع نفسه بأنه لا يمكن الخروج للبحث عنها في هذا الوقت المتأخر من الليل , لأن الجيش أعلن حالة الطوارق في البلاد , والأحكام العُرفية, ومنع التجوال بالليل , يردد بصوت مختنق يملئه الضيق والضجر والغضب :
ــ اللعنة .. أين ذهبت ...
يرن الهاتف مرة أخرى , يسرع إليه , لعلها هي , أو أحداً عثر عليها ..؟!!
ــ ألو , ألو ..
ــ هل وجدتها ... ؟!!
ــ نعم وجدتها
ــ الحمد لله طمأنتني يا ابني , تصبح على خير ...
هذه المرة كانت أمه , تريد أن تطمأن عليه , فلم يُرد أن يشغلها أكثر عليه , فهي مريضة ويخاف عليها , .......
الوقت تأخر جداً , والنافذة التي تطل على الليل , يدخلها ظلام دامس , مع نسمة هواء باردة, تهب بين الفينة والفينة رياح أمشير تعوي, والنجوم ترتعش تحت القبة الزرقاء , والمدى مستباح وهو لم يزل في حيرة من أمره ,ماذا يفعل , وأين يجدها , وهو لا يستطيع النوم حتى يجدها , يضرب أخماساً في أسداسٍ فكر أن يأخذ أجازه من العمل , فهو لا يستطيع أن يذهب إلى العمل بهذه الحالة التي هو عليها , أكيد سيعرفون بالموضوع , وحينئذ لا يسلم الأمر من قيلٍ وقال , ومن غمز, ولمز, وهمسٍ, وربما تطور الأمر إلى سخرية وتنمر عليه , هكذا تخيل هو إن لم يجدها , وذهب إلى العمل في الصباح من غير أن يجدها , أخرج سيجارة وأشعلها ,
فكر في عمل فنجان من الشاي ليطرد الصداع الذي ضرب رأسه وراح يعربد فيها , لكن تراجع عن هذه الفكرة , ومع أنه لم يعتد أن يشرب السيجارة إلا مع كوب الشاي الساخن ومع ذلك فعلها هذه المرة , .......
هَدَاه تفكير أن يفتح الباب , ويذهب يسأل عنها الجيران, لعل وعسى أحداً منهم يكون قد رآها , أو وجدها في مكانٍ ما, فيخبره بذلك , فيذهب, ويحضرها معه إلى البيت , لكنه تراجع عن هذه الفكرة أيضاً ..
كثيراً ما يحدث معه ذلك , لكن هذه المرة تختلف تماماً عن كل مرة , ركبه ألف عفريت ,
وكأن به حمى في رأسه, أو مس من جنون, يدور في البيت , وكلمة واحدة على لسانه لا تتغير
ــ أين ذهبت بنت الذين .. وأين راحت ,
فجأة تظهر الزوجة أمامه , ترتدي فستاناً فضفاضاً, تحته بلوفر أزرق , وبِنْطَالٌ جينز , وفوق رأسها عصابة حمراء " أشارب أحمر تقريبا " أو طرحة , لا يذكر ,..
تقبل عليه وهي تمشي وكأنها تقفز كالسنجاب , تقول له بنبرة حادة, وقوية وهي تدفع بيدها شيئاً تقدمه له , بقرف :
ــ تفضل يا حبيبي الـ بتدور عليه , أهو , وما تبقا ش تنساه تأني في على الحوض .........
************************
على السيد محمد حزين ــ طهطا ــ سوهاج ــ مصر
تمت الأربعاء 8 / 2 / 2023
جلس يفكر, سأل نفسه :
ــ ماذا حدث , وأين تكون قد ذهبت ..؟!
يرن الهاتف , يسرع إليه , جاء الصوت عبر الهاتف , مستفسراً , غاضباً ,
ــ هل وجدتها
ــ لا ...!!
ــ إذاً أين ذهبت ..؟!
ــ لا أدري ,
ــ ابحث عنها مرة ثانية , وسوف تجدها إن شاء الله تعالى ,
قالها له صديقه , وانقطع الاتصال , جلس مكانه حزيناً , شارد البال , وهو يحاول أن يعصر ذهنه , ويتذكر ماذا حدث لها, يسترجع في ذاكرته كل شيء , محاولاً أن يفكر ما الذي حدث معه منذ الصباح , وحتى عاد إلى البيت ......
تذكر , بأنها كانت بالليل نائمة معه على السرير , تسوَد الدنيا في عينيه , فهو لا يستطع أن يستغني عنها , فقد أصبحت كل حياته , بل هي كل حياته بالفعل , اتصل بحماته لعله يجدها عندها , فانزعجت جداً , وأخبرته بأنها لم ترها من فترة طويلة , وتحديداً منذ أخر مرة رأتها معه وهو عندها , فطمئنها, وأغلق الهاتف سريعاً , وجلس مكانه يفكر, ويفكر ...
وقد تملكه التوتر والقلق , وهو يحاول ان يعصر ذهنه مرة أخرى , ويتوقع أين ذهبت , وأين يجدها , وأين تكون , وراح يسرح في شرود طويل ,
فكر أن يخرج ليبحث عنها في الشارع , أو في أحدى المتنزهات , ربما يجدها , أو يبحث
عنها على البحر مثلا , فهو كثيراً ما يصحبها معه إلى هناك , لكن تراجع عن الفكرة , فالوقت متأخر جداً , وأخيراً أقنع نفسه بأنه لا يمكن الخروج للبحث عنها في هذا الوقت المتأخر من الليل , لأن الجيش أعلن حالة الطوارق في البلاد , والأحكام العُرفية, ومنع التجوال بالليل , يردد بصوت مختنق يملئه الضيق والضجر والغضب :
ــ اللعنة .. أين ذهبت ...
يرن الهاتف مرة أخرى , يسرع إليه , لعلها هي , أو أحداً عثر عليها ..؟!!
ــ ألو , ألو ..
ــ هل وجدتها ... ؟!!
ــ نعم وجدتها
ــ الحمد لله طمأنتني يا ابني , تصبح على خير ...
هذه المرة كانت أمه , تريد أن تطمأن عليه , فلم يُرد أن يشغلها أكثر عليه , فهي مريضة ويخاف عليها , .......
الوقت تأخر جداً , والنافذة التي تطل على الليل , يدخلها ظلام دامس , مع نسمة هواء باردة, تهب بين الفينة والفينة رياح أمشير تعوي, والنجوم ترتعش تحت القبة الزرقاء , والمدى مستباح وهو لم يزل في حيرة من أمره ,ماذا يفعل , وأين يجدها , وهو لا يستطيع النوم حتى يجدها , يضرب أخماساً في أسداسٍ فكر أن يأخذ أجازه من العمل , فهو لا يستطيع أن يذهب إلى العمل بهذه الحالة التي هو عليها , أكيد سيعرفون بالموضوع , وحينئذ لا يسلم الأمر من قيلٍ وقال , ومن غمز, ولمز, وهمسٍ, وربما تطور الأمر إلى سخرية وتنمر عليه , هكذا تخيل هو إن لم يجدها , وذهب إلى العمل في الصباح من غير أن يجدها , أخرج سيجارة وأشعلها ,
فكر في عمل فنجان من الشاي ليطرد الصداع الذي ضرب رأسه وراح يعربد فيها , لكن تراجع عن هذه الفكرة , ومع أنه لم يعتد أن يشرب السيجارة إلا مع كوب الشاي الساخن ومع ذلك فعلها هذه المرة , .......
هَدَاه تفكير أن يفتح الباب , ويذهب يسأل عنها الجيران, لعل وعسى أحداً منهم يكون قد رآها , أو وجدها في مكانٍ ما, فيخبره بذلك , فيذهب, ويحضرها معه إلى البيت , لكنه تراجع عن هذه الفكرة أيضاً ..
كثيراً ما يحدث معه ذلك , لكن هذه المرة تختلف تماماً عن كل مرة , ركبه ألف عفريت ,
وكأن به حمى في رأسه, أو مس من جنون, يدور في البيت , وكلمة واحدة على لسانه لا تتغير
ــ أين ذهبت بنت الذين .. وأين راحت ,
فجأة تظهر الزوجة أمامه , ترتدي فستاناً فضفاضاً, تحته بلوفر أزرق , وبِنْطَالٌ جينز , وفوق رأسها عصابة حمراء " أشارب أحمر تقريبا " أو طرحة , لا يذكر ,..
تقبل عليه وهي تمشي وكأنها تقفز كالسنجاب , تقول له بنبرة حادة, وقوية وهي تدفع بيدها شيئاً تقدمه له , بقرف :
ــ تفضل يا حبيبي الـ بتدور عليه , أهو , وما تبقا ش تنساه تأني في على الحوض .........
************************
على السيد محمد حزين ــ طهطا ــ سوهاج ــ مصر
تمت الأربعاء 8 / 2 / 2023
