علي بنساعود - ملتقى الأدب الوجيز: من أجل توحيد الجهود لتأسيس جهاز اصطلاحي وضوابط دقيقة لهذا الأدب الجديد

أجمع المشاركون في الملتقى العلمي الدولي للأدب الوجيز على أن هذا الأدب يقف على رمال متحرّكة، بل إنه في مرحلة مخاض عسير، وهذا أمر طبيعي، حسبهم، وسابق لظهور كل تيّار أو جنس جديد،وأكدوا على صعوبة تجنيس النصوص القصيرةجدا في الوقت الراهن لعدم تشكّل رؤية موحّدة لهذا الأدب، إذ لم يوحد روّاده من النقّاد جهودهم بعد لتأسيس جهاز اصطلاحي دقيق، وضبط خصوصيّات هذا الأدب الجديد لتمييزه عن بقيّة الأجناس، ورفع اللّبس بين المصطلحات، وانتشال هذه الكتابات الرّائدة من دائرة الفوضى التي تتحرّك فيها.
جاء هذا في البيان الختامي للملتقى، وقعته مديرته الأستاذة إلهام بوصفارةمسيوغة، أشارت فيه إلى أنه تمالاتّفاق على أن النص الوجيز نص إشكاليّ يختص بجماليات تقوم أساسا على الإيجاز والتكثيف والمفارقة والرّمز والدهشة عامّة، وإلى جانب هذه السمات، تشترط القصة الوجيزة الحكائيّة والتكثيف ركيزتين أساسيّتين،باعتبار القصر نتيجة بديهيّة للتكثيف، أما الومضة، فتشترط طاقة المفردة والتكثيف في الصورة الشعرية دون إلغاز والإيقاع الداخلي.
كما تطرّق المشاركون، حسب البيان،إلى علاقة الوجيز بغيره من الأجناس الأدبيّة كالرواية والقصّة القصيرة، وإلى الاختلافات بين أنواع الوجيز ذاته، على غرار الومضة والهايكووالتوقيعة، متسائلين عن مدى انتمائها إلى عائلة الوجيز.
ولم يفت المشاركين الإشارة إلى الأبعاد التاريخيّة للوجيز وتجلّياته في المدوّنة النقديّة والإبداعيّة القديمة، وارتباط الوجازة بالبلاغة والبيان إضافة إلى القصر. إلّا أنّ مفهوم الوجازة في النقد الحديث اكتسب مقوّمات جديدة لا تلغي القديم بل تتجاوزه إلى خصائص جديدة.
ومعلوم أن الدورة الأولى لهذا الملتقى،التي انعقدت تحت عنوان "الأدب الوجيز وإشكاليّة التجنيس" واحتضنتها مدينة سوسة (تونس) يوميْ 25 و26 فيفري الماضي، حضرها أدباء ونقاد من لبنان والمغرب والجزائر وليبيا وتونس ناقشوا، على مدى يومين، إشكاليّة التجنيس في هذا النوع من الكتابة، وما تثيره من جدل واختلاف اصطلاحي عسّر تشكيل نظريّة نقديّة ضابطة لهذا الأدب الجديد.
وأضاف البيان أن مداخلات الأساتذة المحاضرين تطارحت أسئلة ملحّة من قبيل:
_هل كلّ كتابة وجيزة أدب وجيز؟
_من أين يكتسب الأدب الوجيز أدبيته وجماليّته وشرعيّته النقديّة باعتباره جنسا؟
وهي أسئلة،ضمن أخرى، تطارحها المشاركون انطلاقا من تراكم المدوّنة الإبداعية،ودعوا إلى ضرورة الانكباب على هذه النصوص نقديا لتقييمها وتحديد هل تنتميللأدب الوجيز أو لا.
هذا، وقد شكّل الملتقى منطلقا للتفكير في الأدب الوجيز وإشكاليّة التجنيس، ومحاولة لإحياء الحركة النقدية في الوطن العربي، عسى أن يتمّ الالتفاف حول الاختلاف الاصطلاحي، والسعي إلى بيان الفوارق المفهومية بين هذه الأشكال الكتابية الوجيزة، وتوحيد الجهود لتأسيس جهاز اصطلاحي دقيق وضوابط مفهومية وعلمية ومنهجيّة دقيقة لهذا الأدب الجديد.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى