كن أولا وقبل كل شيء إنسانا ثم، إن شئتَ، كن طبيبا أو محاميا أو قاضيا أو مهندسا أو فلاحا أو مُزارِعا أو أستاذا أو تاجرا أو سياسيا أو مسئولا أو وزيرا أو برلمانيا أو حِرفيا أو عاطلا أو غنيا أو ذا جاهٍ و نفوذ أو…
قبل الإجابة على هذا السؤال، فلنُعرٍّف ما هو الإنسانُ؟ الإنسان هو ذلك الكائن الحي الذي حباه اللهُ عقلاً يفكِّر به وله قلبٌ يُحِسُّ به وله ضميرٌ يُرشده إلى فعل الخير. فلماذا أقول : "كن أولا وقبل كل شيء إنسانا ثم، إن شئتَ، كن طبيبا أو…".
لأن مَن هو إنسانٌ يكون حتما، بحُكم توفُّره على عقلٍ وقلبٍ وضميرٍ، مُتشبِّعا بالقيم الإنسانية وبالتالي، لا تسمح له نفسُه أن يحيدَ عن طريق الحق والعدل والإنصاف… ومَن هو متشبِّعٌ بالقيم الإنسانية من مثل الاستقامة والنزاهة والإنصاف والعدل والشفافية وقول الحق والتَّعاطف empathie وحب الوطن وحب الغير والخير والصالح العام والخوف من الله…، لا تسمح له نفسُه أن لا يُخلِصَ في أداء ما عليه من واجبات ومسئوليات، ولا تسمح له نفسُه أن يعتبرَ مهنتَه مجرَّدَ مصدر للرزق عوض أن يعتبرَها مهمةً اجتماعية تكافُلية وتكاملية ونافعة للغير خيطها النَّاظم هو التَّآزرُ والتَّضامن والتَّعاون وخدمة الصالح العام.
والإنسان كإنسانٍ، كما هو مُعرَّف أعلاه، لا يمكن فصلُه عن إنسانيته humanité أو humanisme. وإنسانيتُه هي التي تجعلُه يتميَّز بسمو أخلاقه. فمثلا، عندما نقول"إن فلانا تعامل مع فلانٍ آخر بإنسانية"، فهذا معناه أن الفلانَ الأولَ تصرَّف مع الفلان الثاني مستنداً على ما يتوفَّر عليه من قِيمٍ إنسانيةٍ سامية. وهذا يعني أن التَّعاملَ مبنيٌّ على المساواة بين الفلانين وليس فيه استعلاءٌ ولا كبرياء ولا احتقار ولا تَكَبُّر ولا عُتُوّ ولا عُلُوّ ولا تَبَجُّح ولا تَجَبُّر ولا تَرَفُّع ولا تَعَجْرُف ولا تَغَطْرُس ولا جَبَرُوت ولا عَظَمَة…
السؤالَ المطروح هنا بإلحاحٍ، وخصوصا في أيامنا هذه، هو : "هل حياتُنا اليومية والعامة يسود فيهما تعاملٌ يستمدُّ وجودَه من القيم الإنسانية؟" الواقع الاجتماعي، الاقتصادي والثقافي يقولُ، وبكل وضوحٍ، لا، ثم لا، ثم لا. لماذا؟
لأن المواطنَ، أينما حلَّ وارتحل، يجد نفسَه أمام بُؤَرٍ من فسادٍ يتفاقم يوما بعد يوم وأمام ضربٍ صارخٍ للقيم الإنسانية عرضَ الحائط. فسادٌ عشَّشَ في النفوس وفي المعاملات والتَّعاملات. فسادٌ نخرَ السياسةَ والإدارة والصحة والتَّعليم والتِّجارة والجماعات التُّرابية…
علماً أنه، إذا فسدت السياسة، فَسَدَ معها كل شيء. بالطبع، انا لا أعمِّم ما دام في هذا البلد كفاءات وناسٌ شرفاءٌ وأحرارٌ ونُزهاء… لكن وبكل أسف، لا أحدَ يُنصِتُ لهم. وإذا سُمِعت أصواتُهم، فغالبا ما يُصنَّفون في خانة الأغبياء و المُغفَّلين والسُّذَّج… لأن شريحةً لا يُستهان بها من المواطنين وجدت وتجد ضالَّتَها في الفساد، فتراها تُطبِّع معه لِما يحقِّق لها، كُرها أو عن سابق درايةٍ، من مصالح. وإذا وُجِدَ بعض أعضاء هذه الشريحة في مراكز القرار، فحدِّث ولا حرج ولْتدهَبْ مصالحُ البلاد والعباد إلى الجحيم! لماذا؟
لأن، كما سبق الذِّكرُ، فسادَ السياسة يُفسِد كل شيء إلى درجة أن هذا الفساد أصبح جزأً من ثقافة جماعية مستشرية في المجتمع برمَّته. وأصبحت مرضا معديا تنتشر جرثومتُه من شخص إلى آخر ومن جماعة إلى أخرى. عدوى لم تسلم منها الحِرفُ والمهنُ كيفما كانت، عمومية أو خاصة. كل الأمور المتعلِّقة بهذه الحِرف والمهن أصبحت سِلعاً قابلة للبيع والشراء. لقد أصبح من الممكن لأي شخص له ما يكفي من الإمكانيات أن يشتريَ حقا له فيه كاملُ الحق. كما أصبح ممكنا لأي شخص أن يُضيعَ منه حقٌّ له فيه كامل الحق…
كل المهن والحِرف، إلا مَن رحم ربي، نخرها الفسادُ وأصبحت موضِعَ تجاذبات وتجاوزات ومساومات لاإنسانية. بمعنى أنه أصبح مَن يمتهنها مجردا من الإنسانية ومن العواطف ومن المشاعر ومن الإحساس بالآخر وبمشاكله بمختلف أنواعها. إلى درجة أن عددا كبيرا من المهنيين، وعلى رأسهم بعض الأطباء والمحامين والسياسيين…، لا يرون في الآخر إلا مصدرا للربح والاغتناء وملء الجيوب... بمعنى أن حب الماديات طغى على تعامل المهنيين مع الناس، في غياب تام لإنسانية القلوب.
لهذا عنوَنتُ هذه المقالة ب : "كن طبيبا أو محاميا أو أستاذا أو…" لأنه، إذا اقترنت، عند نفس الشخص، الإنسنية بالمهنة، فبدون شك أن الأولى، بقِيمها السامية، ستؤثِّر على أداء الثانية.
قبل الإجابة على هذا السؤال، فلنُعرٍّف ما هو الإنسانُ؟ الإنسان هو ذلك الكائن الحي الذي حباه اللهُ عقلاً يفكِّر به وله قلبٌ يُحِسُّ به وله ضميرٌ يُرشده إلى فعل الخير. فلماذا أقول : "كن أولا وقبل كل شيء إنسانا ثم، إن شئتَ، كن طبيبا أو…".
لأن مَن هو إنسانٌ يكون حتما، بحُكم توفُّره على عقلٍ وقلبٍ وضميرٍ، مُتشبِّعا بالقيم الإنسانية وبالتالي، لا تسمح له نفسُه أن يحيدَ عن طريق الحق والعدل والإنصاف… ومَن هو متشبِّعٌ بالقيم الإنسانية من مثل الاستقامة والنزاهة والإنصاف والعدل والشفافية وقول الحق والتَّعاطف empathie وحب الوطن وحب الغير والخير والصالح العام والخوف من الله…، لا تسمح له نفسُه أن لا يُخلِصَ في أداء ما عليه من واجبات ومسئوليات، ولا تسمح له نفسُه أن يعتبرَ مهنتَه مجرَّدَ مصدر للرزق عوض أن يعتبرَها مهمةً اجتماعية تكافُلية وتكاملية ونافعة للغير خيطها النَّاظم هو التَّآزرُ والتَّضامن والتَّعاون وخدمة الصالح العام.
والإنسان كإنسانٍ، كما هو مُعرَّف أعلاه، لا يمكن فصلُه عن إنسانيته humanité أو humanisme. وإنسانيتُه هي التي تجعلُه يتميَّز بسمو أخلاقه. فمثلا، عندما نقول"إن فلانا تعامل مع فلانٍ آخر بإنسانية"، فهذا معناه أن الفلانَ الأولَ تصرَّف مع الفلان الثاني مستنداً على ما يتوفَّر عليه من قِيمٍ إنسانيةٍ سامية. وهذا يعني أن التَّعاملَ مبنيٌّ على المساواة بين الفلانين وليس فيه استعلاءٌ ولا كبرياء ولا احتقار ولا تَكَبُّر ولا عُتُوّ ولا عُلُوّ ولا تَبَجُّح ولا تَجَبُّر ولا تَرَفُّع ولا تَعَجْرُف ولا تَغَطْرُس ولا جَبَرُوت ولا عَظَمَة…
السؤالَ المطروح هنا بإلحاحٍ، وخصوصا في أيامنا هذه، هو : "هل حياتُنا اليومية والعامة يسود فيهما تعاملٌ يستمدُّ وجودَه من القيم الإنسانية؟" الواقع الاجتماعي، الاقتصادي والثقافي يقولُ، وبكل وضوحٍ، لا، ثم لا، ثم لا. لماذا؟
لأن المواطنَ، أينما حلَّ وارتحل، يجد نفسَه أمام بُؤَرٍ من فسادٍ يتفاقم يوما بعد يوم وأمام ضربٍ صارخٍ للقيم الإنسانية عرضَ الحائط. فسادٌ عشَّشَ في النفوس وفي المعاملات والتَّعاملات. فسادٌ نخرَ السياسةَ والإدارة والصحة والتَّعليم والتِّجارة والجماعات التُّرابية…
علماً أنه، إذا فسدت السياسة، فَسَدَ معها كل شيء. بالطبع، انا لا أعمِّم ما دام في هذا البلد كفاءات وناسٌ شرفاءٌ وأحرارٌ ونُزهاء… لكن وبكل أسف، لا أحدَ يُنصِتُ لهم. وإذا سُمِعت أصواتُهم، فغالبا ما يُصنَّفون في خانة الأغبياء و المُغفَّلين والسُّذَّج… لأن شريحةً لا يُستهان بها من المواطنين وجدت وتجد ضالَّتَها في الفساد، فتراها تُطبِّع معه لِما يحقِّق لها، كُرها أو عن سابق درايةٍ، من مصالح. وإذا وُجِدَ بعض أعضاء هذه الشريحة في مراكز القرار، فحدِّث ولا حرج ولْتدهَبْ مصالحُ البلاد والعباد إلى الجحيم! لماذا؟
لأن، كما سبق الذِّكرُ، فسادَ السياسة يُفسِد كل شيء إلى درجة أن هذا الفساد أصبح جزأً من ثقافة جماعية مستشرية في المجتمع برمَّته. وأصبحت مرضا معديا تنتشر جرثومتُه من شخص إلى آخر ومن جماعة إلى أخرى. عدوى لم تسلم منها الحِرفُ والمهنُ كيفما كانت، عمومية أو خاصة. كل الأمور المتعلِّقة بهذه الحِرف والمهن أصبحت سِلعاً قابلة للبيع والشراء. لقد أصبح من الممكن لأي شخص له ما يكفي من الإمكانيات أن يشتريَ حقا له فيه كاملُ الحق. كما أصبح ممكنا لأي شخص أن يُضيعَ منه حقٌّ له فيه كامل الحق…
كل المهن والحِرف، إلا مَن رحم ربي، نخرها الفسادُ وأصبحت موضِعَ تجاذبات وتجاوزات ومساومات لاإنسانية. بمعنى أنه أصبح مَن يمتهنها مجردا من الإنسانية ومن العواطف ومن المشاعر ومن الإحساس بالآخر وبمشاكله بمختلف أنواعها. إلى درجة أن عددا كبيرا من المهنيين، وعلى رأسهم بعض الأطباء والمحامين والسياسيين…، لا يرون في الآخر إلا مصدرا للربح والاغتناء وملء الجيوب... بمعنى أن حب الماديات طغى على تعامل المهنيين مع الناس، في غياب تام لإنسانية القلوب.
لهذا عنوَنتُ هذه المقالة ب : "كن طبيبا أو محاميا أو أستاذا أو…" لأنه، إذا اقترنت، عند نفس الشخص، الإنسنية بالمهنة، فبدون شك أن الأولى، بقِيمها السامية، ستؤثِّر على أداء الثانية.